كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني ( حنا غريب ) في الذكرى ال 36 لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في حولا

نتيجة بحث الصور عن جمول

حنا غريب  ( لبنان ) الإثنين 10/9/2018 م …
كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الرفيق حنا غريب في الذكرى الـ 36 لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في حولا




السادس عشر من أيلول يوم مجيد في تاريخ لبنان وتاريخ المقاومة. هو يوم انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي وبدء مسيرة التحرير، ستة وثلاثون عاماً مضت على هذه المناسبة التي نحتفل بها اليوم، تقديراً ووفاء لتاريخ حزبنا الثوري في اطلاق هذه الجبهة، ولقائدها الرفيق الشهيد جورج حاوي يوم خط بيده مع الرفيق محسن إبراهيم نداءها الأول من منزل القائد الوطني الكبير الشهيد كمال جنبلاط، معلناً الشعار الواضح والحاسم : “إلى السلاح، إلى السلاح تنظيماً للمقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الصهيوني…” وسريعة كانت الاستجابة، بكّرت رصاصات أيلول التي لم تخطئ هدفها، فانطلقت مباشرة إلى صدر المحتل ومرتزقته؛ وسريعةً كانت النتيجة، مع اعلان الهزيمة في مكبرات الصوت على وقع فرار جنود الاحتلال من أم العواصم العربية ونجمتها بيروت.

فتحية إكبار وإجلال إلى قوافل الشهداء الذين سقطوا على امتداد خريطة الوطن: من مقاومة موجات الهجرة لعصابات الهاغانا إلى فلسطين، إلى شهداء حولا وكل قرى الجنوب وشهداء القرى الجنوبية الأمامية الذين كانوا ولا زالوا رأس حربة المقاومة، إلى شهداء التصدي لإقامة الأحلاف الاستعمارية ومشاريع التقسيم وإقامة الكانتونات والنضال النقابي والاجتماعي. وتحية إلى الجرحى والأسرى والمفقودين والمقاومين الذين لم تزل جثامين البعض منهم محتجزة لدى العدو الإسرائيلي. تحية لعائلات الشهداء الذين ننحني امام عظيم تضحياتهم. وتكريماً للذكرى السنوية الثانية لرحيل الرفاق الثلاثة جورج بطل وكمال البقاعي ورضوان حمزة ولكل الرفاق المناضلين الذين غادرونا…

وإلى كل الذين لم يرفعوا الأعلام البيضاء إلى شهداء الجيشين اللبناني والسوري الذين تصدوا للمحتل ولشهداء المقاومة الفلسطينية الذين كانوا في قلب هذه المعركة مع كل المقاومين من مختلف القوى والأحزاب الوطنية والإسلامية فساهموا في مسيرة التحرير هذه.

بهذه الرصاصات الأولى اسقطت جمول المؤامرة الإمبريالية الصهيونية الرجعية بجعل لبنان قاعدة التآمر ضد كل الشعوب العربية وقواها التقدمية والوطنية وضد الشعب الفلسطيني فانطلاقة المقاومة الوطنية وما تلاها من انطلاقة للمقاومة الإسلامية وإنجازاتهما في التحرير والانتصار على العدو الصهيوني أحبطتا تلك المؤامرة ونحن نفتخر بهذا التاريخ ونحتفل بالمناسبة وسنبقى نحتفل عاما بعد عام ليس فقط من اجل تمجيد الماضي والتاريخ بل من أجل البناء عليه وتطويره وهذا هو الهدف المطلوب وهو التحدي الراهن بالنسبة لنا.

وخيار المقاومة في الحزب واجب وطني استجابة لطموحات اللبنانيين بالاستقلال والسيادة ولحاجات شعوبنا العربية بالتحرر الوطني والاجتماعي وهو خيار كرسه المؤتمر الثاني بتأسيس قوات الأنصار ليستمر مع الحرس الشعبي وبعدها مع جمول ليرفع المؤتمر الحادي عشر مهمة النضال من اجل مقاومة عربية شاملة على المستوى القومي عموما وعلى مستوى كل بلد عربي، ليتكاملا معاً مشروعاً واحداً للتحرر الوطني والاجتماعي مقاومة متعددة الاشكال بما فيها المقاومة المسلحة لإسقاط المشروع الأميركي – الصهيوني وأدواته من الأنظمة الرجعية،

إن صفقة القرن هي الخطة التنفيذية للشرق الأوسط الجديد بعدوانيته قتلاً وتدميراً وتشريداً وتقسيماً لشعوبنا العربية والمنطقة من سوريا إلى العراق واليمن والسودان والصومال وبدءاً من فلسطين لتصفية قضيتها بفتح بوابة التطبيع والتحالف مع العدو الصهيوني وإقامة دولة الفصل العنصري (قانون القومية) بعد اعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وفي محاولة أقفال وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) لإلغاء حق العودة وفرض التوطين لإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي.

