قراء في كتاب ” دولة خزاريا المخفيّة ” لمؤلفته تاتيانا غراتشوفا

السبت 25/8/2018 م …




الأردن العربي –

نبذة عن الكاتبة: تاتيانا غراتشوفا هي باحثة ومحلّلة سياسية ومسؤولة قسم الأبحاث السياسيّة في أكاديمية العلوم العسكرية التابعة لقيادة الأركان العامّة في الجيش الروسي، وباحثة في مركز العلوم العسكرية التابع لقيادة الأركان، حازت على شهادة الدكتوراه من أكاديمية قيادة الأركان في العلوم العسكرية، مختصّة بالأمن القومي، لها العديد من المقالات والكتب حول الأمن القوميّ الروسيّ، وكيفية تطويره بما يتناسب مع التهديدات الداخلية والخارجية وتغيراتها وتطوراتها.

*ما هي دولة خزاريا؟*

هي دولةٌ أسسها الخزر على شواطئ بحر قزوين في منطقة دلتا نهر الفولغا، امتدت من جبال القوقاز حتى ضفاف الفولغا، والخزر هم قبائل تركيّة الأصل، تمركزوا في تلك المنطقة من آسيا الوسطى، وفي العام 802م، حضر إلى خازاريا من إيران عدد من التجار اليهود بزعامة الحاخام عبادي بعد اندلاع ثورة ضدهم، ونجح الحاخام في إقناع حاكمها، الذي كان يطلق علية لقب “الخاقان”، باعتناق اليهودية وجعلها الدين الرسمي للبلاد، بعد أن كان الحاكم على وشك اعتناق إحدى الديانتين المسيحية أو الإسلاميّة، بحكم أنهما الأكثر انتشارًا في المنطقة.

تلك المجموعة من التجار، وعلى رأسهم الحاخام، أقنعوا الخاقان أن اعتناقه للإسلام يعني تبعيته للدولة العباسية في بغداد، أمّا اعتناقه المسيحية، فسيؤدي إلى تبعيته للقيصر البيزنطي في القسطنطينيّة، وذلك على عكس اعتناق اليهودية، إذ سيبقى مستقلًّا دون تبعية لأي كان.

بعد أن أعلنت اليهودية الديانة الرسمية للبلاد، رفض الحاخام اعتناق جميع سكان خازاريا الديانة اليهودية، وجعلها حكرًا على طبقة النبلاء من كبار التجار وقادة الجيش ووجهاء القوم، وعندما استتب الأمر لهم، شكّلوا مجلسًا استشاريًا للخاقان، كان بمنزلة سلطة تشريعية وتنفيذية في البلاد، يرأسه أحد أفراد الجالية اليهودية القادمة من إيران، ليتحوّل الخاقان إلى ألعوبة بأيدي اليهود الغرباء عن المجتمع الخزري.

ويذكر العالم السوفييتي ليف غوميلوف في كتابه “اكتشاف خازاريا”، أنّ اليهود حكموا البلاد بطريقة ديكتاتورية قمعية لم يعرف التاريخ لها مثيل، فقمعوا بشدة ودموية ووحشية أيّ ثورة شعبية مطالبة بالحدّ من هيمنة اليهود الأجانب.

ومع الزمن تكوّن في خازاريا مجتمع مؤلف من عدة طبقات:

*الطبقة الأولى:* وهي الطبقة الحاكمة من اليهود الإيرانيين الغرباء، إضافة إلى الخاقان الخزريّ وحاشيته.

*الطبقة الثانية:* وهي اليهود الذين ولدوا من أم يهودية إيرانية وأبٍ خزريٍّ، واعتبروا يهوداً وشكّلوا طبقة كبار ضباط الجيش وكبار موظفي الدولة.

*الطبقة الثالثة:* وهي الأشخاص الذين ينتمون لأبٍ يهوديّ وأم خزرية، اعتبروا يهودًا من الدرجة الثانية أو “أنصاف يهود” وعملوا أيضًا في الجيش كضبّاطٍ ميدانيين صغار وشغلوا الوظائف الحكومية المتواضعة.

*الطبقة الرابعة:* هم عامّة الشعب الخزريّ أو المقيمون فيها من جنسيات وعرقيات أخرى من غير اليهود، منهم المسلمون والمسيحيون الشرقيون والوثنيون.

ويؤكّد العالم السوفييتي غوميلوف، أنّ اليهود الأجانب استطاعوا قبض سيطرتهم وبسط حكمهم على تلك الدولة بتأجيج الخلافات الدينية والعرقية بين الشعوب المختلفة بين الفترة والأخرى.

كان موقع خازاريا استراتيجيًا على ضفاف بحر قزوين وضفاف نهر الفولغا، وهي الطريق التي تصل الصين بآسيا الوسطى وسيبيريا بالشرق العربيّ الإسلاميّ، أيّ الدولة العباسية من جهة، وببيزنطة أيّ آسيا الصغرى وأوروبا الشرقية من جهة أخرى، الأمر الذي سهّل عملية السيطرة على طريق تجارتي الحرير من الصين والفرو من سيبيريا، إذ كان حكامها اليهود يجبون ضريبة مرور من كلّ قافلة تمرّ عبرها، مقابل حماية القوافل من هجمات اللصوص والقبائل البدائية المتوحشة التي كانت تعيش على حوض الفولغا وفي جبال القوقاز.

