سورية المتجددة .. وثقافة ” فن الحياة ” / عبد الحفيظ أبو قاعود
عبد الحفيظ أبو قاعود* ( الأردن ) الأحد 9/9/2018 م …
*رئيس تحرير ” الأردن العربي ” / صحافيّ وباحث سياسيّ
المشروع التكفيري الإرهابي في المنطقة والإقليم ينفذ بالتعاون مع الحليف الغربي المتصهين بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وبالتنسيق مع منظومة التحالف الأمني الإقليمي المنضوية في المشروع الاستسلامي ، وهو؛ احدى الادوات الرئيسية في تنفيذ مؤامرة الحرب الكونية على سورية، من سورية ؛ الذي بات يلفظ انفاسه الاخيرة في مراحله النهائية بالنصر العظيم للجيش العربي السوري بقيادة الرئيس المجاهد الدكتور بشار حافظ الاسد .لتضع الحرب اوزارها .
فالمشروع ذاته بأبعاده السياسية والأمنية والعسكرية يتقاطع في أهدافه وبرامجه وآلياته مع المشروع الاستراتيجي للأمة في إقامة قواعد التشبيك الاقتصادي والاندماج السياسي والتكوين المجتمعي لمحور المقاومة، للتصدي ومواجهة مؤامرة الحروب الاحتلالية والكونية ،التي استهدفت إدامة الاشتباك العسكري والاستخباري الأمني في المنطقة لأشغال مكونات الاقليم بصراعات حدودية وهامشية والانصراف عن الصراع الوجودي مع المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة .
المشروع “الإرهابي التكفيري”، الذي تبنته حركات الاسلام السياسي وجد في إطار الأهداف الاستراتيجية للخطة الجيو- سياسية «الاسرائيلية»، في جانبها السياسي، إذ شكلت اتفاقية «كامب ديفيد» أولى حلقاتها التآمريه ، واستهدف بَلقنة المنطقة وتفتيتها وتقطيع أوصالها لخدمة المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة، ومنع إقامة دولة اتحادية مركزية عملاقة في بلاد الشام وارض الرافدين، والمحافظة على أمن «إسرائيل» وتأمين المصالح الغربية في المنطقة.
الخطة الجيو- سياسية «الاسرائيلية»، أعدت فصولها وعناصرها حكومة الإرهابي أسحق رابين عام 1976 وبدأ تنفيذها في شقيها السياسي والجغرافي ، وتمكنت الخطة من احتواء المشروع التكفيري الإرهابي في إطارها في مراحلها اللاحقة عبر التحالف الأميركي مع تنظيم «القاعدة» لتحرير أفغانستان من الاتحاد السوفياتي ، وإنشاء منظومة التحالف الأمني الإقليميفي اطار معاهدة التعاون الاستراتيجي الامريكية الاسرائيلية في العام 1988 .
فالمحور الأساسي للجغرافية السياسية للبلاد العربية يتركز ويتمثل في المثلث الذهبي : مصر، بلاد الشام، العراق. فبلاد الشام في سائر تفاصيل تضاريس هذا الجغرافيا ، هي؛ قلبه ، وفي حال التكوين يشكل العراق ومصر الجناحين الرئيسيين للمشروع. لكن مصر خرجت مبكراً من معادلة الصراع العربي «الاسرائيلي» الى أجل غير مسمى. لكن استدارة عجلة الزمان الطبيعية كفيلة بعودة الأبن الى حضن أمه الدافئ في وقت غير بعيد،
الرؤية الاستراتيجية لمستقبل «سورية المتجددة» السياسي من دون الربط الاستراتيجي مع العراق، والربط بينهما، ومن دون الترابط مع لبنان والأردن وفلسطين، مجرد أوهام وأفكار نظرية غير قابلة للتطبيق تتداولها النخب والأحزاب السياسية ترفاً في مرحلة الإصلاح العام في الوطن العربي.والعودة الى المربع الاول وللخلف در .
إن استكمال مشروع تطور «الأمة» الاقتصادي، وتقدمها الفكري والثقافي، يتطلب توافر الأسباب الموضوعية والعوامل المساعدة للانتقال من مرحلة النمط االريعي الاستهلاكي إلى النمط الانتاجي الرأسمالي، وتطوير قواعد التشبيك الاقتصادي بين عناصر المشروع في بعده الاقتصادي والتنموي من خلال تبني خطة اقتصادية شاملة تتلازم مع مرحلة التناوب السلمي على السلطة ” المرحلة الاولى” للوصول الى البعد السياسي الاجتماعي “العقد الاجتماعي” لـ «دولة عملاقة» في بلاد الشام وارض الرافدين.
