اقتصاد الجزائر من خلال أعداد قادمة من نشرة الإقتصاد السياسي / الطاهر المعز

نتيجة بحث الصور عن اقتصاد الجزائر

الطاهر المعز ( تونس ) الخميس 11/10/2018 م …

تقديم:




توجد حقول النفط والغاز، وهي أساس اقتصاد الرّيع في الجزائر، بالمناطق الصحراوية، جنوب البلاد، لكن الإنفاق الحكومي والإستثمار والتنمية تنحصر في بعض المناطق الساحلية (ساحل البحر الأبيض المتوسط)، شمال البلاد، بما فيها مصانع تسْيِيل الغاز في “سكِيكْدَة” و”أَرْزِيوْ”، وشكّل هذا التفاوت (بين المناطق) أحد أسباب المظاهرات التي حدثت في ولاية ومدينة “وِرْقلَة” خلال شهر أيلول/سبتمبر 2018، حيث طَالبَ المُحْتَجُّون بالشّغل (التّوظيف) وبالتنمية وبالخدمات الصحية، في إحدى ولايات البلاد التي تحوي على أهم حقول النفط، ولكن سكانها من أفقر سكان البلاد…

تشكل ولاية “وِرْقلَة” نموذجا يكاد يكون كاريكاتورِيًّا لانخرام التوازن بين مختلف المناطق الجغرافية وبين القطاعات وبين السّكان بشكل عام، وشكل غياب التوازن أحد أهم أسباب ارتفاع عدد المهاجرين الجزائريين بشكل غير نظامي، في غياب الهجرة النظامية…

نفذت الدولة، خلال العقود الأولى من الإستقلال برامج تنمية وطنية، بين سنتَيْ 1967 و 1986 (أي قبل انهيار أسعار النفط بداية من منتصف سنة 1985 – بسبب إغراق السعودية الأسواق العالمية، بطلب من الولايات المتحدة، من أجل خفض إيرادات الإتحاد السوفييتي المتورط في غَزْو أفغانستان، والذي يعتمد على إيرادات صادرات النفط – وكان من نتائج برنامج التنمية، إنجاز نحو 1800 وحدة صناعية، يرتبط معظمها بالنفط والغاز (البتروكيماويات والأسمدة والبلاستيك)، كما شمل البرنامج الإستثمار في إنجاز مشاريع بُنْيَة تحتية، وبناء مؤسسات تعليم ومراكز صحية…

تأثرت إيرادات الدولة بانخفاض أسعار النفط، فانخفض الإستثمار في مشاريع التنمية وانخفض الإنفاق الإجتماعي، وتوتّر الوضع بين سنتي 1987 و 1988، وأدّى إلى انطلاق الإحتجاجات العارمة التي اجتاحت البلاد في تشرين الأول/اكتوبر 1988، والتي استغلها الرئيس الشاذلي بن جديد (مُمَثِّل الجناح الأكثر يمينية داخل مؤسسات الحُكم) للتخلّص من الإقتصاد المُوَجّه بإشراف الدّولة، ومن الدّور الإجتماعي للدولة، ولتبَنِّي “اقتصاد السّوق”، فتوقفت الإستثمارات العمومية في القطاعات المُنْتِجَة، وانطلقت سياسات الخصخصة، وما أنتجَتْهُ من إهمال لعدد من القطاعات وتسريح للعاملين في قطاعات حيوية مثل الصلب والتجهيزات الميكانيكية، والتّخلِّي عن مزارع الدّولة، واستغل الإخوان المسلمون والمجموعات الأخرى للإسلام السياسي ذلك الركود الإقتصادي والبطالة وتوسّع الفوارق الطبقية ليجتاحوا البلديات، عبر الإنتخابات، ولكي يُطَهِّرُوا القائمات الإنتخابية من معارضيهم، قبل إعلان العصيان المدني، وإطلاق الحرب واغتيال العديد من المثقفين والفنانين والباحثين، وإقامة الحواجز، ودامت تلك الحرب عقدًا كاملا، وقُدِّر عدد القتلى بأكثر من مائتَيْ ألأف، ثم أصدر الرئيس الحالي، باسم أحد أجنحة النظام (جيش + رجال أعمال) قانون المصالحة، أي وضع غطاء على تلك الفترة، دون البحث عن الحقيقة، ولا تزال مِئات الأُسَر تُطالب بمعرفة مصير المُخْتَطَفِين والمَفْقُودين…

لقد تضرّر سكان الأرياف ومناطق الجنوب بهذه “العشرية السوداء”، ولا يزالون يعانون من نتائجها، ومن يتأمل شعارات المتظاهرين، يستنتج تواضُعَ مطالبهم، فهي لا تتجاوز المطالبة بتوفير فُرص العمل وبالماء والكهرباء والغاز، والمسكن والتعليم والصّحة، لكن رُمُوز الدّولة الذين تشَبّعُوا بعقلية الإستثمار الخاص، وبالرشوة، والجري وراء العُمولات ورُخص التوريد والتّصْدِير، لا يهتمون بمشاغل المواطنين، سواء في الجنوب أو في الشّمال، ويُسمِّي الجزائرِيّون هذه النّظرة المُتعالية للبرجوازية وللحكام “الحُقْرَة” (أي الإحتقار)، وهي سَبَبٌ كاف للعصْيان، وللمروق على سلطة الدولة، بحسب العُرْف الشّعْبِي…   

 

