ظاهرة نسوية … «في فمي ماء».. ولكن!! فيحاء عبد الهادي
فيحاء عبد الهادي ( فلسطين ) الإثنين 10/9/2018 م …
هل يجوز أن تبقى قرارات المجلس الوطني: “السلطة العليا للشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة” دون تطبيق؟
هذا التساؤل يقود إلى تساؤل أكبر: ما الذي أعاق تطبيق قرارات المجلس الوطني، نيسان 2018، والمجلس المركزي، آذار 2015، وكانون الثاني 2018؟ وما الذي يمكن أن يعيق تطبيق قرارات المجلس المركزي، في دورته الأخيرة، بتاريخ: 16 آب 2018؟
أعتقد أن الجذر هو الثقافة، والثقافة الديمقراطية تحديداً.
*****
كان أمام اجتماع المجلس المركزي جدول أعمال حافل، استدعى تمديد دورة المجلس يوماً إضافياً.
كل بند من بنود الجدول كان بحاجة إلى نقاش معمق، وصولاً إلى نتائج أملنا بأن تضعنا على طريق تحقيق آمالنا وآمال شعبنا بالحرية والاستقلال.
وزِّعت صبيحة الاجتماع تقارير اللجان التي انعقدت فور انتهاء أعمال المجلس الوطني، وكان يمكن الاستفادة بشكل مضاعف من التقارير الموثّقة؛ لو جرى توزيعها على أعضاء المجلس قبل وقت كاف لقراءتها، اختصاراً للوقت الذي تمّ فيه استعراض ملخصها، وتعميقاً للنقاش.
نوقش جدول الأعمال رزمة واحدة؛ وكان يمكن مناقشة جدول الأعمال بنداً بنداً، مع تحديد وقت محدد للنقاش، لا يتم تجاوزه للأعضاء جميعاً، بشكل متساو، للوصول إلى قرارات تتعلق بكل بند منها.
هناك بنود في الجدول يعتمد تحقيقها على العامل الموضوعي، وأخرى تحقيقها رهن بالعامل الذاتي.
أعتقد أن العامل الذاتي هو الحاسم بالنسبة لإعادة المصداقية لمنظمة التحرير وهيئاتها أمام الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وشعوب العالم، بالإضافة إلى أنه حاسم لتحقيق سبل التحرك الفلسطيني على الصعيد الفلسطيني (تعزيز صمود أهلنا في القدس، وفي الخان الأحمر، ما يتعرض له أهلنا في غزة من حصار وعدوان، وسبل تعزيز الوحدة الوطنية ومصير تنفيذ اتفاقات المصالحة)، والدولي (مناقشة سبل التحرك على الصعيد الدولي في ضوء نقل السفارة الأميركية إلى القدس وانسداد آفاق التسوية)، خاصة أن المجلس قد صادق على قرارات المجلسين المركزيين السابقين على انعقاده، ما يعني أن قرارات هذين المجلسين لم يتم الالتزام بهما بعد.
كانت هناك أولوية لنقاش بند “متابعة تنفيذ قرارات المجلس الوطني الفلسطيني الصادر عن جلسته الأخيرة”. هذه القرارات التي تعيد للمنظمة وجهها الكفاحي، كحركة تحرر وطني للشعب الفلسطيني.
استمع أعضاء المجلس إلى قرارات بشأن هذا الموضوع، بعد انعقاد 36 جلسة لأعضاء لجنة متابعة تنفيذ قرارات المجلس الوطني، وهي الموثقة في التقرير.
*****
من القرارات التي كان يمكن تنفيذها فوراً قرار “وجوب تمثيل النساء بنسبة لا تقلّ عن 30% في مؤسسات المنظمة كافة”.
