الإرهاب يطرق جميع الأبواب في سورية… ما العمل؟ / د.خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الإثنين 8/6/2015 م …
الحديث عن الإرهاب ليس بجديد في الفكر السياسي السوري، فعمر الإرهاب في سورية طويل ولكن الجديد في أيامنا إنه أصبح يشكل ظاهرة مستمرة، فلا يمضي يوماً دون وقوع حوادث إرهابية، فالقذائف والرصاصات لم تعد تميز بين عدو ومواطن بل ولقمة عيش هذا المواطن نفسه، في إطار ذلك شهدت سورية في السنوات الأربع الأخيرة أكبر موجة من الإرهاب غير المسبوق فى تاريخها الحديث والمعاصر، فقد إنتشرت الجماعات التكفيرية المسلحة على مساحات واسعة من سورية ونفذت عدداً من العمليات الإرهابية التى إستهدفت المواطنين وأسفرت عن مقتل وإصابة مئات الآلاف من المدنيين والعسكريين، ما مكّنها من تأسيس شبكات عابرة للحدود، تجمع بين الجريمة المنظمة، والمتحالفين مع الجماعات الإرهابية المستفيدين بشكل ما من النشاط الإرهابي، إذن ما العمل؟ سؤال قديم جديد يواجه الواقع المقلق للسوريين، الذين كانوا يطمحون بأن يعيشوا حياة كريمة مفعمة بالبناء والإعمار والتطلع الى مستقبل زاهر ومتقدم.
لم تمر سورية بمرحلة حرجة كما تمر به اليوم بعد أن تكالب الأعداء وحاكوا المؤامرات ضدها من كل جانب، فقد شهدت بعض المناطق السورية وجوداً مقلقاً لمجموعات مسلحة وقوى متطرفة تفرض وجودها بشكل خطير على حياة السوريين وأمنهم، وتصاعدت العمليات الإرهابية بشكل مقلق من حيث سعة مساحة التنفيذ، بسيارات مفخخة وعمليات إنتحارية بالأحزمة الناسفة، ما تسبب بخسائر بشرية ومادية فادحة، بالإضافة الى تزايد عمليات التصفية الإنتقامية من خلال إستهداف منازل لأسر بهوية طائفية او سياسية معينة، وضرب تجمعات مدنية كالأسواق والمطاعم والمساجد فضلاً عن الإستهداف المتكرر للجيش ونقاط التفتيش.
على الرغم من أن بعض الدول الكبرى تعرف إرهابية هذه الجماعات ومدى خطورتها إلا أنها تستغلها لمصالحها وتمدها بالمال والسلاح والتدريبات العسكرية لتحقيق أهدافها الإستعمارية في الدول التي تريد إضعافها وزعزعة استقرارها وتقسيمها كما هو معروف بالفوضى الخلاقة وخريطة الشرق الأوسط الجديد، لذلك لا تزال سورية مطمعاً للقوى الإستعمارية يدبرون لها المؤامرات للعودة بها إلى ظلمات العصور الوسطى والتخلف الحضاري لشعبها، وتنطلق هذه الرؤية من فرضية أساسية وهي إن نجاح سورية فى الحفاظ على هويتها الوطنية والقومية فشل للمشروع الذى تمثله هذه الحركات، ومن هنا المعركة صعبة وقاسية، فالقوى المتطرفة وغيرها تدرك جيداً أن فشلها فى سورية فشل لها في كل المنطقة العربية، وهذا قد يفسر لنا التلاحم والتكامل بين كل هذه الحركات بفروعها مدعومة بمال خارجي فى هذه المرحلة، فالهدف فى هذه المرحلة هو إسقاط الدولة الدولة السورية، ولأن تلك الحرب التى تخوضها سورية ضد الإرهاب هى مسألة حياة او موت، فقد كان الجيش السوري بالمرصاد ينفذ عمليات متلاحقة لمطاردة الجماعات المسلحة على مساحة واسعة من الأراضي السورية، لذلك فإن الحرب لم تعد حرباً على سورية الوطن فقط، بل تحولت الى حرباً للنيل من تاريخها وعراقتها وسلب إرثها الحضاري والثقافي، فضلاً عن وجود حملات مسعورة تشوه تاريخها العظيم ومن ثم إزكاء روح الطائفية التي تشجع على ضرب كل طرف للآخر وكأننا أمام تقسيم جغرافي يعقب التقسيم الثقافي الذي نعيشه.
هنا يمكنني القول بأن التاريخ لن ينسى العمليات الإرهابية والمجازر التي إرتكبتها العصابات المتطرفة بحق أبناء الشعب السوري في حلب وحمص وإدلب وغيرها من المدن السورية عندما إرتكبوا مجازر إرهابية وعمليات إجرامية وحشية بحق الشعب السوري وترهيبهم من أجل الهروب من مدنهم وبالتالي التمهيد للسيطرة عليها, لذلك فأن السياسات الأميركية الغربية وإزدواجيتها تجاه المنطقة أدت إلى إنتشار الإرهاب بشكل سرطاني يهدد الأمن والاستقرار الدولي برمته، وما تتبعه من سياسة فرق تسد لفرض هيمنتها وبسط نفوذها وتسويق ما تنتجه من أسلحة ومعدات عسكرية لتبقى ساحة الصراع مشتعلة في الدول بإشعال نار الفتنة داخل هذه البلدان .
في سياق متصل إن محاولات ترويع وإرهاب الشعب السوري بتلك التفجيرات الإرهابية لن تكسر عزيمة السوريين أو تثنيهم عن إرادتهم وعزيمتهم، بل سوف تزيده عزماً وإصراراً على مواجهة هذا الإرهاب الأسود والقضاء عليه وإقتلاعه من جذوره الخبيثة من أرض الشام، التي تعتبر أرض الحضارة المحبة والسلام، لذلك نحن على ثقة تامة أن الشعب السوري قادر على تجاوز وتخطي أزمته ومحنته الراهنة بفضل تماسكه ووحدته الوطنية، لأنه يدرك جيداً دوره في المنطقة العربية من خلال عودته لتبوأ موقعه ومكانته القومية في مواجهة كل المشاريع الإمبريالية في المنطقة الرامية الى تجزئة وتقسيم الأقطار العربية وتفتيت وحدة الإنسان العربي.
مجملاً…إن معركة سورية مع الإرهاب لن تكون سهلة، ولن تكون قصيرة، بل هي معركة شاملة تطال بقاء ووجود سورية كدولة وهوية ودور، فالإرهاب لم يفلح يوماً في إسقاط الدول، ولم يشهد العالم طوال تاريخه بلداً سقط جراء الإرهاب، فالقتل والترويع لن يغير حلم السوريين وتطلعاتهم إلى وطن مستقر آمن خال من التطرف، كونه قادر على مواجهة مخططات الإرهاب والمؤامرات المشبوهة وإفشالها بوحدته الداخلية وبإرادته وجيشه العربي التي لن تستطيع اي قوة أو إرهاب أن تكسرها، بإختصار شديد يمكنني القول إن المؤامرات على وطننا الكبير “سورية”مستمرة ولا يمكن لها ان تنتهي ما دمنا متفرقين ستبقى تلك المؤامرات تنهك قوى وطننا وتستنزف كل الطاقات ونكون صيداً سهلاً لكل من يريد بنا سوءاً, لذا علينا ان نكون يداً واحدة في مواجهة كل التحديات والصعوبات وأن نترك كل الخلافات جانباً من أجل سورية وشعبها العظيم.
التعليقات مغلقة.