الهجرة غير النظامية نحو أوروبا – نموذج الجزائرأدّى انهيار الإتحاد السّوفييتي إلى انهيار كافة أنظمة رأسمالية الدّولة في أوروبا الشرقية والوسطى، فاحتوت الإمبريالية الأمريكية الحكومات الجديدة، وهي حكومات يمينية رأسمالية ليبرالية، أدخلتها أمريكا إلى الحلف الأطلسي، قبل أن تفرض على أوروبا إدماجها في الإتحاد الأوروبي، الذي أصبح يستورد العُمّال والفَنِّيِّين والأطباء والمُهندسين من هذه البلدان، وضيّقت كافة دول أوروبا الخناق على مواطني المستعمرات السابقة، مما جعل الحصول على تأشيرة يقتصر على الفرنكفونيين من بعض فئات البرجوازية الصغيرة (محامين وصحافيين وباحثين جامعيين)، وأصحاب رأس المال، وكلما وقّعت حكومات دول إفريقيا (شمالها وجنوبها) اتفاقيات شراكة مع الإتحاد الأوروبي، أضاف الأخير شروطًا وعراقيل جديدة، بغرض منع هجرة الطلبة والسائحين والعاملين، فانتشرت ظاهرة الهجرة غير “القانونية”، وتستغل قطاعات الإنشاء والمطاعم والفنادق وقطاع الخدمات والتجارة في أوروبا هؤلاء العمال غير النظاميين، لتشغيلهم ساعات طويلة برواتب ضعيفة وبدون تأمين اجتماعي وصحّي، مما أنعش عددأ هامّا من القطاعات الإقتصادية الأوروبية، وتنطلق مركبات المهاجرين من السواحل الجنوبية لتتجه نحو أقرب نقاط سواحل الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، في اليونان وإيطاليا وإسبانيا، خاصة… أما أسباب الهجرة غير النظامية، وتحمل مخاطر الموت غرقًا في البحر، فتتلخص في خفض الإنفاق الحكومي، وتجميد التوظيف في القطاع الحكومي، ما أدى إلى انتشار البطالة والفقر مع ارتفاع الأسعار وشُح السكن…

في الجزائر، هاجرت نُخْبَة مُثَقّفة، فرنكفونية، تتشكل من أساتذة وباحثين وأطباء وصحفيين وفنانين، خلال عشرية الإرهاب الإسلامي، حيث اغتالت المنظمات الإرهابية عددًا من المُثَقّفين والفنانين، وهددت آخرين، فلجأ العديد منهم إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، وحصل العديد من هؤلاء على حق اللجوء، لكن تغيرت تركيبة المهاجرين، ولم تعد أوروبا تسمح بالهجرة النّظامية، أو “القانونية” من المغرب العربي إلى أوروبا، باستثناء ذوي الخبرات والمهارات الذين أنفقت عليهم الدول الفقيرة مبالغ طائلة، قبل أن يحصلوا على مؤهلات جامعية، ثم يأتي ممثلون عن الشركات الأوروبية إلى المغرب العربي أو دول إفريقية أخرى، لإجراء اختبارات واختيار النّخبة من بين الشبان المُهندسين والأطباء والباحثين في ميادين نادرة، وغيرها، وأصبحت الهجرة في معظمها غير نظامية، وهي عبارة عن مُخاطَرَة بالحياة، بسبب العدد المرتفع من الضحايا، بالإضافة إلى عمليات الترحيل، ومنذ أكثر من عقدين أصبحت الدول الأوروبية تُرحّل الجزائريين، ثم التونسيين (عدد المهاجرين التونسيين غير النظاميين قليل بالنسبة لرعايا المغرب ومواطني مصر مثلا)، ولكن الدول الأوروبية لا تُرحِّلُ المصريين، ما دام النّظام مُتَمَسِّكًا باتفاقيات “كمب ديفيد” ويبالغ في حصار فلسطينيي غزة، ويمعن في التطبيع، رغم رفض الشعب المصري للتطبيع…

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية ارتفاع عدد الأشخاص الموقوفين في قوارب الهجرة غير النظامية من 1500 سنة 2015 إلى خمسة آلاف سنة 2017، وكانت القوارب متجهة نحو أسبانيا التي وصلها خلال أسبوع واحد (من 26/10 إلى 03/11/2017) نحو ستمائة جزائري، وفق الأرقام المعروفة، وبلغ عدد الجزائريين الذين وقع إحصاؤهم، بعد وصولهم إلى سواحل أوروبا سنة 2017 أكثر من 8500 جزائري وجزائرية بطريقة غير نظامية، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويظهر من بيانات وزارة الدّاخلية الفرنسية إن الشرطة الفرنسية تُلْقِي القبْض سنويا على معدل عشرة آلاف مواطن جزائري بسبب “الإقامة غير القانونية”، أو بسبب تجاوز مدة صلاحية التأشيرة، التي حصلوا عليها في معظم الأحيان، مقابل رشوة بآلاف اليورو (لأنهم لا يستجيبون للشروط التي تفرضها فرنسا)، عبر وسطاء القنصليات الفرنسية، واتسعت الهجرة غير النظامية من أبناء الفئات الشعبية إلى أبناء وبنات الفئات الوُسْطى، من الحاصلين على الشهادات الجامعية، ومن ذوي المؤهلات، ومن مختلف الأعمار، وبالتوازي مع التغيير في بُنْيَة المهاجرين، تغيرت شخصيات المُهرِّبين، وأصبحت تضُم بحارة تَضرّروا من انخفاض عائدات أنشطة الصيد التقليدية، بسبب تلوث مياه البحر، وبسبب منافسة مراكب كُبْرى، ومنها المراكب الأوروبية، فتحول بعض الصيادين إلى مُهربين غير مُداومين، إذ يقومون برحلات من حين لآخر، وبأسعار “معقولة” وبعدد صغير من المهاجرين، بهدف تحسين دخْلهم، خلافًا لأعضاء شبكات التهريب المحترفة التي تخضع لتنظيم هَرَمي، وتطلب مبالغ مرتفعة، وتضم كل رحلة عشرات، بل مئات الأشخاص… عن موقع “السفير العربي01/10/18

