الدبلوماسية وحدها لن تنجح ..! / د.هاني العقاد
د.هاني العقاد ( فلسطين ) الإثنين 24/9/2018 م …
منذ سنوات ونحن نتحدث مع المجتمع الدولي بلغة دبلوماسية ,اللغة التي يفهمها ويفضلها للتعامل مع حالات الصراع المختلفة لأنها اقصر الطرق التي تحقق بعض الاستقرار في مناطق النزاع المختلفة بالعالم ومن ضمنها الصراع العربي الاسرائيلي , لكن لا اعتقد ان هذا ينسحب على الصراع مع اسرائيل في الوقت الذي التي رفضت فيه إسرائيل حتى الان الانصياع للقانون الدولي وترفض احترام كافة المعاهدات الدولية واولها اتفاقيات جنيف الاربع ورفضت تطبيق الاتفاقيات الخاصة التي وقعتها مع الفلسطينيين في اطار تحقيق السلام في المنطقة وتراجعت عن هذا الهدف , وفي ظل هيمنة الولايات المتحدة الامريكية على كافة هيئات المجتمع الدولي الامم المتحدة ومجلس الامن وكل المنظمات التي من شانها ان تحاسب مجرمي الحرب ,اصبحت تقرر من من قرارات المجلس الامن ينفذ فورا ومن تلك القرارات لا ينبغي فتح ملفه و وضع اليات تطبيق له وتجاهله وانكاره وبالطبع هذا ينسحب على كل القرارات التي صدرت في الصراع التاريخي بين العرب واسرائيل والذي اختزل اليوم شيئا فشئيا ليصبح بين الفلسطينيين والإسرائيليين الصهاينة ,كما واصبحت الولايات المتحدة قوة مركزية تعمل من اجل مصالح اسرائيل علنا دون الاعتبار لأي مصلحة اخري بالمقابل الان لتحقيق المشروع الصهيوني الكبير وتصفية القضية الفلسطينية وتفتيت حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف ,هذه اللغة باتت لا تحقق ما يريد الفلسطينيين من استقلال وخلاص من المحتل اللعين وبالتالي تقرير مصيره على ارضه التاريخية .
للمرة السادسة او اكثير يتحدث فيها الرئيس ابو ما زن امام الامم المتحدة في مناسبة اجتماعها السنوي العام واليوم يتحدث الرئيس في ذكري تأسيس الامم المتحدة الثالثة والسبعين للعالم عن ما آلت اليه حقيقة الصراع والتمادي الاسرائيلي في فرض وقائع على الارض لإنهاء الصراع بطريقتهم في ظل وجود ادارة ترامب للتغطية الأمريكية الكاملة على كل تلك الجرائم التي ترتكب بحق شعب اعزل لا حيلة له الا الصمود والمقاومة , ينقل للعالم اخر ما لدي الفلسطينيين من امكانيات للجلوس والتفاوض التي لن تكون الا عبر مؤتمر دولي كامل الصلاحيات تكون الولايات المتحدة جزء من الراعين لهذا المؤتمر ,وسيطلع العالم على الخطورة التي تشكلها سياسية الولايات المتحدة واسرائيل لاستهداف حل الدولتين والتي هي مخططات لتفكيك حلقات الصراع حسب ما يحلو لطاقهما اليهودي الذي لا هدف له الا تصفية القضية الفلسطينية حسب ما يتطلبه تحقيق المشروع اليهودي في فلسطين واغماس اسرائيل بين ثنايا الامة العربية وبالطبع هذا ما اطلقوا عليه “صفقة القرن” . كما يقول للعالم ان الفلسطينيين مازالوا ينتظروا رد العالم والمجتمع الدولي على ما يحقق لهم انتزاع حقوقهم من براثن الاستعمار اليهودي وسيذكرهم بضرورة تنفيذ كل قرارات الامم المتحدة ومجلس الصادرة بذات الشأن وهذا ما اعتاد عليه طيلة القترة السابقة وخاصة قرار 2334 القاضي بوقف الاستيطان الاسرائيلي في اراض العام 1967 بما فيها القدس العربية التي اعتبرها ترامب واعلن عنها عاصمة للدولة اليهودية في تكرار تاريخي حقير لوعد بلفور العنصري .
