رسالة مفتوحه إلى المعارضة السورية.. اهجروا كل العواصم واتجهوا الى دمشق




كمال خلف ( فلسطين ) السبت 8/9/2018 م …

اعرف انه من الظلم أن اضعكم جميعا في سلة واحدة، فبعض الشخصيات عارضت بالموقف السياسي وهذا حق لكل إنسان على وجه الأرض، والبعض الآخر أدرك أن الذهاب إلى السلاح والدم خطأ، بل كارثه وهذه الاصوات كانت خافته ومهمشة و متهمة . والبعض جنح للإصلاح الهاديء وهؤلاء جرى تخوينهم ولاحقا تدجينهم ضمن الحملة الجارفة. وأزعم أنني اعرف هذه النماذج التي ذكرتها بالأسماء .

ولكن صدارة المشهد كانت لمجموعة راكمت الأخطاء بعيون مفتوحه، حتى وصلت إلى هذا الحال اليوم، من الضعف والتهميش و انفضاض الجميع عنها . فهل مازلتم تفكرون بنفس الطريقة والأسلوب متوقعين نتائج مختلفة ؟! . عليكم التحلي بالشجاعة والأعتراف بخطا التجربة.

لا أعرف بالضبط أيها المعارضون السوريون لماذا رفضتم حزمة الإصلاح التي تقدمت بها الحكومة السورية في أول أيام الأزمة ومن بينهما إلغاء المادة الثامنة من الدستور والتي تعتبر حزب البعث الحزب القائد للدولة والمجتمع، إعرف الجواب انتم لا تثقون بالسلطة، حسنا !

لماذا لم تقبلوا وتختبروا النوايا ؟!، وبعدها وتقرروا؟ . لماذا لم تضعوا السلطة أمام محك تحقيق ما أعلنته حينها؟!. بالطبع البيئة السياسية في العالم العربي وقتها كانت طموحه بالنسبة لكم، وكنتم تعتقدون أن النماذج الآخرى التي حصلت في مصر وتونس و والاخص ليبيا سوف تتكرر في سوريا لا محالة، لا تلامون على سوء تقديركم، فدول وقادة في العالم والإقليم تساوقوا معكم في هذا التقدير وأعتقدوا أن النظام سيسقط في غضون أسابيع . وهذا كان جهل بحقيقة الأمور وتعقيدات الحالة السورية، التي أفضت فيما بعد إلى المشاركة الايرانية وحزب الله ولاحقا روسيا . وإلى عجز القوى التي رمت بثقلها خلفكم وهي أكثر بكتير بالعدد والعدة والإمكانات من حلفاء القيادة السورية .

ثم لماذا تبنيتم خطابا معاديا لحزب الله وإيران من الأيام الأولى، في الوقت الذي لم تكن فيه هذه القوى قد قررت بعد مشاركة من أي نوع، بل لم تعلن موقفا سياسيا مما يجري، هل أورد امثلة لحك الذاكرة ؟؟ تذكروا أن تهديدكم حزب الله سبق دخوله إلى سوريا في عام 2013، تذكروا أن الكثيرين منكم ادعى وشهد أن مقاتلين يتكلمون الفارسية شاركوا في قمع تظاهرات في الأشهر الأولى، في درعا ودمشق وحمص” ارجعوا إلى الأرشيف”، ولم يكن وقتها جندي ايراني واحد في سوريا . هل هذا كان تكتيكا إجباريا لجلب الدعم الدولي والأمريكي على وجه التحديد تيمنا بالتجربة الليبية اللامباركة ؟! .

ثم ذهبتم إلى التسليح و تلقي التمويل، لا أحد يستطيع أن ينكر منكم انه استمع الى مقابلة الشيخ “حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني” على شاشة” بي بي سي” ومثليتها على شاشة تلفزيون” قطر الوطني “، حيث كشف بشجاعة وصراحة حجم الأموال، وكشف عن قيادة بلاده للحملة على النظام السوري ومن ثم انتزاع السعودية للقيادة مما أدى” افلات الطريدة” على حد وصفه . رضيتم بلعب الدور المطلوب دون أن يكون لكم رأيا مستقلا أو رؤية مختلفة لمستقبل بلادكم .