تظاهر الآلاف من سكان مدينة “ورْقلَة” (جنوب البلاد) يوم السبت 15 أيلول/سبتمبر 2018، احتجاجا على “التسيير الكارثي للولاية” وسوء تدبير المسؤولين المحلِّيِّين، وعلى تَفَشِّي البطالة، وكذلك للمطالبة بإقرار برامج لتنمية المنطقة، ومن أجل تحسين ظروف عيش المواطنين، والإستثمار في البنية التحتية، وفق بيان المنظمات التي دعت إلى المظاهرة، وتجاهلت وسائل الإعلام الرّسمية المظاهرة، ولكن وسائل التواصل الإلكتروني وبعض وسائل الإعلام الخاصة أشارت إلى بعض شعارات المحتجّين، ومن بينها: لا عمل، لا سكن، خدعونا بحب الوطن” و”الصامتون عن الجريمة مشاركون فيها”، و”لا خضوع، لا رجوع، التنمية حق مشروع”، و”الشعب يريد إسقاط الفساد”… واتّهم البيان الذي تلاه احد المتظاهرين في نهاية التظاهرة الإحتجاجية الدولة ب”التهميش المُمَنْهَج والمقصود لجهاز الدّولة التي وصف مَسْؤُولوها سكان المنطقة بالشرذمة المُشاغبة، وبالجرذان، بينما جاءت الولاية (التي تنتج النفط والغاز) في ذيل ترتيب الإنفاق على التنمية”، وذَكَّر البيان بالنّقص الفادح في المرافق الصحية والخدمات الحكومية وبسوء حال شبكة الصرف الصحي، ونقص السكن “الإجتماعي” (برامج حكومية لبناء مساكن بأسعار تقل عن سعر السّوق)… كان منظمو المظاهرة يعتقدون أن التّصْرِيح بأنها سِلْمِية ومنظّمة وأن عدم حصول تجاوزات سوف يُجنِّبُ المتظاهرين قَمع قوات الأمن، ولكن الشرطة أطلقت وابلا من قنابل الغاز المُسيل للدموع، وأصابت أحد المُحْتَجِّين المُشاركين إصابة عميقة على مستوى العين اليسرى، وفق أطبّاء المُسْتَشْفى…  عن موقع “الخبر” + أ.ف.ب 16/09/18

 

الجزائر – الصين: تُعْتَبَرُ الجزائر “بَقَرَةً حَلُوب” للصين حيث تنفِّذُ الشركات الصّينية عددا من مشاريع البُنية التحتية والإنشاء والإسكان، بِعُمّال صينيِّين طَبْعًا، ورغم الخلل الظاهر في بعض هذه المشاريع، وعُيُوب التّنْفِيذ، وارتفاع التكاليف ( الطريق الرابطة بين شرق وغرب الجزائر، كنموذج صارخ)، تتمسّكُ حكومة الجزائر بتفضيل الشركات الصّينِيّة لإنجاز مشاريع كُبْرى، مثل “ميناء الوسط” و”مركب الفوسفات المدمج”، وتُقَدِّرُ البيانات الرّسمية الجزائرية قيمة البرامج التي تُنْجِزُها الشركات الصينية بنحو عشرة مليارات دولارا سنويًّا، واندمجت الجزائر في المشروع الصيني الضّخم “الطريق والحزام” (أو طريق الحرير الجديد)، وما إنجاز الصين ميناء “الحمدانية” (غربي العاصمة الجزائرية) سوى محطة من محطات هذه الطريق – الحزام، وستنجزه شركات صينية بقيمة 3,3 مليارات دولارا، وستُشرف الشركات الصينية على منطقة تجارة حُرّة داخل الميناء، وهي بمنثابة دُوَيْلَة صينية داخل الدولة الجزائرية، تستخدمها الصين لعبور سِلَعِها وتخزينها قبل إعادة تصديرها نحو قارّتَيْ أُوروبا وإفريقيا،  كما تُنجز الشركات الصينية طريقا يربط شمال إفريقيا بمنطقة جنوب الصحراء الإفريقية، وخط أنابيب لنَقْل الغاز الطبيعي من الجزائر إلى “لغوس”، عاصمة نيجيريا، إضافة إلى مشروع ربط الجزائر، عبر الألياف البَصَرِية، بالنيجر وتشاد ومالي ونيجيريا، وهي مشاريع مٌكلفة بدأت الجزائر إنجازَها أثناء ارتفاع أسعار النفط (2003 – 2014)، وجميعها مشاريع غير مُنْتِجَة (رغم أهمِّيَتِها) ولا تُعالج مشاكل البطالة المُرْتَفِعة، خُصُوصًا في أوساط الشباب، لكن جميع هذه المشاريع تخدم مصالح الصّين، وتدخل ضمن إطار برنامج “طريق الحرير الجديد”  (أو الحزام والطّرِيق)…

