في ظل العودة والصعود الروسي أفقيّاً ورأسيّاً والتآكل في الدور والنفوذ الأمريكي وعواءاته ، هل سيصوت الأردن الى جانب الروس في استضافة اكسبو 2025 م ؟ / المحامي محمد احمد الروسان

 

المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) السبت 20/10/2018 م …




*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …

بعد خسارة موسكو للحرب الباردة، ثم اندفاعها الشرس للدفاع عن نفسها داخل حدودها في الشيشان، فأطرافها المباشرة في أسيا الوسطى وجورجيا وأوكرانيا، بجانب محاولات تهميشها في حروب البلقان، ومع تأسيس قاعدة عسكرية لليانكي الأمريكي في كوسفو في قلب عرينها السلافي(بضم حرف السين)، وبعد خسارة أمريكا لحربها في العراق وأفغانستان، وانكفاء واشنطن للداخل الولاياتي بعهد الرئيس الفوضوي(فوضويته مقصودة بدراسة وعناية فائقة)دونالد ترامب، وبعد خسارتها لأمريكا لمشروعها في سورية والعراق ولبنان وفلسطين المحتلة، وفي شمال أفريقيا وتحديداً في ليبيا، حيث تعود اليها عبر الباب المصري وعبر الجنرال حفتّر، وبعد أن جعلت واشنطن أولويتها الأولى للتنافس بعمق مع الصين وفي مواجهة بكين في بحرها الجنوبي، مع سعي أمريكا لأنهاء الحرب الكورية وافهام أوروبا القارة العجوز، أنّ الناتو وجد لحمايتها وبالتالي عليها أن تدفع نقداً نظير الحماية الأمريكية وعلى قاعدة عمل البلاك ووتر. أمام كل ما ذكر سابقاً هاهي الفدرالية الروسية عادت وتعود وبقوّة الى المنطقة والعالم عبر الباب السوري أولاّ والباب المصري ثانياً(نلحظ زيارة الرئيس السيسي الأخيرة لموسكو، وحجم ونوع الأتفاقيات التي تم التوقيع عليها، بجانب التفاهمات المشتركة ازاء ليبيا والجنرال حفتّر هو الحاضر الغائب في القمة في هذه النقطة بالذات). بالنتيجة والخلاصة، هناك تقدّم روسي متسارع في المنطقة والعالم، والأندفاعة الروسية نحو مصر من شأنها أن توسّع النفوذ الروسي في القارة الأفريقية والشمال الأفريقي، فالروسي لم يكن يوماً في حياته مستعمراً كالغرب، ولم يعمل على استتباع ثقافي وسياسي لدول المنطقة وشعوبها، بل ساهم في حماية المنطقة وشعوبها، وساهم في حماية وصيانة سورية قلب العالم العربي بل قلب الشرق كلّه، حيث ما زال يواصل ايقاعه لهذا العالم العربي بفضل المساعدة الروسية. روسيّا تدرك أنّ هناك محاولات أمريكية وغربية واسرائيلية وبعض عربية واهمة، كلّها تسعى لتفخيخ روسيّا من الداخل، وموسكو تعي أيضاً أنّ أمريكا تتآكل سياسيّاً، واقتصادها وان كان ما زال قويّاً، الاّ أنّه ينزف بعد غزوهم للعراق العربي واحتلاله، وبعد فشلهم المتكرر في المسألة السورية، مع عدم انكارها واغفالها للقوّة الميثولوجية للأمبراطورية الأمريكية، وهذا مؤشر قوي على حكمة وواقعية القيادة الروسية ونخبة نواتها الصلبة التي تعمل كفريق واحد، ان لجهة السياسي والدبلوماسي، وان لجهة الأقتصادي والمالي، وان لجهة العسكري والمخابراتي، وان لجهة الثقافي والفكري في تعزيز الشعور القومي الروسي.  بل وصلت الصفاقة السياسية والأقتصادية الأمريكية(أي الوقاحة الأمريكية) درجات متقدمة من مفهوم الوقاحة كسلوك ونهج وصفة في غاية السوء، بحيث هاهي تعبث بالملف الديني الكنسي الأرثوذوكسي، والهدف زعزعة الأمن القومي الروسي وتعطيل صيانته، وتسعى الى عدم التصويت لروسيّا الشهر القادم(نوفممبر) في باريس، لكي تستضيف مدينة يكاتيرينبورغ الروسيّة معرض ايكسبو 2025 م حيث تتنافس مع مدينة باكو في أذربيجان ومدينة أوساكا في اليابان، وتضغط على حلفائها من العرب وغير العرب في عدم التصويت لصالح موسكو، وهذه شكل من أشكال محاربة الفدرالية الروسية وعلى كل الجبهات الأممية، فهل ترضخ عمّان للضغوط الأمريكية بالدرجة الأولى والغربية بالدرجة الثانية؟ أم تنحاز عمّان الى مصالحها العليا وضرورة البناء على العلاقات مع موسكو من باب تنويع الخيارات الأستراتيجية فتصوت الى جانب موسكو؟ وفي مضمون العبث الأمريكي الأخير بالملف الكنسي الأرثوذوكسي الروسي، وتوظيفه في الأضرار بموسكو، وخلق رأي عام أممي في ضرورة عدم التصويت لصالحها في باريس الشهر القادم أقول: وفي المعلومات والتحليل، أنّ الأنشقاق الأرثوذكسي الأخير في الكنيسة الروسية الأرثوذكسية اياها – عبر استقلال الكنيسة في أوكرانيا، تتموضع فكرته واشتقاقه بأنّه سلاح أمريكا لمحاصرة الفدرالية الروسية، وعودتها باندفاع منضبط الى منطقة الشرق الأوسط، مع تصاعد نفوذها الأممي، بعد الصيانة والمساهمة في الحفاظ على الجمهورية العربية السورية، ونسقها السياسي برئاسة الرئيس بشّار الأسد. السلاح الكنسي الأرثوذكسي بتجلياته وعقابيله وتفاعلاته، كان الخيار الخامس للولايات المتحدة الأمريكية، بعد المواجهات العسكرية والاستخبارية والسياسية والاقتصادية مع منطومات الحكم الروسي بزعامة فلادمير بوتين، وانتقلت الولايات المتحدة الأميركية إلى استخدام الكنيسة، لمحاصرة روسيا. انّ ملف انفصال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية عن بطريركية موسكو، أراده اليانكي الأمريكي سلاحاً لضرب الأمن القومي الروسي، واستعانت بالبطريركية القسطنطينية، صاحبة «الثأر» القديم مع شقيقتها الروسية، فكان الاعتراف بكنيسة أوكرانيّة مستقلة في 11 أوكتوبر الحالي 2018 م، مكمّلاً للانقلاب (2014) الذي أطاح رئيساً أوكرانياً منتخَباً، حليفاً لموسكو. وهذا الأعتراف من شأنه أن ينقل الخلاف بين روسيا وأوكرانيا إلى مستوى أكثر خطورة من المواجهة العسكرية والأقتصادية والمخابراتية والدبلوماسية، حيث كارتل المؤثرون في«القسطنطينية»يكرّرون الخطاب السياسي الأميركي في مواجهة موسكو وحلفائها بشكل متساوق متماثل بوقاحة عزّ نظيرها، وتلقى خطواتهم الدعم من ساسة في واشنطن، لكنهم، بطبيعة الحال، ينفون أن تكون خطوتهم الرامية إلى إضعاف الكنيسة الروسية ذات طابع سياسي. الأمر، في نظر موسكو، شديد الخطورة، قاد وبعمق الى حد ترؤس فلاديمير بوتين اجتماعاً لمجلس الأمن القومي لبحث الشأن الكنسي، بعد يوم واحد من إعلان الانفصال. انّ اعتراف بطريركية القسطنطينية بكنيسة أرثوذكسية مستقلة في أوكرانيا، ليس أقلّ من ضربة أميركية ضدّ روسيا، وتأتي في إطار سعي واشنطن الحثيث لفرض حصار على موسكو، في المجالات كافة، كون روسيا هي الـ«فزاعة»، كما يُقدّمها الإعلام الأميركي السائد، وهي الدولة التي أعادت الولايات المتحدة الأميركية التعامل معها بوصفها عامل قلق، ورفعتها مجدداً إلى مصاف التهديد العسكري. ببساطة، لا تريد واشنطن لموسكو أن تستعيد عافيتها، ولا أن تجد لنفسها موقعاً في «عالم الكبار»، سُبل المواجهة مُتعدّدة، إن كان من خلال توسيع حلف شمال الأطلسي، إلغاء المنطقة العازلة بين روسيا والاتحاد الأوروبي عبر إدخال أوكرانيا إليه، تشكيل تحالفات تضمّ معظم دول الاتحاد السوفياتي سابقاً وتسليحها، الاستمرار في فرض العقوبات الاقتصادية على موسكو، وصولاً إلى «إسقاط اللعنة» على الكنيسة الأرثوذكسية بعد أن «اكتشفت» الولايات المتحدة مدى تأثيرها السياسي والنفوذ الروسي فيها. فإدارة واشنطن تُريد أن تبسط سيطرة كاملة على منطقة شرق أوروبا، فلا يبقى أي مجال(سياسي، ديني، عسكري، اقتصادي…) خارج نفوذها، إنّها معركة جيوسياسية تخوضها الولايات المتحدة، ووجدت في البطريركية القسطنطينية – بقيادة البطريرك برثلماوس – «حصان طروادتها»كنسياً. فبرثلماوس، «المُغتاظ» من فرض البطريرك كيريل(بطريركية موسكو) نفسه «الأرثوذكسي الأول» ذا العلاقة المميزة مع الدولة الروسية، يرغب في أن يكون«بابا»الأرثوذكس في العالم، وفي أداء دور أكبر من حجم بطريركيته التي أصبح وجودها في تركيا«رمزياً»، إن كان بحجم أتباعها أو التضييق المُمارس عليها من قبل السلطات التركية. يُعَدّ إنشاء كنيسة مُستقلة في أوكرانيا، «انفصالاً قاسياً» في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية، وسيكون له تبعات روحية خطيرة، ولكنّ الأخطر في الموضوع، هو الشقّ السياسي منه، فلا يُمكن مقاربة القرار إلا من زاوية «تهديد الأمن القومي الروسي»، من قبل الولايات المتحدة الساعية منذ مدة إلى تقسيم الكنيسة الأرثوذكسية، وخلق مناطق نفوذ لها فيها، لتُحاصر روسيا. مرةّ أخرى: تنبع أهمية وقيمة معرض اكسبو الأممي بشكل عام، كونه الأكبر نوعاً وكماً كمجتمع للأعمال والفرص الأقتصادية والمالية في عالم المعارض والمؤتمرات لكارتلات المال والأقتصاد والأعلام والدعاية والفنون، ويعد من أهم وأعظم الأحداث الدولية غير التجارية في التأثير الأقتصادي في المجتمعات المضيفة للدولة التي تفوز وتنجح بتنظيمه، لا بل ومجالاتها الحيوية في ذات النطاق الجغرافي والديمغرافي، بعد كأس