مقتل الخاشقجي ودموع فرح / شوقية عروق منصور

نتيجة بحث الصور عن شوقية عروق منصور

شوقية عروق منصور ( فلسطين ) الخميس 18/10/2018 م ؟…
أنا من أشد المعجبين بأفلام الاكشن والحركة وأفلام العصابات ، وأعتبر ثلاثية أفلام ” ذا غود فاذر ” للمخرج الرائع ” فرانسيس كوبولا ” أفضل أفلام المافيا والعصابات على مر التاريخ السيمائي ، والأب الكبير الممثل “مارلون براندو” هو الأول في رسم الخطط والأبن ” آل باتشينو ” الأول في التنفيذ ، لكن لم أكن أعلم أن هناك فلماً واقعياً من إخراج عصابة مؤلفة من العائلة المالكة في السعودية وان الأب سلمان والأبن محمد بن سلمان يتفوقان على ” براندو وآل باتشينو ” ، وأن الفلم سيبث عبر الفضائيات العربية والعالمية ، من بطولة الصحفي السعودي ” جمال خاشقجي ” – وخاشقجي مأخوذة من الكلمة التركية ” خاشوقة ” ملعقة ” وخاشقجي تعني ” صانع الملاعق-




انشغل العالم ياختفاء ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل السفارة السعودية ، وما رافق الأحداث من لقطات سينمائية والتحليق فوق غيوم التوقعات والتحليلات حتى أصبح مطر الاتهامات يبني مستنقعات على أرض النشرات الإخبارية ، وكل فضائية تتوهم أنها حصلت على الخبر الصحيح، من ابرة التخدير التي كانت تنتظر الصحفي جمال خاشقجي عند دخوله السفارة السعودية في اسطنبول الى مرحلة تقطيع جسده على انغام الموسيقى الهادئة ، التي كانت شاهدة على رقة السكاكين ، الى الحقائب السوداء التي احتوت القطع التي كل ذنبها أنها كانت أحياناً تصرخ وتنتقد بعض الأوضاع في المملكة السعودية .
نتأمل بحزن وقهر المشهد الاغتيالي ، نتأمل الصورة الكبيرة للخداع الذي تم داخل السفارة التي من المفروض أن تكون أرض الحماية للمواطن ، لكن لنتذكر نحن ألم يقتل ” عمر النايف ” من قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في السفارة الفلسطينية في بلغاريا عام 2016. ولم نسمع عن عواصف واتهامات ، بل مر الاغتيال بهدوء.
العالم تابع ويتابع قضية الخاشقجي بتلهف ، ونحن نعرف أن تركيا بحرصها على معرفة الحقيقة ، ليس حباً بالخاشقجي ، واحتراماً لحقوق الانسان وحق الخاشقجي في العيش والقول والكتابة وحرية الرأي ، وأيضاً الرئيس الأمريكي ترامب الذي يحاول أن يكون حزيناً على اغتيال ” الخاشقجي ” ويطالب بمعرفة الحقيقة ، نعرف ان لا تركيا ولا أمريكا ولا أي دولة تضع حياة المواطن – خاصة العربي – على أجندة اهتمامها ، لأن القبور التي فتحتها تركيا – خاصة في سوريا – وأمريكا في العالم العربي- من العراق الى ليبيا – تجعلنا نسخر من اهتمامهم المفاجيء لحياة أحد المواطنين العرب . كل ما في الأمر أنهم يشدون الحبل السعودي حول الرقبة لأهداف سياسية واقتصادية ، وغاية في نفس يعقوب – يعقوب القابع في البيت الأبيض – .
وإلا لماذا لم نسمع أصواتهم اليومية عند مقتل الأطفال الشيوخ والشباب في غزة ، لماذا لم نسمع أصواتهم عندما وضعت إسرائيل برامج الاغتيالات على اجندتها الوجودية طوال عشرات السنوات ، هل نتذكر مقتل المبحوح أم عبد العزيز الرنتيسي أم الشيخ أحمد ياسين ، و مقتل محمود الهمشري في باريس عام 1972 ، و الكاتب غسان كنفاني وكمال عدوان والشاعر كمال ناصر و أبو يوسف النجار ومحمد أبو دية ، أم اغتيال ” علي حسن سلامه عام 1979 في بيروت ، وزهير محسن ونعيم خضر في بلجيكا ، والكاتب ماجد أبو شرار في روما ومأمون الزغير ، وأبو جهاد في تونس عام 1988 ، وعباس الموسوي القيادي في حزب الله ، عاطف بسيسو في باريس 1992 ، وفتحي الشقاقي في مالطا ويحيى عياش وأبو علي مصطفى وصلاح شحادة ورائد الكرمي وغيرهم من علماء مصريين وعراقيين مثل علي مصطفى مشرفة و سميرة موسى و يحيى المشد و جمال حمدان وغيرهم ، البكاء على جمال الخاشقجي ورقة التوت التي تغطي العري السياسي التركي والامريكي والعالمي .
في الوقت الذي فيه العالم مشغول في قضية ” جمال خاشقجي ” يطل من التلفزيون العراقي وجه الفتاة الصغيرة ” فرح ” التي أبكت الجميع ، هذه الفتاة التي قُتل والديها في الحرب ، و لا أحد يريدها ، لأن الفقر يعشش في بيوت الأقارب ، لذلك تقوم جدتها بوضعها في ملجأ للأيتام ، وقبل الذهاب إلى الملجأ يتصل أحد الجيران بالتلفزيون ، فيقوم التلفزيون عبر أحد برامجه ، بتصوير برنامج عن رحلة خروج الفتاة من بيت جدتها الى الملجأ ، تبكي وتتوسل لجدتها لكن لا من مجيب ، من سخرية الصدف المذيع العراقي يدعى ” علي عذاب ” يرافق الطفلة التي لا تريد الذهاب الى الملجأ ، تريد البقاء في بيت جدتها . لكن توسلاتها ذهبت أدراج الرياح ،تم يداعها في الملجأ .
كم فتاة صغيرة في العالم العربي، مثل فرح تيتمت ، فقدت عائلتها وبيتها وجميع أفراد العائلة الكبيرة ، ودخلت الملجأ في العراق وسوريا وليبيا واليمن ، وهناك من لا يزال في الشوارع يتسول ويُستغل أو تباع أعضائه ، فقد انتشرت في العراق وسوريا ومصر أيضاً تجارة الأعضاء ، كم طفل عربي وطفلة عربية الآن لا يجدون كسرة خبز وصحن طبيخ ، وينامون في الشوارع والخرائب .
بصمت نخفي آلامنا ، لكن عندما نسمع نواح ترامب واردوغان وغيرهم على الخاشقجي ، نقول لهم سماء اليمن وسماء العراق وليبيا وسوريا ما زالت تقطر دماً ، عذراً يا جدي المتنبي ليس ” طعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم ” الموت رافق جمال خاشقجي الى داخل السفارة ، قُتل بطريقة ارستقراطية، تجهيز وترتيب وطيران وشخصيات وحقائب ، وهناك الموت العظيم ، أطفال تحتضنهم أمهم وينامون على فرشة صغيرة تحت سقف وقع عدة مرات نتيجة الحرب ، وفي لحظة يأتي الصاروخ الأمريكي فيحتضن لحمهم لهيب القطع المتناثرة .
الذي توقع من تاريخ السعودية وملوكها أفضل من تغذية غريزة القتل والسباحة في بحيرات الدم ، هو لا يعرف قراءة الكف التاريخي .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.