نضال مشترك لشعب واحد / حمادة فراعنة

ليس شعور الموسيقار المبدع دانيال بارنبويم كافياً لإدانة سلوك المستعمرة الإسرائيلية وسياساتها نحو الشعب العربي الفلسطيني ، ومعه الشيوعيين الإسرائيليين لوصم الصهيونية بالعنصرية ، رفضاً لقانون القومية الذي شرعه البرلمان الإسرائيلي يوم 19/7/2018 ، بل ثمة شخصيات صهيونية معتدلة عبرت عن إمتعاضها ورفضها للقانون ودوافعه ونتائج أفعاله محلياً ودولياً ، فقد وصف الوزير الأسبق عن حزب العمل في عهد رابين ، عوزي برعام نوايا قانون القومية على أنه ” أسود من السواد ” لأنه كما قال حرفياً في هآرتس العبرية يوم 24/7/2018 ، ” موجه بروح عنصرية إقصائية قومية ” وأن نتنياهو هو الذي يقف من خلف إقراره لأنه ” المحرض الأكبر ، أكثر من أي رئيس حكومة قبله ، ضد المواطنين العرب ” يقصد مواطني مناطق 48 ، مدعوماً من قبل الإدارة الأميركية كما قال الوزير عوزي برعام حرفياً لأن إدارة ترامب ” لا تعطي أي قيمة لحقوق الإنسان والقيم العالمية ، ولذلك لم تُسمع أي كلمة إنتقاد للقوانين التي تسنها الكنيست الإسرائيلي ” مهما بدت غير إنسانية وتحمل مضامين عنصرية إحتلالية توسعية .هتلر وجماعته من النازيين يؤمنون بتفوق العنصر الأري ، وإحتقار الأخرين ، ونتنياهو وجميع من معه من الصهيونيين يؤمنون بتفوق اليهود وأنهم شعب الله المختار مع الشعور بالإزدراء نحو الأخرين ، ولهذا سبّب هتلر بالحرب العالمية الثانية التي كبدت البشرية خمسين مليوناً من البشر ، ومنهم ستة ملايين يهودي ذبحهم في المحرقة ، ونتنياهو ومجمل الصهيونية وأدواتها وأجهزتها ومشروعها الإستعماري سببّت الأذى والمحرقة وإستمرار الظلم والكره وممارسة الفاشية والعنصرية ضد شعب فلسطين بأكمله : ستة ملايين يعيشون في بلدهم تحت بساطير الغزاة وحقدهم وأحكامهم العسكرية وتمزيق بلدهم إلى تجمعات غير متصلة : قطاع غزة ، القدس ، الضفة الفلسطينية ، أراضي 48 ، لتدمير الصلة بين أبناء الشعب الواحد وقطعها بإستثناء عاملين إثنين هما : شعورهم وإنتمائهم لشعب فلسطيني واحد ، وتعرضهم معاً للظلم بدرجات متفاوتة من عدو واحد هو المشروع الإستعماري العنصري الإسرائيلي ، وهؤلاء يمثلون نصف الشعب الفلسطيني ، أما نصفهم الثاني وهم الستة الملايين الأخرين فهم من المشردين خارج وطنهم في مخيمات اللجوء بين لبنان وسوريا والأردن ، إضافة إلى من يقيم في مصر والعراق ، وطالبي اللجوء ومحاولة العيش كباقي البشر ، في بلدان الخليج العربي وأوروبا والأميركيتين واستراليا ، يتطلعون إلى العودة إلى بيوتهم ووطنهم مع نصفهم الأخر بكرامة ومساواة مثل باقي البشر على أرض بلادهم ، وهذا يعني أن هنالك إثني عشر مليوناً من الفلسطينيين يتعرضون للأذى والحرمان والإضطهاد ، تعمل إدارة ترامب على تحجيم قضيتهم لتقتصر على دولة محدودة في غزة ، وتقليص عدد اللاجئين إلى الاف ، ومنع خدمات الأمم المتحدة وإلتزاماتها نحوهم عبر تجفيف الموارد المالية عنهم ، خدمة لسياسته في دعم المستعمرة الإسرائيلية وحمايتها .




 هتلر مارس المحرقة سريعاً ، ونتنياهو يمارسها بالتفريق والتدريج ، فمن يُقتل أو يُصاب بعاهة فهو خلاصه ومن يرحل فله الفضل ، ومن يبقى ينتظر دوره بالموت أو الأذى البطيء ، هتلر ونتنياهو وأيمن الظواهري وأبو بكر البغدادي وغيرهم يختفون خلف قناعات أيديولوجية متطرفة حتى ولو غلّفوها بمعايير عقائدية غيبية ، وحقيقة العقائد وأهدافها ومسعاها منهم براء ، فهتلر إستعمل المسيحية كما هي الحملات الصليبية ضد الأخر والمسيحية براء منه ، والظاهري والبغدادي وظفا الإسلام لذبح الأخر والإسلام منهما براء ، ونتنياهو إستعمل اليهود واليهودية بإعتبارهما المجال الحيوي ، وهم منه براء حتى ولو كان صوت الرفض اليهودي باهتاً ، دون مستوى صوت الصهاينة المرتفع والذي إزداد إرتفاعاً بسبب اليمين العنصري الأميركي الذي يقوده ترامب ومعه ممثل المسيحية الخرافية الإنجيلي نائبه مايك بنس ، وزوج إبنته اليهودي الصهيوني كوشنير .اليهودية والمسيحية والإسلام ، مصدرهم واحد ، مكملين لبعضهم وفق إجتهادات مختلفة وبمرجعية واحدة ، ولدت من أجل إعلاء صوت السماء والنبل والترفع عن ظلم الأخر ، وشيوع قيم العدالة والمساواة بين بني البشر بعد أن سيطرت مفاهيم وسلوك وقوة الغاب حيث القوي يأكل الضعيف ويقتله وينهبه ويغتصب أسرته وممتلكاته ، وهو ما تفعله الصهيونية ومشروعها الإستعماري التوسعي الإسرائيلي على أرض فلسطين ضد العرب والمسلمين والمسيحيين .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.