عدنان أبو عودة … عندما يستشرف المستقبل / جهاد المحيسن

 

 

جهاد المحيسن ( الأردن ) الأربعاء 7/1/2015 م …

 

يشير الواقع إلى أن طبيعة التحليلات التي تبنى عليها حالياً السياسات المتعلقة بمستقبل الدولة، تُظهر ضيق أفق منهجي ومعرفي بشأن هذا المستقبل المشوب بحذر!

والتحليلات الناقدة التي قدمها السيد عدنان أبوعودة، قبل أيام، لم تكن مجرد تحليلات لرجل غادر مواقع السلطة، ويبحث عن دور جديد. فالرجل دخل كهف الحكمة الأفلاطوني، ولم يعد يبحث عن هذه الأدوار. وهو ينطلق في تحليلاته الأخيرة من وجهة نظر الباحث والخبير بخفايا السياسة المحلية والدولية، بحكم موقعه البحثي والسياسي. فالحديث عن سياسة الجباية وفرض الضرائب من قبل الحكومات، لم يكن وليد فراغ، بل هو حصيلة قراءة وتحليل علميين للواقع.

لكن من يلتقط هذه الرسائل، ويبني عليها نهجا جديدا مبنيا على رؤية علمية لتحليل الواقع، للخروج من المأزق الذي ينتظرنا في حال بقيت الأمور على ما هي عليه؟ المؤشرات تقول إننا لم نقرأ الواقع ولا المحيط الإقليمي والدولي جيداً، فثمة ترتيبات جديدة للمنطقة. وهذه الترتيبات ليست وليدة اللحظة، بل هي مخططات استراتيجية موضوعة على الأجندات الدولية الفاعلة في العالم منذ سنوات، لتفكيك الدول والمجتمعات، بهدف إعادة ترتيب المنطقة، ومن ضمنها الأردن، في جغرافيات جديدة، تخدم المصالح الاستراتيجية للدول الفاعلة وفق قراءة معرفية دقيقة للواقع!

إعادة نقد الواقع السياسي والاقتصادي في البلد، والحديث عن رسم سياسات جديدة لتجنب “غرق السفينة”، لا يعنيان الهجوم عليها كما يحلو لبعض المتنفذين والراقصين على أعواد الخيزران تسميتها، بل هي قراءة موضوعية لمسار سياسي. وتقتضي الحكمة والخوف على مستقبل بلدنا، وضع سيناريوهات جديدة تتواءم وطبيعة الأخطار المحدقة بنا على الصعيدين الداخلي والخارجي. فأغلب النقد يوجه للسياسات الاقتصادية التي يتم انتهاجها من قبل الحكومات المتعاقبة. والتلويح بعصا البنك الدولي وشروطه التعجيزية، لا يعني الرضوخ له، فذلك يعني مزيداً من السخط من قبل الناس على الدولة، وبالتالي يساهم في تهديدها، عندما يشعر المواطن أنه فقط موجود لدفع الضرائب، فيخرج على سلطتها وينخرط في تنظيمات متطرفة كداعش وغيره.

الأزمة التي تحدث عنها السيد أبو عودة ليست آنية، بل هي مشكلة مرتبطة بسنوات من سوء إدارة الأزمات، وهي نتيجة مباشرة لتسطيح الأمور وتسويفها مقابل إبقاء الامتيازات لفئة محددة من الناس، والتي بالضرورة سترحل بما كسبته من أيدي الناس في أول سفينة قادمة، عندما تستشعر الخطر.

واقع الحال يستدعي قيام تيار وطني مثقف يتحمل مسؤولياته تجاه دولته ومستقبلها، ويقدم قراءات علمية ومنهجية للواقع والمستقبل، في ضوء تجارب الماضي، للخروج من عنق الزجاجة. فكلنا شركاء في بناء الدولة وتجنيبها الأخطار!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.