يُصَنّف اقتصاد الجزائر ضمن الإقتصادات الرّيعية، لأنه يعتمد على صادرات المحروقات (وهي مورد طبيعي، لا يُضِيف له الإنسان قيمة، في حال تصديره خَامًّا) التي تُشكل حوالي 98% من صادرات البلاد، وانخفضت إيرادات العُملة الأجنبية من حوالي 80 مليار دولار إلى 35 مليار دولارا، فانخفض بذلك احتياطي العُملة الأجنبية (التي تُسَدِّدُ بها الدولة الواردات وقيمة الأشغال التي تُنْجِزُها الشركات الصينية) من قرابة 200 مليار دولارا منتصف 2014 إلى حوالي 96 مليار دولارا منتصف 2018، ويتوقع أن ينخفض إلى حوالي أربعين مليار دولارا سنة 2021، في حال عدم ارتفاع أسعار النفط الخام، وفق توقعات الحكومة التي أعلنها وزير المالية أثناء تقديم ميزانية 2019، بل وقد تضطر الدولة إلى الإقتراض من الأسواق المالية الخارجية، بعد ثلاث سنوات، إذا بقيت أسعار برميل الخام في حدود خمسين مليار دولارا…

مَرّت البلاد بمرحلة مُماثلة بداية من منتصف عقد الثمانينيات من القرن العشرين، وأَدّى تَدَهْوُرُ الوضع إلى انتفاضة تشرين الأول/اكتوبر 1988، وما تلاها من عَشْرِية الدّم والإرهاب، ولكن الحكومات التي تعاقبت لم تَسْتَوْعب الدّرس ولم تعْمَلْ على تحويل الإقتصاد الرّيعي إلى اقتصاد مُنْتِج، بل عمدت إلى شراء الذمم وتوزيع بعض الفُتات لشراء السلم الإجتماعي، فيما تواصل الفساد والرّشوة والتبذير وإنجاز المشاريع الضخمة والتي لا يستفيد منها المواطن، بل تستفيد منها الشركات الصينية والأوروبية، وبعض الوُسَطاء وفئة من بيروقراطية الدّولة، وحين انخفضت أسعار النفط الخام، وطالت فترة الإنخفاض اعتمدت الدولة سياسات التقَشّف وخفض الإنفاق الحكومي، وتقْيِيد الإستيراد، وتأجيل أو إلغاء إنجاز بعض مشاريع البُنْيَة التّحتية، و”اتهم” البنك العالمي الحكومة بطبع مليارات الدينارات، دون أن يُقابلها إنتاج بنفس القيمة، مما يرْفع الأسعار ويرفع نسبة التّضَخّم، ولم تُخْفي الحكومة لُجوءها إلى هذا “الحَلّ المؤقّت”، بل عَلّلت ذلك بضُعْفِ مواردها من الجباية المحلّيّة (ضريبة الدّخل والضريبة غير المباشرة كالقيمة المضافة وضريبة الإستهلاك والخدَمات وغيرها)…

إن الوضع الإقتصادي الحالي للجزائر يُفِيد الشركات الصينية ومشاريع الصين، ولا يُفِيد الجزائر (ولا الشعب الجزائري) في شيء، لأن هذه “الشراكة” تزيد من عجز الميزان التجاري الجزائري، وتزيد من ديون الجزائر تجاه الصين…  عن وكالة “شينخوا” + موقع صحيفة “الخبر” 07/09/18

 

يُمثل قطاع المحروقات (النفط والغاز) أهم موارد الدولة من الصادرات ومن العملات الأجنبية، لتوريد معظم ما تحتاجه البلاد، حيث لم يقع تشجيع وتمويل المشاريع المُنْتِجة، ولتأمين “السِّلْم الإجتماعي”، بتوزيع بعض فُتات الرّيع (مثل معظم دول الرّيع النّفْطِي)، مما يجعل قطاع المحروقات أحد نقاط القوة وأهم نقطة ضعف أيضًا في اقتصاد البلاد، وأصدرت إحدى مؤسسات التّصنيف الإئتماني تقريرًا، ومعظم مثل هذه المؤسسات أمريكية ( هي شركات تنشر تقارير موجهة للمصارف التي تُقْرِض الشركات والدول لتمويل التوريد أو المشاريع الإنمائية، لتحذيرها من المخاطر) صَنَّفَ (التقرير) الجزائر في خانة “المخاطر العليا”، بسبب هيمنة قطاع المحروقات التي تُشَكِّلُ إيراداتها 60% من ميزانية الدولة وأحوالي 95% من إيرادات التصدير، ةمن موارد العملة الأجنبية… سبق أن أصدرت “المؤسسة الفرنسية لتأمين التجارة الخارجية” (كوفاس) تقريرًا سابقا لتقرير المؤسسة الأمريكية، يُشير (التقرير) إلى ارتفاع المخاطر التي يُعاني منها اقتصاد الجزائر، ويتوجه التقرير للمصدّرِين الفرنسيين، مَصْدَر معظم واردات الجزائر…

