هام … رئيس الوزراء والنواب والأعيان الأردني السابق طاهر المصري يطرح رؤية للأردن في ضوء التحالفات الإقليمية والدولية الراهنة

 

الأردن العربي – محمد شريف الجيوسي ( الخميس ) 18/6/2015 م …

* هناك نار تحت الرماد قد يتأجج لهيبها في أي وقت

* مصائر شعوب المنطقة وحدود الدول أصبحت في مهب الريح . ولا احد يعرف متى تعود الأمور إلى طبيعتها وتنعم المنطقة والأجيال بالسلم والأمن

* خطط وإجراءات وسياسات (إسرائيل) تجاه الأراضي المحتلة أصبحت واضحة لا لبس فيها . والحقبة القادمة ، إن بقي الاحتلال قائماً ، ستضم الضفة الغربية أو بعضاً من أجزائها إلى (إسرائيل) وإعلان يهودية الدولة وتقاسم الحرم القدسي بين الديانتين الإسلامية واليهودية . وذلك إستعداداً لبناء الهيكل المزعوم

*  الخطر والتغيير اصبح على الابواب بل على الحدود ، داعياً القيادة السياسية العليا الاردنية لأن تسير بحذر شديد في حقل من الالغام ، لتجنيب البلد الشر المحيط ان يدخل علينا

* هذا الزمن مختلف عما سبق فالعالم تغير والأخطار التي نواجهها مــن كل الأماكن ليست كلها أمنية أو عسكرية من خارج الحدود ، بل هي أخطار داخلية أيضاً ناجمة عن فقر وترهل إداري 

* الأردن ليس خارج العاصفة ولا بوليصة تأمين لديه . تأمين الأردن هو الشعب وتماسك وصلابة الجبهة الداخلية وتأمينه هو الشعب والمؤسسات الدستورية

أكد رئيس الحكومة الأردنية والنواب والأعيان الأردني السابق ؛ طاهر المصري ان إرهاب الجوع أقوى وأخطر من إرهاب السياسة.

واعتبر المصري ان تداعيات المنطقة على الأردن ( تهدد أمننا لحقبة طويلة من الزمـــن) وانه لا يوجد بصيص أمل لعودة الهدوء إلى تلك الدول.

ويرى المصري انه كما القوات المسلحة عليها مسؤولية الدفاع عن الوطن وتقوم بواجبها خير قيام، فإن المطلوب من الدولة الاردنية بكافة فئاتها القيام بعملها ومسؤولياتها خير قيام ، في إشارة إلى ان الحكومات المتعاقبة تفتقر إلى الولاية العامة .

وحذر المصري من سياسة إدارة أمور الدولة بردود الفعل وبالقطعة،  وليس من خلال مراجعة شاملة للسياسات والتشريعات والخطط الإستراتيجية لكل قطاعات المجتمع، داعياً لأخذ العبر مما يحدث حولنا . 

مشيراً إلى ضرورة خلق مناخات مواتية لتحقيق ائتلافات وطنية وحزبية تتيح إعادة اللحُمة للمجتمع الأردني وفي بناء ديموقراطية حقيقية وواقعية، وتعميق الدولة المدنية بجميع مكوناتها بعيــداً عن فكر التطرف والاقصاء والتهميش .

داعياً إلى قانون إنتخابات ينهي مرحلة الصوت الواحد وإتاحة الفرصة لتمثيل شعبي صحيح .

متسائلاً ، أين ستذهب بنا وبدولنا، هذه الحروب الأهلية العربية والتي ستفضي إلى خلق أوضاع جديدة في الشرق العربي بما فيها الأردن.

ووصف المصري الحال الراهن لما يجري في المنطقة العربية ، ببركان ملتهب ، أو كرة نار تتدحرج فتحرق كل ما تمر به . ورغم الاستقرار أن النسبي الذي يتمتع به الأردن ، لكن هناك نار تحت الرماد قد يتأجج لهيبها في أي وقت ، فالاوضاع العربية المتأزمة والحرب الاهلية في العراق وسورية وليبيا واليمن عكست حالة من عدم الاستقرار بامتياز وتداخلت الأوراق بشكل كبير ، وأصبحت التنظيمات العسكرية الإسلامية المتطرفة تقف على حدودنا مع كل من سورية والعراق وتتحكم بقرار فتح أو إغلاق الحدود مع البلدين وأصبحت مصائر شعوب المنطقة وحدود الدول في مهب الريح . ولا احد يعرف متى تعود الأمور إلى طبيعتها وتنعم المنطقة والأجيال بالسلم والأمن .

