سورية قسمت …والنظام ينهار؟! / هشام الهبيشان

 

هشام الهبيشان* ( الأردن ) الأحد 14/6/2015 م …

  (سورية قسمت …والنظام ينهار)اليوم أصبحنا نسمع كثيرآ هذه الجملة التي يرددها الكثير من المحللين على شاشات الاعلام على تعدد مرجعياتها وتوجهاتها،حديث هؤلاء المحللين، يأتي في الوقت الذي يستكمل به الجيش العربي السوري وقوى المقاومة خطط حسم المرحلة الأخيرة من تطهير جانبي الحدود اللبنانية –السورية من بعض البؤر الارهابية المتواجدة على جانبي الحدود في مناطق معينة ومحددة في القلمون الشمالي الغربي وعرسال اللبنانية ،وعلى الجانب الأخر من عمليات الجيش المستقبلية يجري وبكل هدوء وبدون أي ضجيج أعلامي يجري التحضير  لمعارك تحرير بلدة جسر الشغور بريف ادلب الغربي وخان شيخون بريف ادلب الجنوبي ومجموعة مناطق اخرى منتخبة بمحافظة ادلب ،التي مازال الجيش العربي السوري يحافظ على تواجد وإن كان محدودآ بداخلها وخصوصآ بريف ادلب الشمالي وريف ادلب الجنوبي ،التحضير لمعركة محافظة ادلب يأتي تزامنآ مع التحضير لنقل زخم عمليات الجيش العسكرية من القلمون بعد الانتهاء من حسم معركته الى محيط العاصمة دمشق بريفيها الشرقي والغربي لحسم جملة معارك بعمق الغوطة الشرقية والغربية لتأمين دمشق من جهة الجنوب،أستعدادآ لأنطلاق المرحلة الثانية من عمليات تحرير بعض المناطق الأستراتيجية بالجنوب السوري التي بدأت بمطع شهر شباط الماضي .

 

 

ويأتي التحضير لمجموع هذه المعارك الكبرى  تزامناً مع المعارك الكبرى التي يخوضها الجيش العربي السوري وبحرفية عالية  دفاعآ عن مدينة الحسكة شمال شرق سورية ،والتي اسقط من خلال دفاعه المستميت عن هذه المدينة بوجه المجاميع الرديكالية الغازية للمدينة،مخططآ تأمريآ كان معدآ لتشكيل واقع  عرقي تقسيمي جديد للشمال الشرقي لسورية ،ولكن صمود الجيش وتكامل هذا الصمود بدعم أهالي المدينة للجيش بهذه المعركة اسقط مرحليآ هذا المخطط الذي كان للأسف سيتم أستغلاله ومن خلف الكواليس من قبل بعض القادة العسكريين بالوحدات الكردية والسياسيين الاكراد بالمدينة وخارجها لتكرار تجربة بلدة عين العرب شمال شرق سورية ،من خلال احتلال داعش للمدينة ومن ثم تهجير سكانها ومن ثم عودة التحالف الامريكي لضرب التنظيم بكثافة ويعود الاكراد على الأرض لأستعادة المدينة وتشكيل واقع عرقي جديد لها ،وهذا المخطط التقسيمي سقط بمدينة الحسكة وسيسقط بمناطق أخرى،كما يستكمل الجيش العربي السوري اليوم مخططآ محكمآ وضعه الجيش لتحرير مناطق أستراتيجية بمناطق شرق وشمال شرق ريف محافظة حمص ونجح من خلاله بتحرير مرافق أقتصادية ونفطية هامة بعموم هذه المناطق بريف حمص الشرقي،أما في حلب المدينة فالجيش السوري يعيد تموضعه اليوم ببعض أحياء المدينة وعلى ما يبدوا أنه يهيئ الارضية العسكرية والميدانية لأستكمال مخطط عملياته من جديد للإطباق على بعض الأحياء بالمدينة التي يتحصن بها المسلحون الرديكاليون ،وبالريف الحلبي هناك أيضاً ضربات  محكمة يوجهها الجيش السوري بريفي حلب الشمالي والشرقي للمجاميع الرديكالية المتصارعة بهذه المناطق، وبريف اللأذقية الشمالي هناك عمليات نوعية وخاطفة وضربات محكمة يوجهها الجيش العربي السوري للمجاميع الرديكالية المتواجدة في بعض بؤر أرهابية مبعثرة في الريف الشمالي، وهذا الأمر ينطبق كذلك على التصدي للمجاميع الرديكالية والتقدم للجيش بمناطق الجزيرة ودير الزور.