في قطاع المحروقات، وقّعت الشركة الوطنية للمحروقات (سونتراك) عقدًا بقيمة 248 مليون دولارا مع شركة “مير تيكنيمونت” الايطالية، لاستغلال القسط الرابع من حقل الغاز الطبيعي بحقل “زاد-سينا”، ( في حاسي مسعود، جنوب البلاد)،وإنتاج حوالي ثمانية ملايين مترا مكعبا من غاز “جي بي إل” ويتضمن العقد المُؤَقّت أشغال الهندسة وتوريد المعدات والبناء للقطار الرابع لإنتاج غاز “جي.بي.أل“.، والغاز المكثف المستخرج من الغازات المصاحبة، اومصدرها الوحدات المجاورة لمركب ZCINA بحاسي مسعود في الصحراء الجزائرية، وفق بيان الشركة الإيطالية التي تعتبر هذا العقد مَدْخَلاً أو موطئ قدم لها بالسوق الجزائرية لمعالجة الغازات، إذ ترغب الدولة (عبر شركة “سونتراك”) زيادة عدد مركّبات إنتاج غاز النفط المسال “النّظِيف” ومنخفض التكاليف (“جي بي أل”)، الذي يتوقع أن ترتفع نسبة وسائل النقل التي تستخدمه، بدلاً عن البنزين…

من جهة أخرى، انتشر وباء الكوليرا في البلاد منذ بداية شهر آب/أغسطس 2018، وأعلنت وزارة الصّحة يوم 30 آب/أغسطس 2018 وفاة شخصين، وتأكيد إصابة 74 شخصاً آخرين، والاشتباه في 173 حالة أخرى لا تزال تحت المراقبة الطّبِّيّة في المستشفيات، واستفاد تُجّار المياه المُعَبّأة في قوارير (المُسَمّاة “مياه معدنية”) من حالة الهلع التي أصابت المواطنين الذين قاطعوا مياه الصنابير (الحَنَفِيّات)، وأنواع كثيرة من الخُضار والفواكه، بعد رواج أخبار عن لجوء بعض الفلاحين إلى سقيها بمياه الصرف الصحي، لأن وباء الكوليرا هو عدوى بكتيرية حادة تنجم عن تناول طعام أو مياه ملوثة تسبب الإسهال والقيء، ويمكن أن تؤدي إلى الجفاف الشديد والموت في غياب العلاج الفوري، وانخفضت أسْعار المواد الغذائية الطازجة (الخُضْروات والفواكه) في أسْواق الجزائر، كما تراجعت صادرات البلاد منها، بل أعادت بعد الدول مثل روسيا وكندا وفرنسا، شحنات من المنتجات الزراعية الجزائرية، بسبب استخدام مبيدات غير صحية، وبسبب الخوف من انتقال عدوى الكوليرا عبر هذه المواد الغذائية، وتخشى السّلُطات انضمام دول أخرى إلى القائمة الرافضة لصادرات الجزائر الغذائية، بسبب التقارير الإعلامية العديدة بشأن انتشار الكوليرا، فيما كانت البلاد تتَهَيَّأ لتصدير بعض المواد الاستهلاكية إلى أكثر من 13 دولة في 4 قارات، خلال شهر أيلول/سبتمبر 2018… عن صحيفة “الخبر” (الجزائر) + موقع “ميدل إيست مونيتور” + أ.ف.ب 03/09/18

 

تُصدّر الجزائر الجزء الأكبر من إنتاجها للغاز الطبيعي إلى قارة أوروبا، وتُعَد أحد أكبر مزوديها، وتستورد أوروبا قرابة 30% من حاجاتها من الغاز من الجزائر، عبر 3 خُطُوط أنابيب، وتستقبل إيطاليا نحو 60% من الغاز الجزائري المُصَدّر إلى أوروبا، تليها إسبانيا بنحو 20%، وفرنسا 12%، ثم البرتغال 7%، وسلوفينيا 1%، وتعتزم الحكومة الجزائرية استثمار 280 مليون دولارا (عبر شركة الطاقة الوطنية “سوناطراك” ) لبناء خط أنابيب جديد يبلغ طوله 197 كيلومترا سيكون جاهزا سنة 2020، وتبلغ سِعَتُهُ 4,5 مليارات متر مكعب سنويًّا، لزيادة حجم الغاز الطبيعي المُصَدَّر نحو قارة أوروبا، ليرتبط هذا الخط الجديد بخطين آخرين يصلان إلى إسبانيا، احدهما عبر أراضي المغرب والثاني عبر البحر الأبيض المتوسط… يُقَدّر حجم صادرات الجزائر بنحو 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنة 2017، من بينها تسعة مليارات متر مكعب سنويا نحو أسبانيا، وتدوم مدة العقد تسعة سنوات أخرى، و5,4 مليارات متر مكعب سنويا إلى تركيا، لخمسة سنوات قادمة أخرى، ولا تزال المفاوضات جارية لتجديد العقود مع إيطاليا، فيما تعمل الجزائر على تأسيس شركة تجارية جديدة لبيع الغاز…

تحصل الدولة المغربية، مقابل عبور حوالي 12,5 مترا مكعبا من الغاز لأراضيها سنويًّا، على كمية من الغاز تعادل قيمتها 7% من العائدات وفق السعر المُحدّد في الأسواق الدّولية، أو حوالي 65 مليون دولار خلال سبعة أشهر من سنة 2017 و 110 ملايين دولارا خلال سبعة أشهر من سنة 2018، بزيادة بلغت نسبتها 69,2%… عن رويترز 12/09/18

 

