الحرب على سورية .. درعا البداية والنهاية / عبدالحفيظ سليمان ابو قاعود
عبدالحفيظ سليمان ابو قاعود* ( الأردن ) الأحد 15/7/2018 م …
* رئيس تحرير الأردن العربي
سيناريوهات مؤامرة الحرب الكونية في سورية وعلى سوريه، التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية بأدوات الأجهزة الاستخبارية لمنظومة التحالف الامني الاقليمي ؛جعلت من الدولة الوطنية السورية بقيادة الرئيس المجاهد الدكتور بشار حافظ الاسد ؛ نقطة الارتكاز الدولي لبيكار العالم ، لإعادة صياغة النظام الدولي أحادي القطبية الى نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب والثقافات.
نتائج معارك الجيش العربي السوري وحلفائه لتحرير حلب “القلعة “ومن الشمال الى الوسط ” الغوطة الشرقية والغربية والبادية و امتدادتها الى الجنوب السوري ؛حدّدت مسارات قواعد الاشتباك الجديدة وفق العقيدة الدفاعية القتالية لاستكمال مشروع التحرير لمحور المقاومة ، ومهدت الطريق لأحياء الجبهة الشرقية” ،وسرعت عملية توحيد الجبهات وتشبيك الميادين القتالية في إطار عملية تطوير المواجهة المقبلة، لاقتراب توقيت المواجهة الكبرى المباشرة بين محور المقاومة وإسرائيل.
التوازن الاستراتيجي الكاسر بين محور المقاومة العربي الاسلامي ومحور إسرائيل ” منظومة التحالف الامني الاقليمي “، قد تحقق منذ العام 2005،بامتلاك المحور السلاح الصاروخي الرادع ، والعمل على تقويض مسار منظومة التحالف الامني الاقليمي الاستسلامي وقواعدها كافة، والاشتباك المباشر مع إسرائيل في جبهة تمتد من طهران الى دمشق.
فالأدراك الاسرائيلي المسبق لأهداف معركة إحياء الجبهة الشرقية منذ التحضير لها قبيل الهجوم الواسع للجيش العربي السوري وحلفائه ومجاهدي محور المقاومة لتحرير حلب – ادلب من “جبهة النصرة “وأذرعها المسلحة.. يشير الى أن الأولوية المرحلية لمحور المقاومة الحاق الهزيمة بذراع إسرائيل “جيش لحد” النسخة السورية في الجنوب السوري “درعا البلد” و القنيطرة لإحياء الجبهة الشرقية .
ان قيادة المحور المقاوم تهدف من تصفية “الاذرع الإرهابية المسلحة لجبهة النصرة” في الشمال والجنوب السوري على التوالي الى التحضير ،لأحياء الجبهة الشرقية لتمتد جبهات القتال على امتداد نهر الاردن . هو ؛ الزلزال المدمر، الذي يهدد إسرائيل بالزوال وتدركه” إدارة ترامب ” مما جعلها في مأزق كبير ،يكمن في خطورة فتح المحور؛ الجبهة الشرقية بعد ان تضع الحرب اوزارها .
لقد أدركت إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة ومنظومة التحالف الامني الإقليمية حجم التوازنات الدولية و الإقليمية الجديدة وتنامي قدرات محور المقاومة واتساع نفوذه وتأثيره في مجريات الامور في جبهات القتال الشمالية والشرقية والجنوبية وجبهة المساندة الكبرى من إيران؟!!! .
“إسرائيل” كمشروع صهيوني في فلسطين المحتلة تعيش تناقضات داخلية حول “يهودية الدولة ” ومستقبل الاراضي المحتلة عام1967 ،التي لا تستطيع التخلي عنها لكيان فلسطيني وليد .ومع هذين البعدين تفتقر “إسرائيل” الى مقومات شن حرب رابحة ،وفي ذات الوقت ،لا ترى خياراً لبقائها واستمرارها إلا بالعبور إلى “حروب وقائية” توفّر لها الضمانات الكافية لتأمين أمنها، بعدما ارتفعت درجة المخاطر الاستراتيجية التي بدأت تأكل من هيبتها وقدرتها على الردع، بعد ان ولى زمن الهزائم وجاء عصر الانتصارات الكبرى لمحور المقاومة العربي الاسلامي.، واستعاد الصراع العربي الصهيوني مساره الطبيعي ” دورات حروب ” منذ العام (2000 – 2019 ) يوم تضع الحرب اوزارها ؛ عام الاستدارة الكبرى.