لماذا استسلمتم للخطاب الطائفي المقيت، ومارسه اغلبكم، على الشاشات، وحولتم قضيتكم إلى حالة دينية اسلامية تقوم على أحقية أهل السنة بالحكم والسلطة، بدلا من انتهاج خطاب متماسك يبشر بالحرية والتقدم والديمقراطية والعدالة و احتضان الجميع . وصفقتم لفصائل متطرفة باغلبها وهي تدخل القرى والمدن، وتخضعها لحكم شرعييها، وأطلقتم عليها اسم مناطق محررة . هل كان هناك منطقة محررة واحدة فقط لا يحكمها الشرعيون، ممن جلدوا الناس بسبب علبة سجائر؟؟ بعد أن ذبحوا الرجال من الطوائف الأخرى واخدوا النساء والأطفال كرهائن أو سبايا .

غطيتم الإرهاب الذي تسلل بين صفوفكم . ألم تنكروا وجوده بدلا من إدانته والتبرؤ منه، ألم تقولوا أن وصول النصرة و داعش ومتطرفين من أصقاع العالم إلى سوريا هو مجرد دعاية للنظام، من أجل تشويه سمعة الثورة، وأن لا جود لهم في سوريا . حتى صارت لهم الكلمة العليا، وابتلعوا فصائلكم، وما تبقى لكم من نفوذ .

ألم تركبوا احصنة الاساطير كتلك التي تقول ان الرئيس الأسد يقبع على متن السفينة الحربية الروسية وليس في بيته . وتلك التي تدعي أن الملائكة تقاتل مع المجاهدين في حلب . ألم تشجعوا خطابا يقول ” طرق الطناحر ليلا يسهم في إسقاط النظام” و” فرم العلويين بفرامة اللحم” كما هو مسجل وموثق في مقابلات الداعية” عدنان العرعور “على قناة “وصال”، وهو رجل جاهل جعلتم له مكانة عظيمة بينكم . هل طلبتم من الحلفاء الغربيين أو العرب دعما لمحاربة الداعية السعودي عبد الله المحيسني، الذي سرق اطفالكم من حضن امهاتهم ولفهم بالأحزمة الناسفة أمام عدسات الكاميرا وإرسلهم للموت طلبا للحوريات ؟؟، هل خلعتم احذيتكم ورميتموها في وجه البعض منكم ممن ذهبوا إلى إسرائيل وتفاخروا بعلاقتهم معها؟؟ .

بدلا من ذلك كنتم تفركون اكفتكم فرحا وغبطة وحماسة، كلما لاحت نوايا أمريكية لضرب بلادكم، وهذا أدى إلى هوة كبيرة بينكم وبين الشعب السوري، الوطني القومي صاحب التاريخ الناصع في مقارعة الاستعمار و الهيمنة الأمريكية، بررتم الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، وبدلا من رفع الصوت لادانتها بغض النظر عن خصومتكم مع النظام الحاكم، ذهبتم إلى الإستهزاء بجيشكم، والتشفي به .

إن نهجكم محير، واختلافاتكم طغت على المشهد السياسي السوري حتى يأس منها كل الداعمين لكم والمراهنين عليكم، وحتى قواعدكم الشعبية انفضت عنكم .

لهذا السبب عليكم أن تطلقوا الآن وفورا، مراجعة شاملة للتجربة كلها، وأن لا تجاملوا تاريخكم، وخطاياكم، وأن تدرسوا الوقائع الراهنة، وتبنوا خطابا يتبرأ من كل هذا الماضي . وسياسية تنبذ هذه السلوكيات . وإن ترموا يمين الطلاق البائن على الرهان الخارجي، ردكم على كلامي معروف سلفا بالنسبة لي، بقدر ما تكرر . ستقولون هذه ثورة سليمة رائعة والنظام هو المسؤول عن كل شيء . ما أسهلة من دفوع.

آن الأوان لتحطموا اوثانكم وان تحرقوا خشب هياكلكم لانها ببساطة لم تعد تملك هالة القداسة، آن الأوان للثورة الحقيقية على الأساطير المؤسسة والنصوص المقدسة . . عليكم أن تكونوا شجعان وتعلنوا بشفافية أين اخطأتم وما هو السبيل الأجدى لتدارك هذه الأخطاء خدمة لسوريا، ووقفا للدماء والعذابات، وإذا كان ثمة مشكلات في بنية النظام السياسي الراهن في سوريا، فليكن نضالكم سلميا وصادقا بانتهاج سياسية مد اليد للإصلاح . لا أعتقد أن الحكومة أو القيادة السورية هي من انتصر في الحرب الحالية، الانتصار على الإرهاب هو انتصار لسوريا التاريخ والمستقبل، الانتصار هو لوحدة التراب السوري، على مشاريع التفتيت والتقسيم، هو إنجاز للجميع مولاة ومعارضة .

لذلك .. اهجروا كل العواصم واتجوا إلى عاصمتكم دمشق .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.