بقي اقتصاد الجزائر “ريعِيًّا”، يعتمد بنسبة حوالي 95% على تصدير الموارد الطبيعية الخامة (النفط والغاز)، رغم برامج التصنيع و”الثورة الزراعية” (تستخدم جميع بلدان العالم عبارة “إصلاح زراعي”، أما في الجزائر فاستخدمت الحكومة عبارة “ثورة زراعية”) التي أُعْلِنَ عنها قبل قرابة خمسة عقود، وتحتاج معظم الدول العربية إلى سعر يفوق سبعين دولارا لبرميل النفط الخام، لكي تتمكن من رشوة بعض فِئات السكان، ومن مواصلة مستوى الإنفاق، ولرعاية مستوى السرقات والفساد… 

تراجع احتياطي النقد الأجنبي في الجزائر من 194 مليار دولارا بنهاية شهر حزيران/يونيو 2014 (عند انهيار أسعار النفط) إلى 97,5 مليار دولارا بنهاية سنة 2017، وإلى حوالي 90 مليار دولارا بنهاية أيار/مايو 2018، وتتوقع الحكومة انخفاضه إلى نحو 85 مليار دولارا بنهاية سنة 2018، وإلى نحو 62 مليار دولارا بنهاية 2019، إذا لم ترتفع أسعار النفط الخام، بصورة ملموسة، وانخفضت الإيرادات السنوية للدولة من النقد الأجنبي من حوالي 60 مليار دولار سنة 2014 إلى نحو 34 مليار دولار سنة 2017، وكانت الدولة قد أنشأت صندوق ضبط الإيرادات، وهو بمثابة صندوق ادخار محلي للحكومة، لتحويل الفارق بين السعر المُتوقّع والمُعتمَد في الميزانية، والسعر الحقيقي لتسويق برميل النفط، وبلغت مدخرات صندوق الإيرادات نحو 54 مليار دولارا سنة 2014، وبعد الإنخفاض المتواصل لأسعار البرميل، نَضُبَتْ موارد الصندوق تمامًا بنهاية 2017…

وَرَدَ في مسودة قانون الميزانية لسنة 2019 اعتزام الحكومة انتهاج سياسة “ترشيد الإنفاق والتمسك بالانضباط المالي”، مما يتناقض مع ما قيل وكُتِبَ عن “زيادة ميزانية الدعم”، رغم استراتيجية خفض الإنفاق لمواجهة عجز الميزانية منذ 2015، ويتناقض كذلك مع حديث الوزراء منذ بداية سنة 2018 بشأن إلغاء دعم أسعار الطاقة، سنة 2019، ولكن الحكومة أجّلَت إلغاء الدّعم بسبب قُرب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/ابريل 2019، وَوَردت في وثائق الميزانية التي صدرت عن وزارة المالية، بيانات عن انخفاض الإنفاق الحكومي العام (في مجالات غير دَعْم الأُسَر) من 8,65  تريليون دينارا سنة 2018 أو ما يعادل 76,5 مليار دولارا، إلى 8,5 تريليون دينارا سنة 2019 أو ما يعادل 75 مليار دولارا، مع زيادة قيمة التّحويلات الإجتماعية (التي تَضُمُّ دعم المواد الأساسية والطاقة والسّكن والنّقل والصّحة وغيرها) بنسبة 0,7%، من 1,76 ترييليون دينارا سنة 2018 إلى 1,77 تريليون دولارا (موالي 16 مليار دولارا) مُقَرَّرَة سنة 2019، وتبلغ ميزانية دعم العائلات والسكن والصحة نحو 64% من إجمالي ميزانية الدعم، وفق وثائق وزارة المالية، وأجلت الحكومة قرار خفض الإنفاق بشكل أكبر إلى سنتَيْ 2020 و 2021 وهي السنة التي حددتها الحكومة الجزائرية لبلوغ التوازن المالي، وقدّرت الوثيقة عجز الميزان التجاري بنحو 17,2مليار دولارا سنة 2019 وبحوالي 14,2 مليار دولارا سنة 2020 وبقرابة 14 مليار دولارا سنة 2021، ويعني العجز إن البلاد تستورد معظم حاجياتها من الخارج، أي بالعملة الأجنبية التي تضاءل حجمها في المصرف المركزي إلى تسعين مليار دولارا بنهاية شهر أيار 2018، مما يجعل الحكومة تواجه معضلة توفير العملة الأجنبية لتغطية فاتورة التوريد، إضافة إلى تراكم الدين الدّاخلي (بالعملة المحلّية)، ولكي لا تلجأ الحكومة إلى الإقتراض من الخارج، قررت اللجوء إلى الإقتراض الدّاخلي بقيمة تُعادل 11 مليار دولارا سنويًّا، بين 2018 و2022… وفي حين كتب البنك العالمي في أحد تقاريره (بداية أيلول/سبتمبر 2018) “إن لدى الحكومة تمويلات كافية، وبالتالي فهي ليست بحاجة لاقتراض خارجي في الوقت الراهن من أي جهة كانت”، أعلن صندوق النقد الدولي (آذار/مارس 2018) “ضرورة لجوء الحكومة للاقتراض الخارجي، لمواجهه تبعات انخفاض أسعار النفط، التي أثرت على اقتصاد البلاد منذ منتصف سنة 2014، ولتمويل مشاريع استثمارية…”، وبلغت قيمة الدين الخارجي للجزائر نحو 3,85 مليار دولارا بنهاية 2017، وهو مبلغ صغير مُقارنة بديون الدول العربية، وكانت البلاد قد تخلّصت من الدّيون الخارجية قبل حوالي عشرين سنة، وعادت بنهاية 2016 لتقترض نحو مليار دولارا من المصرف الإفريقي للتنمية، لتمويل مشاريع في قطاع الطّاقة، ويعتبر البنك العالمي “إن احتياطي النقد الأجنبي  يكفي لمجابهة الواردات حاليا”. عن أ.ف.ب +صحيفة “الخَبَر” (الجزائر01/10/18

