سورية لا تستسلم… تنتصر أو تموت / د.خيام الزعبي

 

د.خيام الزعبي ( سورية ) الأحد 14/6/2015 م …

لم أكن أعتقد يوماً أن سورية بمنأى عن مخطط يتم بأصابع داخلية وتحركها، بقيادة من الخلف، قوى صهيو-أمريكية مع تحالف متآمرين حاقدين إقليميين ومحليين، وأشرت لذلك  في مناسبات عدة، متمني بنفس الوقت أن تكون قراءتي مخطئة، لكن من يتابع مجريات الأحداث عن كثب، ويقرأ على ضوء ما يحصل في سورية لا يمكن إلا أن يربط ذلك مع إستراتيجية المتربصين الرامية الى تمزيق البلاد أرضاً وشعباً، والتي لا يخفونها قولاً وكتابة قبل أن يحولوها لعمل في وضح النهار، لذلك تعرضت سورية لأحداث إرهابية كبيرة، إستهدفت ضرب إستقرارها الأمني والإقتصادي والإجتماعي وإزدادت ضراوتها وشراستها بعد عام 2011.

ما تمر به سورية اليوم من أزمات داخلية وخارجية وإرهاب مدعوم من أطراف دولية غربية وعربية جعلت الكثير من الحقائق تظهر إلينا في العلن لنعرف من عدونا ومن هو الصديق، والمصيبة الأكبر أقولها مع الأسف ليسوا فقط الغزاة الذين يتربصون بنا خارج حدودنا وإنما أعداؤنا من أبناء جلدتنا الذين يحملون سكاكين الغدر والخيانة، فالجميع يعلم جيداً أن تنظيم داعش صناعة أمريكية إسرائيلية يمهد لتقسيم الشرق الأوسط، باستخدام تكتيك رفع الدين شعاراً له لتنفيذ مخططاتهم، هذا ما نشاهده اليوم من خلال دعم بعض الدول الإقليمية والدولية للتنظيمات المتطرفة في سورية ومساندتها بالمال والسلاح لتنفيذ مخططاتهم لرسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، ولذلك منذ أن بدأ ما يسمى بالتحالف الدولي غاراته الجوية على داعش في سورية لم يحرز تقدما يذكر، مقارنة بما يفعله الجيش السوري على أرض الواقع، ومقاومته للتنظيم المتطرف، فهناك دلائل ومعطيات تشير لتورط الولايات المتحدة والتحالف فى مساعدة داعش في سورية  ودعمه بالأسلحة المتطورة لمحاربة الجيش السوري.

الكل يعرف أن المؤامرات ضد سورية لم ولن تتوقف، وما جرى في سورية من تدمير ممنهج كان هدفه الوحيد تدمير الجيش السوري كهدف أساسي لكل ما جرى لأن تدمير الجيش يؤدي مباشرة الى نهاية كيان الدولة السورية، لكن مع ذلك نقول إن سورية ليست كباقي الدول التي اسستسلمت لهذه المؤامرات، وشعبها لا يمكن مقارنته بباقي الشعوب الأخرى، فإذا كانت تلك الدول قد نجحت في جعل ليبيا وغيرها دول مضطربة ويحكمها عصابات، فإنها لن تنجح مرة أخرى مع سورية لأن سورية منذ البداية فهمت اللعبة وأدركت بحس أبنائها الشرفاء، أن هناك من الدول من لا يريد لها الخير والتقدم والتنمية، لذلك نجدهم يفتعلون الأفاعيل من أجل إجهاض أي تقدم يمكن أن يسير بسورية في اتجاه بناء دولة حديثة، تحترم حقوق شعبها ونتقل بهم إلى بر الآمان، في هذا الإطار يمكنني القول إنه مخطط خبيث تقوده أمريكا, وتلعب على أكثر من حبل, تارة تراها تدعي أنها تقاتل داعش، وتارة تجدها تمد يد العون لهم, وتجد أن مخططها ينفذ بدهاء عندما أطلقت داعش, وبدأ ينهش بلدنا, ويشوه إسلامنا, وعادت لتقول أني سوف أحميكم, وفي الحالتين هي المستفيدة, ونحن الخاسر الأكبر, وفي هذه اللعبة فإن الشعب على دراية تامة بهذا المخطط الأمريكي, وزراعتها لداعش التكفيري في المنطقة, للوصول الى الغاية المرجوة, وهي تقسيم سورية طائفياً وإضعافها في المنطقة.