وبألنسبة لما جرى مؤخرآ بالجنوب السوري ،والغزوات من قطعان المسلحين المدعومين بأجندة أسرائيلية -امريكية -سعودية -بريطانية ،لبعض الوحدات العسكرية السورية بريف درعا الشمالي الشرقي ،فهنا يجب التنويه ان ما جرى باللواء “52”وما رافقه من حرب اعلامية ،ما هو الأ صدى لأفلاس هذه المجاميع المسلحة وداعميها ،فاللواء “52”لمن لايعلم ماهو هذا اللواء ،هذا اللواء هو عبارة عن وحدة عسكرية يتواجد بها بضع عشرات من الجنود السوريين،ويضم بضع أبنية ،ومساحته محدودة جدآ ،وقد هاجمته مجموعة من القطعان الرديكالية تضم الالاف من المقاتلين من مجموعة محاور وبتغطية نارية واسعة ،ما استوجب أعطاء أمر عسكري لهذه الوحدة بالأنسحاب من مواقعها ،وبمجرد انسحاب الجنود السوريين من وحدتهم ،انطلق عمل سلاح الجو السوري ،الذي نجح بضرب هذه القطعان الغازية ،وكبدها المئات من القتلى والمصابين ،فهذه الكارثة التي حلت بهذه القطعان الغازية  للواء “52”،دفعتهم وبدعم أسرائيلي للهجوم على مطار الثعلة العسكري بريف محافظة السويداء،وهناك أيضآ تكبدوا خسائر أكثر من تلك التي تكبدوها بغزوة اللواء “52” ودحروا من محيط المطار ،بعد وقوف أهل جبل العرب  الأشم أحفاد سلطان باشا الأطرش بخندق الجيش بهذه المعركة ،وهو ما اسقط رهان اسقاط المطار العسكري والرهان على أستمرار موقف أهل جبل العرب من الحياد من مؤامرة الحرب على سورية .

اليوم وبعيدآ عن تطورات الميدان ،ما يهمنا بكل هذا هو واقع سورية المعاش بهذه المرحلة، وبعيداً عن حروب الإعلام وكلام المتآمرين وشركاء الحرب على سورية ومع مرور أربع أعوام على حرب أميركا وحلفائها على سورية يتضح في أحيان كثيرة أن الأحداث والمواقف المتلاحقة للمتابع لأحداث الحرب “المفروضة” على الدولة السورية، بأن الدولة السورية استطاعت أن تستوعب وتتكيّف طيلة أربع أعوام مضت مع موجات أكثر صعوبة من الموجة التي نعيشها اليوم وغزوات المجاميع الرديكالية بجنوب وشمال يسورية ، فقد كانت الموجات السابقة متعددة الوجوه والأشكال والفصول “عسكرية اقتصادية اجتماعية – ثقافية إعلامية – دموية”، ومجموع هذه الأنماط هزم وكسر على أبواب الصخرة الدمشقية والسورية الصامدة.