لم يجد الأعضاء ضمن التوصيات التي قدمت في تقرير لجنة متابعة توصيات المجلس الوطني، اقتراح آليات لتنفيذ القرار، ولكن ما وجدوه، وما تم التصويت والمصادقة عليه هو (إضافة 21 مقعداً للمرأة بمواقعهن على طريق التنفيذ الكامل لقرارات المجلس الوطني). وبذا يكون قرار المجلس الوطني؛ لو لم يتمّ التراجع عنه؛ قد نفِّذ جزئياً فقط.
لا يمكن قبول مبدأ التراجع عن قرار ينصف المرأة؛ ولو بشكل جزئي. القرار الذي نجح بالتصويت، وتمّ إدراجه بالبيان النهائي الذي صدر عن المجلس المركزي.
لن أدخل في السجال حول ما إذا كان قرار المجلس قانونياً أم غير قانوني، رغم قناعتي بأنه قانوني، استناداً إلى عدد الأصوات ونسبة للحضور.
وإذا كان الاستناد إلى القانون هو الأساس فلم لم ينفَّذ قرار صرف رواتب الموظفين العموميين في غزة، مباشرة بعد انعقاد المجلس الوطني؟
أعتقد أن الجذر هو الثقافة، والثقافة الديمقراطية تحديداً.
*****
ليس المطلوب أن نصادق على معاهدات دولية (مثل اتفاقية سيداو) تنصف المرأة فحسب؛ بل المطلوب هو الاقتناع العميق بأن المرأة مواطنة كاملة الأهلية، وأن وجودها الفاعل في مواطن صنع القرار، وفي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية هو الذي يمكن أن يساهم في تحرر الوطن وتحرر الإنسان.
وإذا كان قرار المجلس الوطني المتعلق بالمرأة، قد استغرق كل هذا الوقت الطويل في النقاش قبل أن يجري التصويت عليه، وقبل أن يتمّ التراجع عنه، فكيف يمكن أن نتوقع تنفيذ القرارات التي تحتاج فترة أطول للتنفيذ؟ مثل وقف التنسيق الأمني، ومثل قرار الانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرّسها اتفاق باريس الاقتصادي. هذه القرارات التي تحتاج، بالإضافة إلى وضع آليات لتنفيذها، الاستعداد للاستحقاقات التي سوف تترتب على التنفيذ، قيادة وشعباً.
المطلوب حتى لا يتمّ في الدورة المقبلة للمجلس التأكيد على ما تمّ التأكيد عليه مراراً وتكراراً، أو أن يتم التراجع عن بعض ما تمّ الاتفاق عليه، وضع جدول زمني لتنفيذ القرارات، بالإضافة إلى تحديد المسؤولية عن المسؤول/ة عن التنفيذ بدقة؛ يجري بعدها تقييم الأداء ومحاسبة ومساءلة أي تقصير.
*****
بانتظار وضع آليات لعمل اللجان الدائمة للمجلس الوطني، حتى لا تبقى حبراً على ورق، وحتى يحس أعضاء المجلس الوطني أن رأيهم/ن له قيمة، وأنهم جميعاً شركاء في صنع القرار، وشركاء في تحمل المسؤولية.
نحتاج إلى أوسع التفاف جماهيري حول منظمة التحرير الفلسطينية، بيتنا جميعاً؛ ليس بالمعنى المعنوي فحسب، بل بالمعنى التمثيلي، فالمنظمة هي الإطار الجامع للشعب الفلسطيني، كي يواجه تحديات المرحلة السياسية الصعبة، ولن يتمّ ذلك دون برنامج تحرري كفاحي، ودون فصل تام بين السلطة والمنظمة، تأخذ المنظمة مكانتها كأعلى إطار قيادي فلسطيني إشرافي وطني.
من الضروري إعادة بناء المنظمة على أسس ديمقراطية، حيث المشاركة في اتخاذ القرارات، وتنفيذ قرارات هيئات المنظمة ومؤسساتها كافة، والاحتكام للقانون، وتطبيق مبدأ المحاسبة والمساءلة.
[email protected]
www.faihaab.com
التعليقات مغلقة.