متلازمة المحتالين … خوف وقلق ! / هاشم نايل المجالي
هاشم نايل المجالي ( الأردن ) الخميس 2/8/2018 م …
ليس هناك اصعب من الكتابة عما يرسم الواقع كما هو حقيقي بين الاشياء او الاشخاص على حقيقتهم دون غطاء يسترهم ، ويظهر البشر عندما يخضعون ويستسلمون لغرائزهم واهوائهم لتحقيق مكاسبهم والمحافظة على مناصبهم ويتجردون من الاقنعة الرسمية والاجتماعية التي يلبسونها ، ففي داخل كل انسان او كل مسؤول يوجد انسان آخر قد لا يشبهه في شيء اي شخصية مختلفة تماماً عن تلك الشخصية التي نعرفها ونتعامل معها مهما كنا مطلعين او قريبين منه ، وما ان ولسبب او لآخر ولحادثة او لاخرى يزال القناع حتى نجد الشخصية الباطنية المختفية خلف القناع لتنكشف اوراقه المختبئة في الادراج ليظهر لنا بشخصية سلبية بمواصفات اخرى ، بعد ان كانت مشاعره العملية والاجتماعية والانسانية تفيض بالمشاعر والعطف وحب الخير والعطاء للآخرين وحب الوطن وحب المواطن ويمتاز باللباقة والطيبة الكاذبة لنجد قلب حقود .
وما العطاء الخيّر الا من أجل الوصول الى غايته والتستر على افعاله معتبراً ان الغاية تبرر الوسيلة ، فنكون قد خُدعنا بتلك الشخصيات المسؤولة ولكن بعد فوات الاوان ، بعد ان ركضنا وجربنا وراء سراب الحقيقة التي لا جدال فيها هي ان هؤلاء الاشخاص هم من سيخلصون الوطن من ازماته لنجد انهم هم الازمة بحد ذاتها ، لنرى ما وراء القناع وما هي عقدته النفسية لذلك نتجنب الكتابة حيث اننا لا نجيد ثقافة الاساءة لكن بالمقابل نتقن مبدأ التجاهل من اجل سمعة الوطن ، ولقد مر علينا الكثير الكثير من الشخصيات المرموقة والمسؤولة في مختلف المناصب الهامة والرسمية وما ان انكشف القناع حتى ظهروا على حقيقة شخصيتهم الباطنية انها متلازمة المحتالين ، الذين يبقون خائفون طوال فترة عملهم من ان ينكشفوا على حقيقتهم فيفقدوا هيبتهم ومكانتهم الرسمية والاجتماعية والوطنية والاخلاقية فهم شخصيات متصنعة لا تنتمي بحكم افعالهم المشينة الى هذا الوطن الذي قدم الكثير من ابنائه دماءهم في سبيل رفعته وحمايته وبنائه وحضارته .
ان تلك الشخصيات المتصنعة تربطها ببعضها البعض مصالح مشتركة وهم على شبكة عنكبوتية تتشابك خيوطها ضد الوطن والمواطن ، وكأنهم في ملابس تنكرية للهالويين انهم ضعيفي الثقة في نفسهم لاثبات قدراتهم الابداعية والعملية ومهاراتهم ، لذلك يلجأون الى الاساليب الملتوية واستثمار مناصبهم لتحقيق مكاسبهم واشباع غرائزهم فهم يحيون حياة زائفة فمهما وضعوا من اقنعة ومهما استبدلوها من مكان ومنصب وموقع لآخر فستجدهم يوماً ما قد نسوا شخصيتهم الحقيقية وكما يقولون المناصب والمال يغيروا الانسان .
وكما قيل ( اجعل العالم يعرفك كما انت وليس كما ينبغي ان تكون لانه عاجلاً ام اجلاً اذا كنت تتظاهر بشيء معين فانك سوف تنساه ثم اين ستجد نفسك وقتها ) فعندما تنكسر المزهرية يعمل الشخص جاهداً كي يلصقها لكن مهما حاول ان يلصق اجزائها سيجد ان هناك قطعاً مكسورة صعب الصاقها وهي الثقة والقيمة الاخلاقية والدينية ليفقد مكانته الوطنية والاجتماعية حتى لو تنقل من منصب لآخر فالموضوع هو نفسه هنا او هناك ولن يتغير من شخصية ذاته شيء سوى انه سيلبس قناعاً آخراً .
ان اعظم معركة نخوضها كوننا بشر هي المعركة التي نحاول جاهدين فيها حماية انفسنا الحقيقية من الانفس التي تسعى ان تحرفها عن طريقها السليم ، فكل انسان وكل شخصية في مكانها المناسب وهو جميل في انجازاته وعطائه وولائه وانتمائه ليذكره التاريخ عبر مر الزمان .
فهل ستوافق الجهات المعنية على ترخيص تأليف كتاب يحمل عنوان ( الفاسدون في وطني … خلف الاقنعة ) ام ندمل جراحنا مع حكايتنا التي لا تدمل وتبقى قصصاً يتداولها الكبار والصغار ودروساً وعبر لاقنعة لشخصيات بين الزيف والواقع ووراء كل قناع شخصية وقصة غامضة بين وجهه الحقيقي ووجهه الصناعي ( البديل ) ، وهل نحن في زمن سقوط كثير من الاقنعة خاصة ممن زادت حنكة مرتديها من اصحاب النخبة بعد تورطهم بقضايا تمس أمن واستقرار الوطن ومعيشته وحياة المواطن ويبقى للشعب ذاكرة حية ليس من السهل محوها ، وكما قيل ( نعيب زماننا والعيب فينا … وما لزماننا عيب سوانا … ونهجو ذا الزمان بغير ذنب … ولو نطق الزمان لنا هجانا … وليس الذئب يأكل لحم ذئب … ويأكل بعضنا بعضا عيانا ) .
المهندس هاشم نايل المجالي
التعليقات مغلقة.