حلب…. أوجعتهم !! / د.خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الخميس 18/6/2015 م …
اليوم نعيش تحت وطأة الحرب، ومات كثيرون قبل أن يروا نهايتها، وزُرع الإرهاب والتطرف في وطننا سورية حتى يجني غيرنا ثمار نسقيها بالدماء والآلام، يقول الرئيس الأمريكي أوباما أن الحرب على داعش ستستمر أكثر من ثلاث سنوات، ويناقض قوله فعل السوريين الذين أكدوا حقيقة ما يحاك ضدهم، وأثبتوا للعالم أجمع إمتلاكهم إرادة تكسر الرهانات الإقليمية والدولية على تفتيت سورية رغم مرور عدة سنوات من العدوان والتآمر على سورية، ورغم الفوضى والدمار الذي أنتجته آلة التدمير الداعشية فإن الأمل في النفوس المحبطة بفعل الصدمات المتلاحقة ساعدت السوريين في تجاوز الظروف القاسية والمأساوية ببسالة لا تلين، بارقة الأمل هذه تمثلت بالوقفة التاريخية الوطنية العقائدية لشباب وشابات سورية الذين إنطلقوا بشجاعة وإيمان للإستجابة للتعبئة العسكرية ليشكلوا دوراً أساسياً لإنقاذ سورية وشعبها من الإنهيار الكبير أمام الهجمة الشرسة التي تعرضت لها، في إطار ذلك تعتبر هذه الوقفة الشعبية المتنفس الوحيد لإستنهاض السوريين لمواجهة العدوان وإحباط مشروع تفتيت سورية وهي صفعة قوية لكل قوى الشر التي تكالبت على سورية من كل حدب وصوب لتدمير الإنسان السوري وتمزيق نسيجه الإجتماعي وتفتيت كيانه.
أشعلت الإدارة الأمريكية الأزمات والصراعات في المنطقة، وما تزال تمارس أساليب فرض الهيمنة على منطقتنا عن طريق إذكاء الصراعات وتأجيج الإنقسامات والنفخ في نار الخلافات الإقليمية، فالأزمات التي تواجهها العديد من الدول العربية حالياً، لم يكن لها أن تتفاقم على ما عليه من إقتتال وفتن، وتتحول إلى ساحات للمواجهات الدموية وإنتشار للأفكار التكفيرية والإرهابية، لولا يد الخارج التي تجد عوناً لها في الداخل يعمل في خدمة هذا الخارج معتقداً أن الخارج سيحقق له مصالحه، فقد ملّ الشعب السوري السياسة الأمريكية فبدل أن تسهم في تقديم أفكار إيجابية لحل الأزمة السورية وتوقف النزيف الدموي، ذهبت إلى تشجيع تقسيم وتجزئة سورية الى عدة أقاليم.
مع تصاعد وتيرة المعارك ضد داعش برزت ظاهرة إقبال الشباب بمختلف أعمارهم الى إقتناء الملابس العسكرية لأنها ترمز لأبطال المقاومة الذين رهنوا حياتهم دفاعاً عن الأرض السورية وتحريرها من القوى المتطرفة بعد أن عاثت بها فساداً، هاهم اليوم ومعهم شرفاء سورية وحلب خاصة يلقنونهم دروس النهاية خلال العشر الأيام السابقة…فمدينة حلب أوجعتهم وإستنزفتهم ولقنتهم درس لم يكن في الحسبان، خُدعوا حين أعتقدوا أن حلب سهلة وأن الحرب فيها عبارة عن نزهة…كان العكس تماماً فداعش وأخواتها اليوم مصدومة ومرعوبة من قوة وشراسة المقاومة من حلب التي لخبطت كل آمالهم وحولتها الى آلام حقيقية، حلب حولت معركة داعش الى كابوس مفزع بعد أن كانت خيالاتهم تعتبرها مجرد نزهة للإستجمام، هنا حصل عكس ما كانت تخطط له أمريكا وحلفاؤها فقد رفع العدوان معنويات الجيش واللجان الشعبية وزادهم إيماناً بسرعة مواصلة مهمتهم والدفاع عن هذا البلد والتصدي لأي عدوان خارجي وفي الوقت ذاته مواجهة الإرهاب، وإنطلاقاً من ذلك فإن الجرائم التي تطال المجتمع نتيجة للإرهاب التكفيري والتي يذهب ضحيتها الناس الآمنين ما بين قتل وتهجير لا تدفع السوريون سوى الى المزيد من التلاحم والوحدة للوقوف في وجه تقسيم سورية والتي يحاك لها من الداخل السوري من قبل الأجندة الإقليمية والدولية في سبيل تفكيك البلاد الى دويلات متعددة وتكون ممهدة لإعلان مشروع الشرق الأوسط الجديد في المنطقة وهو ما يرفضه الشعب السوري بكافة أطيافه جملة وتفصيلاً.
أمريكا اليوم تكشف عن وجهها القبيح عندما حاولت آن تتدخل في منطقتنا فدعمت القوى والجماعات المتطرفة تحت شعار النظام العالمي الجديد فهذه الجماعات هي صنيعة أمريكية دول المنطقة بوكالة بعض حلفائها، فتقتل أطفالنا وشبابنا، وتنهب خيراتنا، والأذكى أنها ترفع شعار الديمقراطية والحرية وتتعامل مع كل العالم بإعتباره غير ديمقراطي، ونحن في الشرق لم نر ديمقراطيتها إلا قنابل وقتل ونهب وإحتلال، إعتادت على سوق حجج واهية تتغطى بها، وتريدنا أن ننسى ماذا فعلت قنابلها بأطفال فلسطين وليبيا وسورية والعراق واليمن وغيرها، وتريدنا نسيان أنها استخدمت حق النقض “الفيتو” أكثر من 43 مرة لإفشال مشاريع قرارات تدين إسرائيل في مجلس الأمن، وهي تعرف تماماً أن إسرائيل تحتل وتقتل ، وتعتقل شعبا أعزل، وتحتل أراض الغير، بالتالي فإن المخطط الامريكي المرعب سيدمر المنطقة وسيركّع البعض ويقيد البعض الآخر ولا يخرج من المنطقة العربية بسهولة وهنا لابد من تجاوز الذات وكشف التضليل الإعلامي ومواجهة المخطط الإستعماري ضد الشعب السوري .
لذلك …لا خلاص لنا إلا بوحدة الصف وتغليب مصلحة سورية على مصلحتنا، لأنه ليس هناك أسباب حقيقية للتقاطع والتنافر فيما بيننا، وليكن شهر رمضان المبارك فاتحة خير لجمع كل السوريين في خندق المواجهة ضد الأطماع الصهيونية وحلفائهم، وبالتالي هزيمة الورقة الأمريكية في سورية والمنطقة.
التعليقات مغلقة.