وبفضل أموال تلك الضرائب، استطاع حكام خازاريا من اليهود الأجانب جمع أموال طائلة والكثير من الذهب، واستمرّ الوضع على ما هو حتى هاجمها الروس العام 965م بقيادة أميرهم سفيتيسلاف من البرّ، وعبر نهر الفولغا على متن سفن صغيرة وسريعة، وفور احتلالهم لمدينة ايتيل عاصمة خازاريا، نهبها الروس وسبَوْا أهلها إلى أوروبا الشرقية والوسطى، ليظهر بذلك اليهود في أوروبا، في بولونيا وهنغاريا بدايةً ومنها إلى ألمانيا وسائر دول أوروبا الشرقية والوسطى.

لكن اللافت في الأمر، أنّ يهود الطبقة الحاكمة في خازاريا اختفوا منها مع أموالهم وذهبهم قبيل سقوطها، وتقول المراجع الروسية القديمة التي تتحدث عن سقوط خازاريا، إن الروس عندما دخلوا مدينة “ايتيل” عاصمة خازاريا لم يجدوا فيها أحدًا من حكامها أو شيئاً من الخزينة.

أما الطبقة الثانية من سكان خزاريا، فسمحت لهم إمكاناتهم المادية وثقافتهم أن يعيشوا ويندمجوا في المجتمعات الأوروبية بعد اعتناق كثير منهم المسيحية ظاهريًا، لأنّ الأوروبيين المتخلفين كانوا بحاجة لهم ولأموالهم، فيما لم تتمكن الطبقة الثالثة في خزاريا من الاندماج في المجتمعات الأوروبية، إمّا لرفض يهود الطبقة الثانية، أو لأنّ الأوروبيين رفضوهم بسبب فقرهم وجهلهم وعدم الحاجة لهم، ما أدى إلى عيشهم في كانتونات خاصة بهم.

كان يهود تلك الطبقة لا يتزوجون إلا من بعضهم البعض، ولم يُسمح لهم بدخول المدن الأوروبية الكبرى، بل أقيمت بحقهم مذابح عدّة بعد أن ثارت الشعوب ضدهم بسبب سمسرتهم، وتلك الطبقة بالتحديد هي التي عملت الحركة الصهيونية على تهجيرها إلى فلسطين، ولذلك نجد معالم وجههم تختلف عن معالم وجوه اليهود الساميين، وهي أشبه بالقوقازيين وبسكان حوض بحر قزوين كالداغستانيين والأذريين وغيرهم.

 

كتاب *”خزاريا الخفيّة”* في سطور:

تسلّط تاتيانا غراتشوفا في كتابها “خزاريا المخفية” الضوء على الطبقة الحاكمة فيها معتمدة على مراجع تاريخيّة، تؤكّد أنّ تلك الطبقة غادرت خزاريا بأموالها وذهبها إلى البندقية وسردينيا عبر بيزنطة، حيث أنشؤوا شركات تجارية بحرية هيمنت على التجارة في البحر الأبيض المتوسط، وضاعفوا عبرها ثرواتهم ثمّ انتقلوا بعدها إلى إسبانيا ودعموا الأمراء الإسبان مادّيًا في حروبهم ضدّ المسلمين في الأندلس، ثمّ دعموا مادّيًا البحّارة الإسبان والبرتغاليين في رحلاتهم البحرية. وتقول غراتشوفا إنَّ تلك المجموعة من اليهود كان لها نفوذ سريّ واسع في إسبانيا، رغم المحاكمات الدينية المرعبة التي جرت بحقّ المسلمين واليهود، وبعد ضعف إسبانيا وبزوغ فجر إنكلترا كدولة مهيمنة على التجارة الدولية، انتقلت تلك المجموعة إليها وأسّست بنك إنكلترا المركزي والذي جمع فيه معظم احتياط العالم من الذهب وسيطروا عليه.

وفي أواسط القرن التاسع عشر، ركّزت تلك المجموعة نشاطها على الولايات المتحدة، ثمّ نقلت أموالها إليها أوائل القرن العشرين، وأسّست الخزينة الفدرالية الأميركية تحت إدارتها وليس تحت إدارة الدولة، وتؤكّد غراتشوفا في كتابها أنّ أيّ رئيس أميركي حاول إعادتها إلى يد الدولة إغتيل أو عُزِل عن الحكم، ثم عملوا فيما بعد على تأسيس الحكومة العالمية السريّة التي تحكم العالم حاليًا.

