حرب الفاشيين الجُدد على الاردنيين بأُوكرانيا / مروان سوداح

 

مروان سوداح* ( الأردن ) الإثنين 22/6/2015 م …

في مختلف الأخبار التي نُشرت في الاردن عن الهجوم الإرهابي الذي طاول مؤخراً الطلبة الاردنيين في مدينة خاركوف بشمال شرق أوكرانيا، لوحظ وجود تعتيم شبه كامل على تلك القوى السياسية الظلامية التي ارتكبت المجزرة الرهيبة بحق الاردنيين، إذ وصفتها وسائل إعلام وصحافة محلية بأنها “جماعات حليقي الرؤوس”.

وفي الأنباء الواردة من اوكرانيا، فقد تحدث الإعلام الاوكراني عنها ووصفها بأنها “مجزرة حقيقية”، وإن 9 طلبة، بينهم 5 أوكرانيين و4 أردنيين بالإضافة الى طالب عربي “لم تُعرف جنسيته”، أصيبوا بجروح في هجوم نفذه أشخاص ملثمين ومسلحين بالسكاكين، بالقرب من المدينة الجامعية في المدينة، ليلة 12 حزيران الجاري. وتقول الأنباء الراشحة عن وكالة الانباء الاردنية بترا ووزارة الخارجية، أن اردنيين ثلاثة “وضعهم الصحي حرج”، بينما قالت المصادر الاعلامية الاوكرانية ان حالتهم قد تفضي الى وفاتهم، إذ أنهم تلقوا طعنات في أماكن حساسة في أجسادهم وضربات على رؤوسهم، وتعرضوا الى ارتجاج خطر بأدمغتهم، مما يستدعى احضارهم بأقصى سرعة الى الاردن، على متن طائرة اردنية خاصة مجهزة طبياً وبكادر طبي متخصص، كانت توجّهت الى اوكرانيا على عجل.

من جانبها، إفادت وزارة الداخلية لمحافظة خاركوف على موقعها الرسمي، بأن معلومات وصلتها يوم الخميس الموافق 11 حزيران الجاري في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً، تتحدث عن (“مجموعة كبيرة” من الشبان الاوكرانيين الملثمي الأوجه والمرتدين لملابس رياضة ومسلحين بالعصي والادوات الحادة، قام أفرادها بالاعتداء على الطلبة العرب الاجانب بسكن الجامعة الطبي الواقع على شارع اوتوكارا ياروشا”).

وفي الحقيقة، فإن الهجوم الارهابي كان مدبراً مُسبقاً على الطلبة الاردنيين والاجانب، من جانب القوى الارهابية النيوفاشية البنديروفية التي باتت تعيث اليوم فساداً وتدميراً وتخريبياً بكل الانجازات السوفييتية السابقة، وبتلك الاوكرانية ما بعد الحقبة السوفييتية، بعد أكثر من عام على مجزرة “ميدان” الانقلابية ضد السلطة الشرعية في كييف، التي دعمها الغرب وحلف الاطلسي.

قبل أيام، تظاهر عدد من الطلبة الأجانب في ساحة الدستور بمدينة خاركوف، مطالبين بإجراء تحقيق عادل وشفاف وعلني في الهجوم الذي نال من الأردنيين والاجانب في 12 حزيران الحالي. وحمل المحتجون أعلاماً أوكرانية وأردنية وعراقية، ولافتات كُتب عليها “لا للعنصرية والتعصب القومي”؛ و”نطالب بالحماية للطلبة الأجانب”، داعين سلطات خاركوف إلى اعتقال المهاجمين وتأمين المدن الجامعية.

وفي جمع شذرات الحقائق، يتبيّن ان المهاجمين كانوا ملثمين، وهو سلوك درجت عليه قطعان الفاشية الجديدة في اوكرانيا، وهي منظمات حسنة التسليح والتدريب، وكارهة للأجانب، وترفع شعارات فارغة ليس أقلها “المجد لاوكرانيا”، في محاولة من زعمائها للتغطية على التخريب الذي تجريه الفاشية البنديروفية في اوكرانيا، والفساد المستشري في قادتها الرأسماليين وقطاعاتها الحكومية التي يشارك الاستيلاء عليها رأسماليون صهاينة، سيطروا على الحكم والدولة الاوكرانية جراء مشاركتهم في عملية قمع النظام السابق، بخاصة من خلال ارسال المجموعات المقاتلة الصهيونية الى كييف، ومنها مجموعة “دلتا” الصهيونية التي تضم الجنود الصهاينة الاسرائيليين المحترفين الذين عملوا قتلاً وسحلاً بالاوكرانيين والروسيين.

