ولو أن حرية عهد التميمي بالعدوى / فارس الحباشنة
مراهقة في عمر الورد نزعت طوق سنها لتكون مختلفة ومتميزة في روحها النضالية، ولا تشبه بنات جيلها ممن يتلهين وينشغلن بأمور وشؤون عادية وبريئة وشخصية بحتة في زمن الفردية القاتمة والقاتلة.
التميمي نبراس للثورة الشعبية الفلسطينية، وتعمدت على صغرها في سجون الاحتلال، ليكون القدر رسم لها طريقا في تاريخ النضال الفلسطيني، وليشبه قدر الشعب الفلسطيني الذي لم يعش هادئا ولا أمنا ولا مطمئنا كبقية شعوب العالم.
وجه جميل ثائر بالبراءة، ترتسم عليه ضحكة الأطفال الشجعان، عفوي وذكي ومنفعل ولامبال بقوة العدو الغاشم، وبعسكر مدججين باسلحة يقتادون بها أطفالا وعجائز ونساء وارامل، وجهها عنوان لمرحلة ولتاريخ من حقب النضال الفلسطيني.
مراهقة سردت فصلا من حكاية شعب مقاوم، صور عهد التميمي تجاوزت الضفة والخليل، ورحلت الى ديار العرب اليتيمية والممزقة بالحروب والصراعات والنزاعات الاهلية والطائفية، وأنتقلت الى العالم أجمع العطش الى التحرر والنضال، لتكون عهد هي الصورة والقضية.
عهد التميمي حرة الان، وقد كانت حرة، وهي خلف القضبان في دولة الاحتلال الغاشم، سردية مقاومة أحبالها دردشتها تطول في وجدان الفلسطينيين والعرب والعالم. سردية فتاة أنتفضت ضد ظلم يومي وعيش قاهر واحتلال لا يفلت من بطشه أحد، لا صغير ولا كبير.
أدركت عهد التميمي قبل أن تبلغها معاهدات السلام العربية مع العدو الصهيوني أن الحق لا يأتي الا بالمقاومة، وأن العدل لا يحصل الا باليد، وأن القصاص قدر الشعوب المظلومة والمستبدة «كسر الباء « والمحتلة والمقهورة، وقد أختارت طريقتها عندما صفعت الجندي الاسرائيلي بيدها.
طفلة ومراهقة في مواجهة جيش احتلال غاشم، لحظة تراجيدية فلسطينية بامتياز وطني.. صفعة اعادت الى الروح شيئا من الاطمئنان والثقة، ولا يخفى على أحد رمزيتها، وأكثر أيلاما كانت في نفوس أعوان واصدقاء وحلفاء العدو الصهيوني .
صعفة لربما كانت اكثر أيلاما من صاروخ وقذيفة ..
صفعة التميمي كانت كافية لتفضح أكاذيب سياسية كثيرة، يد انثوية بعثت الأمل في روح شعب وأمة، أيقظت مشاعر الحرية والنضال من جديد ، وبددت هيبة الاحتلال الغاشم، وأعادته الى حقيقته، كذبة مدججة بالحديد والنار والبارود، وتكنولوجيا وحماية من الاستعمار الغربي.
حرية عهد التميمي اليوم ترسم خريطة لنضال شعبي فلسطيني، شهادة لولادة جيل لا يؤمن الا بالمقاومة والنضال، جيل رافض للخنوع والاستسلام باسم السلام والتعايش، جيل بلا رموز وقادة، وجيل ولد في أنهيارات عامة للمشروع الوطني وتقهقر قوة المقاومة، والانزياح نحو الفرقة والاختلاف والانقسام، وركود قوة النضال الفلسطيني.
لربما أنها فرصة وطنية تاريخية لأوسع من جيل، لتمتد من عهد الى أجيال قادمة، ولاخراج القوى الوطنية الثورية من عطلها وعطبها التاريخي، وردتها، ووضعها على طريق الصواب الوطني ، مقاومة شعبية عفوية لا تنتمي الى أطر فصائلي وسياسي.
افرازات أوسلو المقيتة التي فضحتها عهد التميمي، صحوة جيل، لتجسد تعبيرا عن ردة فعل صحية على حالة الاستسلام والتواطؤ وضياع فلسطين من البحر الى النهر، ومشاريع التهجير والتوطين وتفريغ فلسطين من أهلها، والبحث عن وطن بديل للفلسطينيين والتنازل عن التاريخ والجغرافيا باسم السلام وصفقة القرن والتسوية الكبرى
التعليقات مغلقة.