وهنا يجب عدم إنكار أن الحرب على سورية التي كانت رأس الحربة لها الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها بالمنطقة “إسرائيل”الصهيونية وفرنسا وبريطانيا وشركاؤها من الأتراك وبعض القوى الصغيرة والأدوات الأخرى بالمنطقة، قد ساهمت بشكل كبير بمرحلة ما في إضعاف الدولة السورية، وقد كادت كثافة الضغط على الدولة السورية أن تؤدي إلى إسقاط الدولة السورية ككل بحالة الفوضى، لولا حكمة العقلاء الوطنيين من الشعب السوري بغض النظر عن مواقفهم السياسية، وقوة وتماسك الجيش العقائدي العربي السوري، وقوة ومتانة التحالفات الإقليمية والدولية للدولة السورية مع “روسيا – إيران”، فهذه العوامل بمجموعها ساهمت “مرحلياً” في صد أجندة وموجات هذه الحرب الهادفة إلى إغراق كل الجغرافيا السورية بحالة الفوضى.

وكما أنه لا يمكن إنكار دور وحجم الهجمة الأخيرة على سورية بالتأثير في مجمل الوضع العام للمعادلة الداخلية السورية، وهنا لا يمكن كذلك إنكار حجم ودور الرد السوري العسكري والإعلامي السريع وبحرفية على هذه الهجمة للتخفيف من آثارها في المعادلة الداخلية السورية، فتسارع هذه الأحداث وتعدد جبهات القتال على الأرض والانتصارات المتلاحقة للجيش العربي السوري بمحيط دمشق وما يصاحبها من هزائم وانكسارات وتهاوي بعض قلاع المسلحين “المعارضين بحسب التصنيف الأميركي”، سيزيد بشكل واسع من ثقة المواطن السوري بدولته ونظامه وجيشه.

كما أنه في هذه المرحلة تحديداً لا يمكن إنكار حقيقة أن حرب أميركا وحلفائها على سورية ما زالت مستمرة، ولكن مع كل ساعة تمضي من عمر هذه الحرب فإن أميركا وحلفاءها يخسرون أكثر مما تخسر سورية بهذه الحرب، والأميركيون يدركون هذا ويعرفون أن هزيمتهم في سورية سيكون لها مجموعة تداعيات مستقبلاً، فاليوم أميركا مجبرة على استمرار حربها على سورية إلى أمد معين ولكن لن يطول هذا الأمد، فهي اليوم بين خيارين لا ثالث لهما، إما الحرب العسكرية المباشرة بسورية، أو الاستدارة بموقفها بشكل كامل للتفاوض العلني مع الدولة السورية، وبالخيارين كليهما أميركا خاسرة، وهذا ما يؤكد أن الصمود السوري على مدى أربع أعوام قد وضع أميركا بأزمة حقيقية وحالة غير مسبوقة من الإرباك بالسياسة الخارجية للإدارة الأميركية، وهي أزمة ستكون لها تداعيات مستقبلية وستطيح بكل المشاريع الصهيو – أميركية الساعية إلى تجزئة المنطقة ليقام على أنقاضها مشروع دولة «إسرائيل» اليهودية التي تتحكم وتدير مجموعة من الكانتونات الطائفية والعرقية والدينية التي ستحيط بها بحسب المشروع الأميركي.

ختاماً، إن صمود سورية اليوم عسكرياً، ودعم حلفاء سورية لها اقتصادياً بعشرات المليارات من الدولارات التي بدأت بالتدفق أخيراً إلى سورية، وتوسع الجيش العربي السوري بعملياته لتحرير الأرض مدعوماً ومسنوداً من قاعدة شعبية تمثل أكثرية الشعب السوري، هذه العوامل بمجموعها ستكون هي الضربة الأولى لإسقاط أهداف ورهانات الشركاء بالهجمة الأخيرة على سورية، وبحسب كلّ المؤشرات والمعطيات التي أمامنا فاليوم ليس أمام الأميركين وحلفائهم ومهما طالت معركتهم وحربهم على سورية إلا الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سورية، والمطلوب منهم اليوم هو الاستعداد والتحضير لتحمل كل تداعيات هذه الهزيمة وتأثيرات هذا الفشل عليهم مستقبلا.

*كاتب وناشط سياسي – الأردن.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.