سيكرر الرئيس خطته لسلام في محاولة منه لجذب انتباه العالم لحالة العدل المطلوبة لحل الصراع ويتلوا على العالم بنود هذه الخطة كاملة وسيتحدث عن ضرورة دور فاعل لأوروبا و الصين و روسيا في هذا الاطار , نعم هذه لغة دبلوماسية وهذا مطلوب في كل المراحل لكن هذا وحده لا ينفع ولا يجدي في ظل بلع العرب لألسنتهم امام ترامب الذي القي عليهم السحر , هذه اللغة وحدها تعني ان الفلسطينيين مازالوا على موقفهم الداعي لحل الصراع عبر الطرق السلمية وهذا ما بات احد بالعالم يشك فيه في ظل تبني الرئيس ابو مازن استراتيجية المقاومة الشعبية للتنغيص على الاحتلال الاسرائيلي ومقاومته . لكن لابد من الحديث هنا بوضوح في هذا الجانب لأقول ان اللغة الدبلوماسية وحدها لا تكفي ولا تغير من الواقع شيء بل قد تكون مدخلا مهما لإسرائيل لتحقيق مشروعها في ظل عجز المجتمع الدولي , بات الامر يتطلب ابعد من “مقاومة شعبية ناعمة” حسب الاحتياج لتصبح “انتفاضة ضارية” تقلب كل الموازين وتغير كل الاتجاهات وخاصة الاتجاه الامريكي الذي يعصف بالقضية الفلسطينية ويتمادى في تفكيك قضايا الصراع الواحدة تلو الأخرى لينقض في النهاية على ما تبقي للفلسطينيين واعتقد ان الامر بات ملحاً لمثل هذه الانتفاضة قبل أي اجراء اخر , لعل لغة التحذير باتت لا تجدي ولوكان الرئيس ابو مازن ذهب هذه المرة الى الامم المتحدة والارض الفلسطينية مشتعلة في الضفة والقطاع تحت قيادة انتفاضة واحدة موحدة لاستطاع ان يكسب الكثير من الدعم السياسي وكسر التفرد الامريكي بسهولة واوقف محاولات الامريكان العمل مع بعض الاطراف الخارجة عن الصف الفلسطيني لاستخدامهم كبديل مؤقت لتمرير الصفقة التي عاضها و حاربها ومازال .
الدبلوماسية والانتفاضة خطان متوازيان في اطار مسيرة نضال سياسي دبلوماسي شعبي مشترك لا يمكن ان نعتمد احداهما دون الاخر ولا ينجح احدهما دون الاخر لان التجربة و لنتحدث بصراحة الان الانتفاضة مطلوبة لتربك كل الحسابات على الارض وفي الاروقة الدبلوماسية الدولية وتنسف خطة فريق ترامب وتعيق خطة نتنياهو لتطبيق تلك الخطة على الارض , بالانتفاضة وتحريك الجماهير الفلسطينية يستطيع ابو مازن ان يربك ايضا مخططات الخصوم الذين يتهمونه باتهامات خطيرة ويحاربونه لموقفه من استعاده الوحدة الوطنية بالطريقة التي تسقط أي مخطط امريكي وتبقي القوة في يد واحده والحكم لقيادة واحدة وفي نفس الوقت تمتن أي تمثيل سياسي واحد وبالتالي يعري جلودهم الناصعة التي تربت علي اهات ومعاناة الناس وفقراء هذا الوطن لتعرف الجماهير من يتاجر بهم ويعرض دماء ابنائهم للبيع بأثمان بخسة وتدرك الجماهير في ذات الوقت ان من يتخلف من الفصائل عن تلك الصفوف التي تقاوم في كل مكان وتشتبك مع المحتل في نقاط التماس وخطوط المستوطنات في القدس والضفة وغزة بالتوازي لن ينتصر وحده ولن يكسر حصار هنا او يحقق انتصار محدود هناك ويدرك ان النصر في الوحدة وانهاء الاحتلال واقامة الدولة سكون بالجمع الفلسطيني اسرع واقوي .
التعليقات مغلقة.