صفقة القرن مولود ميت بانتظار الدفن / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الخميس 2/8/2018 م …
” صفقة القرن ” مصطلح هاجم بكل ضراوة قاموس لغتنا الجميلة محدثاً فيها شرخاً عميقاً هدد جمالها كما هددت الصفقة وأخبارها جغرافية وطننا العربي ، هي صفقة لو كُتب لها النجاح لكانت سبباً في تقسيم المقسم ولتركت أثراً أبشع مما تركته سايكس بيكو ، هي مؤامؤة بكل معنى ، صفقة تستهدف فيما تستهدف إضعافنا كعرب أكثر مما نحن عليه من ضعف ، صفقة لو تمت ستجعل من الصهاينة الإمبراطور الأكبر في منطقتنا ، وستكون قفزة نوعية للصهاينة في سبيل حقيق الحلم التلمودي بإنشاء ” إسرائيل الكبرى ” بعد تحقيق شعار ” يهودية الدولة ” “يهودية كيان العدو الصهيوني الغاصب ” وبما يؤدي إلى تهجير الفلسطينيين من أرض فلسطين التاريخية ..
صفقة تعني نزع ملكية سيناء من مصر وخلق دولة فلسطينية عليها بدلاً من أرض فلسطين ، صفقة تعني اغتصاب الحق الروحي والتاريخي العربي والإسلامي بالقدس ” العاصمة الأبددية والتاريخية لفلسطين التاريخية “، صفقة تعني فرض واقع جديد تحت عنوان ما يسمى الشرق الأوسط الجديد وتعني فرض ترهات وخزعبلات التلمود من حيث تطبيق مفهوم ´الأغيار- الغوييم – ” علينا ولا يحق لنا شيء إلا خدمة اليهود الصهاينة بما في ذلك الغاء حقنا في التملك لأي شبر من الأرض بين الفرات والنيل فاليهود مالكيها ونحن ساكنيها فقط ووجدنا لخدمتهم .
وبعد أن ظن العالم والكثيرون منا بأن الصفقة في طريقها للتنفيذ ، بعد أن نجحت قوى الصهيونية والاستعمار الأمريكي الأطلسي ومن سار في دربهم من عرب البترودولار في تدمير العراق وإخراجه من لعب دوره القومي المناهض للصهيونية والاستعمار ، وبعد أن نجحت في ترويض منظمة التحرير الفلسطينية وخلق طبقة طفيلية في قيادتها لا تسعى إلا لمكاسبها فقامت بإلغاء حق العودة وألغت نظرتها لفلسطين فصارت فلسطين لدى تلك الطبقة خمس الوطن الفلسطيني يعترفون بحق ” إسرائيل في الوجود” ساعين للتنسيق معها وخطب ودها ، وبعد أن قامت مصر بالتنازل عن جزيرتي ” تيران وصنافير ” مما جعل مضائق تيران مضائق دولية ، وبعد أن قام القرصان الأمريكي بالإعتراف بالقدس الموحدة عاصمة للكيان الصهيوني ، وبعد أن قام الكيان الصهيوني بإقرار ” قانون القومية ” ويهودية الدولة .. فتخيل القرصان أنه انتصر ….
ولم يكن في تصور قرصان العالم الأمريكي الصهيوني أن تواجه صفقته ومؤامرته أحد ، فكيف يمكن أن يواجهه أحد وهو الذي يحظى بأتباع كثر ويملك من مفاتيح القوة كل شيء تقريباً ، عافلاً أنه قد غفل وتناسى مفتاحاً أساسياً هو مفتاح القدرة على قمع المقاومة والسعي للحرية ، فكانت تلك سقطته ، فاثبتت المقاومة بأنها الأقدر على فرض استراتيجيتها وقدرتها على إفشال كل ما يستهدف وطنها وشعبها العربي ..
وعلى الرغم من كل ما ضخته الإمبريالية الصهيوأمريكية الأطلسية المتحالفة مع صهاينة العرب في الخليج من دولارات وسلاح وما ابتكرته من مؤامرات تفرقة وتنازع وحصار وتجويع وإفقار وقتل وتعذيب ومرض إلا أنها فشلت في تحقيق هدفها .. والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها :
· حقق العراق جيشاً وحشداً شعبياً انتصاراً ساحقاً على صنيعة أمريكا من الدواعش وعلى المحاولة البارزانية في تقسيم العراق فعاد العراق بلداً موحداً وعاد رافداً من روافد المقاومة .
· الصمود الفلسطيني الرائع أمام الصهاينة وخاصة في قطاع غزة ، وتغيير وقلب مفاهيم الاشتباك ع الصهاينة فمن مفهوم تلقي الضربة بانتظار ضربات أخرى إلى مفهوم الرد بالمثل بل والمبادرة بالضربة أحياناً ، مجسداً بذلك قدرة الشعب الفلسطيني على ابتكار وسائل جديدة للمقاومة وبأبسط الأدوات من بالونات وطائرات ورقية ن كل ذلك بالإضافة إلى استعداد هذا الشعب تقديم الشهيد تلو الشهيد في سبيل تحقيق حقه التاريخي في تحرير كل فلسطين وحقة بالعودة وما مسيرات العودة المستمرة منذ أشهر إلا أحد الأمثلة على ذلك .
· فشل أمريكا والصهيونية في إقناع أي فلسطيني التوقيع على تلك المسماة ” صفقة القرن ” بما في ذلك هؤلاء المطبلين لأوسلو وللتنسيق الأمني وما يطلقوا على أنفسهم عشاق المقاومة السلمية.
· انتصار حزب الله في لبنان على القوى الظلامية وما معارك الجرود وتطهير الأراضي اللبنانية من الدواعش إلا مثال على ذلك .
· صمود أنصار الله في اليمن وتحقيقهم انتصارت عجز عن مواجهتها ما يسمى التحالف العربي بقيادة السعودية وكل ما حشدوا له من مرتزقة .
· صمود ايران الهائل أمام العنجهية الأمروصهيونية وعدم تنازلها عن مواقفها في سعيها لتطوير قدراتها بما فيها الصاروخية ودعمها للمقاومة .
· الإنتصارات الهائلة التي حققها الجيش العربي السوري ومحور المقاومة التي افشلت المشروع الأمريكي الصهيوني الأطلسي الخليجي بالسيطرة على سوريا وتقسيمها وجعلها وكراً للصهاينة وحامية له فكانت مفاجأة لهذا المعسكر الذي وفر كل قواه للقضاء على الدولة السورية ففشل .
وبعد كل ذلك … بدأ التراجع عن الصفقة من أكبر مناصريها .. فها هي مصر تعلن صراحة بأن سيناء أرض مصرية وغير خاضعة للمبادلة، بما يعني إسقاط أحد مرتكزات صفقة القرن ، وها هي السعودية تعلن صراحة بأنها ترفض أي حل لا يتضمن الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية وتؤكد تمسكها بالمبادرة العربية للسلام وحل الدولتين وبما يعني رفضها أو انسحابها من تأييد صفقة القرن والذي تجلى أيضاً بسحب ملف القضية الفلسطينية من ولي العهد السعودي الذي كان لا ينكر تأييده المطلق للصفقة بل ومهاجمته للفلسطينيين .
فهل آن الأوان لدفن تلك الصفقة المسخة وغير الشرعية ….. نعم ،،، فهي ميتة أصلاً وإكرام الميت دفنه .
التعليقات مغلقة.