سوراقيا: من الملوك الخمسة الی البحار الخمسة .. وبعد أدلب ربطا بالبصرة، ها هو شتراوس يطلب اللجوء السياسي في سوراقيا! / ديانا فاخوري
ديانا فاخوري ( الأردن ) الثلاثاء 18/9/2018 م …
ينسب الی احد اباطرة الصين القدماء قوله: “الملوك خمسة، اوسعهم ملكا الذي يملك العراق لانه وسط الدنيا، والملوك محدقة به”.
اما البحار الخمسة فهي قزوين، والاسود، والمتوسط، والخليج العربي، والاحمر … فهل ترسم دمشق القدر وتربط البحار الخمسة لتلتقي الرياح والامواج السياسية بالامال الاقتصادية الكبری و تمنع بذلك التيه العربي قبل وقوعه في الصحاری وعلی ظهور الابل بعد نضوب النفط او نضوب الحاجة اليه ومع استشراس الذكاء الاصطناعي (AI)؟
تذكرون مشروع التعاون و التشبيك الذي اقترحه الرئيس بشار الأسد في مطلع العقد الأول من القرن الحالي (أبيض، أحمر، خليج، قزوين، أسود – منظومة البحار الخمس) استثمارا لموقع سوريا الجغرافي، ووضعها في مركز شبكة الطاقة والنقل الإقليمية.. مشروع يضم روسيا وايران وتركيا ومصر والسعودية والعراق وسوريا والجزائر واليمن تكاملا مع اوروبا المتوسطية .. أرادها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تعمل بالتفاوض لحل النزاعات وبالتعاون للتنمية والتقدم الاقتصادي ولضمان أمن الطاقة والملاحة .. مشروع يقوم على شراكة استراتيجية في الشرق الجديد!
وتعلمون ان الحضارات الكبرى، وحتى الديانات الكبرى، ولدت على ايدي السومريين، وان البابليين بنوا الحدائق المعلقة لاستضافة الآلهة، وان النظام البرلماني ظهر في بلاد ما بين النهرين قبل ثلاثة قرون من ولادة السيد المسيح .. اما سوريا، فصاحبة عبقرية الازل، لؤلؤة العرب و جوهرتهم، انتجت 6 اباطرة لروما ولن تنحني للاشد كفرا و نفاقا من شيوخ القبائل أو شيوخ الطريق
و ما الجزيرة العربية الا امتداد لبادية الشام التي سكنها العرب بدوا و حضرا، و اسسوا فيها الممالك قبل الميلاد .. ولعل مملكة “لحيان” من اقدم ممالك العرب في القرن الرابع قبل الميلاد .. ومنهم قبيلة “كندة” في القرن الثاني قبل الميلاد .. اما بعد الاسلام فأكتفي بتذكيركم بحضارات دمشق و الاندلس و بغداد – حضارات غنية تمازجت مع الشعوب الاخری عبر حدود امتدت من فرنسا الی الصين و من اسيا الصغری الی السودان حيث شكلت واحدة من اكبر الامبراطوريات اتساعا في التاريخ!
اما إدلب، بمعاركها السياسية والعسكرية – بمناوراتها لعرض القوة، والاستعدادات – فستؤدي بالضرورة، وربطا بالبصرة، لسحق الإرهاب الامر الذي يفسّر التخبّط الذي تعانيه دول المحور الصهيواعروبيكي (تاملوا في غاراتهم الاستعراضية على مطار دمشق واللاذقية) ويؤكد تراجعها امام دول المحور الروسي الإيراني السوري العراقي .. انه التراجع التدريجي للجيوبوليتيك الأميركي في المنطقة: يريدون إيقافه فخسارة إدلب تشكل انكشافا عسكريا لاحتلال أراض سورية شرق الفرات (الأميركيون والأوروبيون) و شمال سوريا (الأتراك) .. مهزومون لا يريدون الاستسلام فيتوسلون حصار ايران ويعرقلون إتمام السيادة السورية، ومنتصرون من حقهم حصاد النتائج .. و
لعلهم جميعا باتوا يدركون أنّ مشروع الأسد للتعاون و التشبيك تحول من مجرد رؤية استراتيجية الى أمر واقع سيما بعيد قمة الأمس الثنائية بين بوتين واردوغان!
وفي هذا السفر (بفتح السين وألفاء) او السفر (بكسر السين وتسكين الفاء) لا بد من “اللاذقية” .. فبها و منها اطلق العرب الأمويون استراتيجيتهم العميقة: كيف نترك جزيرة قبرص وصياح الديكةِ فيها يُسمع في اللاذقية؟.. وبعد ان تمكن الأمويون من تحرير “بحر الروم” (“البحر الأبيض المتوسط” حاليا) في معاركهم ضد الرومان، أطلقوا عليه اسم “بحر اللاذقية”، وظل يعرف بهذا الاسم خلال السيطرة العربية على سواحله.
وبعد، هل جاءكم خبر شتراوس يطلب اللجوء السياسي في سوراقيا .. ودمشق وبغداد ترحبان؟ ها هو شتراوس يعكف على اعادة صياغة سمفونيته المعروفة “الدانوب الأزرق” لتصبح “بردى العائد، الفرات المشتبك، و دجلة الخير” .. ويصر شتراوس على المجيء الى دمشق ليرى “بردى” وهو يصب في الجنة فيدعو آدم و حواء الى ليلة عرس على ضفاف النهر فيتطهرا من الخطيئة!
فاخلع نعليك و كل لبوس القدم و انزع عقالك و كل غطاء الراس؛ انها بلاد العرب .. اما انت، يا شام، فمزقي خارطة الذل، وعلميهم فقه العروبة – أولست انت البيان والتبيين؟!
يضحك كثيرا من يضحك اخيرا.