تحليل سياسي هام … ما الذي يفرضه الوجه السعودي الجديد على الاردن ؟

 

الأردن العربي – سليمان الحراسيس ( الإثنين ) 22/6/2015 م …

 بدا واضحا حجم التراجع العربي عن دعم السعودية في حربها على اليمن مؤخرا ، مصر والاردن كانتا ابرز المتراجعين سياسيا عن ذلك الدعم وإن لم يكن رسميا، لكن الرسالة وصلت الى الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله وزير الدفاع ووزير الخارجية الجديد.

الملك سلمان بن عبد العزيز اتخذ منحى جديد للسياسة السعودية الخارجية  وانقلب على سياسة اخاه المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز، وتعامله مع ملفات ساخنة في المنطقة يدلل على ذلك، تأكيد الانسحاب من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية وترك ‘الاتراك’ للإنابة عن السعودية مقابل ما تحمله الاخيرة للاخوان المسلمون في قابل الايام ،وملف ايران النووي والصرامة التي تبديها المملكة اتجاه الاتفاق النووي الايراني- الغربي ، وشن حرب مفاجئة على الحوثيين.

ادرك كل من الاردن ومصر أن الملك سلمان أقرب لحركة الاخوان المسلمين من الانظمة الحالية، بدا موقف المملكة الجديد من الحركة يتضح شيئاً فشيئاً ،السماح لـ ‘علماء دين وشيوخ’ أصحاب شعبية كبيرة في الداخل السعودي بإنتقاد النظام المصري أصبح مسموحاً مع اعتلاء الملك سلمان عرش المملكة ثم ان التراجع السعودي عن دعم الرئيس عبد الفتاح السيسي حتى ان كان اعلاميا أصبح من الماضي ، على خلاف ما كان الملك الراحل عبدالله يستغل تصريحاته الصحفية وإن قلت لدعم النظام المصري بشكله الحالي ودعم اقتصادي مباشر كـ ايداع مليارات الدولارات في البنك المركزي لضمان استقرار اقتصاد مصر وتعويض خسائر تكبدتها جراء توقف تصدير الغاز وغيرها من اشكال الدعم.

النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي ادرك ذلك مبكرا وخلص الى ان النجاح السعودي في اليمن يعني بشكل او بأخر ‘دق أول مسمار في نعشه’ ، ولعل الدور المصري في اليمن لم يصل لغاية هذة اللحظة الى درجة تقديم دعم علني لقوات علي عبد الله صالح لا دعم الحوثيين، كما ويمكن تصنيف تلك الخطوة كاحدى الادوات التي من الممكن ان تستغلها مصر وتحاول السعودية تجنبها.

يرى مراقبون ان ابداء التقارب السعودي للاخوان في مصر تفرضه تركيا مقابل محافظة الاخيرة على المكان الذي تركته السعودية في سوريا والعراق مع انسحابها من التحالف الدولي ضد ‘الدولة الاسلامية’.

مخطط المنطقة الجديد وبرؤية امريكية من الممكن أن تحققه السعودية وقطر التي بدت حليفة قوية للمملكة السعودية وسخرت أضخم شبكة اعلامية في خدمة حرب الاخيرة على اليمن ، فإيجاد انظمة دول عربية لها ثقل اقليمي وجيوسياسي ذات طابع اسلامي معتدل يمكن تحقيقه على مدار العشر سنوات المقبلة ‘سوريا دولة سنية غرب العراق مصر الاردن’، يضمن تحجيم الدور الايراني في المنطقة، والتوصل الى تسوية مع الكيان الصهيوني للقضية الفلسطينية قد تكون على حساب الاردن،ويحقق مصالح امنية تضمن مرور أنابيب النفط السعودية والغاز القطرية الى أوروبا وهذا يبرر التقاء السعودية وقطر على خط واحد، ولعل الاتفاق الاردني العراقي على مد انبوب نفط عبر الاردن أكثر ما جعل من السعودية تقوم بإرسال رسائل ‘انزعاج’ غير مباشرة الى الاردن بدت واضحة في وثائق سعودية نشرها موقع ويكليكس مؤخرا.

أردنياً

اتخذ الاردن وضمن رؤيته لتحقيق أمنه واستقراره وتقويض أي مشاريع لا تحقق له الاستقرار السياسي، قرارا بتسليح العشائر في غرب العراق وشرق سوريا ، ويعني ذلك تواجد حلفاء أقوياء للأردن في تقويض اي مخططات قد تقوم عليها السعودية وتركيا، من ناحية جيوسياسية من غير الممكن ان لا تشمل مخططات الحليفين الجديدين وبدعم دول مساعدة كقطر تلك المنطقة المهمة الغنية بالنفط وموقعها الثمين.

 الراية الهاشمية الجديدة وما أثير حولها ، ومقالات كتاب صحف رسمية يمثلون ادوات ‘جس النبض’ أيدوا عبر مقالاتهم ‘تمدد الاردن’ ليست بضرورة أحاديث الصالونات السياسية.

الوصاية الهاشمية على المسجد الاقصى أصبحت هدف تركي

برزت مؤخرا مجموعة من التقارير داخل الكيان الصهيوني مترجمة باللغة العربية أفادت ان الدور التركي في القدس لم يعد يقتصر على دعم الجمعيات الخيرية بل امتد لتأسيس مراكز ثقافية ومعاهد دراسات وغيرها من ادوات بسط النفوذ على حساب الوصاية الاردنية الهاشمية.

وضربت التقارير ادلة كثيرة على ذلك ،ونقلت مجموعة من الصور اظهرت ترحيب غير مسبوق بوزير الاوقاف التركي خلال القائه خطبة الجمعة في مسجد الاقصى ،وبعد ذلك استشعر الاردن الدور التركي الجديد وأرسل إمام الحضرة الهاشمية احمد هليل الذي قوبل بمحاولات الضرب وتم طرده من قبل المجموعة نفسها التي رحبت واستقبلت وزير الاوقاف التركي.

وتترك الاحداث الاقليمية تساؤلات عديدة حول مستقبل الاردن في ظل المشاريع التي ترسم للمنطقة وتخبطات تحالفات كان قد استند عليها الاردن.

ما سبق قد يفرض على الاردن وفي ظل غياب مشروع عربي التحرك لخلق تحالف موازي يشمل مصر ذات الثقل السياسي والاقليمي والامارات التي ترتبط مع مصر والاردن بمصالح اقتصادية بدات تظهر ثمراتها في مصر مؤخرا ‘العاصمة الجديدة’ ،قد لا تكون ثمراتها على الاردن اقتصادية بالدرجة الاولى ، إنما للحفاظ على امن الاردن واستقراره ودعم قراره بتسليح العشائر في سوريا والعراق خاصة وأن الاردن يعاني من ضائقة اقتصادية قد تحد من تسليح وكسب تلك العشائر التي ستصبح خط دفاع أول عن حدوده وورقة ضغط اردنية في وجه مشاريع جديدة تحاول تركيا والسعودية استمالتها بأي ثمن.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.