العالم والألعاب الأولمبية، وعمره أكثر من مائة وخمسين عاماً، فهو ذو خلفيات تاريخية عريقة، بجانب أنّه مكان للأحتفالات وعرض المنتجات والأختراعات الجديدة في مختلف مناحي الحياة وتعبيراتها، من قبل العارضين المحليين والأقليميين والدوليين، فهو مكان آخر لتلاقح الأفكار وحملها وولادتها، والتي من شأنها أن تساهم في الأرتقاء بالجنس البشري على اختلاف المشارب الثقافية والأجتماعية لجلّ الأمم وعلى مدار ستة أشهر كل خمس سنوات في مدينة معينة، يتم اختيارها من طرف المكتب الدولي للمعارض، المسؤول عن تنظيم هذا المعرض الأممي، عبر اجتماع لهيئته العامة بعد عمليات ترشيح للمدن لملفاتها وما يميزها عن غيرها، ومن ثم يصار الى انتخاب الدول الأعضاء في المكتب لواحدة منها عبر الأقتراع المباشر، تكون مكاناً لعرض ما توصلت اليه وأنجزته العقول البشرية جمعاء، بحيث يستمر العرض على مدار ستة أشهر متواصلة في ذات المدينة المختارة، بحيث تتلاقح الصناعات والأختراعات وابتكاراتها، وثقافات ولغات وموسيقات الشعوب، حيث الملايين تتوافد عليه، فهو فرصة أممية للجميع ليستفيدوا من بعضهم البعض، وبلا شك ثمة مردود مالي كبير آني وعلى المدى القصير والطويل للدولة التي تستضيف معرض اكسبو، بالمقابل ثمة مخاطر مالية تترتب في حال الفشل، وان كانت نسب مخاطر الفشل لأي معرض اكسبو أممي، تكاد لا تذكر كاحتمال مخاطر. معرض اكسبو يهدف الى تثقيف الجمهور بالآخر وبأهميته، ويشارك فيه أغلب دول العالم المتميزة في مجالات الصناعة والأبتكار والتي لها تجارب فائقة ومتميزة، بحيث تتنوع المشاركات بين حكومات ومنظمات ومؤسسات دولية وشركات عالمية كبيرة ومؤسسات أعمال وفكر متنوعة الأختصاصات والأهداف، ليس فقط في الجانب الأقتصادي ولكن الأنساني أيضاً، وهذا من شأنه أن يسهم في اقامة روابط التعاون وعقد شراكات ذات نوعية وتميز وتنوع ايجابي والعمل على نشر المعرفة، وتطوير الأبتكار والأبداع بما يخدم جلّ مجتمعات البشرية، وفي نهاية الأمر يصار الى الأرتقاء بحياة الأنسان الى ما هو أفضل وأحسن. انّه معرض الأحتفاء بالأنجاز البشري في شتى صوره وتعزيز أواصر السلام بين كافة شعوب الأرض، فكان أول معرض اكسبو أقيم في هايدبارك في لندن عام 1851 م وننتظر اقامة معرض اكسبو2020 م في دبي ونأمل النجاح له، فهل يعقد اكسبو2025 م في مدينة يكاتيرينبورغ الروسية؟ فعبر مفهومات دولية جديدة، فانّ محاور تخادم المصالح الروسية مع المنظومة العربية، على العرب مجتمعين ومنفردين العمل والتصويت الى جانب روسيّا هذا العام في شهر نوفمبر لتفوز مدينة يكاتيرينبورغ كمدينة مضيفة لأكسبو2025 م. لذلك نجد المنافسات شديدة بين الدول لكي تفوز باستضافته على أراضيها، في احدى مدنها الهامة، للترويج لذاتها كدولة ذات ارث حضاري وقيمي متميز، وذات قوّة ثقافية فلسفية وعلمية وتقنية وحتّى بالمفهوم العسكري الدفاعي، وفي مجالات التكنولوجيا الحديثة الألكترونية والأعلام الرقمي والذي تمتاز سرعته بسرعة الضوء في سياقات مسارات الألفية الثالثة للميلاد. هذا الأوان الدولي الصاخب، والذي يمتاز بالسيولة الشديدة، بسبب الحدث السوري وعقابيله، وبسبب الفعل الروسي العسكري في مكافحة الأرهاب المعولم، وبسبب الدبلوماسية الروسية الناجحة والحاضرة في كافة الملفات، وبسبب العقيدة الروسية الحديثة، والتي تسعى الى عالم متعدد الأقطاب حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، وبالتالي الأستقرار لتحقيق الرفاهية الأقتصادية لجلّ شعوب الأرض، عبر ميكانيزميات العمل المشترك بين الدول والأمم من خلال الأمم المتحدة، وتحقيق التوازن في العدالة وتكافىء الفرص والشراكة في الموارد الطبيعية، وتوزيع متوازن للثروة تجنباً للعنف والثورة، تتنافس مجموعة من الدول الهامة على الفوز باستضافته في عام 2025م، بعد أن فازت دولة الأمارات العربية المتحدة باستضافة اكسبو عام 2020 م، حيث تتنافس كل من الفدرالية الروسية وفرنسا واليابان وأذربيجان حتّى اللحظة، وسيتم التصويت على مكان اقامته هذا العام في شهر نوفمبر القادم، عبر اجتماع يعقد في باريس للهيئة العامة للمكتب الدولي للمعارض المسؤول عن تنظيمه، وسيصار الى التصويت لأختيار مدينة محددة من المدن المرشحة عبر حكوماتها. وفي المعلومات، يقال أنّ فرنسا سحبت طلب ترشحها