المؤسسة الدينية الدرزية ( في فلسطين المحتلة 1948 ) سقطت أخلاقيًا وفقدت شرعيتها / مهدي سعد

مهدي سعد * ( فلسطين المحتلة ) الجمعة 31/8/2018 م …

*كاتب فلسطيني من مواطني مدينة شفاعمرو شمال فلسطين المحتلة ( 1948 ) ، من مواليد عام 1988. يدرس العلوم السياسية والإعلام في كلية الجليل الغربي في عكا. صاحب توجهات يسارية، علمانية وديمقراطية. أسعى من خلال مقالاتي إلى نشر الفكر الوطني والتقدمي من أجل بناء مجتمع مدني حديث يرتكز على أسس المواطنة والعيش المشترك. أؤمن أن النقد البناء هو الخطوة الأولى نحو تغيير الوضع القائم وخلق واقع جديد في حياتنا…




شهدت الأشهر الأخيرة عدة أحداث ظهر فيها رئيس المؤسسة الدينية الدرزية بمظهر لا يليق بمكانته كرئيس روحي للطائفة الدرزية، ولقد تعرض في أعقابها لسيل من الانتقادات من قبل شريحة واسعة من أبناء الطائفة، عبروا من خلالها عن استيائهم الشديد من تصرفاته المخالفة لتعاليم مذهب التوحيد، الأمر الذي يستدعي طرح مسألة شرعية بقائه في منصبه للنقاش في المجتمع الدرزي.
وفي هذا السياق، لا بد من تعداد المناسبات التي شارك فيها أو كان له ضلع بها: إيقاد شعلة الاستقلال، التقاط صورة “سيلفي” مع المطرب شلومو آرتسي، عيد ميلاد الوزيرة أييلت شاكيد في بيته، تدشين دوار “المحارب الدرزي” في القدس، الاعتداء الإجرامي على الشيخ اسعيد ستاوي، الاتفاق مع الوزيرة ميري ريغيف على إحياء ذكرى الشيخ أمين طريف، وغيرها من التصرفات غير اللائقة التي لا يتسع المجال لذكرها.
كل هذه الأمور تؤكد أن المؤسسة الدينية الدرزية قد سقطت أخلاقيًا وانحرفت عن المسلك القويم وسلكت طريقًا منافيًا للأصول التوحيدية، وهذا يستوجب فتح باب الحوار حول أهلية رئيس المؤسسة بالاستمرار في تحمل أعباء هذا المنصب الرفيع، وهو منصب يتطلب من الشخص الذي يتولاه أن يكون على درجة عالية من الأخلاق والأدب وملتزمًا بالمبادئ الدينية والاجتماعية.
أعتقد أن المؤسسة الدينية الدرزية فقدت شرعيتها وأصبحت تشكل عبئًا ثقيلا على أبناء الطائفة، الذين بات أغلبهم يشمئزون من سلوك رئيسها الذي لم يعد يميز بين الصواب والخطأ، وبالتالي نحن بأمس الحاجة لانتخاب مجلس ديني جديد يعبر عن إرادة الشارع الدرزي، بعكس المجلس الحالي الذي يجري تنصيب أعضائه بطريقة غير ديمقراطية.
المجلس الديني الجديد يجب أن تتمثل فيه كافة شرائح المجتمع الدرزي ويعكس التنوع الفكري الموجود داخل الطائفة، ويخول هذا المجلس بانتخاب رئيس روحي يتمتع بالمواصفات المطلوبة بعيدًا عن الاعتبارات السياسية والعائلية، ومن الضروري أن تحدد مدة ولاية الرئيس الروحي لعشر سنوات غير قابلة للتجديد، ولا شك أن تطبيق هذا الاقتراح من شأنه أن يضع حدًا لظاهرة التوريث البغيضة ويمنع الاحتكار العائلي في إدارة شؤون الطائفة والسيطرة على مواردها.
الأرضية في الطائفة الدرزية باتت مهيأة للتغيير الذي أصبح مطلب الساعة، ولذلك على القوى التقدمية والمتنورة أن تستغل هذه الفرصة وتبادر إلى حراك ميداني من أجل تحقيق الهدف المنشود، والخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي بناء إستراتيجية طويلة الأمد تستند إلى برنامج عمل متفق عليه بين كافة القوى التي تطمح إلى التغيير، وهذا المشروع يتطلب استثمار كافة الطاقات البشرية داخل الطائفة التي تستطيع أن تساهم في إخراج الفكرة إلى حيز التنفيذ.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.