إن العمل لبناء جبهة مقاومة عربية وشعبية شاملة في مواجهة هذا المشروع هي مهمة راهنة مقوماتها انتفاضات شعوبنا العربية التي شكلت رسالة واضحة إلى كل القوى والأحزاب اليسارية والتقدمية في منطقتنا، وبضرورة توحيد جهودها وطاقاتها لمواجهة المشروع الأساس ولإسقاط صفقة القرن على اساس الربط بين النضال الوطني التحرري والنضال من أجل التغيير الاجتماعي والسياسي فالمعركة في هذا المجال واحدة مترابطة ولا تقبل التجزئة. وحتى يتحقق ذلك هناك شروط: تبدأ بإنضاج الظروف المؤاتيةٌ لبناء اليسار العربيّ كمشروع بديل جذري يشكل خياراً انقاذياً مستقلاً قبل كل شيء فيفرض هو على الآخرين أن يختاروا بين مشروعه وسائر المشاريع بدل ان يفرض عليه دوماً الاختيار بين هذا أو ذاك من المشاريع. يسار منفتح بعد ذلك، على كل أشكال التعاون والتنسيق مع كل القوى المقاومة الأخرى، أي أن يكون يساراً ذو هوية واضحة ونقية متمسك بقيَمه في تصدّيه للإمبريالية والصهيونية، وفي نضاله من أجل فك التبعية الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وفياً للديموقراطية، وللنضال من أجل العلمانية، فلا ديمقراطية بدون علمانية شرطان متلازمان لقيام دول عربية علمانية مقاومة لا من أجل قيام دول على أساس ديني وطائفي وأتني تبرر للكيان الصهيوني دولته العنصرية. وأن يكون في طليعة النضال ضد الاستغلال، ومن أجل مصالح الجماهير الكادحة الآنية في تحسين شروط عيشها، وفي خوض معركته ضد أنظمة القمع والاستبداد، وبدون أي اعتمادٍ على الإمبريالية الأقرب إلى التعامل والتحالف نع هذه الأنظمة وإلاّ ستبتلعه. يبقى على التقدميين واليساريين أن يثبتوا للجماهير أن مقاومتهم ضد العدو تتجاوز تحرير الأرض إلى تحرير الإنسان من الاستغلال الطبقي والاجتماعي. فلن تستقر المنطقة طالما لم تُحل المشاكل الرئيسية. وسنرى انتفاضات جديدة، والمزيد من الانفجارات الاجتماعية، وسيستمر الوضع هكذا. وتبقى القضية الأهم للمستقبل متوقفة على قدرة القوى اليسارية والتقدمية على تنظيم أنفسها كقوى مستقلة قادرة على قيادة بلدانها نحو تغييرٍ تقدميٍ حقيقي.

إن معارك الحزب ضد النظام السياسي الطائفي والمذهبي وسلطته الهادفة إلى تأبيد حكمها، هي جزء من المواجهة ضد المشاريع الإمبريالية في المنطقة لتقسيمها وتقسيم دولها وشعوبها طائفياً ومذهبياً.

فنظامنا السياسي الطائفي والمذهبي هو عدو للمقاومة مثلما هي إسرائيل ومن ورائها. وعلى المقاومة أن تواجه الاثنين معاً، فشهداؤنا لم يسقطوا كي يحكم هذا البلد تحالف حيتان المال وأمراء الطوائف بل سقطوا من أجل بناء دولة علمانية ديمقراطية ومقاومة يعيش فيها ابناؤهم بعزة وافتخار. ومحاربة الفساد، خصوصاً في أبعاده السياسية، لا تكون إلّا على قاعدة تغيير المرتكزات الأساسية لهذا النظام الطائفي، وليس الدفاع عنه أو الحفاظ عليه.