لأستضافة اكسبو2025 م، وأرجعته الى كلفته المالية بجانب أسباب أخرى لم تفصح عنها حتّى اللحظة، وبقي كل من مدينة يكاتيرينبورغ الروسيّة، بجانب أوساكا في اليابان وباكو في أذربيجان. المتوفر من المعطيات الحالية، تعد مدينة يكاتيرينبورغ المدينة الثالثة في الفدرالية الروسية من حيث المؤشرات الأقتصادية والتنموية، وهي مدينة يافعة وتتطور بسرعة، وعقدت فيها سلّة من النشاطات الأقتصادية والمالية والثقافية والفكرية، كقمة شنغهاي وقمة دول البريكس، كما يقام كل عام فيها معرض الأبتكارات الصناعية(اينوبروم)، وكانت من المدن الهامة لبطولة كأس العالم 2018 م التي عقدت في موسكو، وقد تم البدء في انشاء مجمّع اكسبو على ضفاف بحيرة(فيرخ – ايسيتسكس)الخلاّبة. انّ مدينة يكاتيرينبورغ تعد أفضل مكان لولادة اكسبو بنسخته عام 2025 م، بجانب ما ذكر سابقاً عن خصائص المدينة، فانّها تقع جغرافيتها على تقاطع ممرات أسيا وأوروبا، وتجذب الصين كنقطة مهمة ومرتكز على طريق الحرير من الصين الى العالم الأوروبي، وهي مركز توزيع البضائع بين أسواق دول أسيا وأوروبا، وهي من أكبر مراكز الأعمال والأموال في الفدرالية الروسية، وتقع فيها مكاتب الشركات الدولية الكبرى ومقار الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات، وكذلك فروع لشركات نفطية كبرى، ومكان مناسب جداً لنا كدولة أردنية تعاني من أوضاع اقتصادية مأساوية بسبب مواقفها القومية والوطنية والأنسانية، لنعرض المنتجات الأردنية ووصول مملكتنا الأردنية الهاشمية الى أسواق دولية واقليمية مختلفة، وعلى الحكومة الأردنية وعبر وزارة الصناعة والتجارة وكذلك وزارة السياحة(الترويج للمغطس، وتشجيع سياحات الروس لدينا، ان لجهة الديني منها، وان لجهة الأستمتاع بمواقعنا التاريخية والحضارية ذات القيمة حيث مناخاتنا المعتدلة)والثقافة والزراعة، ومعها باقي مؤسسات الدولة الأردنية، من أن تعمل من الآن على الاهتمام بما ستعرضه من منتجات واختراعات وابتكارات وتخليف أفكار ابداعية خلاّقة في معرض اكسبو 2025م ، وخاصة اذا أقيم في مدينة يكاتيرينبورغ الروسيّة، نظراً لتميز ونوعية العلاقات الشاملة على طول خطوط ومنحنيات العلاقات والمعطيات الروسيّة الأردنية، والتي يتم رعايتها باشراف مباشر من جلالة الملك عبدالله الثاني وفخامة الرئيس فلادمير بوتين، وهذا كله يشكل سلّة دفع قوية لتمتين العلاقات الروسية الأردنية اقتصادياً أيضاً، بجانب العسكري والمخابراتي والتقني والتعليمي والنووي والأجتماعي، حيث الكثير من أبناء بلادنا متزوجون من فتيات روسيات، مما يشكل ذخراً ديمغرافي اجتماعياً، لقولبة العلاقات الأردنية الروسية لجهة الأيجابي ببعدها الأستراتيجي وعبر مسارات شتى. والفدرالية الروسيّة شريك عميق في معرض اكسبو ومنذ نشأته، ولم يسبق لها أن كانت الدولة المنظمة له، وهي تأمل من منظومة الدول العربية وحكوماتها ودول أخرى ذات العلاقة، التصويت الى جانبها في اجتماع نوفمبر هذا العام في باريس، ليصار الى اختيار مدينة يكاتيرينبورغ الروسية، كمكان لمعرض اكسبو2025 م، وهي مدينة بعيدة عن أي اضطرابات دولية غير مستقرة، بعكس اليابان فهي ذات قرب جغرافي لمنطقة الصدع الزلزالي الأستراتيجي، للأزمة الكورية الشمالية، عدا عن ذلك، هناك القاعدة العسكرية الأمريكية في أوكيناوا، والتي تشكل بمجملها، سبباً كافياً لسلة احتمالات مخاطر عسكرية عديدة. وربطاً بالآنف ذكره قد تكون العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي قلقة على امدادات قواتها في أفغانستان حيث40% من هذه الأمدادات الضرورية تمر عبر الأراضي الروسية وبالتالي هي بحاجة الى موسكو، لذلك قد يكون البنتاغون الأمريكي أحياناً غير مرتاح لمسارات السياسة والدبلوماسية الأمريكية ومسارات التشريع في الكونغرس ازاء روسيّا بسبب الملف الأوكراني والملف السوري وعقابيلة وتداعياته المعقدة، والهوّة شاسعة بين الدولتين وهي أعمق من حرب باردة وشراسات استخباراتية بين البنى المجتمعية المخابراتية في كلا المجتمعين ذات تداعيات عرضية ورأسية، وعمليات تعبئة أيديولوجية تاريخية باحتقانات استراتيجية وسياسية على طول خطوط واشنطن موسكو، لا حلّ لها باعتقادي الاّ بانفجارات مبرمجة بشكل ثنائي، لأعادة انتاج صيغ أخرى لقواعد اللعبة الأممية واسقاطاتها، لوضع