صناعة الوهم.. دكاترة ورجال دولة مزورين / احمد الشاوش
احمد الشاوش ( اليمن ) السبت 14/7/2018 م …
سيظل الحديث عن ظاهرة الحصول على شهادات الدكتوراه المزورة والماجستير الوهمية والاطروحات المسروقة والأبحاث المنسوخة في اليمن والسعودية ومصر والأردن والعراق وسوريا والكويت والبحرين وقطر وغيرها من البلدان بقلم / احمد الشاوش –
سيظل الحديث عن ظاهرة الحصول على شهادات الدكتوراه المزورة والماجستير الوهمية والاطروحات المسروقة والأبحاث المنسوخة في اليمن والسعودية ومصر والأردن والعراق وسوريا والكويت والبحرين وقطر وغيرها من البلدان الأجنبية العاجزة أو المتهاونة عن مكافحة الفساد حديث الساعة ، لاسيما بعد ان أرقت هذه الظاهرة وعرضت الامن القومي للخطر ودفعت بالفاسدين والمُفسدين الى اعلى المناصب وأثرت على صفوة المجتمع الذين سهروا الليالي لتحقيق طموحاتهم المشروعة في خدمة العلم وانتشال بلدانهم من الجهل ، ليكتشف المبدعين ان كثيراً من الوزراء والقادة والتربويين والسياسيين والدبلوماسيين والدعاة ورجال الدين والقانون والمال والصحافة والاعلام والناشطين وموظفي حقوق الانسان وبعض رجال المخابرات قد حصلوا على شهادات كرتونية زائفة ومؤهلات مضروبة في خمسة أيام وبدون معلم أو بلمسة زر بعد ان دفعوا بعض الدولارات لجامعات ومكاتب وشخصيات وهمية مكنتهم من تبوأ مناصب حكومية مرموقة ومسؤوليات كبيرة في شركات خاصة ومرتبات وبدلات وترقيات غير قانونية مكنت الفاشلين من المشاركة في صنع القرارات المصيرية والتحكم بمستقبل الامة .
وما يدعو الى الفضيحة ويحز في النفس ان عدداً من التقارير الاعلامية والبلاغات القضائية والكتابات كشفت حجم الارقام المهولة من جرائم تزوير المؤهلات العلمية التي أرقت دوائر التعليم والدول وأثارة البلبلة بين طلاب العلم بعد ان تحول لصوص المؤهلات العليا الذي بدهم صيت ووجاهة اجتماعية زائفة الى معاول هدم وخطر داهم وصور بشعة للانحراف الأخلاقي والتربوي والديني التي يتحمل وزرها شبكة كبيرة من سماسرة الخارج ووسطاء الداخل وتعاون بعض موظفي التعليم العالي الفاسدين وأجهزة الامن الحامية لكراسي الزعماء وتغض الطرف عن السماسرة !!؟
كما تكشف لنا بعض التقارير ان ظاهرة التزوير في امريكا لشهادات الدكتوراه بلغت نحو ” 100 ألف ” شهادة في العام ، وفي السعودية ” آلاف ” الشهادات المزورة في الطب والهندسة والفلسفة والتربية والصحة والإدارة والاقتصاد والشريعة ، وكذلك اليمن الجريح الذي وجد الكثير من المزورين بيئة خصبة لدكاكين الماجستير والدكتوراه الوهمية والجامعات والمعاهد الخاصة التي ثبت ان هدفها الوحيد تحقيق الربح في غياب المحاسبة وفوضى الصراع .
والحديث عن هذه الظواهر السلبية في اليمن والوطن العربي ليس القصد منها التشهير او الانتقام والإساءة والاستهداف الشخصي بقدر مايكون لفت الأنظار الى هذه ” الجرائم” ونقدها وكشف التزوير والاطاحة بشبكاتها وإصلاح ومعالجة الخلل ووقف ومحاسبة الانتهازيين من الحصول على شهادات ومراتب ومراكز ليست من حقهم انقاذاً للامة لاسيما بعد ان وصل البعض الى مناصب مؤثرة.
