حول المادية التاريخية / د. سعيد النشائي
سعيد النشائي ( مصر ) الأربعاء 1/8/2018 م …
جزء مكون للفلسفة الماركسية اللينينية، وهي العلم الذي يدرس القوانين العامة للتطور الاجتماعي وأشكال تحققه في نشاط الناس التاريخي. فالمادية التاريخية هي علم الاجتماع العلمي الذي يشكل الأساس النظري والمنهجي للأبحاث الاجتماعية المحددة ولكل العلوم الاجتماعية. ولقد كان جميع الفلاسفة السابقين على الماركسية – بما فيهم الفلاسفة الماديون – مثاليين في فهمهم للحياة الاجتماعية، بقدر عدم تجاوزهم لملاحظة حقيقة أنه بينما تعمل في الطبيعة قوى عمياء، فإنه في المجتمع يسلك الناس الذين هم كائنات ذكية مهتدين بدوافع مثالية. وقد لاحظ لينين في هذا الصدد أن نفس فكرة المادية في علم الاجتماع كانت ضربة عبقرية. وقد أحدث تطور المادية التاريخية ثورة أساسية في الفكر الاجتماعي. فأصبح في الإمكان تشكيل نظرة مادية متماسكة – للعالم ككل – المجتمع والطبيعة على السواء من ناحية، ومن ناحية أخرى كشف الأساس المادي للحياة الاجتماعية والقوانين التي تحكم تطورها، وبالتالى تطور الجوانب الأخرى للحياة الاجتماعية التي يحددها هذا الأساس المادي. وقد أكد لينين أن ماركس أوضح فكرته الأساسية عن العملية التاريخية للتطور الاجتماعي، كعملية يحكمها القانون، بأن أفرد المجال الاقتصادي عن كل مجالات الحياة الاجتماعية الأخرى المختلفة. وأفرد علاقات الانتاج عن جميع العلاقات الاجتماعية، باعتبارهما العاملين الأساسيين اللذين يحددان كل ما عداهما. وتتخذ الماركسية نقطة انطلاقها مما يكمن في أساس كل مجتمع إنساني، أي طريقة الحصول على وسائل العيش، وتقيم الصلة بين هذه الطريقة والعلاقات التي يدخل فيها الناس في عملية الانتاج. وهي ترى في نسق هذه العلاقات الانتاجية الأساس والقاعدة الحقيقية لكل مجتمع، عليها يرتفع بناء فوقي سياسي وقانوني واتجاهات مختلفة للفكر الاجتماعي (أنظر القاعدة والبناء الفوقي)، ويخضع كل نسق للعلاقات الانتاجية يقوم في مرحلة معينة من تطور القوى الانتاجية للقوانين العامة المشتركة بين كل الانظمة، ويخضع أيضا للقوانين الخاصة الكامنة في كل نظام واحد، والتي تحدد كيف يقوم هذا النسق ويؤدي وظائفه وينتقل إلى شكل أعلى. لقد أجملت المادية التاريخية تصرفات الناس داخل إطار كل تشكيل اقتصادي اجتماعي – وهي تصرفات متنوعة ومنفردة بصورة لانهائية وغير قابلة للتأثر فيما يبدو بالحساب والتنظيم – وردت المادية التاريخية تصرفات الناس هذه إلى تصرفات الجماهير الضخمة، وبالنسبة للمجتمع الطبقي ردتها إلى تصرفات الطبقات التي تعبر عن الحاجات الملحة للتطور الاجتماعي. وقد أزال اكتشاف المادية التاريخية العيبين الرئيسيين في كل نظريات علم الاجتماع السابقة على الماركسية. فقد كانت هذه النظريات – في المحل الأول – نظريات مثالية، أي أنها كانت تقتصر على دراسة الدوافع الايديولوجية للنشاط الانساني، ولا تدرس الأسباب المادية التي أحدثت هذه الدوافع. وثانيا فإن هذه النظريات كانت لا تدرس إلا دور الشخصيات البارزة في التاريخ، ولم تكن تبحث تصرفات الجماهير، الصانعة الحقيقية للتاريخ. وقد برهنت المادية التاريخية على أن العملية التاريخية الاجتماعية تحددها عوامل مادية. وعلى النقيض من النظريات المادية الفجة، التي تنكر دور الأفكار والمؤسسات والتنظيمات السياسية وغير السياسية، تؤكد المادية التاريخية تأثيرها – بأثر رجعي – على الأساس المادي الذي أنتجها. وتشكل المادية التاريخية الأساس التاريخي العلمي للماركسية، الذي يسلح الأحزاب الماركسية اللينينية والطبقة العاملة وكل الشعب العامل، بالمعرفة بالقوانين الموضوعية التي تحكم تطور المجتمع، وتسلحه بفهم لدور العامل الذاتي والوعي وتنظيم الجماهير، وهو ما يستحيل بدونه إدراك القوانين التاريخية. وقد شرح ماركس وانجلز السمات الرئيسية للمادية التاريخية لأول مرة في كتاب “الايديولوجية الألمانية”. وقدم ماركس صيغة كلاسيكية لماهية المادية التاريخية في مقدمة كتاب “نقد الاقتصادالسياسي” (1859). ولكن المادية التاريخية أصبحت “مرادفا للعلم الاجتماعي” فقط عندما نشر “رأس المال”. وتتطور المادية التاريخية وتزداد ثراء بالضرورة – مع تطور التاريخ وتراكم الخبرة الجديدة – شأنها في ذلك شأن الماركسية ككل .
اقرأ أيضاً
Meeting with Sheikh Muayyad Kadhim al-Kabi
Attendance at a theatrical performance
Regular meeting of the political council of Basra parties
Meeting with groups from al-Kendi region
Meeting with the mayor of al-Khalila region the second
Meeting with the elders of al-Fayha region
Meeting with the elders of al-Mudara quarter
Meeting with a group of teachers in Shatt-al-Arab region
Meeting with the members of Sheikh Issa al-Aryan clan
Meeting with the elders of Khamsa-Mile region
التعليقات مغلقة.