فقد خططت الولايات المتحدة الامريكية لاحتلال العراق وتدمير حضارته2003 ،لإخراجه من معادلة الصراع ، وشنت الحرب الكونية على سورية ومن سورية2011 ،التي باتت تقترب من نهايتها بعد إن تطوي 8 أعوام ونيف من الصمود الاسطوري والتصدي البطولي للجيش العربي السوري وحلفائه لكل ما اقترفت أيدي المجموعات الارهابية التكفيرية ألمسلحة ،ومن المعتديين، والإرهابيين المرتزقة من فظائع وحشية تجل عن الوصف بدعم سافر من منظومة التحالف الأمني الإقليمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عبر الجوار السوري ناهيك عن حروب تدمير عزة واليمن وليبيا.
وأسندت إسرائيل و الإدارة الأمريكية عملية التنفيذ في هذه المؤامرة القذرة الى أجهزة الاستخبارات في دول منظومة التحالف الامني الاقليمي ،التي ترتبط مع الولايات المتحدة الأمريكية بمعاهدات تعاون استراتيجي وتعاون عسكري وحماية امنية والتحالف من خارج الناتو بتنفيذ فصول سيناريوهات المؤامرة من خلال تأجيج الصراع المذهبي السني الشيعي وتأمين التمويل المالي والتسليحي ،وسخرت الفضاء الاعلامي المفتوح ،والبتر-ودولار، والخزان البشري من المجموعات التكفيرية الارهابية للقيام بالحرب الكونية القذرة. فالحقيقة المرة ،التي يتجاهلها حكام العرب هي ؛ان “مال الكاز” لا يصنع دولا ولا رجال دولة ولا زعماء أمة في عصر تكتلات دولية كبرى وشركات عابره للقارات ومتعددة الجنسيات والمجمع الصناعي العسكري.
لكن بعض الدول المصنعة بالمال والحماية الاستعمارية أشبه ما تكون بالحارات ،فكيف حين تكون النعاج مخاتيرها، أنها مهما تطاولت في البنيان فلا المال ولا الحماية الأجنبية والغطاء الأمريكي والغربي المتصهين والتركي والإسرائيلي سيحميها من غضبة الزمن ،حيث بات النصر السوري قريبا وقريب جدا ويلوح في الافق وسيعلنه حماة الديار من دمشق عرين الأسد بعد عودة درعا الى حضن الدولة الوطنية السورية.
الحرب الكونية من سوريه وعلى سوريه ؛ تطوي ثمانية اعوام من التدمير الممنهج للجغرافيا السورية بحجة واهيه تنحي “الرئيس” وإحلال المجموعات التكفيرية الإرهابية المسلحة للسيطرة والتحكم في بلاد الشام وارض الرافدين وأرض الكنانة، التي أعدت سيناريوهاتها في واشنطن وتل ابيب ،لتفتيت الجغرافيا السورية الى كنتونات طائفيه ومذهبيه ،تحت عنوان رئيس ،هو؛” القوس السني ” الافتراضي في مواجهة “الهلال الشيعي ” الافتراضي لادامة المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة وحماية المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق ؛ تحت عنوان “الدولة الاسلامية في العراق والشام” //دولة الدواعش // في اطار المشروع التكفيري الارهابي المسلح.
كما هو معلوم فان المؤامرة الكونية على سوريه ومن سوريه “الحدث السوري” خطط لفصولها في اعقاب الحرب العدوانية 2006، على المقاومة الاسلامية في لبنان التي كانت نتيجتها انتصار حزب الله على الجيش ،الذي لا يقهر ،وذلك باستهداف الدولة الوطنية السورية وقيادتها المجاهدة التي تمسكت بان تكون الضلع الاساس في محور المقاومة وقالت لا والف لا .. للإملاءات والشروط الثلاث الامريكية لتدمير محور المقاومة العربي الاسلامي بهدف تعميم ثقافة التسوية باستكمال انضمام دول الطوق لمنظومة التحالف امني الاقليمي .
