ما قبل عاصفة ادلب.. النهاية و خواتيمها السياسية / أمجد إسماعيل الآغا

 أمجد إسماعيل الآغا ( سورية ) السبت 8/9/2018 م …




مشهدية جديدة ترخي بظلالها على مسارات الحرب في سوريا ، ادلب التي  تبدأ معها مرحلة العد العكسي نحو خواتيم الحرب على سورية ، و لتكون ادلب بذلك المعبر الاخير سياسيا لكافة الفاعلين في الازمة السورية ، لكن لابد من لمسات أخيرة بقيادة روسيا و بإشراف و موافقة دمشق ، و عليه تحركت موسكو للتنسيق مع تركيا ” المُكرهة ” وسط انعدام الخيارات ، و هذا ما يدركه اللاعبان الروسي و الايراني فيجهدان في إعادة تموضع تركيا حيال الأزمة السورية ، و من المؤكد أن الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف إلى أنقرة تُفسر المسعى الايراني و الروسي ، و بالتوازي وصل وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو بذات التوقيت الذي اعلنت به الفصائل المسلحة رغبتها الحوار مع دمشق ، ما يفسر ايضا زيارة الجبير الخاطفة إلى موسكو ، لإيصال رسائل مفادها الاستعداد لإقفال ملف ادلب سياسيا ، ضمن هذا المشهد الذي يعكس السباق المحموم لكافة الأطراف ، نشاهد حراكا سياسيا روسيا و ايرانيا و تركيا للتوصل إلى صيغة سياسية لإخراج إدلب من مأزق سببه الإرهابيين و داعميهم ، لكن مع التأكيد على أن الصيغة السياسية لن تكون إلا بتوقيت دمشق ، هنا لا ننسى في تفاصيل المشهد السابق ما تريده واشنطن في ادلب ، و التي تسعى لعدوان جديد ضد سورية تحت ذريعة السلاح الكيماوي ، فالمسرحية الامريكية المرتقبة حذرت منها موسكو ، التي اوصت بضرورة القضاء على ألاف الإرهابيين في ادلب ، ليطل دي مستورا و يدلي بدلوه أيضا لجهة الاسراع بحسم ملف ادلب سياسيا مُبديا خوفه حول مصير المدنيين ، و متناسيا الفصائل الجهادية الارهابية ،  كل هذا و لسان دمشق و موسكو يحذر الجميع من اللعب بالنار .

 

 

” في ادلب .. تدور الرحى سياسيا في انتظار الطحن العسكري ”

في مشهد مغاير لخطوات موسكو السياسية ، يسعى الغرب و عملاؤه الاقليميون إلى تقويض الانتصارات السورية بالوسائل كافة ، بعدما باتوا اليوم أمام طريق مسدود كنتيجة طبيعية و منطقية لما حققته الدولة السورية سياسيا و عسكريا ، لكن يبدو بأن خطوات الغرب محدودة في ظل التغير الملحوظ لجهة السياسات التركية المتوافقة ” ظاهريا ” مع الموقف الروسي و الايراني ، إضافة إلى مواقف المعارضة السورية المندفعة نحو المساهمة الفاعلة في محادثات أستانا لتسوية الأزمة السورية ، و بالتالي فإن الغرب لا يملك الكثير من الخيارات لإيقاف قطار الحل السياسي المنطلق من موسكو ، و عرقلة مسيره قبيل وصوله إلى دمشق يحمل الانتصارات ، فالغرب لا يملك إلا ورقة السلاح الكيماوي المفترض ، ليشكل ذريعة تضمن للغرب الخروج من مأزق سوريا ، فالسعي السوري لإعادة ادلب قطع اشواطا كثيرة ، و بات تحقيق النصر النهائي قريبا دون الرضوخ إلى التفاصيل السياسية الحاكمة لملف ادلب ، و عدم الرضوخ السوري مرده إلى الانتصارات الكبرى التي تحققت في الجنوب و الغوطتين .

في جانب أخر ، تسعى أمريكا لمضاعفة التحركات استباقا للخطوات السياسية الروسية و التركية و الإيرانية ، فواشنطن تدرك بأن الرحى السياسية الدائرة ستكون في النهائية لصالح دمشق ، و إن لم تفلح فالطحن العسكري سيكون عنوان المشهد القادم في ادلب ، لذلك ما تم كشفه من تقارير ارتبطت بأمريكا و فرنسا و بريطانيا ، نيتهم بالترويج لسيناريو “الهجوم الكيمياوي” المزيف كي تعيد الكَرة في تأخير حسم ملف ادلب ، إلى جانب ضرب البنى التحتية الاقتصادية والمراكز الحكومية في سوريا ، لكن نلاحظ بأنه من مجموع هذه الاحداث يمكن التوصل الى نتيجة انه في ظل الظروف الراهنة ، فقد انتاب الغرب بزعامة الامريكيين خوف شديد من استعادة دمشق السيطرة على محافظة ادلب بوصفها المعقل الاخير للجماعات الارهابية وحسم المعركة ضد الارهاب في سوريا ، وانطلاقا من ذلك فقد قررت واشنطن التدخل للحيلولة دون تمكين دمشق من استعادة ادلب ، لكن في مقابل الرهانات الامريكية يؤكد المراقبون ان واشنطن خسرت الكثير من اوراقها في سوريا ، لا سيما بعد سيطرة تنظيم احرار الشام الارهابي على غالبية محافظة ادلب ، ما يضفي شرعية للعمل العسكري السوري ؛ شرعية متفق عليها امميا باعتبار تصنيف احرار الشام منظمة ارهابية ، فضلا عن بوادر لخسارة أمريكية جديدة تلك المتعلقة بالورقة الكردية ، فرغبة الاكراد في التوصل إلى اتفاق مع دمشق سيعزز انكسار واشنطن ، و للتذكير فقط بأن السيناريوهات الامريكية السابقة بشان الهجوم الكيمياوي من ” جانب دمشق ” علی (خان شيخون، ودوما) وما تبعه من عدوان غربي على مقرات الحكومة السورية بذريعة استخدام السلاح الكيمياوي، فقد اشارت تقارير أممية إلى أن دمشق و تحت اشراف الامم المتحدة قد دمرت مخزونها من السلاح الكيمائي ، تزامنا مع تقارير اممية أكدت وجود مصانع تعود إلى الجماعات الارهابية لإنتاج الاسلحة الكيمائية ، و هذا حقيقية ما تم كشفه إبان تحرير الغوطة الشرقة لدمشق .

 

” في المحصلة .. لا طائل من سيناريوهات الغرب ”

وفي ضوء ما تقدم ، تجدر الاشارة الى أن واشنطن وحلفاءها الذين فشلوا في وقت سابق من تحقيق مآربهم في تغيير معادلات الحرب داخل سوريا، ستبوء محاولاتهم الاخيرة ايضا بالفشل وسيكون النصر النهائي من نصيب الجيش السوري وقوات المقاومة حتما ، فللحكومة السورية اليد الطولى في الجغرافية السورية ، و لن تفلح واشنطن و عملاؤها الاقليمين من تغير خارطة سيطرة دمشق ، فالنقطة الأخيرة في سيناريو الانتصار السوري ستكون بقلم .. الرئيس الأسد .

كاتب و إعلامي سوري

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.