تركيا …مؤشرات على سقوط حزب العدالة والتنمية بالانتخابات المقبلة / هشام الهبيشان

 

هشام الهبيشان ( الأردن ) الثلاثاء 2/6/2015 م …

في الوقت الذي اعلن  فيه النائب في البرلمان التركي عن حزب “العدالة والتنمية” أحمد كوتلامش توركيش استقالته من الحزب الحاكم قبل أيام من الانتخابات البرلمانية المقررة في 7 حزيران المقبل،والذي برر سبب استقالته بأن النظام التركي “فتح الابواب وأسس لمرحلة جديدة بتركيا ،ستقود تركيا الى التقسيم “، هنا يبدوا واضحآ انه مع انطلاق العد التنازلي للأنتخابات البرلمانية التركية المقرر إجراؤها يوم 7 حزيران / يونيو القادم، والتي يسعى من خلال نتائجها المتوقعة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للاستئثار بالسلطة كما يتحدث جل معارضيه، برزت الى الواجهة مجموعة تحديات قد تطيح بحزب التنمية والعدالة ،وهذا مابدأ واضحآ من خلال الثورة الداخلية التي بدأت من داخل الحزب الحاكم ،والتي تزامنت مع مسارات وثورات اعلامية جديدة للصحف ووسائل الاعلام التركية التي تعكس سخط طيف واسع من الشارع التركي المعارضة لسياسات النظام التركي الداعم للمجاميع الرديكالية بسورية، بالأضافة الى سخط  طيف من الشعب التركي من سياسات النظام التركي بالداخل التركي ، فمشاهد ألاعتقال الأخيرة، والاعتداء على المتظاهرين السلميين تظهر طبيعة وحجم ألازمات المتلاحقة التي يعيشها النظام التركي وحزب العدالة والتنمية تحديدآ، وهنا يمكن القول وبهذه المرحلة  انه يبدوا واضحآ لجميع المتابعين لتداخلات الفوضى بالحالة التركية  مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي أن النظام التركي ومن خلفه حزب التنمية والعدالة أصبح يعاني من حالة فوضى وتخبط وأزمة داخلية صعبة الى حد ما.

داخليآ،ومع انطلاق العد العكسي للأنتخابات التركية يبدوا واضحآ بهذه المرحلة تحديدآ كما يؤكد بعض معارضي النظام التركي بأن الدولة التركية تعاني ازمة اجتماعية -اقتصادية -ثقافية -سياسية مركبة، فهي اليوم تعيش كدولة على وقع ازمة اقتصادية خانقة، خصوصآ بعد الأرقام الاقتصادية السلبية التي ظهرت مؤخرآ، والتي رافقها سياسة قمعية ينتهجها النظام التركي ضد معارضيه، وهذه المؤشرات تؤكد حسب معارضي النظام التركي بأن النظام التركي بأت يمر بأزمة ثقة خارجية وداخلية وخصوصآ بعد أن بات حلم تركيا بأن تكون واحده من اعضاء دول الاتحاد الاوروبي هو امر صعب المنال، وعلينا ان لاننسى هنا ان تركيا بالفترة الأخيرة بدأت تعاني عزلة إقليمية وضغوط دولية بعد فشل الرهان على الإخوان في مصر وعدم حدوث اختراق ملموس في الملف السوري التي كانت لها فيه مساحة نفوذ كبيرة ولها دور بارز بتطور احداثه المتلاحقة على الارض السورية من خلال نفوذها بدعم مايسمى بالمعارضة السورية.

وبالعودة الى ملف الداخل التركي، فاليوم يقرأ بعض المتابعين ان النظام التركي اثبت أنه وصل بحواره مع بعض مكونات رئيسية من الشعب التركي الى طريق مسدودة، وخصوصآ بملف السلام مع الاكراد وبالتحديد مع حزب العمال الكردستاني “بي كي كي”، فالاكراد الذين مازال الزعيم التاريخي لهم عبد الله أوجلان والمحكوم بالمؤبد محتجزآ في سجنه الانفرادي، في بحر مرمرة، منذ 15 عاما، فقدوا ثقتهم بهذا النظام كما يتحدثون، بالأضافة الى ان النظام التركي بدأ يمارس سياسة مزدوجة المعايير بتعامله مع قوى سياسية مختلفة على الساحة التركية ومنها على سبيل المثال لا الحصر حزب ” الشعب الجمهوري “وحزب” الحركة القومية- اليميني المعارض “و” الشعوب الديمقراطي-الكردي “، وجماعة فتح الله غولن، وخصوصآ بعد أعلان مجموعة من الاحكام والاعتقالات على رموز سياسية ودينية بالداخل التركي وعلى بعض معارضي النظام خارج تركيا، فالسياسة البوليسية التي ينتهجها النظام التركي كما يؤكد معارضي هذا النظام الأن بحق معارضيه تثبت أن النظام “التركي” في طبيعة الحال، لا يمكن له أن يتبع أي نهج جديد يؤسس لحالة شراكة وطنية تخدم توفير حالة من الامن والاستقرار بالدولة التركية فهو في النهاية وكما يتحدث معارضيه، نظام إخواني، ليس له فكرة أو أداة أو أرضية أو حاضنة، سوى التحشيد المذهبي والتأزيم الجيو سياسي داخل تركيا بشكل خاص و بالأقليم بشكل عام لضمان استمرار بقائه في سدة الحكم.