فيما مضى كان حملت الدكتوراه والماجستير في اليمن بعدد أصابع اليد ويشار اليهم بالبنان ، وننظر اليهم بعين الاعجاب بعد ان منحو الألقاب العلمية الرفيعة من جامعات الدول الاخرى، وكانوا شعلة من النشاط العلمي والتفاعل الثقافي ويملكون كاريزما خاصة وكانوا أكثر تواضعاً وهيبة وخبرة ويرتدون البدلات وربطات العنق المتواضعة وشنطة اليد واقرب الى الصلع من المعاناة ويساهمون في صناعة الغد المشرق ، وكان الدكتور محسن العيني وآخرين أنموذج لتلك الفترة الذهبية التي كانوا فيها جديرين بالاحترام، بينما الكثير من حملت الدكتوراه والماجستير ” الوهمية” اليوم يحصلون عليها في ريعان شبابهم ، بفضل الأبحاث المسروقة وعمليات القص واللصق وعروض الوسطاء والانتماء الحزبي والمناطقي والمذهبي والاستفادة من خدمات قوقل ، ويفتقرون الى الاخلاق والرزانة والمصداقية ، كما تحول بعض الدكاترة الى مقاولين ومكاتب خدمات لكتابة البحوث وبيعها للسعوديين والكويتيين والاماراتيين واليمنيين والمصريين والاردنيين والقطريين وغيرهم في مقابل شهوة المال المدمر والافتقاد لقيم الأمانة والصدق.
هذه الظاهرة المدمرة أرقت الكثير من أصحاب المؤهلات العلمية الحقيقية وادخلت الياس الى نفس كل باحث عن العلم ، ودفعت بالكثير من الفاسدين للتحكم في شؤون الدول ومحاربة النجاح ، وأدت الى تدمير المناهج التربوية والعلمية والى الكثير من الأخطاء والعثرات والهزائم التي ندفع ثمنها حتى اللحظة .
ومازلنا نتذكر الفضيحة التي تحدث عنها القنصل اليمني في السعودية علي العياشي عن المتهم الذي تم القبض عليه في منطقة جيزان على خلفية تورطه في تزوير “700” شهادة للدراسات العليا وفقاً لصحيفة الشروق والسعي لحل مشكلة الطلاب السعوديين الذين تحصل منهم المقيم على مبالغ مالية تترواح ما بين “7 – 10” آلاف ريال لتحويلهم للدراسة في جامعات أخرى ، وكشف المزور عن تعاون احد موظفي القنصلية بالإفادات الوهمية مقابل 500 ريال سعودي ، في حين تتعد مسالك التزوير في كل بلد.
وتثبت التقارير ان عدداً من الجامعات الوهمية ، قد أصدرت آلاف الشهادات المزورة من بينها الجامعة الامريكية بلندن و جامعة مست و جامعة كولومبوس وجامعة اكسفورد للأبحاث وجامعة بلفورد و يودكس ويست كلايتون وريكتو ، كما كشفت التقارير حصول البعض على البكالوريوس والدكتوراه في 8 أشهر وبدون معلم!!!؟؟
كما انه من الانصاف ان نقدم الشكر لكل الشرفاء الذين ساهموا في فضح أسماء حاملي المؤهلات المزورة والوهمية عبر البلاغات السرية والعلنية والصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي والمدونات في عدد من الدول العربية ولنا في السعودية خير دليل بعد ان وصل عدد الشهادات الوهمية في القطاع الصحي أكثر من 15 الف تم إيقافهم عن ممارسة العمل منهم 75 طبيباً ونحو 30 ألف شهادة هندسية مزورة، قدمها مهندسون سعوديون وأجانب.
وفي مصر قال وزير الثقافة السابق حلمي النمنم، أن الجامعات المصرية أصبحت الأولى على مستوى العالم في نسبة السرقات العلمية، وهو ما يفسر خروجها من التصنيف العالمي السنوي.. كما أكد جورج جولين عضو مجلس الاعتماد الأكاديمي للتعليم العالي في الولايات المتحدة ان الشهادات العلمية المزورة التي تباع في أمريكا تتجاوز 100 ألف شهادة سنويًا.