 

انتقل الخطاب السياسي في الجزائر، خلال ثلاثة عقود، من “الإشتراكية” المَزْعُومة و”الثورة الزراعية”، وغيرها من الشعارات البَرّاقَة، إلى الدفاع عن قانون السوق وعن الرأسمالية الليبرالية “المُتَوَحِّشَة”، فيما بقي الإقتصاد “ريعِيًّا”، يعتمد على الثروات الطبيعية، بل باعت الدولة القطاع العام الذي كان مفخرة الجزائر (مصنع الصلب “الحَجّار” والصناعات الميكانيكية، وتركيب قطاع الغيار…)، واتخذت الحكومة إجراءات تقشُّف أَضَرّت بالعمال والموظفين والفئات الكادحة، ومن بينها خفض الإنفاق الحكومي، وانخفاض قيمة الدّينار، وخفض قيمة دعم الوقود والصحة والتعليم والنقل، وزيادة الأسعار، وتجميد التوظيف في القطاع العام، وهناك إجراءات بقيت مُؤَجّلَة إلى ما بعد انتخابات 2019…

أصبح بعض الرأسماليين، وبعض رموز الفئات الميْسُورة يتحدثون علَنًا عن “إلغاء الرقابة على الصرف”، وعن إلغاء القانون الذي يُحتم على الشركات الأجنبية شراكة مع شركة محلية تمتلك بالضرورة أغلبية الأسهم أو رأس مال الشركة المُزْمع تأسيسها، أو المشروع المُنْجَز في الجزائر، وتُظْهِرُ الوقائع إن اقتصاد الجزائر في وضع سيء، حيث تجاوز عجز ميزانية الدولة 10% ولجأ المصرف المركزي إلى طبع أوراق نقدية، لا قيمة لها، إذْ لا يُقابل قيمتَها إنْتاج حقيقي، وازدهرت السوق الموازية لصرف العُملات الأجنبية، فيما ارتفع وزن الإقتصاد الموازي ليعادل حوالي 50% من اقتصاد البلاد (الناتج المحلي الإجمالي)…

تدهورت الحالة الإقتصادية للمواطنين العاديِّين، وتدهورت معها الأوضاع المعيشية بشكل عام، وفي مجال الصحة، أعلنت وزارة الصحة يوم العاشر من أيلول/سبتمبر 2018 إصابة أكثر من مائة شخص بالكوليرا خلال شهر آب/أغسطس 2018، واستقبلت المستشفيات 200 شخص (أو حالة مشتبه بها) خلال نفس الشهر، ويُعتقد إن تسمُّمًا غذائيا واستخدام مياه ملوَّثَة تسببا في انطلاق ثم انتشار وباء “الكوليرا”، وانتشرت الإشاعات والنوادر التي تُشَبِّهُ وضع الجزائر بوضع اليمن وتشاد والنيجر، وهي بلدان فقيرة أو تعيش حالة حرب، واتهمت بعض الأوساطِ السلطات بإخفاء الوباء خلال فترة عيد الإضحى، وهي فترة تشهد سنويّا تنقل عشرات الآلاف من المواطنين، لزيارة أقاربهم أو لقضاء أيام العيد في مناطقهم الأصْلِية… بعد شهر كامل، أعلنت وزارة الصحة القضاء على الوباء…  عن “منتدى أرباب العمل” + وكالة الأنباء الجزائرية (رسمية) + أ.ف.ب + موقع صحيفة “الخبر” 10 و 28/09/18 + 01 و 04/10/18

 

تراجعت احتياطيات الجزائر من النقد الأجنبي من 106,3 مليار دولارا في 30 حزيران 2017 إلى 97,33 مليار دولارا بنهاية سنة 2017، وإلى 88,61 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري (30 حزيران/يونيو 2018)، بحسب بيانات المصرف المركزي الذي عزا هذا الانخفاض، إلى تراجع قيمة الدولار أمام اليورو، وإلى خسارة البلاد بتأثير نحو 790 مليون دولار (في عملية الصرف بين اليورو والدولار الذي تُقَوّمُ به أسعار النّفط)، في الفترة بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو 2018، أي إن اقتصاد البلاد ريعي، يعتمد على إيرادات النفط، ويتأثر كثيرًا بعوامل خارجية، ومن بينها سعر صرف عُملات أخرى (اختصم سعد وسعيد فَهَلَك مسعود)، واتخذت الحكومة إجراءات تقشف عديدة، لخفض ميزان المدفوعات بحوالي ثلاثة مليارات دولار، ولتصل قيمة العجز بذلك إلى 7,93 مليارات دولار بنهاية حزيران/يونيو 2018، وتتوقع الحكومة أن تبلغ عائدات المحروقات (نفط وغاز) نحو أربعين  مليار دولار نهاية سنة 2018، أما الإيرادات الأخرى فهي لا تتجاوز عادة مبلغًا يتراوح بين ملياريْن وثلاثة مليارات دولارا، أي إن البلاد لا تُصَدِّرُ شيئًا تقريبًا باستثناء النفط والغاز، ولذلك فهو اقتصاد ريعي، يعتمد على موارد طبيعية خام، ولا يعتمد على ما يُضِيفُهُ الإنسان من قيمة للمادة الخام… من جهة أخرى، اتفقت شركة المحروقات الوطنية “سونتراك” مع شرِكَتَيْ “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية لبدأ أعمال حفر للبحث عن الغاز والنفط في حقول بحرية في موقعين بشرق وغرب الجزائر في بداية سنة  2019، كما وقعت “سونتراك” اتفاقًا مع “توتال” لإقامة مصنع للبتروكيماويات سينتج 550 ألف طن من “البولي بروبلين” سنويا، واستثمار مشترك بنحو 406 ملايين دولار لدعم إنتاج حقل “تين فوي تبنكورت” للغاز، واتفاق آخر لتطوير حقل عرق عيسيوان للغاز… رويترز + أ.ف.ب 07/10/18

