في الحديث عن التلفزيون في رمضان : ارحمونا / نوال القصار
الأردن العربي ( الأحد ) 21/6/2015 م …
في استعراض سريع لبرامج رمضان على الشاشات العربية خلال اليومين الماضيين وجدت أننا لا زلنا نحارب الاستعمار والعثمانيين، وما زالت أُسرُنا تعاني من كيد الحموات، والضُّرات، والكِنات، وما زلن النسوة يجذبن أزواجهن إليهن لكي لا يتزوج عليهن باللجوء إلى أعمال السحر، وما زلنا نمارس بطولات خارقة وهمية لم تتمكن لغاية الآن من أن تعيد لنا ولو جزءاً بسيطا من أراضينا المسلوبة ولا تفيد الأجيال الآتية في شيء فيما عدا مزيداً من الكذب والوهم الخارق، والسفاهات والسخفات التي لا يمكن من منطلق سطوة الإعلام ووسائل الإعلام الحديثة المنتشرة بكافة الأشكال والأحجام في كل منزل وشارع، وحتى في وسائل النقل المختلقة أن ترقى بعقل المشاهد أو تحقق عالماً عربياً معرفياً يعتمد على المعرفة في صناعة مستقبله.
في المقابل، ولا أريد أن يفهم من كلامي هذا أنني أشجع أو أروج لمشاهدة المسلسلات والأفلام الغربية، بل إنها دعوة لكتّاب سيناريوهات المسلسلات والأفلام إلى توظيف الحقائق العلمية والتكنولوجية في حوارات الممثلين، واستغلال المشاهد واللقطات لتعليم المشاهدين شيئاً يستفيد منه في حياته اليومية. بكل المقاييس تعتبر نسبة مشاهدة التلفزيون خلال شهر رمضان المبارك من أعلى النسب خلال العام على الإطلاق لذا يتنافس النجوم وشركات الإنتاج والقنوات التلفزيونية على القبض على حصة ممتازة من هذه النسبة.
لنلقي قليلاً من الضوء على بعض المسلسلات هنا، ليس من باب النقد لأنه ليس مجالنا أبداً وإنما من باب المقارنة. فعلى سبيل المثال، مسلسل العراب المأخوذ عن قصة فيلم العراب الشهيرة: صراع مافيا غربي بحث، لماذا يقدم إلى المشاهد العربي؟. والمسلسلات التي تتمحور عن الثورات العربية: ما زال أمر هذه الثورات ومصدرها ومصيرها مشكوكاً فيه لغاية الآن، خصوصاً بعد تبلور الأحداث بين السعودية واليمن. ولا تنسوا شخصيات الزعيم، والأبظاي، والأزعر التي ما زالت تثرثر وتعجن الكلام منذ أكثر من سبع سنوات دون الوصول إلى نتيجة بعد.
حتى مسلسلات الجرائم والقتل والقصص البوليسية: هل نجحنا بها على مستوى سي آي إس (CIS) مثلاً؟ أنا شخصياً أتابع بعض المسلسلات الأجنبية من حين إلى آخر حسب ما يتيح لي الوقت، وناقشت الموضوع مع صديقة وزميلة صحفية في المكتب، دعاء حماد، وقالت لي فيما قالته إنها تعلمت الكثير من الأمور الطبية والصحية بمتابعة الشخصية الشهيرة د. هاوس. وثمة مسلسلات أخرى تعلمك الفيزياء وعلم الجريمة، والتحليل النفسي، وغيرها الكثير من الحقائق العلمية والحياتية التي يمكنك من خلال مشاهدتها أن تضيف شيئاً إلى معارفك أو معلوماتك. وطبعاً ليست كل المسلسلات الغربية رائعة أو حتى جيدة، ولكني أتمنى أن نخرج بمسلسل عربي واحد يمكننا أن نتحدث عنه من خلال هذا الإطار.
وحتى مسلسلات الخيال العلمي الأجنبية فهي تعتمد في أسس سناريوهاتها وحواراتها على الحقائق العلمية، بما فيها مسلسل ستار تريك الخيالي البحت، ولكنه لا يخلو من إشارة إلى عوالم فضائية بدأت البشرية تكتشف وجودها الآن. وفي هذا الإطار أود أن أشير إلى مسلسل آخر بعنوان Sense8 أشار إليه صديقي جورج خوري ونصحني بمشاهدته حيث أنه يفتح آفاقاً ومدارك كبيرة في الذهن البشري.
وتقوم فكرة المسلسل على أننا حين نولد، سوف تتشارك حياتنا مع 7 أشخاص آخرين (على الأقل) ولدوا معنا في نفس اللحظة في أرجاء مختلفة من العالم، وسوف يتبادل هؤلاء ( ويطلق عليهم المجموعة أو Cluster) مهاراتهم وخبراتهم ومعارفهم التي اكتسبوها كل مع الآخر. ورغم غرابة هذا المبدأ، إلا أنه يثير في نفس المشاهد أسئلة كثيرة وتحفز ذهنه على التفكير والاستنباط والتحليل… والتساؤل.
ورمضان كريم علينا وعليكم وكل عام وأنتم بخير.
التعليقات مغلقة.