لبنات جديدة بجانب الموجود منها نحو عالم متعدد الأقطاب. للولايات المتحدة الأمريكية متاهاتها الأستراتيجية العميقة، حيث كانت المتاهة الأولى لها في الأفغانستان وما زالت، ثم العراق وما زالت وتعود من جديد ومعها الناتو لغايات العبث بايران، فسورية الأصعب والأشد وما زالت، والآن المتاهه الأوكرانية وعقابيلها التي تتدحرج ككرة الثلج، الى المتاهة العرضية في شبه القارة الهنديّة حيث تتفاعل من جديد، ثم جاءت المتاهه اليمنية الحالية، فأم المتهاهات العامودية والعرضية الأستراتيجية الدولاتية الأمريكية، هي المتاهه السورية الأصعب والأعمق والأشد، والنتيجة فيها تحدد مصير المتاهات الأخرى وشكل العالم الجديد. انّ جنين الحكومة الأممية (البلدربيرغ الأمريكي) هو صاحب هذه المتاهات وصانعها، فيستغل حالة الأستعصاء الدولي والأحتقانات الشاملة كنتاج للحدث والمسألة السورية، وما خلّفته من سحب دخانيّة سوداء عميقة قد تستمر لسنيين عديدة، من شأنها أن حجبت وتحجب عيون العالم عن ساحات أخرى من المعمورة، لا تقل أهميتها الأستراتيجية عن أهمية سورية أو أهمية الحدث الأوكراني الحالي مثلاً، وكذلك الحدث اليمني الآني(تحاول واشنطن وضع استراتيجية خروج للسعودي منه قد تكون عبر هدنه انسانية بعد التورط الملكي السعودي في قتل الصحفي جمال الخاشقجي)، من أجل تحقيق عمق مصالحه ومكتسباته كحكم أممي(حكم البلدربيرغ الأمريكي)، وربط اقتصاديات العالم من جديد بالأقتصاد الأمريكي، للخروج من الأزمة الأقتصادية الأمريكية الحالية، والتي في حالة استمرارها وتفاقمها، أن تقود الى افلاس الولايات المتحدة الأمريكية.

 لذلك سارع الكونغرس مؤخراً بالسماح لأدارة ترامب بالأقتراض المالي بدون سقف محدد، وهذا لن يمنع الأفلاس المالي في أمريكا وانما سيؤجّله، وتحتاج واشنطن الى مصادرات لاحقة ستجري لأموال الدول الخليجية المخزّنة في خزائن المال الأمريكية وخاصة السعودية وعبر توظيفات قتل الصحفي جمال خاشقجي، بسبب دعمها للأرهاب وما شابه، عبر مشاريع قوانين قادمة من نواة هذا(البلدربيرغ)الى بيت التشريع الأمريكي. لذا سارعت الرياض وعبر التشريع لقوانين مكافحة الأرهاب في الداخل السعودي والخارج السعودي، مع سحب لبعض الملفات ووضعها في عهدة آخرين، واجراء لديناميات مراجعات سعودية شكلية ازاء الحدث السوري، لا أوهام في الموقف الجديد للرياض، فليس هناك تحول سعودي نوعي في مقاربة الحرب على سورية، الخلاف الأمريكي السعودي في الملف السوري خلاف على الأولويات، وعلى الأدارة كمفهوم لهذه الأولويات. أوكرانيا هي عتبة البيت الروسي نعم، وهذا صحيح الواقع وعلم الرياضيات السياسية، وليس من الحكمة بمكان أن يقاتل العدو الغربي والأمريكي على العتبة البيتيّة، لأنّه هنا صار داخل البيت فتمّ ويتم مقاتلته داخل عقره وحدائقه الخلفية، عبر تعزيز وبناءات جديدة للقواعد العسكرية الروسية في كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا وفيتنام، فمحور واشنطن تل أبيب ومن ارتبط به من غرب وبعض عرب متصهين واهم ومخادع عرض المعادلة التالية بكل بساطة: سورية مقابل أوكرانيا فتمّ الرفض الروسي(بلا)، حيث الموقف الروسي قائم على رؤية بعيدة المدى واستراتيجية دقيقة متماسكة وحسابات علم الرياضيات السياسية، حيث أوكرانيا لا تشكل سوى جزء ومهم ولكنه محدد، حيث المشتركات بين الحدث السوري والحدث الأوكراني في الجغرافيا والأستراتيجيا. نعم الوجود العسكري الروسي على الشاطىء السوري يمثل حالة التوازن مع الوجود الأطلسي في تركيا، بل لكسر هذا الحاجز التركي الأطلسي الذي أريد له أن يشكل مانعاً من تدفقات الوجود الروسي في جنوب تركيا، وبالتالي واهمون وسذّج من يعتقدون أنّ الوجود الروسي في سورية وعلى الساحل في طرطوس، هو وجود ثانوي نسبة الى حضورها في شبه جزيرة القرم، فروسيّا الخارجة من سورية هي روسيّا الغارقة عندّ عتبتها الأوكرانية، وهي روسيّا المقفل في وجهها بحرها الأسود( رئتها)، باختصار روسيّا الخارجة من سورية كما يريد المحور الصهيوني الأمريكي الغربي البعض العربي الواهم والمخادع، يعني روسيّا الخاسرة لمصالحها الأستراتيجية والفوق الأستراتيجية، كون جوهر معركة موسكو ليس في أوكرانيا بل في سورية، والأخيرة هي جوهر الفكرة وبالتالي هي المعركة الكبرى والأولى( أي المعركة في