 

الجزائر، بزنس الرياضة: ينتشر الفساد في الجزائر كما في معظم الدول العربية (وغير العربية)، وخصوصًا في الدول ذات الإقتصاد الرّيعِي، الذي يعتمد على الموارد الطبيعية الخام، ويُهْمِلُ الإستثمار في القطاعات المُنْتِجَة، مما يُيَسِّرُ انتشار الفساد والرّشوة وشراء الذّمم، ولم تَسْلَم الرياضة (كرة القدم) من “الفساد المنهَجِي والبُنْيَوي، عبر الفساد حسب الطّلَب، والتّلاعب بنتائج المباريات”، وفق تحقيق “دام ثلاث سنوات”، نشرته محطة قناة “هيئة الإذاعة البريطانية” (بي بي سي)، وأظهر التّحقيق وجود قائمة أسعار شبه رسمية لرشوة اللاعبين والمسؤولين، وفق أهمية كل مباراة وسياقها، وعلى سبيل المثال، ففي دوري الدرجة الأولى، يكلف منح ضربة جزاء من جانب أحد الحكام الفاسدين نحو مليون دينار جزائري على الأقل، وهو مبلغ يعادل عشرة أضعاف المنحة الشهرية التي يحصل عليها الحكام الدوليون في الجزائر، ويبلغ سعر ترتيب تعادل بين نادِيَيْن مليونَيْ دينار، أما ثمن الفوز فيرتفع إلى 66 ألف دولار، ويؤدّي انتشار الفساد إلى انتشار العنف والتشكيك بكافة النتائج، في كافة الدّرجات، مما يَضُرُّ بسمعة الرياضة والبلاد، لأن بعض وسائل الإعلام الجزائرية تُشير إلى تدخّل مسؤولين سياسيين وأثرياء مُقَرّبِين من دوائر السّلطة السياسية، في شؤون كرة القدم، وفي نتائجها، وصرّح رئيس الاتحاد الجزائري (منتخب منذ آذار/مارس 2017) “إن تطهير كرة القدم من الفساد يعد من أولويات الفريق الاداري الحالي” وأعلنت الإدارة الحالية للإتحاد إنشاء هيكل خاص بمراقبة تمويل النوادي المحترفة والاتحاد الجزائري لكرة القدم نفسه…

تاريخيًّا، لعب الفريق الوطني لكرة القدم الذي أنشأته “جبهة التحرير الوطني” دورًا هامًّا في التعريف بقضية تحرير الجزائر من الإستعمار الفرنسي، وللتذكير فإن الجزائريين كانوا يُعدّون فرنسيين غصبًا عنهم (وإن كانوا “فرنسيين من درجة ثانية أو ثالثة”) وكان حوالي عشرة من اللاعبين المحترفين ضمن 23 من المدعويين للمشاركة في بطولة العالم بالسويد سنة 1958، واتفقوا على الخروج أفردًا من فرنسا، عبر سويسرا والإلتحاق بتونس لتأسيس الفريق الوطني الجزائري لكرة القدم، الذي حقق نتائج هامة في الدول العربية و”الإشتراكية” ودول “العالم الثالث”، وكان الجمهور الجزائري الغفير يُشَجّع الفريق الفلسطيني (قبل حوالي سنَتَيْن) بدل تشجيع الفريق الجزائري، في مباراة ودّية، ثم رفع الجمهور شعارات معادية لأمريكا وعُملائها، خلال مباراة الجزائر والعراق، قبل بضعة أسابيع، وحَقَّقَ الفريق الجزائري أول فوز لمنتخب افريقي في كأس العالم عندما فاز في بطولة العالم 1982على منتخب ألمانيا الغربية، الحائز على بطولة أوروبا، ولكن تقهقر وضع الفريق الذي لم يفز بأي مباراة خاضها في نطاق بطولة الأمم الإفريقية للعام 2017، كما أخفق في التأهل لبطولة كأس العالم 2018 التي أقيمت في روسيا، لأن الفريق الوطني تأثّر بمناخ الفساد السائد في البلاد، وفي مجال كرة القدم (وكذلك الشأن في رياضات أخرى)… بشأن العلاقة بين الرياضة ورأس المال والسياسة، الرجاء مراجعة بحث مُطول بعنوان “الرياضة بين الإستثمار المالي والإستغلال السياسي” – الطاهر المعز (2009 أو 2010)  (دولار أمريكي = 118 دينارًا جزائريّا) عن موقع “بي بي سي” 19/09/18

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.