أيها الشيوعيون

فكما لبيتم نداء حزبكم بحمل السلاح دفاعاً عن لبنان في وجه الاحتلال، أنتم اليوم مدعوون لحمله مرة أخرى ضد أي خطر أو عدوان صهيوني إمبريالي يهدد سيادة لبنان الوطنية وثروته النفطية وعبر فرض العقوبات عليه ما يفرض علينا ان نكون على أهبة الاستعداد لمقاومة أي عدوان جنباً إلى جنب مع كل المقاومين على اختلاف انتماءاتهم كما في كل مرة.

فإلى التحرك أيضاً إلى جانب قضايا الناس وحقوقهم، ورفضاً لمؤتمرات الإفقار والدين وشروطها، وإلى استنهاض وتعبئة وتنظيم صفوف العمال والأجراء وكل المتضررين من استغلال وتعسّف رأس المال، منطلقين من أن قوانا الذاتية، المطلوب تقويتها من خلال تقوية منظماتنا الحزبية والنقابية وبناء أدوات نقابية جديدة، بالإضافة إلى بناء أطر عمل شعبية واجتماعية محلية. فقوة الحزب هي من قوة منظماته وهي الأساس في استنهاض العمل النقابي والديمقراطي.

لقد جدّدت الانتخابات النيابية الأخيرة النظام السياسي القائم، وأفضت، إلى تعزيز التوجّه العام نحو قيام شكل من أشكال “الدولة الفدرالية”. وهذا النمط من الحكم، يستجيب بشكل أو بآخر لمشاريع تقسيم دول المنطقة على أسس طائفية ومذهبية، وهو الأمر الذي وقفنا ضده في كل المحطات بما فيها محطة الانتخابات النيابية.

إن القانون الانتخابي قد شكّل الأداة السياسية – القانونية المنتجة لحكم الأكثريات المذهبية، وتمّ تفصيل هذا القانون لمصلحة الأحزاب الطائفية – بعدما تحوّلت الطوائف إلى أحزاب سياسية “شمولية” – فكان أن أجمعت تلك الأحزاب على إقرار قانون يعيد إنتاج سلطتها بصيغة متجدّدة في الشكل حفاظاً على مصالحها السياسية والطبقية، مع حرصها على التحالف فيما بينها بالرغم من خلافاتها وصراعاتها حول القضايا الإقليمية والدولية

صائباً كان قرار الحزب بخوض الانتخابات النيابية، كمحطة في سياق محطات المواجهات الشعبية والنقابية والبلدية، واستكمالاً لها بالوقوف ضد القانون الانتخابي وضد قوى السلطة الفاسدة التي أقرته، وتظهيراً لمواقفها من النظام السياسي-الطبقي وأطرافه المختلفة، إن مواجهة القانون تكون بمواجهة أحزاب السلطة التي أقرته لا تركها تعيد انتاج سلطتها بالتزكية، لا بالانسحاب ولا بالمقاطعة ولا بالاستقالة بل بالنضال في مختلف الميادين وبالاهتمام بتلك الفئات الواسعة التي تتدهور أوضاعها الاجتماعية والطبقية من دون أن نتمكّن من استقطابها بالشكل المطلوب في أطرنا الداخلية الحزبية والجماهيرية (لأكثر من سبب وسبب)، وهو ما يعنينا في العمل الجماهيري النقابي والمدني بغية إحداث تغيير في موازين القوى بالتعاون مع الأحزاب اليسارية والوطنية والشخصيات السياسية العلمانية على المستوى الوطني والمحلي.

وهو ما يدعو إلى تعزيز ثقة الرفاق بحزبهم وبمناضليه وبوعيهم السياسي وبقدرتهم على ترجمة خط الحزب السياسي، ورفض أسلوب التشكيك بالرفاق وضرب علاقاتهم الرفاقية بعضها ببعض لتبرير خرق التنظيم الحزبي تحت غطاء ” أن أحدا يريد أخذ الحزب إلى مكان ما”، ففي ذلك ضرر بسمعة الحزب ومكانته وتضحيات شهدائه واستخفاف بوعي الشيوعيين وقدرتهم على تحصين حزبهم وحماية تجربته الديمقراطية بروح النقاش والحوار والقدرة على الاستماع والتفاعل والثقة الكاملة بالحزب وبأن أحداً مهما علا شأنه لم ولن يتمكن من أخذه حيث لا يريد.

