تعرّف على شعب النينتس السيبيري .. عادات وأسلوب حياة غريب


 
الأردن العربي ( السبت ) 13/6/2015 م …

herders_2131476i

 

هم سكان شبه جزيرة اليامال، التي تقع غرب سيبريا (في القطب الشمالي)، عرفوا برعاة الرنة؛ لارتباط حياتهم ارتباطًا وثيقًا بحيوان “الرنة”، ليس فقط من أجل المرعى؛ ولكن هناك أسبابًا كثيرة أخرى سنتعرف عليها. نجح شعب النينتس في الحفاظ على ثقافته وتراثه المميز، ورغم التحديات التي تواجهه؛ إلا أنه ما زال متمسكًا بطقوسه وتقاليده.

1

جاء شعب النينتس من منطقة التاي سايان بالقرب من منغوليا، واستقر في القطب الشمالي تحديدًا في شبه جزيرة يامال. حتى القرن الـ 17، كانوا عبارة عن مجموعة من الصيادين يتنقلون بين البلدان من أجل الصيد فقط.

عاش النينتس لأكثر من ألف عام في واحدة من أكثر المناطق برودة على وجه الأرض؛ حيث تصل درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية تحت الصفر في فصل الشتاء، وترتفع إلى 35 درجة مئوية في الصيف، لذلك؛ يهاجر النينتس سنويًا بحثًا عن منطقة أكثر اعتدالًا لقضاء الشتاء، وتمتد هجرتهم إلى مسافات بعيدة تصل إلى 100 كيلو متر، يتخللها عبور نهر أوب المجمد لمسافة تساوي 48 كم، ويساعدهم في هذه الرحلة الطويلة حيوان الرنة الذي يقوم بسحب الزلاجات التي تحملهم وتحمل أمتعتهم.

حياتهم اليومية

للنينتس عادات وأسلوب حياة غريب إلى حد كبير؛ بداية من ملابسهم المصنعة يدويًا، إلى طعامهم المثير للرعب، أكثر منه للدهشة.

NGS Picture ID:517105

“إذا كنت لا تشرب الدم الحار، ولا تأكل اللحوم الطازجة؛ فأنت محكوم عليك بالموت في غابات التندرا!“.

أحد أفراد شعب النينتس

حتى طعامهم، لا يخلو من الغرابة الطاغية على حياتهم؛ فالطعام المفضل لدى النينتس هو اللحوم النيئة!

إنها لحوم الرنة الغارقة في دمائها؛ حيث يقوم الرجال باصطياد الرنة وذبحها، ثم تتولى النساء مهمة تشريح الذبيحة، التي يجتمع أفراد الأسرة حولها، بينما هى تواصل عملها في تمزيق جسد الرنة وتقطيعه لأجزاء صغيرة يسهل على الأطفال تناولها. ودائمًا هناك كوب واحد مشترك يتم تمريره على الجلوس من أجل اغتراف الدم من الذبيحة وشرابه!

مظهرهم

3

لا يزال شعب النينتس يعتمد على الملابس البدائية التقليدية، ويتكون الزي التقليدي لشعب النينتس من سترة مصنوعة بواسطة طبقة مزدوجة من فراء الرنة؛ لتحمُّل البرد القارس، بالإضافة إلى القفازات والقبعات المصنعة من جلود الرنة أيضًا.

وصناعة الملابس من أهم اختصاصات النساء؛ حيث تقوم كل امرأة بخياطة ملابس جديدة لأسرتها  كل صيف، أما الرجل فيقتصر دوره على الرعي والصيد فقط.

للرنة مكانة خاصة

4

الرنة تلعب دورًا حيويًا في حياة وتقاليد النينتس؛ إذ تدخل في كافة أمور حياتهم؛ فبغض النظر عن الفائدة المادية التي يحققها حيوان الرنة من كونه مصدرًا للغذاء، والوسيلة الوحيدة للتنقل؛ إلا أنه يدخل في معتقداتهم الروحية والتعاملات فيما بينهم أيضًا.

ومن أبرز معتقداتهم المرتبطة بحيوان الرنة: اعتقادهم بأن الإنسان عقد اتفاقًا مع حيوان الرنة قديمًا، ينص هذا الاتفاق على حماية الإنسان للرنة من الصيد والحيوانات المفترسة؛ مقابل أن يقدم حيوان الرنة نفسه لخدمة الإنسان ومعاونته في كافة أمور الحياة، بداية من التنقل والهجرة إلى توفير الغذاء والملابس …إلخ.

ومن المدهش حقًا، قدرة الأفراد في التعرف على حيوان الرنة الخاص بهم بكل سهولة، رغم تشابهها الكبير؛ إلا أن كل عائلة قادرة على تمييز الحيوان الخاص بها ولو كان وسط قطيع ضخم. وفي موقف غريب جدير بالذكر، أثار دهشة أحد المصورين المهتمين باستكشاف الأماكن الغريبة والمجهولة، عندما رأى طفلين لم يتجاوزا السادسة من عمرهما بعد يلوحان لحيوان الرنة الخاص بعائلتهم وسط قطيع مكون من 10 آلاف رنة، دون وجود علامة مميزة تساعدهم على ذلك؛ فقد تعرفا عليه من ملامحه فقط!

معتقداتهم الدينية

5

الديانة الرسمية لشعب النينتس هي ديانة إيحائية؛ فهم يؤمنون بوجود الأرواح، ليست في الكائنات الحية فقط كما هو معروف، بل في الجمادات والظواهر الطبيعية أيضًا، وكذلك المعالم الجغرافية كالجبال والأنهار …إلخ!

ويؤمن النينتس بإله يدعى “نم- NUM”، هذا الإله هو المعول عليه؛ حيث يعتمدون عليه في كافة أمور حياتهم، ولكنه لا يقدم المساعدة إلا بعد تقديم القرابين والتضحيات المناسبة التي تليق به.

وهذه الأمنيات والطلبات التي يطلبها الناس لا تصل له بشكل مباشر، بل هناك وسطاء هم “أرواح السماء” كما يسمونهم؛ وهذه الأرواح هي التي تقوم بتوصيل الدعاء والتوسل والأمنيات للإله، ومن ثم تعود بالرد على رجال الدين أو “الشامان”، هؤلاء فقط من يمكنهم التواصل مع أرواح السماء؛ لمكانتهم العالية والمبلغ العظيم الذي بلغوه في الدين، وهم أيضًا وسطاء بين “أرواح السماء” والناس، الذين يقدسونهم بشدة لدورهم الهام. ويتميز الشامان بزيهم المزخرف والطبول التي يحملونها دومًا لأداء طقوسهم، وللشامان أدوار أخرى غير التدخل بين البشر الآلهة، منها علاج المرضى، وتوقع المستقبل.

والنينتس يؤمنون بآلهة كثيرة، فهناك أيضًا إله الخير الذي يدعى” يانيبيا- Yanebya”، وهو رمز الخير في الأرض، ويقوم بمساعدة الناس وحمايتهم، وبالأخص النساء والأطفال، وذلك دون مقابل؛ فقط حبه للخير يدفعه لذلك!

وكما للخير إله، للشر أيضًا إله يدعى “نجا- NGA”، وهو ابن الإله “نم- NUM”؛ ويعرف بأنه مسؤول عن بث مشاعر الكراهية والحقد في الأرض، وهو المسؤول أيضًا عن الموت.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.