ودعا لأن تكون هنالك مؤسسات ديمقراطية تحكم بعدالة واستقلالية متمثلة بالسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.

معتبراً أن غياب تداول السلطة ، والحكم الرشيد في المنطقة العربية هذا التأزم . وعدم اخذ الاصلاح السياسي والاقتصادي في البلدان العربية على محمل الجد، احدث فراغا سلبيا في الحياة السياسية في البلدان العربية. وقاد الى فوضى نرى أثارها ماثلة أمامنا .

وقال أن حالة الوهن والضعف وتهالك النظام السياسي العربي ، أغرى بالتدخلات العلنية الاقليمية والدولية في الشأن العربي . . فدخل على المشهد الاقليمي ايران وتركيا ، وعلى المشهد الدولي امريكا واسرائيل وروسيا وعدد من دول الغرب ، وكل يعتقد انه يحمي مصالحه وعمقه الاستراتيجي في المنطقة العربية.

ورأى المصري ، ان السبب الرئيسي في هذه الصراعات على المستوى العربي هو الصراع على السلطة . فقد ضحت الانظمــــة العربية بالكثير من سيادتها ، مقابل بقائها في السلطة.

وقال أن الشارع العربي غاضب لعدم مشاركته في القرار السياسي ، وللتفريط بحقوقهم ومكتسباتهم الوطنية ومصادرهم الطبيعية .

كما أن الشباب العربي مقتنع ان الأنظمة العربيــة لا تريد الإصلاح وهي تماطل كسباً للوقت . وأنها تدفع فاتورة هزائم النظام السياسي العربي وفساده وتبعيته ، والاهم ان هذا النظام العربي الحالي ادخل العراق وسورية وليبيا واليمن ولبنان في آتون حروب اهلية لتخدم بقائه على السلطة .

ورأى المصري ان نفس عقلية النظام السياسي العربي القائم قبل ثورات ما أسماه  الربيع العربي هي ذاتها بعده تتحكم بمفاصل الحكم ، وان النظام السياسي العربي قبل احتلال فلسطين هو نفسه بعد الاحتلال ، ساهم الى حد كبير في ضياع كامل فلسطين ، وركب حصان القضية الفلسطينية ليحقق بقائه في السلطة.

,في ظل الفراغ السياسي الكبير بعدم مشاركة الاحزاب والقوى السياسية وممثلي الشعب ، ظهرت الحراكات الدينية التي تدعي انها البديل السياسي للنظام القائم . وساهمت ومن خلال ما أسماه ثورات (الربيع العربي) بتحريك قواعدها ، لتاخذ حصة في المشهد السياسي . لكن الملفت للنظر ، انه خرج من رحم الحراك الديني المعتدل ، حركات دينية راديكالية متطرفة . التف حولها الكثيرون ، وشكلت لاحقا علامة فارقة في المشهد السياسي.

وأضاف أن النظام السياسي العربي عمد لكي يحافظ على ديمومته ، بدلا من ان عقد تحالفات شعبية وتعميــق مشاركـتها السياسية ، أرسى تحالفات اقليمية ودولية ادت الى المزيد من تشويه صورته ، وزادت من نفور الشعب .

وفي ضوء ذلك يقول المصري ، أن النظام العربي تهاوى ، وبرز تحالف اقليمي دولي تقوده الولايات المتحدة وتركيا واسرائيل وعدد من الدول الغربية معرباً عن اعتقاده بأن هذا التحالف سيعيد تشكيل المنطقة وهو على وشك النجاح في ذلك ؛ بحسبه . بمواجهة  تحالف تقوده ايران وروسيا في الجهة المقابلة.

يقول المصري أن هذه التحالفات جاءت بناء على وضع عربي متأزم ، وليس اعتماداً على تحالفات ندية ، وبالتالي كان النظام السياسي العربي متقمصاً لدور الذي يتلقى التعليمات وينفذها بحذافيرها وبناءً على مخطط مسبق . وبرأيي ان هذا المخطط هو سايكس بيكو القرن الـ 21. معرباً عن اعتقادة بأن هذا المخطط سوف يرى النور بأسرع مما نتصور!؟

فها هو العراق اعتماداً على دستور بريمرسيئ الصيت فــــي طـــــور التقسيم الى3 مناطق: سنية وشيعية وكردية وقد يخسر العراق بعضاً من أراضيه .