فالخطة الجيو- سياسية «الاسرائيلية» في جانبها الجغرافي استهدفت في الجانب السياسي ان يتولى هنري كيسنجر اقناع السادات بالتسوية مع إسرائيل ؛ الارض مقابل السلام ” كامب ديفيد وملحقاتها ، واما الجانب الجغرافي استهدفت ؛أقامه شريط من المستعمرات العسكرية يمتد من بيسان شمالاً مروراً بطوق المستعمرات حول القدس المحتلة ، الى عين جدي جنوباً، ويضع غالبية مدن الضفة الغربية المحتلة وقراها بين فكي كماشة القطاعين ذات الأغلبية من اليهود في فلسطين المحتلة، للإبقاء على وضع »القدس الكبرى» كعاصمة للكيان الصهيوني في وسط الكيان ،وعاصمة ليهود العالم، وليس على هامشه، مثلما كانت في حدود عام 1948، وهذا سر مطالبة حكومة الارهابي نتنياهو بغور “الأردن الغربي ” ضمن السيادة «الاسرائيلية» في صفقة العصر خوفاً من إحياء الجبهة الشرقية ، كي لا تؤخذ «اسرائيل» على حين غرة، مثلما أخذت في حرب تشرين 1973، حيث حطم الجيش المصري خط بارليف.
لقد استكمل الجانب الجغرافي من الخطة بالعام 2016
حين اصبح عدد المستوطنين الصهاينة في هذا الشريط مليون مغتصب بهد اربعين عام من التنفيذ ،وهي ؛ المنطقة “ج” الموصوفة في اوسلو.
واصبحت القدس المحتلة ضمن الخطة ” القدس الكبرى ” عاصمة إسرئيل وسط الكيان وليس على هامشه، وعاصمة ليهود العالم وفق التشريعات الاسرائيلية “القانون المعدل من الكنيست “، وهي؛ المنطقة “ب” من اراضي الضفة الغربية المحتلة وفق اتفاق اوسلو 1993. هذه حقائق على الارض ، وهي المناطق التي ستبدل بأراض في صفقة العصر ,
مشاريع الخطة الجيوسياسية المشار اليها اعلاه ، انتهت قيام دولة فلسطينية بحدود 1967، وحق العودة ، لان وعد اوسلو اعترف بيهودية الدولة دون الاعتراف بالمقابل بدولة فلسطينية بحدود 1967. أي بموجب هذا الاعتراف تكون قيادة فتح قد ارتكبت خطيئة جديدة بحق عرب فلسطين مما حدا بالادارة الامريكيةبالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لاسرائيل ونقلت سفارتها الى القدس المحتلة ، تحت صمت عربي رسمي .
فالواقع والوقائع على الارض تشير الى انه لا يوجد اراض متصلة مع الاردن يقام عليها دولة لفلسطين المستقلة كما وردت بيان الجزائر 1988. فدولة فلسطين في صفقة العصر ، هي ؛ الحقوق المنقوصة التي تتحول “الكاملة ” في “الاردن الكبير” الذي يتحد مع امارة غزة لاحقا . هذه ، هي ؛ صفقة العصر مشروع تصفية قضية فلسطين على حساب مستقبل الاردن السياسي .
لكن بشائر النصر السوري العظيم على المشروع التكفيري ؛ سرعت خطوات تنفيذ صفقة العصر لخلط الاوراق ، فكانت خطوة ترامب بنقل السفارة الى القدس؛ الاولى من الصفقة ، والمفاوضات الجارية في واشنطن وعواصم في الاقليم حاليا على الخطوات اللاحقة من صفقة القرن.
تبقى سورية قلب العروبة النابض تقلب الطاولة على رؤوس اصحاب الصفقة وادواتها الاقليمية بعد الانتهاء من المواجهة مع المشروع التكفيري الإرهابي المنوحش في الإقليم والمنطقة والقضاء عليه نهائيا ، الامر الذي يحتاج العرب الى تكوين دولة عملاقة تتبنى مشروع استراتيجي مواز له في القوى ومعاكس له في الاتجاه ،ويمتلك أدوات المواجهة الكبرى والتوازن الاستراتيجي الكاسر مع اعداء الداخل والخارج لحسم معركة تحرير الأرض والإنسان العربي.