وفي روسيا تنتشر ظاهرة بيع درجات الدكتوراه من خلال جامعات حقيقية ووهمية حتى اللحظة، بسبب انتشار الفساد في النظام التعليمي الروسي وسوء استخدام السلطة لاسيما في سنوات المد الشيوعي ومنحها لمبتعثين حزبيين وغير حزبيين للدراسة في الاتحاد السوفياتي.
وفي المانيا تم التحقيق مع أكثر من 100 دكتور جامعي بدعوى منحهم درجات دكتوراه مقابل رشى ، كما كشف الادعاء العام الألماني عام 2009. مقابل منح الطلبة درجات بالدكتوراه ، كما يعاني الاتحاد الأوربي من حملت الشهادات والالقاب الوهمية والمزورة.
وفي العراق نشر تقريرا بتاريخ 1 سبتمبر ايلول 2009 يفيد أنه تم الكشف عن 1088 شهادة مزورة اصحابها يشغلون مناصب عليا في الحكومة العراقية ، كما كشف عن 3165 وثيقة دراسية مزورة في اختصاصات هامة مقابل ثمن من عدد من الدول الاوروبية لمسؤولين وسفراء عراقيين ، وفي سوريا رصدت غرفة سوريا الاجتماعي بتاريخ 11ابريل نيسان 2009 ثلاث شهادات دكتوراه مزيفة لمعاوني وزير الداخلية واغلاق مؤسسة المأمون الدولية التي تبيع شهادات مزورة في حلب والمزة في دمشق ، وتواصل عملية التزوير عجلتها في الامارات والبحرين وقطر بعد ان تم نشر اسماء 180 حصلوا على شهادات مزورة وكذلك الكويت ، وفي الأردن بلغ عدد الشهادات المزورة سابقاً500 شهادة وفقاً لعام 2014م على مستوى العام .
كما كشفت صحيفة «تلغراف» في 16 يونيو 2013 نسخة من الماجستير والدكتوراه من أطروحات الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني متوافرة في مكتبة جامعة غلاسكو الانجليزية بسكوتلندا قالت أنها كانت مسروقة ، كما يواصل مسلسل السرقات العلمية حيث قدم وزير الداخلية الايراني الأسبق علي كوردان استقالته بعد عملية اكتشاف تزوير مؤهل في القانون من جامعة أكسفورد البريطانية .
وأمتد الفساد الى وزير العمل السويدي السابق سفين أوتو، والسياسي البريطاني نائب رئيس حزب المحافظين جيفري مارغاتيس وعضو البرلمان اللبناني انطوان زهرا وكاتب الخيال العلمي البريطاني رون هوبارد، والمدير الأول السابق في وزارة الامن الداخلي الاميركية لورا كالاهان، وحفيد رئيس الوزراء الأسبق أنديرا غاندي وابنيه والعضو السابق في البرلمان الكندي جاغ باهدوريا، ونائب الرئيس السابق لبورصة تورونتو للأوراق المالية تيري بوبويتش ، كل هذه الشخصيات السالف ذكرها تخلت عن مناصبها بعد أن وجدوا أنفسهم قد وقعوا تحت طائلة المسؤولية ، ويظل الكثير من السفهاء العرب حاملي الالقاب الوهمية والمزورة في مناصبهم ، ذلك قبل سنوات فما بالنا اليوم بعد احداث الربيع .
اخيراً .. ندعو كل حامل لقب علمي مزور ودكتور وهمي وباحث مراوغ الى مراجعة النفس ووخز الضمير، وكل مواطن ومسؤول شريف الى استحضار المسؤولية الوطنية والامانة العلمية والقيم الأخلاقية والدينية لفضح ووقف ومحاسبة كل فاسد ومُفسد في الأرض ، حاول استغلال الامة بشهادة مزيفة ولقب وهمي ومنصب غير قانوني.
التعليقات مغلقة.