الإسراء (81): “وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا” … خروج “دي ميستورا” واشارة “الدخيل”! / ديانا فاخوري
ديانا فاخوري ( الأردن ) الأحد 21/10/2018 م …
كم ناشدتكم مغادرة الجانب المظلم من التاريخ والعودة عن السباحة او السياحة في العدم خشية الغرق هنا او الضياع هناك!
كم دعوتكم للنزول عن الأشجار، وكم رجوتكم الا تقطعوا الغصن ألذي يحملكم او ذاك الذي قد يظللكم!
كم حذرتكم من المفاوضات الجارية بين الجشع “الشايلوكي” و الحنين العثماني!
كم رجوتكم وكم كررت الرجاء الا تسمحوا بتنفيذ مخطط “برنارد لويس” لتفكيك المنطقة، بما فيها السعودية، وتشظيتها وتفتيتها!
كم ناديتكم ان اسقطوا رهاناتكم على “صفقة القرن” فان هي الا ستكمال لنكبة ١٩٤٨ .. وهي مشروع صهيوأمريكي في المسار التّصْفَوِيّ عينه .. المشروع الذي يهدف لإعلان “الناتو العربي” بقيادة الكيان الصهيوني و “قوادة” اعرابية ضد سوريا وضد اليمن .. “قوادة” تصادق الكيان و تعادي ايران! و ينسجم ذلك مع الهجوم الصّهيوامريكي على الأمم المتحدة، وعلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، و حتى على القيادات الفلسطينية المستكينة و المساكنة في الضفة الغربية وغزة .. و هنا لا بد من استحضار “الثقافة الترامبية” – ثقافة الإمبريالية و رأس المال المُعَوْلَم التي يعززها ان والد الرئيس كون ثروته عن طريق الدعارة ثمّ بصفقات مع المافيا و في العقارات ليكمل ابنه دونالد المشوار الذي يتيح و يبيح بيع الاوطان مقابل المال.. ويُرَوِّجُ لذلك ثلاثي من غلاة الصهاينة هم صهر الرئيس ومستشاره “جاريد كوشنر”، بدعم من مبعوثه إلى الشرق الأوسط “جيسون غرينبلات”، و إسناد من سفيره لدى الكيان الصهيوني “ديفيد فريدمان” بعيدا عن الخارجية و مجلس الأمن القومي و “الحلفاء” الأوروبيين! ونأت سلطة أوسلو والأردن بنفسيهما عن هذا المشروع المغالي في صهينته حيث ضرب عرض الحائط بمصالح “ألاصدقاء العَرَب”، و الحُلَفاء في الإتحاد الأوروبي وفي حلف شمال الأطلسي!
كم نبهتكم ان ترامب وصحبه ما لبثوا يحاولون الفصل بين “الكعبة المشرفة” و “أرامكو المكرمة – مالا؛ نفطا واسهما” من ناحية، ويجهدون في انتزاع واغتصاب السدانة على المقدسات القدسية لربط “جبل عرفات” ب “جبل الهيكل” من الناحية الاخرى انسجاما مع “المصالحة التاريخية نحو اسرائيل الكبرى” ضمن لعبة ترامب الجديدة للأمن القومي .. و ترجمتها الى “صفقة القرن” في المنطقة وما تتطلبه من محاولات دؤوبة لدفع المنطقة، والأردن خاصة، علی ظهر او الی بطن صفيح ساخن!
وتلقفنا إشارة الاستاذ الدخيل الى حقيقة ان الخلاف السعودي مع ايران هو خلاف بالوكالة عن أمريكا وقلنا ان الكيل ربما قد طفح فضاق الدخيل (ومن يمثل) ذرعا بتوالي الابتزازات والاهانات والتهديدات الأميركية .. وتسائلنا يومها عن محاولة الدخيل الايحاء ان الأزمة مع الحليف الأميركي جدية والى تفاقم وعلى المستوى الاستراتيجي! وأضفنا ان ترامب وزبانيته باتوا يرددون ويعلنون وبكل وقاحة عن تقهقر النفوذ السعودي وفشل مشاريع ولي العهد في كل من سورية والعراق ولبنان واليمن وإيران مما أدى لتراجع النفوذ الأميركي في المنطقة سيما ان واشنطن كانت قد اتخذت، ربما لظروف اقتصادية في عهد الرئيس الأميركي السابق أوباما، قراراً بعدم التدخل العسكري الفاضح خارج حدودها بعد غزو العراق عام ٢٠٠٣ موكلة هذه المهمة لتحالفاتها الإقليمية! كما أشرنا يومها ان الرئيس الأميركي قد يستغل موضوع الخاشقجي لفك الحصار السعودي الإماراتي على الحليفته قطر – بما لهذا المحور فيها من نفوذ؟!