لقد كشفت النتائج النهائية للحرب عن دور عسكري واستخباري إسرائيلي ميداني مباشر بالتنسيق مع اجهزة استخبارية في دول منظومة التحالف الامني الاقليمي ،باستخدام العصابات التكفيرية المرتزقة في مسرح العمليات العسكرية داخل الجغرافيا السورية وبخاصة في الجبهه الجنوبيه في الجولان ودرعا .
وأين تقع الاعتداءات الامريكية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية السافرة على مواقع عسكرية سورية في مختلف الجغرافيا السورية ،وتزويد الإرهابين بصور الأقمار الاصطناعية للمواقع العسكرية السورية ،وتعطيل الاتصالات العسكرية السورية في الميدان؟!!!.وما أهداف الاعتداءات الأمريكية على الجسور على الفرات ؟!!!.سؤال أو أسئلة واقعية . لكن الإجابة عليها تبلورت بعد هذه الاعتداءات الامريكية والإسرائيلية على مواقع للجيش العربي السوري في دير الزور والقنيطرة وحمص!!!.
فقد شكلت الاعتداءات الامريكية والإسرائيلية المتكررة على مواقع الجيش العريي السوري ؛ تطورات دراماتيكية خطيرة يمكن فهمها ومعرفة أبعادها في إطار مواقف” دول معنية ” بالحدث السوري والمنطقة كلها ،وهذه مواقف اتضحت أبعادها ، ويمكن البناء عليها في حسم المواجهة .
أيقن مدبرو الحرب القذرة على سورية أن كل الوقائع و خاصة الميدانية ليست في صالحهم أبدا، وان عصاباتهم الإرهابية لن تنال سوى الخيبة والهزيمة النكراء!!!.
لقد اتفقت الادارات الأمريكية وإسرائيل مع قادة المجموعات الإرهابية في سوريه وخارجها ، بان تتسلل الأخيرة وتؤدي أدوارا فاضحة على مسرح الإحداث في الجغرافيا السورية بأساليب شتى ، فمن أول يوم كان على المتآمرين والشركاء في سفك الدم السوري أن يدركوا أن سورية لا تهزم . فهذه الحرب صورة جديدة من بطولات الجيش العربي السوري وحلفائه ومجاهدي المقاومة.
لقد شكلت قدرات الجيش العربي السوري هزة عنيفة للدول الداعمة للإرهاب ولأدواتهم الرخيصة، وكذلك للذين حجبت الدعايات والأكاذيب والتضليل الاعلامي المبرمج عبر القنوات الفضائية والصحافة ألمأجورة عن بصائرهم الأهداف والغايات الدنيئة لهذه الحرب الكونية من سورية وعلى سورية.
ان العدوان الثلاثي الامريكي والبريطاني الفرنسي على سورية ؛ شكل حدثا نوعيا وخطوة أولى في تغيير قواعد الاشتباك لأحياء الجبهة الشرقية على امتدار” نهر الاردن ” وتوحيد جبهات القتال لمحور المقاومة لتمتد من طهران الى دمشق، وتوقيت المواجهة الكبرى مع إسرائيل في المكان والزمان ، وعطل الاتجاه المعاكس ” ثقافة التسوية” مسار الاستسلام للمشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة ، حيث استعاد الصراع مساره الطبيعي ” دورات حروب” .
لكن إعلان سيد المقاومة الشيخ حسن نصر الله الامين العام لحزب الله كرُر غير مره في إطلالاته المتوالية ، بانه حان زمن تغيير قواعد الاشتباك بين طرفي الصراع وفق توازنات ومعادلات عسكريه وسياسية واستراتيجية جديده.
فكانت البداية معركة تحرير حلب الكبرى 2016 ،باعتبارها الإشارة والانطلاقة الاولى لتمهد الطريق للقضاء على جيش لحد النسخة السورية في الشمال والجنوب السوري ،واقتراب ساعة الصفر للمواجهة الكبرى لاستكمال مشروع التحرير للأرض والانسان في فلسطين المحتلة ،الذي اطلقه الرئيس الراحل حافظ الاسد ، واورث استكمال تنفيذه للرئيس المجاهد بشار حافظ الاسد لتكون” درعا البلد” البداية والنهاية في هذه الحرب الكونية المدمرة للبشر والحجر، والانطلاقة للاستدارة الكبرى في العام 2019 ، لاسترجاع الحقوق المغتصبة بحد السيف.
*صحافي وباحث سياسي
التعليقات مغلقة.