تجاهُل شرطٍ من شروط الرحلة المدرسية مِن أسباب الفاجعة! / حنا ميخائيل سلامة
حنا ميخائيل سلامة ( الأردن ) السبت 27/10/2018 م …
من شروط الرحلات المدرسية ان تقوم الجهة المعنية في وزارة التربية والتعليم بإرسال نسخة من كتاب موافقتها على أية رحلة مدرسية إلى مديرية الأمن العام ، هذا ما اطلعت عليه بأمّ العين عندما نشرت مقالي قبل أعوام في جريدة الرأي الغراء بعنوان ” الرحلات المدرسية غير المنظمة” وكنت طالبت فيه حرفياً: “أن يتم وضع المعنيين في الأمن العام بصورة الرحلات المدرسية البعيدة ليتم التنسيق معهم في حال حدوث مسألة تقتضي تدخلهم من خلال الدوريات المنتشرة في طول البلاد وعرضها من أجل سلامة طلبتنا الذين هم أمل المستقبل الواعد” وقد اطلعوني في الوزارة بعد نشر المقال عن شروط الرحلات وكان سروري بالغاً أنَّ ما طالبتُ به كان من ضمن الشروط! غير أنني أصبت بصدمة عند اطلاعي على كتاب الموافقة على رحلة الفاجعة التي استبكت قلوبنا جميعاً، والصادر يوم 24 من الشهر الجاري والذي جرى توزيعه على نطاق واسع، فإذا بالكتاب لا يتضمن نسخة لمديرية الأمن العام ! وقد جاءت الموافقة مذيلة بنسخة “لمدير الشؤون التعليمية والفنية ،نسخة لرئيس قسم النشاطات التربوية ،نسخة ل: م.النشاط الاجتماعي ونسخة للديوان فقط! وأجزمُ أنه لو وصلت نسخة من الكتاب لمديرية الأمن العام لما وافقت على الرحلة أصلاً نظراً لحالة الطقس المتوقعة ، ولكانت من جانبٍ آخر تابعت مسار الرحلة حسب الموافقة على مكانها..من خلال الدوريات المعنية ولأشرفت على سلامة الطلبة ومعلميهم وأمانهم، ولكانت استدعت على الفور الطواقم المعنية بالإنقاذ ! إن التذرع والقول أن الشركة التي نظمت الرحلة هي المسؤولة عن إبلاغ المعنيين في الأمن العام مرفوض غاية الرفض فالشروط الموضوعة للرحلات تقتضي إبلاغ المعنيين في الوزارة نفسها للأمن العام وليس من خلال شركات وما شابه!
لسنا ننكر أهمية الرحلات المدرسية شريطة أن تكون مطابقة لجميع الشروط الموضوعة فأمان الطلبة وسلامتهم وعودتهم سالمين لأهلهم وذويه أهم ألف مرة من زجِّهم في الحافلات ليلاقوا مصيرهم على النحو المؤسف والمحزن والمؤلم الذي وقع في منطقة زرقاء ماعين..
لقد نظمت إدارة النشاطات التربوية ممثلة بمديرية الرياضة المدرسية في وزارة التربية والتعليم أنموذجا وُزِّع على المدارس ليصار إلى تعبئته من ولي أمر الطالب أو الطالبة جاء فيه: “أنا ولي أمر … من الصف … في مدرسة… أوافق على اشتراكه أو اشتراكها في رحلة إلى … تاريخ… ” إلى هنا الأمر طبيعي، على أن الفقرة التي تدعو للاستغراب تقول “ولا تتحمل المدرسة أي مسؤولية على هذا الاشتراك” مضافاً إليها فقرة مرنة مطاطة تفيد “على أن تتقيد بأسس الرحلات المدرسية.” إلى هنا نتوقف دون تعليق… ذلك إن جدّ الجـِد وحصل أمر غير مكروه أخرج المعني بشأن المدرسة هذه الورقة دون أن يرف له جفن مبتسماً مُشيراً بإصبعه إلى عبارة “ولا تتحمل المدرسة.. “.هذا ما جاء حرفياً في مقالي المنشور والمذكور اعلاه !
ومن غير الجائز وضع اللوم على أولياء الأمور بأنهم وافقوا على مشاركة أبنائهم برحلة ما..فتحفيز المدرسة للطلبة وترويجهم الجميل لها يجعلهم يُلحون على ذويهم بالذهاب والمشاركة.. وعلى إطمئنان اولياء الأمور وثقتهم ان كل شيء سيكون مطابقاً للشروط الموضوعة من الوزارة وتقيد المدرسة بها يأذنون لهم حتى ولو لم تكن ظروفهم المالية تسمح فينصاعون كيلا يُكسرَ خاطرهم وقد رَأوا أقرانهم سيشاركون !
فاجعة كبيرة سيبقى صداها يبعث الأسى في النفوس .. وهنا لا أريد الخوض في جميع أسبابها ومسبباتها فهذا أتت عليه أقلام الكتاب خلال هذين اليومين المُحزِنَيْن، غير أن محاسبة تؤخَذُ على مَحمل الجِد دون مماطلة او طبطبة أو تستر من اي جهة كانت، ننتظرها كُلنا إنصافاً لِمن تصاعدت أرواحهم البريئة إلى العَليّ تشكو ما ألمَّ بهم فحُرموا الحياة وتحطمت آمالهم الفَتيَّة كأعمارهم! يعتصرنا الألم للفاجعة التي حلت بأبنائنا وبناتنا الطلبة ومعلميهم في منطقة زرقاء ماعين هؤلاء الذين جرفهم سيل فأودى بحياتهم وهم في عمر الزهور .. ونضرع إلى الله أن يمنح الشفاء للمصابين على أسِرَّة الشفاء ، ولأهالي الضحايا الأبرياء الأطهار الدعاء ان يمنحهم الله جلت قدرته الصبر على هذه النائبة المُوجعة فالمُصاب مُصابنا جميعاً .
كاتب وباحث
حنا ميخائيل سلامة
[email protected]
التعليقات مغلقة.