تحقبق هام … خفايا خلافة الرئيس أبو مازن : المنظومة السياسية الفلسطينية الحاكمة … (الحلقة الأولى)

 

الأردن العربي –  دنيا الوطن ( الجمعة ) 12/6/2015 م …

تحقيق : غازي مرتجى

لايختلف اثنان على أن القضية الفلسطينية دخلت منذ عدة سنوات في نفق مظلم بعد تعثر عمليتي التفاوض مع اسرائيل والتصالح مع حماس.

الوضع الداخلي المعقد فرض عدة تابوهات معقدة يحظر تناولها، فما إن يشرد الذهن قليلاً لاستكشاف “المستقبل” حتى تتكاثر الأسئلة وتتعاظم سوداوية الإجابات فيضطر العقل لوقف التفكير احتراماً لنفسه ..

يجلس مجموعة من القيادات الفلسطينية يتناولون كأساً من القهوة وينفثون سجائرهم في وجوه بعضهم البعض ليتحدث أحدهم عن اقتراح تعيين نائباً للرئيس , وآخر يتحدث ماذا لو نفذّت اسرائيل تهديدها للرئيس أبو مازن وقامت باغتياله لا سمح الله .. إلى أين المفر ؟

يُهامس البعض نفسه ولا يجرؤ على الحديث لمُقربّيه عن “خليفة” الرئيس -أطال الله بعمره- .. من سيكون وكيف سيتم اختياره , وموقف حماس ومن قبلها إسرائيل ومن قبلهما العرب وأمريكا .. تقاطعت المواقف والاجابة دوماً تستند إلى علم الغيب وما إن تبدأ وساوس الشيطان تُساور أحد القيادات الفلسطينية إلا قام وتوضّأ وصلّى ركعتي السهو فيعود لقهوته  .

تصريح غريب عجيب أطلقه إيهود باراك رئيس وزراء اسرائيل ووزير “دفاعها” الأسبق عن معرفته بمن سيخلُف الرئيس أبو مازن , تصريح هو الأول من حيث الصراحة والتخصيص .. وبقي على “باراك” ذكر الاسم الذي إما “يتمنّاه” أو “يُخطط له” ليكون خليفة للرئيس أبو مازن .

الرئيس البالغ من العمر ثمانين عاماً ولا زال في أوج قوته هو العمود الفقري للدولة الفلسطينية ومن بعده يبدو المشهد الفلسطيني “سوداوي”  .. هكذا توصلّ فريق تحرير “دنيا الوطن” عند استقصائه لسيناريوهات المرحلة القادمة في حال “لا سمح الله” أصاب الرئيس مكروهاً أو أقدمت إسرائيل على المساس به كما سابقه الشهيد أبو عمّار.

أجرت دنيا الوطن تحقيقاً استقصائياً سياسياً توصلت فيه الى نتائج مهمة ترسم صورة مرحلة ما بعد شغور منصب الرئيس لأي طاريء لا سمح الله .. واعدّت دنيا الوطن التحقيق على ثلاثة حلقات تبدأ الحلقة الأولى بوصف المنظومة السياسية الفلسطينية والجهات الحاكمة فيها وفي الحلقة الثانية تسرد دنيا الوطن وفقاً  لتصريحات مختصين ومصادر مطلعة على (جلسات خاصة) لأهم الشخصيات المُهيّأة لخلافة الرئيس أبو مازن , وفي الحلقة الثالثة نضع عدة نتائج وتوصيات اقترحها “سياسيون ومختصون” لانقاذ المرحلة “السوداوية” التي ستلي مرحلة الرئيس أبو مازن .

كيف تبدو المنظومة السياسية الفلسطينية :

أُنشئت السلطة الفلسطينية كسلطة انتقالية بناءً على اتفاقية أوسلو , وحدّد نظام منظمة التحرير الفلسطينية أنّ السلطة الفلسطينية هي جزء من المنظمة وأحد أذرعها بمعنى أنّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هي المسؤول عن السلطة الفلسطينية , ترأّس الرئيس الشهيد أبو عمار رئاسة السلطة الفلسطينية وبقي رئيساً للسلطة ورئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وزعيماً لـ”فتح” , وبعد استشهاد أبو عمّار عُيّن روحي فتوح رئيس المجلس التشريعي آنذاك رئيساً مؤقتاً للسلطة الفلسطينية الى ان تم إجراء الانتخابات الرئاسية وفاز بها الرئيس أبو مازن الذي ترشّح بعد اعتماد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير له رئيساً لأعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة واستمرّ الرئيس أبو مازن زعيماً لحركة فتح دون ان يتم انتخابه رسمياً إلا بعد عقد المؤتمر السادس للحركة .. وبالتالي بقي الرئيس أبو مازن رئيساً للسلطة واللجنة التنفيذية ولفتح .