أوكرانيا)هي ثغرة صغيرة ولكنها مهمة. روسيّا نجحت بتمنهج في جعل عنوان النسق السياسي السوري العقدة والحل معاً، لا بل وعقدة الحل نفسه حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، ونكايةً بالطرف الخارجي بالحدث السوري من أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين وبعض العرب، والروس أرسوا توازناً دقيقاً حال وما زال يحول دون تدخل عسكري خارجي في سورية، كما يحول دون سقوط الرئيس الأسد واخراجه كرهاً أو حبّاً، من أتونات المعادلة السورية الوطنية، إن لجهة المحلي وتعقيداته، وان لجهة الإقليمي وتداعياته ومخاطره، وان لجهة الدولي واحتقاناته وتعطيله وأثاره على الأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي أثاره على نسب النمو الاقتصادي واستعادة المنظومة الاقتصادية الأممية لعافيتها، بعد أزمة الرهن العقاري وارتباطاتها في الولايات المتحدة الأمريكية(شرارة وجوهر الأزمة الاقتصادية الأممية). وبالتالي مسألة الحوار مع النسق السياسي السوري، لم يعد مشروطاً برحيل الأسد أو تنحيه، لقد غرسوا الروس غرساً، من الأفكار في عقل جنين الحكومة الأممية ملتقى المتنورين من اليهود الصهاينة، والمسيحيين الصهاينة، والمسلمين الصهاينة، والعرب الصهاينة، بأنّ ما يجري في دمشق يجري في موسكو ودفاعهم عن دمشق دفاع عن موسكو. لم تكن روسيا بحاجة إلى سنوات لتعيد ترتيب بيتها الداخلي وآفاقه الخارجية، كي تعود بقوّة إلى واجهة المسرح الدولي، أذكر كمتابع ما بعد احتلال بغداد ذهبت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة رايس(التي كانت مستشارة للأمن القومي آنذاك)إلى القول بحق جبهة الممانعة الأوروبية  للتدخل الأمريكي السافر بالعراق المتكونة من  فرنسا وروسيا وألمانيا آنذاك، ملخصةً سياسة بلادها بحق هذه الدول حيث نطقت: علينا أن نعاقب فرنسا ونسامح ألمانيا ونهمل روسيا. فقد استطاعت موسكو أن تخرج من المخاض العسير غير المكتمل،  الذي دخلته مع انهيار حلف وارسوا وتداعي الإتحاد السوفياتي السابق خلال ثلاث سنوات فقط على مقولة الدكتورة رايس  الأنفة مثبتة خطأ مقولتها، فهي لم تفهم(أي رايس)حقيقة الفدرالية الروسية جيداً، بالرغم من أنها توصف بالخبيرة بالشؤون الروسية، فالشعور القومي الوطني الروسي والمستند على ارث الإتحاد السوفياتي، وقوتها العسكرية والنووية الإستراتيجية وإمكاناتها الاقتصادية والطبيعية، مع وجود زعيم قومي روسي هو فلادمير بوتين ذو الرؤية الواضحة والذي يفكّر ويعمل بالاتجاه الصحيح، أفشل ما كانت ترجوه وتتمناه العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي من انهيار كامل للدولة الفيدرالية الروسية. فالوضع الروسي في الشرق الأوسط  له آفاقه الخاصة، فموسكو حاضرة وبقوّة على كل الجبهات: من إيران إلى فلسطين المحتلة، ومن مياه الخليج المسلوبة السيادة أمريكيا، إلى سورية التي تتعرض إلى حرب كونية سافرة، إلى لبنان الساخن مروراً بالعراق المحتل والذي يتعرض إلى حالات مخاض عسير، عبر بعض أطراف من العربان المرتهنين للخارج. موسكو تعود بقوّة ودبلوماسيتها أخذت تظهر دينامية متنامية إزاء الأزمات التي تهز المنطقة، وصارت موسكو وبشكل متجدد وجهة رئيسية للتعاطي مع هذه الأزمات، وعادة مرةً أخرى إلى المياه الدافئة في الخليج والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. ولم تكن وزارة الخارجية الروسية يوماً ما، قسماً ملحقاً بوزارة الخارجية الأميركية، بل على العكس تحولت موسكو(بعهد بوتين)إلى طرف نشط يقدم مقترحات ويدافع عنها، فالدبلوماسية الروسية تسعى جاهدةً وبثبات لاستعادة مواقع النفوذ التقليدية لدبلوماسية الاتحاد السوفياتي السابق، من خلال التخلي عن العامل الأيديولوجي والتركيز على عامل المصالح الإستراتيجية بالدرجة الأولى، معطوفاً على ما يمكن أن توفره موسكو بفضل موقعها كقوّة عظمى لها دور رئيسي في مجلس الأمن الدولي وفي الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، بالرغم من أنّ ملف السلام صار ملف إسرائيلي داخلي، تنهيه الأخيرة مع الجانب الفلسطيني لوحدهما، ولم يعد ملفاً أمريكيا رئيسي كما تروج بعض وزارات الخارجية العربية والتي تمارس دبلوماسيات الصعاليك، بعد الأنحياز السافر لترامب للكيان الصهيوني ونقل سفارة بلاده الى القدس