وفي لافتات الطلبة المحتجين كانت مطالبات بإجراء تحقيق عادل بكل ما تعنيه الكلمة والقانون الدولي من معنى، مما ينبئ بوجود اسرار في ملف الاعتداء على الاردنيين والاجانب، ووجود تغطية رسمية على المعتدين في خاركوف الاوكرانية. فقد تناولت الاخبار، إتّهام بعض الطلبة بوجود ترتيب مُسبق ودقيق للهجوم وتواطوء مع المعتدين من جانب ضابط شرطة واحد أو اكثر. أي بكلمات اخرى، ان السلطات المحلية الرسمية لاوكرانيا التي وكما هو معلوم يسيطر عليها الارهابيون الفاشيون منذ الانقلاب على الرئيس الشرعي يانوكوفيتش، متهمة بترتيب الهجوم وبإضفاء حماية ما على المهاجمين الذين نالوا بدون أي تبرير من الطلبة الاجانب والاردنيين.

والمعروف ان سقوط المؤسسات الحكومية الاوكرانية في يد الفاشيين الجدد، الذين يعتبرون انفسهم ورثة شرعيون لأدولف هتلر وافكاره واهدافه وبأن صورته هي قدروة لهم، جعل الدولة تتراجع وتنهار وتقد في يد مختلف المنظمات المتطرفة، واصبحت الاعتداءات العنصرية التي تطارد العرب والاجانب حادة، وتخلق حالة من القلق خاصة بين الطلاب والسياح والوافدين.

وفي شهادة رئيس منظمة بلا حدود الحقوقية، ماكسيم بوتكيفيتش، قال لفضائية الجزيرة في وقت سابق، إن السلطات، (الاوكرانية)، لا تريد أن تطفو قضايا العنصرية على السطح مجدداً في أوكرانيا، “خاصة مع اقتراب البلاد من توقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي”، بينما تشير أولغا فرينداك رئيسة منظمة “معا والقانون”، التي تتخصص بحقوق العرب والمسلمين في أوكرانيا، “عدم وجود قوانين تصنف هذه الاعتداءات ضمن الممارسات العنصرية”. وتضيف فرينداك، أن الشرطة تسجل هذه الاعتداءات على أساس أنها مجرد أعمال شغب، مما يجعل السلطة تشدد على نفي حدوث أي ممارسات عنصرية، رغم أن الواقع يؤكد ذلك، على حد قولها. ودعت فرينداك المُعتدىَ عليهم إلى تقديم شكاوى لدى الشرطة والجامعات وسفارات بلادهم، مشيرة إلى أن الكثيرين لا يبلغون عما يتعرضون له لعدم ثقتهم بجدية تفاعل تلك الجهات معهم، أو لخوفهم منها، مما يُفاقم القضية في النهاية، بحسب تقديرها.

الاعتداءات على الاجانب تستمر في اوكرانيا وتشتد منذ عام ونيف بالشتم والضرب ومحاولات القتل والطرد، ينفذها غالباً أتباع الفاشية والعناصر الصهيونية التي كان لها “الفضل” في انتصار شخصيات نافذة جداً في النظام السياسي الحالي في كييف والسيطرة عليه، وهم معروفون بكرههم للأجانب وبخاصة العرب والأقليات العرقية والدينية الاخرى، ويدعون إلى طردهم من اوكرانيا، وقد حدث العديد من الاعتداءات على طلبة عرب قبل اعتداء الفاشيين في خاركوف هذا الشهر، شهدتها عدة مدن اوكرانية، منها بالاضافة الى خاركوف، مدن أُوديسا الساحلية وسومي ودونيتسك، إضافة الى هجمات تجري على محال يمتلكها عرب، ومن ذلك هجوم بقنبلة حارقة تعرّض إليه (مطعم بيروت) في خاركوف، ما خلّف خسارة تقدر بـ 60 ألف دولار.

وفي الحالة الدقيقة الراهنة، فإن الحكومة الاردنية مطالبة بإعادة الطلبة ومَن يرغب بالعودة منهم من مدن اوكرانيا التي تشهد هجمات فاشية، الى الجامعات الاردنية، وتوفير مقاعد دراسية اردنية عليا لهم، وكشف الحقيقة عن القوى الفاشية التي تعتدي على الاردنيين وتسميتهم بإسمهم الصريح، ووضع النقاط على الحروف في ملف الطلبة، إذ ان التحديات التي تعترضهم ماتزال كثيرة وخطيرة، والتحرك لإنقاذهم يجب أن يكون سريعاً ولا أبطاء فيه.

*كاتب وصحفي وناشط سياسي اردني.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.