وتشرح المؤلفة في كتابها، مستندةً إلى وثائق تاريخية وملفّات رفعت عنها السرية، كيف عمل أحفاد حكّام خزاريا على تأسيس الحركة الصهيونية، وكيف اشترَوا قادة الدول الكبرى حينها للموافقة على نقل اليهود من أوروبا إلى فلسطين، كما تذكر في الكتاب كيف تعاملت الحركة الصهيونية والبنوك الدولية التابعة لها مع الفاشيين في ألمانيا، وموّلت حملة هتلر الانتخابية وأوصلته إلى الحكم عام 1933، وتذكر الكاتبة حقائق تؤكّد دفعهم الأموال للفاشين ليقوموا بمجازر ضد اليهود (الذين ليسوا يهودًا حقيقيين بمفهومهم إنّما من أم خزرية وأب يهوديّ كما أسلفنا) في أوروبا لإجبارهم على الهجرة لفلسطين، ووثقت غراتشوفا جميع تلك المعلومات بمصادر تاريخية مع تسمية الأشخاص الذين نسّقوا بين جميع الجهات.

غراتشوفا تذكر في الكتاب أنّ الولايات المتحدة هي دولة خزاريا الثانية المخفيّة ويحكمها سرًّا أحفاد أولئك اليهود، وتتعدد الأساليب التي يستخدمها أحفادهم حاليًا لإخضاع الحكومات والدول التي ترفض أن تكون جزءًا من امبراطوريتهم العالمية، فتدأب تلك الفئة على إغراء الدول بمشاريع اقتصادية ضخمة تستوجب أموالًا طائلةً، يمكن الحصول عليها من صندوق النقد الدولي التابع للخزينة الفدرالية الأميركية، وفي حال استقراض أيّ دولة من الصندوق المذكور، يعني تبعيتها الاقتصادية للولايات المتحدة ودخولها في الامبراطورية العالمية، بحسب غراتشوفا.

أمّا إذا ما رفض قادة الدول الانزلاق وراء تلك العروض، فتشنّ عليهم حملات إعلامية تتهمهم بالدكتاتورية والفاشية، لتفرض عليهم عقوبات اقتصادية، وبعدها يجري العمل على زعزعة الوضع الداخلي عن طريق تنظيم الثورات التي تؤدي عادةً إلى اندلاع حروب أهلية تمزّق هذه الدول وتطيح بحكامها، كما يجري الآن في العالم العربي أو كما جرى في روسيا بداية القرن العشرين، حيث عملت البنوك اليهودية الموجودة في بريطانيا والولايات المتحدة على تمويل الأحزاب الروسيّة المعارضة للقيصر بهدف الإطاحة به، ما أدى في النهاية إلى نشوب حرب أهلية دمّرت البلاد، وأدت إلى انهيار الإمبراطورية الروسية، المنافس الأكبر حينها لبريطانيا والولايات المتحدة.

أمّا في حال لم تنجح تلك الفئة في إحكام سيطرتها على الدول بالحصار الاقتصادي أو الثورات أو الحروب الأهلية، فإنها تلجأ وفق ما تقوله الكاتبه غراتشوفا، إلى الأسلوب الأخطر، وهو تدمير المجتمعات، بنشر الدعارة والمخدرات والعادات السيّئة، أو تدمير الحضارات بالعمل على محو الثقافة الوطنية للشعوب، ما يؤدي الى انهيارها فكريًا وثقافيًا، وبالتالي تسهل السيطرة عليها، وضمها إلى الإمبراطورية الدولية، حتى نجاح أحفاد حكام خزاريا، كما حدث مع الاتحاد السوفييتي الذي لم يستطيعوا القضاء عليه عسكريًا ولا السيطرة عليه اقتصاديًا، دمروا مجتمعه ما أدى إلى انهياره في نهاية المطاف.

لذلك تلجأ غراتشوفا في كتابها لاستعراض علاقات حكام الولايات المتحدة بزعماء مافيا المخدرات في العالم، خصوصًا في أمريكا اللاتينية وأفغانستان وصفقات تجارة المخدرات التي نظمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ولا تزال.

*فهرست الكتاب*

– كيف تُدمّر المؤسسة الحكومية للدول

– الهدف الأساسي للحروب الحديثة

– الحرب النفسية

– الحرب الديموغرافية

– كيف تستخدم المخدرات لتدمير حياة الشعوب تكنولوجيا تدمير الشعوب

– المرتزقة: جنود خفيّون يدمرون الدول من الداخل دون أن يشعر أحد بوجودهم

– مشروع خازاريا

– ما بعد تدمير خازاريا

– عودة خازاريا من جديد

– انتقام قادة خازاريا الجدد وخططهم للسيطرة على العالم

– الولايات المتحدة تحت سيطرة إسرائيل

– الحرب النفسية ضد الشعوب

– الحرب الحضارية (تدمير الحضارات)

– الحرب الثقافية

– الإمبريالية الجديدة وخازاريا الجديدة: تأسيس خزاريا

– هل ستكون “بيرل هاربر جديدة” وحرب عالمية ثالثة

– دور روسيا في محاربة خازاريا الجديدة”خزاريا المخفيّة”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.