تلقفنا أشارة ألأستاذ الدخيل وتلويحاته باغتباط لم نداره وظننا، ونرجو الا يكون هذا الظن من البعض الاثم، اننا بصدد إسقاط مسار استكمال النكبة/٤٨، فالنكسة/٦٧، فزيارة السادات ودخول منظمة التحرير دوائر القرارات ٣٣٨ و ٢٤٢، وما تبعها من غزو العراق، فاتفاق أوسلو، و كإمب ديفيد، ووادي عربة، فالمبادرة العربية (٢٠٠٣/٢٠٠٤) رغم التدخل المحمود لفخامة المقاوم (الرئيس أميل لحود) بعد ان أصبحت كل الضفة الغربية تحت سيطرة الادارة المدنية و الجيش الاسرائيلي، فالربيع العربي، فاعلان نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، فبقية القرارات والخطوات التي كنت أدرجتها في مقالات سابقة! اما الربيع العربي فتمخض لينجب “تطبيعا” .. تطبيعا (ثقافيا – أول الغيث قطر و بدأ بنهمر) .. بدأ ينهمر واطلق دينامية التقسيم والتمزيق الطائفي والعرقي والقومي في العراق وسورية ولبنان واليمن، فالأردن ومصر وغيرها .. يعملون على شيطنة المقاومة وحصارها واعتبارها إرهاباً، ويقدمون إسرائيل باعتبارها حليفاً استراتيجياً في مواجهة الخطر “الفارسي” المفتعل .. انجب تطبيعا، لا عدالة و لا ديمقراطية و لا تعددية و لا حرية و لا ما يحزنون .. لا بل ما يحزن و يحزنون!
نعم “جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ” وها هو دي ميستورا يولي الأدبار وقد بقيت الكلمة الأخيرة للحق و الميدان، وللدم المنتصر علی السيف والخرائط .. الدم الذي رمى “صفقة القرن” على قرن غزال وحولها الى “مسيرة العودة” فهم سيولدون، ويكبرون، ويُقتلون، ويولدون، ويولدون، ويولدون!
كم ناديتكم، وبكل تواضع، ان اعقلوا وليكن بأسكم على العدو شديدا، ولتكن عقولكم وقلوبكم وسيوفكم جميعا! “وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا”!
فيا قوم اعقلوا: لا فلسطين, ولا سوريا, ولا العراق قابلة للقسمة .. والاسكندرون عائدة! اما اليمن، فكم قلنا و أعدنا القول: انها اليمن ان صلحت صلح العالم , وان اضطربت اضطرب العالم .. اقرأوا التاريخ وامعنوا النظر في خريطة البحار و مضائقها خاصة عند نقطة التقاء أمواج الحرب والسلام .. هي اليمن خاسر كل من يطأ ارضها, وخاسر أيضآ كل من يعصف سماءها!
يا قوم اعقلوا وادفعوا بمحور الأرض فيميل بكليته نحو فلسطين بكليتها!
يا قوم اعقلوا: باطل جهادكم وملغى كأنه لم يكن اذا انحرف عن بيت المقدس وفلسطين من النهر الى البحر, ومن الناقورة الى ام الرشراش .. فوجود اسرائيل يعني ديمومة النكبة .. وازالة النكبة تعني ازالة اسرائيل! نعم يرتكز وجود اسرائيل الى وعلى سرقة ومصادرة الأرضِ الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني وهذه هي النكبة فلم تكن فلسطين يوما أرضا بلا شعب لتوهب لشتات بلا أرض – ممن لا يملك لمن لا يستحق!.. إذن وجود اسرائيل هوالمرادف الطبيعي للنكبة الفلسطينية .. وعليه فان ازالة النكبة ومحواثارها يعني بالضرورة ازالة اسرائيل ومحوها من الوجود – لا تعايش، نقطة على السطر .. و لن تفلح محاولات المحور “الصهيواعروبيكي” اليائسة البائسة كما ينفذها وكلاء الداخل – بدفع الأردنيين لتلقي “صفعة القرن” صاغرين .. فكما على ثرى الأردن كذلك في السماء، و لن تحتمل السماء “صفقة القرن” التي يصفعها الأردنيون لينال الفلسطينيون، كل الفلسطينيين، حقهم بالعودة وإزالة النكبة بإزالة أسبابها وآثارها – ازالة اسرائيل، نقطة على السطر. وها هم لاجئو و نازحو الأردن و لبنان والدول العربية يتأهبون للعودة الى الجمهورية العربية الفلسطينية، و عاصمتها القدس!
فيا قوم اعقلوا وتعالوا ليوم مرحمة وكلمة سواء .. وباسم الله وجهوا كل البنادق الى تل ابيب .. وباسم الله اقرأوا: “نصر من الله، وفتح قريب”!
ديانا فاخوري
كاتبة عربية أردنية
ما عندهم طريقه الا قهر الشعوب. كيف يعني حوار حضارات؟