من ينصف الأطفال الضحايا ؟! سؤال الحقيقة المؤلمة! / غدير سعيد حدادين
من ينصف الأطفال ولا أقول من يعيدهم ؟
ما جرى في مأساة البحر الميت لا يترك هامشا لأي مراوغة أو مجاملة، يكفي أن يتخيل كل منا أن من فقدوا هم أطفاله، لكي يشعر بهول المأساة وأبعادها العميقة، ولكي ندرك جميعا أن الدمع قد فاض حتى غمر القلوب.
لكن، من يا ترى سينصف أطفالنا الذين رحلوا، ولا أقول يعيدهم، لهم الرحمة والسلام!؟
سؤال صعب عن مسؤولية الإنصاف التي نتحملها جميعا، سؤال يحتاج إلى الجرأة والصدق والبسالة .. لأن ما نراه ونسمعه بعد هذه الفاجعة الوطنية هو أن بعض المنابر والأفواه التي كانت تضج وتتفاخر وتتباهى في اللحظات العادية قد أصابها الخرس فجأة أمام أسئلة الحقيقة المرة كما مرار القهوة السادة في مجالس العزاء بأطفالنا الذين ارتقت أرواحهم البريئة إلى خالقها.
الأكثر إيلاما هو أن البعض لا يتمتع حتى ببعض اللياقة فيحترم لحظة الفقد فيصمت على الأقل، وفيما لا يزال الآباء والأمهات والأسر والوطن كله تحت هول الصدمة المروعة، في محاولة لفهم ما جرى أو استيعابه، نجد البعض في مواقع المسؤولية قد انشغلوا بالتملص والهروب من مسؤولياتهم، وأخذوا يحاولون تحميلها لأي طرف ولو كان هذا الطرف السماء نفسها .. ليت هذا البعض يتحلى ببعض الحياء والشعور بفداحة ما أصاب القلوب ، فيصمت ويتوقف عن التبرير والتفسير، فليس هناك في الكون قوة بمقدورها أن تبرر لأم أو لأب فقد طفلهما.
كل ما يشغل بال هذا البعض المسؤول هو محاولة الهروب والتخفف من المسؤولية، والبحث عن مخرج أو قشة للنجاة.
غير أن وجع الأمهات والآباء وألم الفقدان ودموعه تعري خزي التخاذل وتكشفه مهما كان بارعا في التخفي والتنكر.
تضحكني الشعارات الرنانة الموزونة ” القضاء على الفساد !”، حسنا وماذا تنتظرون!؟ من وما الذي يمنعكم!؟ ألم تقسموا بذلك لهذا الوطن وناسه، إذن ما الذي يمنعكم من القضاء على الفساد، لتنقذوا أرواح أطفال كان من المفروض أن يعطوا لهذا الوطن زهرات أعمارهم وأجمل سنين حياتهم !
ومع ذلك هلا قلتم لنا بالضبط ما هو الفساد الذي تحاولون القضاء عليه فيستعصي عليكم ويخطف حياة أطفالنا!؟
هذا التساؤل ليس من باب التعجب بل هو أقرب للإدانة، وقد يعتبر اتهاما يصل إلى حد القول بأن هناك انعداما في الرؤية أو ضعفا في الكرامة، أو شحّا في الجرأة، هناك من المحاولات ما يكاد يستغبي الناس في تبرير غير معقول وغير منطقي لحادثة سيل متدفق يداهم أطفالا خلال دقائق ويجرفهم ! هكذا كمشهد سينمائي !
بعضهم يتحدث عن المهنية والجرأة، ومع ذلك لا نجد سوى مهنية في تمويه الحقيقة، إن أولئك البعض يبدون أكثر تمرسا في الكذب، فكل المشاهد التي عرضت على شاشات التلفزيون وعلى جميع مواقع التواصل الاجتماعي ابكتنا وشعرنا أمامها بالعجز بعد أن وقعت الفأس بالرأس، وبأننا لا نملك حتى قوة على الفعل أو رد الفعل.
فقط حالة هروب ومراوغة من المسؤولية.
الآن، لا وقت للتحليلات والكلام الفارغ الذي لا يعيد لنا إصبعا صغيرا حيا من أطفالنا. هناك فجوة كبيرة بين الشعب والحكومة ، حالة اغتراب عن قضايانا وهمومنا وأشجاننا وأمنياتنا وآمالنا الصغيرة والكبيرة . لا احساس ولا تخطيط. فقط حالة من الرخاوة التي تتحرك في كل الاتجاهات.
مع ذلك، “يبقى السؤال من ينقذنا من الفاسدين ؟ من يخلصنا من ظلاميتهم؟
أما السؤال الأصعب فهو: الى أين، إلى متى ؟ وبعدين !!!!؟
التعليقات مغلقة.