عن دور المرأة السياسي في العقلية العربية / محمد جبر الريفي
محمد جبر الريفي ( فلسطين ) الأربعاء 18*7/2018 م …
دأبت العقلية السياسية العربية على اعتبار المرأة مخلوقة وديعة لما يحتويه وضعها البيولوجي من كم هائل من العواطف والمشاعر والأحاسيس الإنسانية الرقيقة الناعمة وبذلك لا تستطيع حسب هذا الفهم تحمل أعباء منصب الرئاسة فيما اقتصرت مشاركتها على غير ذلك من المناصب الوزارية الاخري التي لها طابع خدماتي كوزارات السياحة أو الشؤون الاجتماعية أو غيرهما .
لذلك لم يسجل التاريخ السياسي العربي المعاصر أي حادث وصول للمرأة العربية إلى هذا الموقع الهام في النظام السياسي الأمر الذي ابقاه بشكل دائم حكرا على السياسيين والعسكريين من الرجال فقط ..
الاستفادة من التجربة السياسية التي أصبحت الآن في ذمة التاريخ تعيد لنا الذاكرة ما كان للملكة بلقيس التي حكمت اليمن السعيد في عصر غابر قبل الإسلام من إسهام كبير في الحياة السياسية .
وكذلك زنوبيا ملكة تدمر ، للاقرار بحقيقة أن المرأة العربية تقلدت هذا المنصب السياسي وبنهج متميز في مسيرة العمل السياسي وفي إدارة شؤون الحكم ..
في الحياة السياسية الدولية المعاصرة تبوأت المرأة في غير العالم العربي بدور كبير في العمل السياسي واستطاعت الوصول لهذا المنصب الأول بل وإثبات قدرتها الفائقة بجدارة .
نذكر هنا على سبيل المثال مستشارة ألمانيا الاتحادية ميركل التي فازت مرتين في هذا المنصب وفي عهد حكمها الذي ما زال قائما اكتسبت بلادها دورا مؤثرا في رسم سياسات الاتحاد الأوربي مما جعلها في مستوى الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن حيث يشار إليها في اتخاذ القرار الدولي بعبارة ( خمسة + واحد ) .
وكذلك في الماضي مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا الملقبة بالمرأة الحديدية والتي خاضت دولتها الاستعمارية في عهد توليها المنصب حرب الفوكلاند التي جرت ضد الارجنتين دفاعا عن الجزر التي كانت تستعمرها في المحيط الأطلسي .
وكذلك رئيسة الوزراء السابقة أنديرا غاندي التي حكمت الهند أكبر دولة ديموقراطية في العالم وقد لقت مصرعها على يد حارسها المتعصب من طائفة السيخ.
اما باندرانايكا رئيسة وزراء جزيرة سيلان السابقة فقد كانت من رموز سياسة دول الحياد الإيجابي وعدم الانحياز وقد رافقت الرؤساء عبد الناصر وسوكارنو وتيتو في ممارسة هذه السياسة إزاء الأزمات الدولية ..
اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي الفسبوك وعلى هامش متابعة الجماهير العربية للمنافسة التي كانت تدور في موسكو على الفوز بكأس العالم في كرة القدم لوحظ تسليط الضوء الإعلامي على رئيسة كرواتيا التي حققت دولتها فوزا أوصلها إلى الدور النهائي الذي فازت به فرنسا .
..رئيسة كرواتيا لم تعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وهو موقف سياسي شجاع لم يصدر من رؤساء دول من صنف الرجال ..
السؤال الذي يناسب هذه الوقائع السياسية التي تتصل بدور المرأة السياسي هو :
لماذا تستمر العقلية السياسية العربية في عدم إعطاء الفرصة للمرأة العربية في تقلد منصب الرئاسة؟
أليس في السماح لها بالوصول إلى هذا الموقع ربما سيفتح المجال لتحقيق انتصارات في العمل السياسي عجز الحكام العرب على اختلاف سياساتهم على صنعها ؟ !
التعليقات مغلقة.