تل أبيب: السعودية عرّاب الاتفاق المُتبلور بين حماس ومصر
الأردن العربي – زهير أندراوس ( الأربعاء ) 24/6/2015 م …
*المثلث الجديد يهدف لإبعاد إيران عن فلسطين نهائيًا والتوصّل لهدنةٍ طويلة الأمد مع إسرائيل …
تُتابع إسرائيل الرسميّة التطورّات في العلاقات بين حركة حماس ومصر، وبحسب الخبراء والمُستشرقين ومراكز الأبحاث في تل أبيب، فإنّ شهر العسل بين حماس ومصر، يتّم تحت إشراف سعوديّ، وأنّ المملكة هي عرّاب هذا التطوّر اللافت. وبحسب مُحلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة (هآرتس)، تسفي بارئيل، فإنّ اللقاء الذي جرى في الشهر الماضي بين وزير الخارجيّة السعودي، عادل الجبير مع الرئيس المصريّ، المُشير عبد الفتّاح السيسي، ووزير خارجيته، سامح شكري في هذا الشأن، شدّدّ الرئيس السيسي على أنّ أمن مصر، أهّم من حركة حماس، التي اعتبرها فرعًا لحركة الإخوان المُسلمين الإرهابيّة، وأنّه لا مجال للمًصالحة معها، ولفت إلى أنّ ردّ الرياض تمثّل في دعوة خالد مشعل لزيارة المملكة، التي وصلها وحصل منها على مكرمة وصلت إلى 10 ملايين دولار.
وتابع قائلاً إنّه بعد مرور أسبوع على ذلك، أعلنت مصر أنّ حماس ليست حركة إرهابيّة، وفتحت معبر رفح للأشخاص والمواد أيضًا، حيث تعهدّت حركة حماس بعدم استخدام الأنفاق وبالامتناع عن مهاجمة مصر في الإعلام، كما قال مسؤول رفيع المستوى في الحركة لصحيفة (الحياة) السعوديّة، وذلك خلال أوّل لقاء عقده مدير المخابرات المصريّة، خالد فوزي، مع قادة من حماس في قطر. وبحسب المُحلل الإسرائيليّ فإنّ مسؤولين كبار في حماس باشروا بالتحدّث عن انتهاء القطيعة مع مصر وعن افتتاح مسار سياسيّ بين القاهرة وغزّة.
ونقل بارئيل عن مصدر مصريّ، وصفه بأنّه رفيع المستوى، قوله إنّ إعادة السفير المصريّ إلى تل أبيب، بعد ثلاث سنوات، هو جزءُ من التقارب المصريّ مع حماس، كما شدّدّ المسؤول المصريّ في حديثه للصحيفة الإسرائيليّة على أنّ مصر تُشدّد على تبنّي سياسةٍ متزنةٍ، وأنّها لا ترغب في أنْ يُفسّر وأنّ تحسّن علاقاتها مع حماس، جاء على حساب التعاون والتنسيق مع إسرائيل، كما لفت إلى أنّ إعادة السفير المصريّ إلى تل أبيب هو خطوة مهمّة للغاية، للتدليل على أنّ القاهرة بصدد فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع حماس بشكلٍ خاصٍ، ومع السلطة الفلسطينيّة بصورةٍ عامّةٍ، على حدّ تعبيره.
ورأى المُحلل الإسرائيليّ أنّ المبادرة لفتح صفحة جديدة بين حماس والقاهرة هي ليست مصريّة، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ حركة المُقاومة الإسلاميّة تحولّت إلى أداةٍ إستراتيجيّةٍ مهمةٍ في مساعي المملكة العربيّة السعوديّة لتشكيل حلفٍ يكون بمثابة سور واقٍ ضدّ استمرار التأثير الإيرانيّ في المنطقة، وتحديدًا بسبب اقتراب موعد التوقيع على الاتفاق النوويّ معها.
ونبّه المُحلل إلى أنّه منذ أنْ قطعت حماس علاقاتها مع سوريّة، لم تتوجّه السعودية لاحتضانها لعلمها بأنّه لا مفر للحركة وأنّها ستعود إلى ما أسماه بيت الطاعة السعوديّ، خصوصًا وأنّها لم تجد دولة أخرى تقدر أنْ تتكّل عليها، بحسب قوله. ولكن السياسة السعوديّة تغيّرت فورًا مع تنصيب الملك سلمان في شهر كانون الثاني (يناير) من هذا العام، وتحديدًا بعد اجتماعه بالرئيس التركيّ أردوغان، التي كان وما زال عضوًا في الائتلاف ضدّ سوريّة، وهو الذي اقترح على العاهل السعوديّ التقرّب إلى حماس.
ورأى المُحلل أنّه في الصراع الدائر بين الرياض وطهران، فإنّ قطع علاقات حماس مع الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة سيُسجّل كانتصار سعوديّ كبير، إذْ أنّ السعوديّة تُعوّل على ذلك لإبعاد إيران عن آخر معقل لها يربطها بالقضيّة الفلسطينيّة، وعليه أوضحت المملكة لمصر، وهي التي تلقّت منها مليارات الدولارات دعمًا لاقتصادها، أنّها مُلزمة بتغيير نظرتها لحماس، وبعد ذلك فحص إمكانية التوصّل لصلحٍ مع حركة (الإخوان المسلمين).
وتابع المُستشرق الإسرائيليّ قائلاً إنّ الدولة العبريّة دخلت إلى هذا المثلث (السعودية، مصر وحماس)، التي عليها الاقتناع بأنّ إعادة إعمار قطاع غزّة ليس كافيًا، بل عليها أيضًا أنْ لا تُهاجم القطاع في عمليةٍ عسكريّةٍ، والتي من شأنها تخريب الجهود السعوديّة. وبحسب المصادر السياسيّة في تل أبيب، قال المُحلل، إنّه في هذا الإطار بدأ مسؤولون من الاتحاد الأوروبيّ بعقد لقاءات سريّةٍ مع مسؤولين قطريين، بهدف التوصّل لاتفاق تهدئة بين إسرائيل وحماس، يكون طويل الأمد.
ولفت المُحلل إلى أنّ حماس نفت هذه الأنباء، لكنّه أشار إلى أنّ الأصوات الصادرة عن الحركة باتت مُختلفةً. ونقل عن مسؤول رفيع في حماس قوله إنّ المشكلة بالنسبة لإسرائيل ولحماس أيضًا تكمن في التوصّل لاتفاق، دون أنْ يُسّمى اتفاقًا، على حدّ قوله. وقال المُحلل الإسرائيليّ أيضًا إنّه كيف سيؤثّر الاتفاق الذي يتبلور بين حماس ومصر والسعودية على ما أسماها بالعملية السلميّة بين إسرائيل والفلسطينيين، وفي هذا السياق نقل عن مسؤول وصفه بأنّه رفيع المستوى في السلطة الفلسطينيّة قوله إنّ هدف الاتفاق المتبلور هو إقليميّ، ومن أجل ذلك يتحتّم على السعودية ومصر التقرّب لحماس، ولكن في نهاية المطاف، الرابح الأكبر من هذا الاتفاق ستكون إسرائيل، إذْ أنّها ستحصل على اتفاق وقف لإطلاق النار طويل الأمد مع حماس، وستكون ضلعًا مهمًا في المثلث الجديد، حماس، الرياض والقاهرة، دون أنْ تضطر للجلوس مع رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس للمفاوضات، بحسب المسؤول الفلسطينيّ.
التعليقات مغلقة.