عبد الناصر وسورية .. فى ذكري ثورة 23 يوليو / د. محمد سيد احمد

دام برس : دام برس | عبد الناصر وسورية .. فى ذكري ثورة 23 يوليو  .. بقلم : الدكتور محمد سيد احمد



د. محمج سيد احمد ( مصر ) الأربعاء 25/7/2018 م …
كانت سورية بالنسبة للزعيم جمال عبد الناصر قلب العروبة النابض, وكان الرجل يدرك أهميتها بالنسبة للأمن القومى المصرى والعربى, وعندما جاءت فرصة الوحدة وعلى الرغم من عدم نضجها إلا أنه لم يتردد لحظة واحدة لعقدها وإعلانها, ولم يبني جمال عبد الناصر موقفه من سورية على أسس عاطفية, لكنه بني هذا الموقف بعد قراءة واعية لحقائق التاريخ والجغرافيا والثقافة المشتركة بين البلدين, فأدرك بحسه الوطنى والقومى أننا بلد واحد وتاريخ واحد ومصير مشترك واحد, لذلك أعلن الجمهورية العربية المتحدة بإقليميها الشمالى والجنوبي, وبجيوشها الثلاثة الميدانية الجيش الأول بالإقليم الشمالى ( سورية ) والجيشين الثانى والثالث بالإقليم الجنوبي ( مصر), أملا فى أن تكون نواة حقيقية لوطن عربي موحد يستطيع أن يقف فى مواجهة القوى الاستعمارية الكبرى فى العالم.
وعلى الرغم من الفرحة العارمة لأبناء الإقليمين بهذه الوحدة إلا أن هذه الفرحة لم تدم طويلا, فمنذ اللحظة الأولى بدأت عمليات التآمر على مشروع الوحدة, وبالطبع كانت القوى الاستعمارية القديمة ( انجلترا وفرنسا ) والقوى الاستعمارية الجديدة ( الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ) في مقدمة من سعي الى إجهاض المشروع الوليد وقاموا باستخدام كل الوسائل غير المشروعة عبر أدواتهم الخائنة والعميلة بداخل الإقليمين, الى جانب استخدام الرجعية العربية الخائنة والعميلة تاريخيا والتى عملت بكل قوة ودفعت أموال طائلة للإطاحة بحلم جمال عبد الناصر, وعلى الرغم من نجاح مشروع التقسيم والتفتيت إلا أن حلم الوحدة المصرية – السورية ظل باقيا فى عقل وقلب جمال عبد الناصر حتى يوم وفاته, فرغم الانفصال ظلت مصر هى الجمهورية العربية المتحدة, وظل جيشها الأول هو الجيش العربي السورى, وظل علمها هو علم الوحدة ذو النجمتين الأولى لسورية الاقليم الشمالى والثانية لمصر الاقليم الجنوبى, وهو العلم الذى شيع فيه جمال عبد الناصر يوم وفاته, لتشهد جنازته أنه ظل وفيا لسورية والوحدة حتى أخر لحظة فى عمره.
وبرحيل جمال عبد الناصر جرت فى النهر مياه كثيرة وتمكنت القوى الاستعمارية الجديدة من فرض مشروعها التقسيمي والتفتيتى على الجميع داخل الأمة العربية باستثناء سورية العربية التى أطلق عليها الزعيم جمال عبد الناصر قلب العروبة النابض فبصعود القائد المؤسس حافظ الأسد لسدة الحكم قرر أن يسير على خطى جمال عبد الناصر ويستكمل مسيرته ويتبنى حلمه فى الوحدة العربية, فبقي علم الوحدة ذو النجمتين هو العلم السورى, وظل المكون العربي جزء لا يتجزأ من كل مؤسسات الدولة السورية, فالدولة هى الجمهورية العربية السورية, والشعب هو الشعب العربي السورى, والجيش هو الجيش العربي السورى, وهكذا لكل مؤسسات الدولة, ولم يكتفى القائد المؤسس حافظ الأسد بالمسميات فقط بل ترجم ذلك واقعيا عبر تحديه ووقوفه فى وجه المشروع الاستعماري الغربي وعدم الرضوخ له.
وفى الوقت الذى هرول الجميع لعقد اتفاقيات ومعاهدات سلام مذل مع العدو الصهيونى بداية بكامب ديفيد مرورا بأوسلو وصولا لوادى عربة, بقى هو الوحيد الذى يرفع راية المقاومة فى وجه العدو الصهيونى ويحتضن المقاومة العربية الفلسطينية واللبنانية التى كبدت العدو خسائر باهظة وظلت خنجر فى خاصرته الرخوة طوال الوقت, وعندما اضطر للدخول فى مفاوضات مع العدو الصهيونى أصر أن تكون مفاوضات عربية, وظل يفاوض بشراسة لمدة عشر سنوات وعندما شعر بقرب أجله أوقف المفاوضات مع العدو الذى كان قد قدم الكثير والكثير من التنازلات وقال قولته الشهيرة : ” من الأفضل أن أورث شعبي قضية يناضل من أجلها على أن أورثه سلاما مذلا “, ورحل القائد الخالد حافظ الأسد كما رحل جمال عبد الناصر والعروبة فى عقله وقلبه.
وتأتى الذكرى السادسة والستون لثورة 23 يوليو 1952 ثورة جمال عبد الناصر وسورية التى وضعها جمال فى عقله وقلبه تخوض حرب كونية مع نفس القوى الاستعمارية صاحبة المشروع التقسيمى والتفتيتى التى تآمرت على حلمه الوحدوى العربي, وفى الوقت الذى وقف الجميع فى العالم العربي متفرجا, قررت سورية قلب العروبة النابض أن تكون دائما على العهد مع جمال عبد الناصر فوقفت منفردة تدافع ليس فقط عن ترابها الوطنى ضد الهجمة البربرية الكونية والتى استخدمت أقذر الأدوات, بل عن شرف وكرامة الأمة العربية كلها, وخلال هذه الحرب الكاشفة كان أبناء جمال عبد الناصر المخلصين فى مقدمة الصفوف دفاعا عن سورية خط الدفاع الأول والأخير عن العروبة.
وخلال زيارتى لسورية قبل أيام من حلول ذكرى ثورة جمال عبد الناصر والتى تحل في غمرة انتصارات جيشنا الأول الجيش العربي السورى, شاهدت وسمعت الجميع سواء مواطنين أو مسئولين يترحمون على الزعيم جمال عبد الناصر الذى كانت سورية دائما فى عقله وقلبه, ولسان حال الجميع يقول لو كان جمال عبد الناصر موجود ما حاربت سورية منفردة, لكن عزائهم الوحيد هو وجود الشرفاء من أبناء جمال عبد الناصر والمؤمنون بمشروعه الوحدوى العربي الى جانب سورية, لذلك لابد أن يعى كل من يرفع راية جمال عبد الناصر ويؤمن بثورته أن ناصريته ناقصة إن لم تكن سورية فى عقله وقلبه, اللهم بلغت اللهم فاشهد.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.