الخلاصة والاستنتاج؛
– المشاريع النهضوية العملاقة تحتاج الى زعامة قومية عملاقة ذات رؤئ وتفكير استراتيجي مكين ، لان هناك حلقات و عناصر مترابطة ومتلازمة لمكوناتها للسير في الاتجاه الصحيح في عملية التنفيذ حتى لا تقع في اسباب الفشل ، كما حصل للبرنامج الناصري ومشروع صدام النهضوي في العراق ، اللذين افتقرا الى علوم ثقافة” فن الحياة ” الدولة المدنية الديمقراطية المنتجة العملاقة .
– تبني» سورية المتجددة» المشروع الاستراتيجي الإقليمي وقيادته ، للاندماج السياسي والتشبيك الاقتصادي لمواجهة الاثار السلبية لمخرجات ” حركة الاستشراق ” الغربية المتصهينة ، التي كان المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة في الالفية الماضية ،والمشروع التكفيري الارهابي المتوحش في الالفية الجديدة احدى ادواتها لتدمير دول المثلث العربي الذهبي الجاكمة ؛ العراق وسورية ومصر للقضاء على الحلم العربي في الوحدة والتحرر.
– الحالة السورية المتجددة ؛ توجب اخذ زمام المبادرة في قيادة الامة للانعتاق من التبعية الاستعمارية المتوحشة ، والانضمام الى طاولة الكبار في رسم معالم نظام دولي متعدد الاقطاب والثقافات ،باعتبارها نقطة ارتكاز بيكار النظام الدولي متعدد الاقطاب والثقافات ، ليرث نظام القطبية الاجادية المتوحش .وتكون سورية وقيادتها المجاهدة قد خطت خطوة من ضمن خطوات ولوج الأمة الدورة الحضارية الإنسانية الثالثة ، لأنها اصبحت نقطة ارتكاز بيكار العالم في تحديد توازناته الدولية والاقليمية لصياغة نظام دولي جديد متعدد الاقطاب والثقافات ،والضلع الاساس في محور المقاومة لتحرير الأرض والانسان العربيين ، وانبتت ارضها زعامات قومية عملاقة للامة ذات التفكير الاستراتيجي في الادارة والحكم ذات الابعاد الاستراتيجية.
– مشروع أقامه دولة مدنية ديمقراطية عملاقة في بلاد الشام تتناوب مكوّناتها السياسية وقواعدها الاجتماعية السلطة سلمياً وفق ثقافة ” فن الحياة ” ؛ يشكل نقلة نوعية متقدمة ، بعد انجاز المصالحة الوطنية بين نسيجها الاجتماعي وتطهير الجغرافيا السورية من العصابات الإرهابية التكفيرية المرتزقة ، ومن السلاح غير المشروع في مرحلته الأولى ، والاعمارفي مرحلته الثانية ، لاستكمال مشروع التحرير للأرض والانسان العربي في فلسطين المحتلة في مرحلته الثالثة ، وذلك في اطار مشروع نهضوي عربي عملاق يقوده زعيم عروبي عملاق من كتلتها التاريخية ؛ يؤسس لحركة “الاستغراب” العربية لدراسة الاثار الايجابية والسلبية لمخرجات حركة “الاستشراق” الغربية على مستقبل العرب السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الماضي والحاضر والمستقبل. ليكون للعرب مكانا تحت الشمس في عالم متعدد الاقطاب والثقافات.
– وجوب تبني الزعامة الوطنية العملاقة في بلاد الشام لقيادة الامة العربية في زمن التحولات العالمية والاقليمية ، وانهيار النظام الدولي احادي القطبية ؛ ثقافة ” فن الحياة ” لتكون على طاولة الكبار للمساهمة في رسم مستقبل الانسانية في عالم متعدد الاقطاب والثقافات ،لان تعميق هذه الثقافة في المجتمع العربي خطوة اولى للنهوض في السلم الحضاري الانساني ، والجلوس على طاولة الكبار
– لقد وجدنا الزعيم الهندي الراحل غاندي ” قد ارسى ثقافة ” فن الحياة” في المجتمع الهندي ، والامام اية الله الخميني قائد الثورة الاسلامية الايرانية قد بنى في “المجتمع الفارسي”في ايران نظاما سياسيا عاموده ثقافة ” فن الحياة ” وسنامه المرجعية الالهية الدينية ،فجلست على طاولة الكبار 5+1.
التعليقات مغلقة.