المحتلة. وتأتي عودة موسكو على الجبهة الدولية والجبهات الإقليمية الأخرى، على أساس الاستفادة من الصعوبات التي تعاني منها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وفي سورية، وهذا يمنحها صك تواصل وانفتاح على تلك الأطراف التي لا تتعامل معها واشنطن، حيث تستفيد وتوظف موسكو بؤر النزاعات والملفات الساخنة لأسماع صوت مختلف عن الصوت الأمريكي والغربي بشكل عام، وهذا ما يجعلها مسموعة ومقبولة لدى الجانب العربي لوقوفها إلى جانب حقوقه المشروعة، وأقلها إقامة دولته على الأراضي المحتلة لعام 1967 م وعودة القدس المحتلة لتكون عاصمة لتلك الدولة وعودة اللاجئين والنازحين إليها، فروسيا اليوم لاعب نزيه وحقيقي وعادل في  كواليس الصراع العربي الإسرائيلي وجوهره(القضية الفلسطينية)، كما هي لاعب نزيه وعادل وحقيقي في تداعيات ما يسمّى بالربيع العربي، ودورها الحقيقي والفاعل والمتصاعد في الحدث السوري، للحفاظ على الدولة السورية وعلى الأمن والسلم الدوليين . تقول المعطيات النظرية لعلم العلاقات الدولية، بأنّ التوازن الإقليمي يرتبط دائماً بالتوازن الدولي، وبتنزيل هذه الحقيقية إلى الواقع الميداني، فقد كان التوازن الإقليمي الخاص بمنطقة الشرق الأوسط  يرتبط بالتوازن الدولي الخاص بنظام القطبية الثنائية خلال فترة وجود القوتين العظميين(الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق)ولكن بعد انهيار القطبية الثنائية وانفراد واشنطن بالزعامة محاولةً الهيمنة على النظام الدولي، بدا واضحاً أنّ منطقة الشرق الأوسط قد شهدت على أساس اعتبارات التوازن الدولي، حدوث فراغ في الميزان الأممي بسبب غياب القوّة السوفياتية التي انهارت وعدم تقدم روسيا أو الصين لملء الفراغ في الميزان الدولي، صعود قوّة إسرائيل في ميزان القوى الإقليمي، هبوط قوّة الأطراف العربية في ميزان القوى الإقليمي، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة انقسام سادت في المنطقة العربية، بحيث أكد ما يسمى بمحور الاعتدال بالمنطقة(والذي يعاد احيائه من جديد)على ضرورة المضي قدماً في القبول بالنفوذ الأمريكي وتقديم التنازلات للمشروع الإسرائيلي الأمريكي الغربي. وعلى الطرف الآخر، أكد ما يسمّى بمحور الممانعة بالمنطقة على ضرورة المضي قدماً في الاعتماد على الإرادة العربية والقدرة الذاتية ومبادئ العدالة والحقوق المشروعة، كوسيلة لمواجهة المشروع الإسرائيلي الأمريكي الغربي في المنطقة الشرق الأوسطية، منطلقاً من مفهوم: أن تكون حليفاً لأمريكا أكثر خطورةً من أن تكون عدواً لها. الآن تمثل جهود روسيا الفدرالية، بمواقفها المختلفة إزاء ما يجري على عتبة بيتها في أوكرانيا، وازاء الحدث السوري وإزاء إيران وبرنامجها النووي السلمي، وإزاء الدور التركي المتلون وكافة الملفات الأخرى في المنطقة وعلى رأسها الملف اليمني، وبما فيها ملف التسوية السياسية، هذه الجهود الإستراتيجية والتكتيكية تشكل رسائل جديدة تحمل الإشارات التالية: بدء عودة روسيا لمنطقة شرق المتوسط،  من أجل ملء الفراغ الذي خلَفه انهيار الإتحاد السوفياتي، ردع النفوذ الأمريكي في المنطقة، عن طريق التأكيد بانّ أمريكا لن يكون في وسعها الإنفراد الكامل بممارسة النفوذ على المنطقة، ردع الأسرائليين من مغبة اعتماد استخدام القوّة الغاشمة المرفوضة، ودبلوماسية العمل من طرف واحد عن طريق وضع الأسرائليين أمام روادع على النحو التالي : إنّ موسكو تمثل لاعباً دولياً مؤثراً في الساحة الأممية، لأنّ لها دوراً كبيراً في إدارة الصراع الدولي الدبلوماسي في مجلس الأمن الدولي واللجنة الرباعية، إنّ موسكو قادرة على تعزيز قوّة الأطراف الأخرى، وإعادة نظام سباق التسلح الذي سبق أن شهدته المنطقة على النحو الذي يضعف التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي الحالي، ولموسكو خارطة طريق جديدة في الشرق الأوسط، حيث تتحدث المواقف الروسية عن نفسها، بأنّ موسكو تسعى حالياً إلى معاقبة الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق القيام بلعب دور معاكس لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط، رداً على دور واشنطن المعاكس في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم تحديداً، وفي منطقة البلقان وشرق أوروبا ودفاعاً عن