وكذلك الامر بالنسبة الى سورية الذي يسير الى تقسيم طائفي سني علوي ، وعاد الحديث الى اليمن الجنوبي واليمن الشمالي ، والصراع في ليبيا لم يحسم بعد مساره ، وهو سائر الى تقسيمه الى اقاليم لحقن الدماء . اضف الى ذلك تداعيات العملية السياسية في لبنان وما سيؤول اليه الوضع الاقليمي.

هذه الدول والقوى سواء الإقليمية أو الدولية غير مكترثة أو غير معنية كثيراً لموت الالاف من العرب والتناحر بينهم ، مادام ذلك يحقق لهم مصالحهم الجيوسياسية . ولم ولن يذرفوا دمعة على من يموت في هذا الصراع ، خاصة انهم يقاتلون العرب برجال العرب وبسيوفهم .

والادهى ان النظام السياسي العربي ايضا قبل ويقبل الموت لابنائه في ظل الصراع والحروب الاهلية التي تعصف بالبلدان التي اصابها التغير.

كذلك فإن خطط وإجراءات وسياسات (إسرائيل) تجاه الأراضي المحتلة أصبحت واضحة لا لبس فيها . والحقبة القادمة ، إن بقي الاحتلال قائماً ، ستضم الضفة الغربية أو بعضاً من أجزائها إلى (إسرائيل) وإعلان يهودية الدولة وتقاسم الحرم القدسي بين الديانتين الإسلامية واليهودية . وذلك إستعداداً لبناء الهيكل المزعوم .

ونبه المصري إلى أن هذه المرحلة ستكون من أهم مراحل المشروع الصهيوني في فلسطين ، وهذا الجانب من الأحداث يخص الأردن بالذات ويمس آمنه وإستقراره .

ورأى المصري أن الصمت العربي سيكون سيد الموقف في حال قيام الحكومة الإسرائيلية بذلك وسيتزامن مع ظهور حدود جديدة في منطقتنا

مشدداً على ان الخطر والتغيير اصبح على الابواب بل على الحدود ، داعياً القيادة السياسية العليا الاردنية لأن تسير بحذر شديد في حقل من الالغام ، لتجنيب البلد الشر المحيط ان يدخل علينا.

واعتبر المصري أن الأردن جاهز وقابل كدولة ومجتمع بمواجهة تلك الاحتمالات لخلق كيانات طائفية وخلق كيانات تخترق سايكس بيكو أمنياً ؟ ، بل نفخر بأن الأردن اجتاز كل النكبات والنزاعات التي حلت بالمنطقة وبه ، وبقي واقفاً على رجليه ووعي شعبنا بكافـــة فئاته . وإيمانه بأهمية المحافظة على الأمن والاستقرار ، ونفخر بجاهـــزية القوات المسلحة بكل فئاتها وأسلحتها وبقدرتها على حماية الوطن وبموجب الدستور الأردني .

ولكن علينا أن نقر أن العوامل الداخلية المجتمعية والمعيشية لها أثر كبير على الاستقرار ، وأن هذا الزمن مختلف عما سبق فالعالم تغير والأخطار التي نواجهها مــن كل الأماكن ليست كلها أمنية أو عسكرية من خارج الحدود ، بل هي أخطار داخلية أيضاً ناجمة عن فقر وترهل إداري  ونحن نعرف أن إرهاب الجوع أقوى وأخطر من إرهاب السياسة . كما نعرف أن هذه الصراعات والاقتتال وعدم الاستقرار في بلدان ما أسماه الربيع العربي وتداعيات ذلك على الوضع الأمني والسياسي على الأردن سيبقى يهدد أمننا لحقبة طويلة من الزمـــن، إذ لا يوجد بصيص أمل لعودة الهدوء على تلك الدول

ويرى الاردنيون اهمية خلق المناخات المواتية لتحقيق ائتلافات وطنية وحزبية تؤهلهم للسير في إعادة اللحُمة في المجتمع الأردني وفي بناء ديموقراطية حقيقية وواقعية ، وتعميق الدولة المدنية بجميع مكوناتها بعيــداً عن فكر التطرف والاقصاء والتهميش ، واسقاط مفهوم الإقصاء.

العدو أصبح من أمامنا وعلى حدودنا ، والبحر ( إسرائيل وخططها التوسعية ) من ورائنا .

والأردن ليس خارج العاصفة ولا بوليصة تأمين لديه . تأمين الأردن هو الشعب وتماسك وصلابة الجبهة الداخلية وتأمينه هو الشعب والمؤسسات الدستورية.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.