استقالة هايلي … الآتي حتما لن يكون أفضل / د. فايز رشيد

د. فايز رشيد ( الخميس ) 18/10/2018 م …




” ربما يلوم البعض كاتب هذه السطور في وصف هايلي, ولكن تذكّروا تصريحها وبكل ما حمله من فحش لا إنساني وبذاءة في التعبير, ذلك في مؤتمر “الإبياك” رأس حربة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة, الذي انعقد في أبريل الماضي عندما قالت ” أنا أرتدي حِذاء ذا كعب عال ليس مِن أجلِ الموضة, ولكن كي أركل أي شخص يوجه انتقادا لإسرائيل”!.”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــحقيقة الأمر, أن هذه المرأة الفظّة والشرسة والمنفّرة والمزعجة حتى في الاستماع إلى كلامها, والتي أطلق عليها اسم “المرأة صاحبة دبلوماسية الحذاء”, لا يوجد مثلها في التاريخين القديم والحديث. شخص يكره الفلسطينيين والعرب والمسلمين كماهي! ليس ذلك فحسب, بل يصل دفاعها عن دولة الكيان الصهيوني حدّ السّعار المصابة به, منذ تعيينها مندوبة لأميركا في الأمم المتحدة. امرأة لا تليق بحمل اسم (مرأة), الذي ارتبط بمعان جميلة, أجملها الأم. امرأة تفوقت حتى على جولدا مائير رئيسة وزراء دولة الكيان الصهيوني في حقدها على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية. تسمعها تتكلم فتتذكر عواء الذئاب المفترسة, فما تقوله من كلام ليس أقلّ من سم مميت يندلق من فمها ويفرزه لسانها الطويل. بالفعل هي ذئبة, وكأنها لم تأكل منذ شهور طويلة, وكأني بالجالس في مقعد بجانبها, يظل يتطلع إليها حذرا من افتراسها لجزء من جسمه. إنها المدعوة نيكي هايلي! هي ابنة مهاجرينْ هنديين. استقالت فجأة من منصبها دون إبداء أية أسباب. ذلك, وسط حضور دولي حققته من خلال الوقاحة والاسترجال والدفاع عن الكيان الصهيوني ومذابحه وكل جرائمه وموبقاته وحرقه لأطفال شعبنا الفلسطيني وأمتناالعربية. تفوقت على شايلوك (المرابي) وعشقه لمص دماء مدينيه.
هَذهِ السيدة, تجسد قمة البذاءة والعنصرية والتطرف في الوقوف خَلف كل سِياسات الرئيس ترامب في قَرعِ طُبولِ الحرب ضِد إيران, ونقل السفارة الأميركية مِن تل ابيب إلى القُدس المحتلة, والاعتراف بِها عاصِمةً للدولة الصهيونية وشن حرب مدمرة على سوريا وبقاء القوات الأميركية فيها, وتفتيتها كما تفتيت العراق, خدمة لأمن الكيان الصهيوني! رقصت طربا عندما سنّ الكيان الصهيوني قانون “القومية” الفاشي العنصري. يكفي أن تردد أمامها ثلاث مرات لكلمة مثل: فلسطين, سوريا, إيران, عربي, مسلم , لتقع مغشيا عليها, تفوّقها فقط كلمات مثل: إسرائيل, الصهيونية, حرق طفل فلسطيني, هجوم إسرائيلي على سوريا, بدء هجوم أميركي على إيران, هزة أرضية في إحدى الدول العربية أو الإسلامية… الخ. هذه هي نيك هايلي باختصار شديد, ربما تجنب كاتب هذه السطور ألفاظا تستحقها هذه السيدة, فقط احتراما للصحيفة وللقراء الكرام, الذين استفزت مشاعرهم في كل خطاباتها في مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة. ربما يلوم البعض كاتب هذه السطور في وصف هايلي, ولكن تذكّروا تصريحها وبكل ما حمله من فحش لا إنساني وبذاءة في التعبير, ذلك في مؤتمر “الإبياك” رأس حربة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة, الذي انعقد في أبريل الماضي عندما قالت ” أنا أرتدي حِذاء ذا كعب عال ليس مِن أجلِ الموضة, ولكن كي أركل أي شخص يوجه انتقادا لإسرائيل”!.
نيكي هايلي جعلت جمهور الدبلوماسيين من كافة دول العالم, يَرون في منصة مجلس الامن (دع عنك ما يقوله قادة الدول تحديداً وحصراً, من على منبر الجمعية العامة) حلبة مصارعة دولية حقيقية, في مواجهة الغطرسة الاميركية المتصاعِدة, والخارجة على الاعراف والتقاليد السياسية والدبلوماسية, وبخاصة في مضمون وطبيعة الاوصاف التي كانت تطلقها نيكي في ھذا الموقِع, الذي یستقطب اهتمام وسائل الإعلام الدولیة , و من قبلها كانت سمانثا باور في عهد رؤساء امیركیین یفیضون غطرسة وعدوانیة,على النحو الذي علیه ترمب ورهط “حزب تحكم بقرار البیت الابیض,كما كانت الحال في عهد جورج بوش الابن ورونالد ریغان” .
لا نَعرِف الأسباب الحقيقيّة التي دَفَعَت هيلي للاستقالة من مَنصبها فَجأة , فما قالته أنها تريد الراحة غَير مقنِع على الإطلاق, ولكن ما نعرفه أن قليلين في الأُمم المتحدة سيتأسفون على رحيلها, أبرزهم أعضاء الوَفد الصهيوني في المنظمة الدولية. مِن غَير المستَغرب أن تكون السيدة هيلي استقالت إثر خلاف مع مايك بومبيو, وزير الخارجية الحالي, مِثلَما اختلفت مع ريكس تيلرسون سلفه في المنصب نفسه, أو ربما للاستعداد لخَوضِ الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد عامَين كمرشح الحِزب الجمهوري, معتَمدةً على آرائها العنصرية ضِد المهاجرين من أمثالها, ودعم اللوبي الصهيوني, وجاريد كوشنر, صِهر الرئيس ترامب وزوج ابنته إيفانكا (وقد تمنى أن تحلّ محلها) الذي تَربطه وزوجته علاقات صداقة قَوية بها. استقالة هيلي من مَنصبها لا يعني أن مَن سيخلِفها سيَكون أفضل منها, فالعنصرية, وكراهية العَرب والمسلمين بالذات, ودَعم جرائم الحرب الإسرائيلية باتَت مِن صلب قيم ومَبادئ وسِياسات إدارة الرئيس ترامب. لا أسف على رحيلها, ولن نفاجأ إذا ما كسر الكثير من المندوبين الجرار الفخارية, احتفاء بخروجها من هذا المبني الدولي, الذي من المفترض أن يكون عنوانا للتسامح والأمن والاستقرار في العالم, وليس قرع طبول الحرب وتأييد دولة الكيان الصهيوني ومذابحها وعنصريتها, وتصعيد العدوان على دول أخرى كثيرة ومنها إيران.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.