مصالحها الإستراتيجية عبر الحدث السوري، لقد فعلت موسكو وعبر دبلوماسيتها الجادة فعلها ومارست شتّى الضغوط، على “إسرائيل” و واشنطن في الشرق الأوسط، إلى عقد تفاهمات بين موسكو و واشنطن تتراجع بموجبها واشنطن عن استهداف النسق السياسي السوري، وتقديم تنازلات لموسكو في ملفات نشر برنامج الدفاع الصاروخي والقواعد العسكرية الأمريكية وغيرها، وبالمقابل تتراجع موسكو عن ملفات الشرق الأوسط غير الإستراتيجية، وعدم استهداف المصالح الأمريكية وخاصة في جورجيا على أن يكون ذلك بالتفاهم معها. ولكن على العكس تماماً، تبدو التحركات الروسية وهي تشي  إلى أنّ ثمة ” خارطة طريق روسية دولية ” تقوم موسكو بتقفي معالمها الرئيسية، كون التحركات الروسية المعاكسة لأمريكا شملت:

منطقة الخليج العربي: سبق للرئيس الروسي فلادمير بوتين زيارتها.  منطقة الشرق الأدنى: يوجد صعود روسي معاكس لأمريكا في أوكرانيا – لما لا والأخيرة هي عتبة البيت الروسي، أرمينيا، منطقة القوقاز والقفقاس، إضافة إلى الموقف الروسي المتجدد والثابت والداعم للنسقين السوري والإيراني. منطقة آسيا الوسطى: استطاعت موسكو أن تضعف الوجود الأمريكي في آسيا الوسطى عن طريق الاتفاقيات الثنائية مع دولها الخمس: تركمنستان، أوزبكستان، كازاخستان، طاجيكستان، وكيرغيزستان. منطقة الشرق الأقصى: تحركات روسيا في ملف الأزمة النووية الكورية الشمالية بحيث أدّت إلى إضعاف الموقف الأمريكي المتشدد في المنطقة، ويضاف إلى ذلك انخراط روسيا – بكين ضمن منظمة تعاون شنغهاي كمنظمة إقليمية، التي استطاعت أن تفرض نفوذها الجيويوليتيكي على الإقليم الأوراسي الذي يضم روسيا، الصين، منغوليا، دول آسيا الوسطى، والذي سبق أن أجمعت كل النظريات الإستراتيجية على انّه يمثل مفتاح السيطرة على العالم باعتباره يمثل منطقة القلب الاستراتيجي لخارطة العالم . من ناحية أخرى، إن انخراط روسيا في أجندة الصراع العربي – الإسرائيلي ضمن جهد شامل ونوعي، بالإضافة لما ذكر سابقاً في متن هذه القراءة السياسية، يهدف من جهة أخرى مكافحة ومواجهة انخراط واشنطن المتزايد في إقليم أوراسيا( آسيا الوسطى، القوقاز، القفقاس )، كذلك البدء بالتحركات المتعلقة بالملف النفطي، مع كل من مصر والجزائر وغيرها من البلدان الشرق الأوسطية  النفطية، لبناء قوّة ناعمة نفطية روسية لجهة بناء تحالف نفطي روسي – شرق أوسطي . حتّى الآن، تنظر التحليلات الأمريكية إلى أن التحركات الروسية في الشرق الأوسط تهدف إلى معاقبة أمريكا، ولكن كما هو واضح فانّ التحرك الروسي يمكن أن يكون جزئيّاً بسبب هذه المعاقبة، وما لم تنتبه إليه التحليلات الأمريكية الصادرة حتّى الآن، هو أنّ روسيا قد باشرت التصدي للسلوك الأمريكي في ملف كوسوفو ومنذ البدء وقبل ثماني سنوات من الآن، عن طريق استخدام الملف الجورجي وتداعيات هذا الاستخدام الروسي المشروع من وجهة نظر موسكو، على اعتبار أنّ ذلك يمس أمنها القومي ومجالها الحيوي، والآن الملف الأوكراني وما يمثله ذلك من مخاطر حقيقية على الأمن القومي الروسي. وكما هو معلوم للجميع في المجتمع الدولي، إنّ جورجيا تمثل الحليف الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة القفقاس، تتعرض لتكريس أزمة انفصال أبخاريا الشركسية، وانفصال أوسيتيا الجنوبية، وفي رد الفعل الروسي على انفصال كوسوفو، أعلنت روسيا وما زالت عن استعدادها لتأييد ودعم وتجذير انفصال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا إذا تجرأت جورجيا على الانضمام إلى حلف الناتو. والأجراء الروسي ضد جورجيا، كما هو واضح لو حدث فانّه سيشكل خسارة كبيرة لواشنطن وحلف الناتو، كونه يقضي نهائياً على دولة جورجيا ككيان سياسي بما يترتب عليه سقوط النظام الجورجي الموالي لأمريكا وصعود المعارضة الموالية لروسيا(حقّقت المعارضة الجورجية انتصارات في الانتخابات التشريعية الأخيرة)، إضافة إلى انّه يعيق بشكل نهائي تمدد حلف الناتو والنفوذ العسكري الأمريكي إلى واحدة من أهم المناطق الإستراتيجية التي تمثل الحلقة الرئيسية في مخطط إغلاق البوّابة القفقاسية في وجه الفدرالية الروسية .

[email protected]

0795615721

5345541 عمّان                    

سما الروسان في 20 – 10 – 2018 م.

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.