اليمن بين الامل والتفاؤل / احمد الشاوش

احمد الشاوش ( اليمن ) الأحد 16/9/2018 م …




يظل الامل هو الشيء الوحيد الذي نملكه نحن اليمنيون للخروج من الكارثة بعد ان تفرقت أيادي سبأ وضاقت علينا الأرض بمارحبت وتدافعت علينا الأمم من كل حدب وصوب ، وصرنا كغثاء السيل ، بعد ان تجرد البعض منا بقلم/ أحمد الشاوش –

يظل الامل هو الشيء الوحيد الذي نملكه نحن اليمنيون للخروج من الكارثة بعد ان تفرقت أيادي سبأ وضاقت علينا الأرض بمارحبت وتدافعت علينا الأمم من كل حدب وصوب ، وصرنا كغثاء السيل ، بعد ان تجرد البعض منا عن القيم السامية وتنكرنا لنعمة العقل والفكر والعلم والمعرفة ، وتبنى الكثير منا ثقافة الشقاق والنفاق والمزايدة والابتذال والفيد والهدم ، لنتفاجأ جميعاً ان البيت اليمني آيل للسقوط وان اليمن بتاريخه العظيم وحضارته الفريدة الضاربة في جذور التاريخ ، وسمعته الطيبة وأرضه الآمنة لم تعد كذلك بسبب جحود ونكران ابناءها.

ورغم الاحداث المؤسفة والجرائم الموحشة والتبعية المخجلة والحروب الدامية ، إلا ان الامل هو الروح التي نقاوم بها حالة اليأس والقنوط في معركة الذات على مستوى الفرد والاسرة والجماعة حتى اعلى هرم في السلطة مهما عظم الخطب ، لتعزيز الثقة والتعامل مع الواقع بحلوه ومره وانطلاق الإرادة وتحرير الفكر والعقل باعتبار” الامل” السلاح الأقوى والارخص والاجدى للتغلب على المشاكل والحواجز المصطنعة وقهر خونة الداخل واعداء الخارج .

وبالتفاؤل والامل ، تمكنت الكثير من الدول والشعوب والحكام والافراد تجاوز المحن وتحقيق طموحاتها والتقاط أنفاسها ، واحلامها في تجاوز الصعاب ، وتطلعاتها في إرساء قيم التسامح والتعايش ، وامانيها في إعادة بناء ما دمرته الحرب والطبيعة والنهوض الى العليا، وتاريخنا القديم والمعاصر خير شاهد على قوة سبأ ، وحمير ، وذوريدان ، وحكمة بلقيس وأروى وغيرها من النجوم التي جسدها التاريخ، وتركت لنا العبرة ، لكننا تهنا في النزوات والملذات.

ورغم ذلك التاريخ المشرف، إلا انه من المؤسف والمخجل ان السقف الذي يحمينا والقبلة التي تؤمنا والبوصلة التي ترشدنا والوطن الذي يضمنا، صار بلا “هوية ” وصرنا ضحايا لآلة الدمار الإعلامية في ظل سياسة التجهيل والاستبداد وامراء الحروب وشيوخ وملالي الخطاب الديني والتعبئة الحزبية الملغمة والشحن الطائفي والمذهبي والقروي والنزعات الانفصالية المتوالية ورواسب الإمامة ووباء الملكية وشطحات الجمهوريين التي حولت الكثير منا الى مخبرين وانتهازيين وقتلة ووكلا حروب ، لكننا أضعف من خيوط العنكبوت.

كما ان الكثير من الدول الرشيدة وحكماء الامة كانوا أكثر الناس ” أملاً وتفاؤلا ً” ، وما ” غاندي” إلا رمزاُ لذلك التفاؤل والصمود في مقارعة الاستعمار البريطاني حتى تحررت الهند ، كما بث ” الامل ” الروح في الزعيم جمال عبد الناصر وغيره من المصريين الشرفاء ، وكانوا أكثر تفاؤلاً وصموداً ضد العدوان الثلاثي عام 1956م على مصر ، وأكثر حكمة وإرادة في تخطي نكسة 1967م ، كما ان الايمان بـ ” الامل” الذي جسده السادات كان مفتاحاً للنصر وتحطيم خط بارليف وهزيمة إسرائيل الكبرى عام 1973م ، وان ” الامل ” والتفاؤل والإرادة كان بمثابة الوقود النووي لحزب الله في الحاق اكبر هزيمة في التاريخ بالاحتلال الإسرائيلي .

وأياً كانت ثقافة التجهيل والطغيان وسياسة الرعب والافقار التي حولت بعض اليمنيين الى عبدة ” المال ” ، فلابد من غرس ” الامل ” ولغة التفاؤل في نفس كل يمني شريف ، حتى تنطلق الارادة واحداث ” ثورة” ثقافية تجعل من العلم صمام أمان لتحرير العقل اليمني من الاساطير والخرافات والطغيان والاستبداد ، والانطلاق نحو بناء دولة المؤسسات والغد المشرق بعيداً عن نغمات الربيع العربي المتصهين ، لاسيما بعد ان أصبحت سفينة النجاة يتقاذفها أكثر من جبار والقبلة يتقدمها أكثر من دجال والأحزاب يقودها أكثر من كاهن والجماعات والمليشيات المتطرفة ودول الجوار والغرب اكثر توحشاً ، ورغم ذلك يبقى الامل والتفاؤل والصبر والإرادة والصدق هو الخيط الوحيد بعد الله تعالى لنجاة اليمنيين وغيرهم من العرب للخروج من الكارثة ، مالم فإن القادم أخطر ، فهل من رجل رشيد؟.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.