بألاضافة ألى كل ذلك فداخليآ اليوم يعاني الشعب التركي من أوضاع أقتصادية صعبة، فهناك بعض المكونات من الشعب التركي تعيش اوضاع اقتصادية صعبة جدآ فلا يغر البعض ان شاهد حجم العمران واتساعه ونشاط الاقتصاد المحتكر الضيق الذي يملك المستثمرين الاجانب مايزيد على 55%على الاقل من حجمه ورأس ماله،  فاليوم يعلم أغلب المطلعين على خفايا ماوراء الكواليس وخصوصآ الخفايا ألاقتصادية، وتحديدآ خبراء الاقتصاد يعلمون حجم ألازمة الاقتصادية بالداخل التركي، والتي تحاول حكومة أوغلو ومن أمامها الرئيس التركي اردوغان أخفاء حقائقها عن الشعب التركي الذي بأت يشعر بنتائجها بشكل ملموس بالفترة ألاخيرة تحديدآ، فهناك اليوم تقارير “غير رسمية” تشير اليوم الا وصول ما مجموعة ال 18٪ من اصل مواطني المجتمع التركي الى حدود معدلات خطوط الفقر و 5٪ الى مادون معدلات خطوط الفقر ببعض المدن التركية خصوصآ المدن التي يقطنها الاكراد بشرق وجنوب شرق تركيا “ديار بكر -موش -بينغول – أورفة -عنتاب-بطمان” فبهذه المدن يظهر بشكل واضح ارتفاع بعدد مناطق جيوب الفقر فيها، وعلى هذا لنقس معدلات البطالة والتضخم ونمو الاقتصاد وحجم الازمات الاقتصادية مجتمعة المتولدة عن هذه الارقام بعموم هذه المدن والمحافظات التركية 81 ألاخرى.

داخليآ ايضآ،ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي ، أصبح واضحآ بالفترة ألاخيرة أن الكثير من المؤسسات والجمعيات والاحزاب ووسائل الاعلام المعارضة بالداخل التركي بأتت تفتقد أدنى حقوقها السياسية وحقها في التعبير عن ارائها وامتلاك حريتها، وكل ذلك يتم بحجج واهية، والهدف من وراء ذلك هو تكميم الافواه المعارضة، والتشديد على عمل وسائل الاعلام المعارضة التي بدأت بالفترة الاخيرة بالكشف عن الكثير من ملفات الفساد المتعلقة بالحكومات التركية المتعاقبة والتي يقودها أو يشرف عليها من سنوات كثر حزب العدالة والتنمية والذي وصل إلى الحكم في تركيا عام 2002.

  ومن هنا يمكن القول انه بهذه المرحلة ومع ظهور مجموع هذه الملفات، الاقتصادية والسياسية والقبضة البوليسية ومصادرة حرية الشعب التركي وبحجج واهية، وبالاضافة ألى ألاتهامات العالمية للنظام التركي بتمويل الارهاب بسورية والعراق تحديدآ، فهذه بمجموعها بألاضافه الى الاحكام الجائرة بحق المعارضين للنظام التركي فهي بمجموعها تطرح مجموعة تسأولات عن المصير المستقبلي لحزب التنمية والعدالة، وأن كان هذا الحزب سيأخذ البلاد بأكملها مستقبلآ ألى حالة الفوضى، والى المزيد من تعميق حالات الانقسامات المجتمعية بالداخل التركي “عرقيآ وطائفيآ، وألى المزيد من التضييق على معارضي هذا الحزب .

ختامآ، ان المرحلة المقبلة بالداخل التركي ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي  تنبئ بمزيد من التعقيدات الشائكة بالحالة التركية،وخصوصآ بعد أخذ النظام لوسيلة القمع وتشديد القبضة البوليسية على معارضيه كخيار مستقبلي قابل للتطبيق بجميع المراحل، مما سيعمق حالة الشرخ بين النظام التركي وبين مكونات كثيرة من عموم الشعب التركي، وخصوصآ هنا مع ألاكراد والعلويين الاتراك الذين بأتوا يضيقون ذرعآ من سياسة النظام التركي نحوهم وهي سياسة تهميش واقصاء كما يتحدثون،وهذا ماسيفرز كما يؤكد الكثير من المتابعين نتائج غير متوقعة ومفاجاءت كبرى بالانتخابات المقبلة ،فهل ستكون هذه المفاجاءت والنتائج غير المتوقعة هي البداية لخروج حزب العدالة والتنمية من مشهد الحزب المحتكر للسلطة؟ ،وهذا ما يعني ان طموح اردوغان للاستئثار بالسلطة قد سقط ؟، وهنا سأترك ألاجابة على هذه الاسئلة للأيام القادمة، لتعطينا أجابات واضحة عن طبيعة المسار السياسي القادم بالداخل التركي لأستيضاح معالم المرحلة المقبلة بالداخل التركي وأثرها المستقبلي على الداخل التركي وعلى المنطقة ككل …

*كاتب وناشط سياسي –الاردن .

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.