اليوم يتحمل الجيش السوري مسؤولياته لحماية بلدنا، ويحصن سورية في مواجهة التكفيريين, ويقوم بكل ما من شأنه أن يجعل بلدنا قوياً وعزيزاً وعصياً على كل التهديدات والأخطار التي تواجهه، إن المحاولات الخائبة التي تقوم بها أمريكا وعملاؤها المحليون والدواعش وأعوانهم وأعداء الدولة السورية لن تنجح في ثني الجيش السوري عن أداء واجباته لغاية تحرير آخر شبر من أرض سورية، وأن الشعب السوري المؤمن مستعد لأن يوفر للجيش كل مقومات إستمراره، كونه هو خيارنا الأوحد وأملنا في تحقيق الأمن والإستقرار للوطن والمواطن السوري.

في سياق متصل إن المشهد الذي تشهده دول المنطقة تؤكد بما لا يدع مجال للشك بأن المشروع الأمريكي “الشرق أوسط الجديد” يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب دمشق، وأدلة الفشل على ذلك كثيرة، بدءاً بسقوط وفشل جميع العمليات الإرهابية التي جرت وتجرى داخل سورية في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية، وأن مشروع تقسيم سورية تحت وهم إرساء الديمقراطية قد إنهار بعد أن إنكشفت كل خيوط اللعبة ورأى العالم ما يجري في العراق وليبيا واليمن من مجازر ودمار، لذلك فإن الجيش السوري يحقق إنتصارات قوية على أرض الواقع، أن هذه الإنتصارات والهجوم الذي ينفذه الجيش هو بمثابة بارقة أمل لإقتلاع جذور الإرهاب التى تجتاح البلاد رغم الصعوبات النفسية التى لا تزال تواجه الجيش السوري متمثلة فى عمليات القنص والألغام والعمليات الإنتحارية التى يلجأ إليها داعش.

حتى نقضى على الارهاب نهائياً بلا رجعة، وهنا يجب أن نتكلم بصراحة عن الدور المفقود لأجهزة الدولة فمن غير المنطقي أن يتحمل الأمن مشاكل وتقصير كل الوزارات فى أداء عملها، فالتساؤل الذي يثار هنا أين وزارة الثقافة والتربية والتعليم ومديرياتها المنتشرة فى كل المدن السورية؟ أين وزارة الأوقاف ومساجدها المنتشرة فى كل شوارع  سورية؟، هذه الوزارات الأربع ميزانيتها تتعدى مئات المليارات أين دورها فى مكافحة الإرهاب، وعليه لا بد من تحديد الأولويات في الوقت الراهن وهو ضرب الإرهاب بكل القوة التي يملكها الجيش السوري لذلك توجب على سورية إن أرادت ربح معركة الإرهاب أن تساهم فعلياً في هزيمته في العراق ومصر وليبيا ومحاولتها إخراج تركيا و بعض دول الخليج من المعادلة السياسية، أملنا هنا أن يتوقف نزيف القوى الحية وتنتصر سورية على المخططات التدميرية التي تتربص بها لتبقى نموذجاً ناجحاً يهتدي به العالم، ويعود أبنائها إليها وإلى أنفسهم للمشاركة في بنائها والعيش الكريم في أرجاءها.

وأخيراً يمكنني القول إن سورية ستبقى صامدة بوجه الإرهاب الدولي والإقليمي من جهة، وبوجه الإرهابيين والقتلة من جهة ثانية مهما طال أمد الازمة، وما يؤكد إستطاعة سورية على الصمود بوجههم، هوإستعادة الجيش السيطرة على كثير من الأراضي التي إحتلها تنظيم داعش والمجموعات الأخرى، فكل هذه الحوادث لا تهز الدولة السورية لأن للدولة السورية مواقف في التاريخ، فيها إنتصارات باهرة مسطرة بأحرف من نور، ومن لا يعلم هذا يرجع للتاريخ، فيجد آلاف المواقف الوطنية والقومية، توضح له بأنه أمام دولة كالجبال، هدفها الرئيسي الدفاع عن الوطن، بإختصار شديد… إنها سورية وستظل دائماً رغم أنف كل حاقد أو حاسد أو مستغل مدفوع من خصومها سواء بالداخل أو الخارج، وستظل دائماً فوق الجميع وللجميع، بالتالي من مصلحة العرب جميعاً أن تنهض سورية وتتعافى كي تمارس دورها التاريخي في حفظ الأمن القومي العربي وإحباط كل المخططات التي تستهدف تفكيك الإقليم العربي الى أقاليم تمهد الطريق لإعادة الهيمنة على المنطقة العربية.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.