إبان حكم الرئيس أبو مازن فازت حركة حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية وأهلّها ذلك لتشكيل الحكومة العاشرة والتي سُرعان ما فشلت في مهامها فتم تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتهت نهاية مأساوية بسيطرة حركة حماس عسكرياً على مقاليد الحكم في قطاع غزة وكلّف الرئيس أبو مازن وزير المالية في حكومة الوحدة د سلام فياض ليرأس الحكومة الفلسطينية وبقي الحال على ما هو عليه حتى العام 2014 حيث تشكلّت حكومة وفاق وطني برئاسة الدكتور رامي الحمدلله أنهت ولو “ظاهرياً” الانقسام الفلسطيني ووحدّت الحكومتين الى حكومة وفاق واحدة .

في العام 2009 عُقد اجتماع غير عادي للمجلس الوطني الفلسطيني وانتخب اعضاء جُدد للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وبلغ عدد الاعضاء 18 عضو ..

تُعتبر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الجهة الأعلى في التسلسل الهرمي السياسي الفلسطيني , ولا يُمكن تعديل او تغيير اي من اعضاء اللجنة التنفيذية الا باجتماع “المجلس الوطني” .

أما المجلس المركزي وهو مجلس مصغر من اعضاء المجلس الوطني الفلسطيني فيقرر عن المجلس الوطني في القضايا السياسية لكنه لا يستطيع تغيير او انتخاب اي من اعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير .

السلطة الفلسطينية :

السلطة تُعتبر “قانونياً” احدى اذرع منظمة التحرير الفلسطينية والمسؤول المباشر عنها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

ويتكون النظام السياسي الفلسطيني من ثلاث سلطات وهي السلطة التشريعية “المجلس التشريعي” والسلطة القضائية “مجلس القضاء الاعلى والنائب العام” والسلطة التنفيذية ويندرج فيها منصب رئيس السلطة ورئيس الحكومة ولكل منهما اختصاصات بحسب القانون المعدّل من النظام الاساسي وكذلك اجهزة الامن والهيئات المحلية والوزارات .

وفق النظام الاساسي للسلطة الفلسطينية فإن المجلس التشريعي هو المراقب على اعمال “الحكومة الفلسطينية” وهو من يمنحها الموافقة او يحجب عنها الشرعية في حال موافقة ثلثي اعضاء المجلس , الا انّ منصب “رئيس السلطة” يُعتبر المسؤول عن الحكومة والمجلس التشريعي وكافة مكونات السلطة ومن حق رئيس السلطة حل المجلس التشريعي وكذلك تغيير الحكومة واسقاطها .. ورغم ذلك بقيت هذه الصلاحيات “المُشار لها” مجمع شك لدى الفصائل الفلسطينية فحركة حماس التي تسيطر على المجلس التشريعي تعتبر انه ليس من حق الرئيس حل المجلس التشريعي ولا التحكّم بالحكومة وانّ ذلك صُلب عمل المجلس التشريعي الفلسطيني .

الوضع القائم :

*حركة حماس تسيطر على قطاع غزة رغم وجود حكومة توافق الا ان الموظفين العاملين في غزة غير معتمدين حتى اللحظة , حماس هي صاحبة القرار على اجهزة الامن الموجودة في غزة .

*المجلس التشريعي معطل ولم يعقد سوى دورتين وفيهما تم انتخاب عزيز دويك رئيسا للمجلس .

*تعقد حركة حماس جلسات المجلس التشريغي الفلسطيني باعضائها في غزة دون اعضاء الكتل البرلمانية الاخرى وتعتمد نظام “التوكيل” لاصدار القرارات واعتمادها وهو امر مخالف للقانون بحسب الكتل البرلمانية المختلفة .

*الرئيس ابو مازن هو رئيس السلطة الفلسطينية ويسيطر على الضفة الغربية بقوة القانون وهو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وهو بذلك “رئيس نفسه” أي انّ رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير “ابو مازن” هو رئيس السلطة الفلسطينية وهو نفسه الرئيس ابو مازن .

*حركة فتح وهي التنظيم الرئيسي لانشاء السلطة الفلسطينية يرأسها الرئيس أبو مازن ايضاً وتضم سبعة عشر عضوا في اللجنة المركزية للحركة ويعتبر ابو ماهر غنيم الرجل الثاني في التنظيم كونه اميناً لسر اللجنة المركزية لحركة فتح .

*مكونّات المنظومة السياسية الفلسطينية باتت واضحة والانقسام سيد الموقف والمُتحكم بـ”خلافة” الرئيس أبو مازن في حال شغور المنصب ستكون عدة جهات وهي التالية :

·         المجلس التشريعي بوجهة نظر حماس

·         اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وفق قانون تأسيس السلطة والاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل .

·         حركة فتح كأقوى تنظيم موجود على الأرض وهي مؤسس  السلطة الفلسطينية .

·         التدخلات الاقليمية والفرض الخارجي :”الاردن – مصر – اسرائيل – الولايات المتحدة – الاتحاد الاوروبي

* في الحلقة القادمة : إطلالة على أسماء مرشحة لخلافة الرئيس أبو مازن في حال شغور المنصب .

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.