وبالرغم من الطابع العام السلبي للنتائج الانتخابية، فإن انجازاً سياسياً قد تّحقق في هذه المعركة، باعتراف كل القوى، وهو الآتي: أن الحزب خرج من المعركة الانتخابية منسجماً إلى حدّ كبير مع موقفه وخطابه وأدائه وذا مصداقية في تحالفاته، حيث حرص على ترجمة الأقوال بالأفعال في الترشيح والتحالف وتشكيل اللوائح، وفي موقفه من القانون ومن أحزاب السلطة التي أقرّته. وعليه، فقد خضنا المعركة ضد أحزاب السلطة منذ البداية وحتى النهاية بما يحفظ كرامة الحزب ومصداقيته. لقد أقرت اللجنة المركزية تقييمها للانتخابات النيابية ووزعته اليوم على أعضائها ونحن مدعوون لنقاشه في المنظمات الحزبية والهيئات الوسطية في أجواء ومناخات الديمقراطية التي نتمسك بها داعين الجميع للحفاظ على ما انتجته من إيجابيات ليس أقلها: “وحدها إرادة الشيوعيين هي التي تحدد مواقف حزبهم وخطه السياسي، وحدهم ينتخبون بكل حرية قياداتهم وسيليه ملحق آخر من القرارات والإجراءات التنظيمية تحت عنوان النقد والنقد الذاتي والمحاسبة امام الشيوعيين داخل التنظيم وخارجه وأمام المؤتمر الوطني الثاني عشر وجمهور اليسار وقوى التغيير الديمقراطي والرأي العام اللبناني عموماً.

أيها الشيوعيون

إن مشهد التعطيل المتكرر شاهد على ازمة النظام ويشكل بحد ذاته ادانة سياسية لكل المتمسكين به على حساب الناس الذين يدفعون الثمن سواء تشكلت حكومة المحاصصة والفساد السياسي او لم تتشكل، من هنا نتوجه في مبادرة تداعي إلى أصحاب المصلحة وقوى التغيير الديمقراطي للعمل معا من اجل انتاج برنامج وطني لإنقاذ لبنان من نظامه الطائفي ومن المشروع الأميركي ــ الصهيوني حفاظاً على انجاز التحرير وتضحيات كل المقاومين وذلك في مؤتمر جامع للتغيير الديمقراطي ومن خلال اطلاق كل التحركات الشعبية المتاحة، بفعل تفاقم العديد من الأزمات السياسية والمعيشية التي تطال أكثرية اللبنانيين.، والتي ستشتد اكثر فاكثر في المقبل من الأيام تنفيذا لإجراءات تقشفية “لمؤتمر باريس 4” (سيدر 1) لجهة الغاء الدعم عن الكهرباء وزيادة الضرائب غير المباشرة وتخفيض قيمة ونوعية الخدمات الصحية والاستشفائية والتقاعد واستمرار حرمان العمال والأجراء والمزارعين والمعلمين.

أن معظم من سقط من شهداء في الدفاع عن أرض الوطن، ينتمي إلى بيئة أمعن فيها رأس المال الاحتكاري والريعي إفقارا وتهميشا واستغلالا، وسعى فيها إلى طعن المقاومة عبر تجييش الانقسامات والاصطفافات المذهبية والطائفية.

إن الوفاء لشهيد المقاومة يكون بالسير على الطريق الذي استشهد من أجلها، فهذا الشهيد المقاوم لم يكن غارقا في الفساد والسمسرات والصفقات بل كان يحلم بالمساواة والعدالة وبقيام وطن حر وشعب سعيد.

أيها الشيوعيون: كما لبيتم نداء حزبكم وحملتهم السلاح دفاعا عن لبنان في وجه الاحتلال والارهاب، كونوا أيضاً في الطليعة انتصاراً لقضية الأصلح السياسي، للقضايا الاقتصادية – الاجتماعية، انتصاراً لقضايا الناس وانحيازاً لفقراء لبنان وعماله وعلى أهمية المبادرات المركزية التي لا بدّ منها يبقى الأهم أن تتحمل منظمات الحزب وتأخذ دورها في إطلاق المبادرات من القاعدة في كل بلدة وقرية ومدينة.

عاشت الحزب الشيوعي اللبناني

عاشت المقاومة الوطنية اللبنانية

عاش لبنان والمجد والخلود للشهداء

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.