الأردن وفلسطين توأما الصمود في وجه العاصفة …! / عبد الرحيم جاموس
لا شك أن رياح التغيير وعدم الإستقرار التي عصفت بالمنطقة العربية ولا زالت تهدد إستقرار الكثير من دول المنطقة، لم ولن يكون الأردن وفلسطين بمنأى عن التأثر بها، الأردن وفلسطين قدرهما أن يكونا توأماً متكاملاً وتربطهما علاقات أكثر من مميزة، إن ما يحدث على أرض فلسطين سلباً أو إيجاباً لابد وأن ينعكس على الأردن، كما العكس صحيح جداً.
لذا نجد أن عناصر القوة لأي منهما هي بالتأكيد عناصر قوة للآخر، من هنا يأتي حرص القيادة الفلسطينية على إستقرار وأمن الأردن ومنعته وقوته لما يمثل من عمق إستراتيجي للشعب وللقيادة الفلسطينية على السواء، كما أن إستمرار صمود الشعب الفلسطيني وتشبثه بحقوقه وثباته وقيادته في وجه الإحتلال الإسرائيلي وإجراءاته التعسفية، وإفشال مخططاته الساعية إلى تهويد كامل الأرض الفلسطينية وخصوصاً في القدس والضفة الغربية، وإحباط سياسات التهجير والإقتلاع التي يتعرض إليها تمثل خط الدفاع الأول عن الأردن كما تمثل الصخرة الكأداء التي تتحطم عليها مؤامرة (الوطن البديل) التي يسعى اليمين الصهيوني من خلالها أن يصدر القضية الفلسطينية إلى الأردن كي يكون حلها على حسابه.
الفلسطينيون شعباً وقيادة منذ عام 1948م وهم يناضلون من أجل إسترداد حقوقهم الوطنية المغتصبة ولأجل حل قضيتهم على أرض فلسطين إبتداء من حق المساواة إلى حق العودة وتقرير المصير، وقد نجحت م.ت.ف في إعادة القضية الفلسطينية إلى فلسطين الوطن والشعب وأفشلت كافة المحاولات الصهيونية التي سعت إلى تصديرها إلى الدول الشقيقة سواء منها الأردن أو لبنان أو سوريا أو مصر، كي يكون الحل للقضية الفلسطينية على حساب وعلى أرض تلك الدول، فالنضال الفلسطيني المتواصل والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني رغم كل الإجراءات الفاشية والعنصرية أفشل المخطط الصهيوني في تفريغ أرض فلسطين من شعبها، فاليوم الحقيقة الصادمة للمشروع الصهيوني تتجلى في صمود أكثر من سبعة مليون فلسطيني في أرض فلسطين التاريخية يزيد عددهم عن عدد سكان الكيان الغاصب من اليهود، وهذا ما يطلق عليه بالقنبلة الديمغرافية التي وضعت الكيان الغاصب لا نقول في حالة هزيمة وإنما في حالة إنكسار، وسبعة ملايين فلسطيني في الخارج جميعهم يرفضون التوطين ويتشبثون بحق العودة إلى ديارهم ومدنهم وقراهم التي هجروا منها.
وقد تجلت بالأمس 01 / 10 / 2018م وحدة الشعب الفلسطيني في الإضراب الشامل والناجح الذي عم فلسطين بكل أجزاءها إحتجاجاً ورفضاً لقانون القومية (يهودية الدولة) الذي يهدد مستقبل الشعب الفلسطيني وحقه في العودة وتقرير المصير على أرضه فلسطين، وقد كان إضراباً ناجحاً شمل كافة مناحي الحياة في جميع المدن والقرى الفلسطينية، هذا النجاح يقدم رسالة واضحة للعالم أجمع على ثبات ووحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة كافة السياسات الصهيونية التي تستهدف وجوده على أرضه وأن لا حل لقضيته إلا على أرضه وفق الحقائق التاريخية والإجتماعية والقانونية وبما يتوافق وروح العصر.
هذا الصمود والتمسك بالحقوق الوطنية لاشك أنه يلقى دعم الأشقاء والأصدقاء وفي مقدمتهم الأردن ملكاً وحكومة وشعباً، لأن إنتصار الشعب الفلسطيني هو إنتصار للشعب الأردني وإنتصار للأمة العربية ولجميع قوى التقدم والحرية والسلام في العالم، وقد جاء تأكيد جلالة الملك عبد الله بن الحسين بالأمس أن الأولويات الأولى للأردن كانت وما تزال القضية الفلسطينية، والتأكيد على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، مؤكدا على مواقف الأردن الثابتة بأنها لم ولن تتغير في الدفاع عن القضية الفلسطينية والقدس إلى الأبد، وهذا ما برهنت عليه مواقف جلالته في مواجهة ورفض (صفقة القرن) والدفاع عن المقدسات الإسلامية في القدس وعن حقوق اللاجئين الفلسطينيين والتأكيد على دور وكالة الأونروا حتى تتمكن من مواصلة خدماتها لهم تأكيدا على مركزية اللاجئين في القضية الفلسطينية، وهذه ليست مواقف عابرة وإنما تعبر عن مواقف ثابتة إستراتيجية.
لذلك يتعرض الأردن لما يتعرض إليه من ضغوط خفية وعلنية بسبب هذه المواقف المبدأية من القضية الفلسطينية، كما يتعرض الشعب الفلسطيني لتلك الضغوط، لكن العزيمة الأردنية الصلبة كما الصمود والثبات الفلسطيني والتمسك بالحقوق الوطنية، كفيلان بإفشال هذه الضغوط، وهنا يتأكد التكامل والتناغم بين التوأمين الأردن وفلسطين والتكامل بين أهدافهما وغاياتهما النبيلة، ويمثلا رأس الرمح وأساس الصمود في وجه العاصفة، التي تعصف بالمنطقة العربية وتستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وعلى صخرة صمودهما تتحطم مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية.
التعليقات مغلقة.