تخيلوا هذه الديمقراطية!! / د. بسام أبو عبد الله :

 

د.بسام ابو عبد الله ( الخميس ) 25/6/2015 م …

أربع سنوات، وعدة أشهر، ووسائل إعلام العالم كله، ومعها جوقة من السياسيين من مختلف المدارس الماركسية،

 والليبرالية، والإخونجية، والوهابية، والصهيونية، والعثمانية، وهي تصدع رؤوسنا بالحديث عن الإصلاحات السياسية في سورية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، وكأن العالم كله، ودوله وشعوبه قد انتهت من تركيب أنظمتها السياسية وفق دفتر الشروط الأميركي- الغربي، ولم يبق غير سورية…

تخيلوا هذه الديمقراطية التي ستنجز بدعم غربي، وعلى أيدي قتلة- مجرمين استوردوا من كل أنحاء العالم يذبحون، ويقتلون، ويسبون، ويصلبون ويدمرون أسس الحياة البشرية، وهوية الشعب، وتاريخه، وإرثه ومستقبل أبنائه.

تخيلوا هذه الديمقراطية التي يتحالف فيها لصوص وضح النهار في لبنان، والأردن، والسعودية، وقطر، وإسرائيل، وتركيا، وخلفهم واشنطن والغرب، ويُقتل على مذبحها عشرات آلاف السوريين، وينزح الملايين ويتحول فيها أكثر من 75% منهم إلى فقراء، بعد أن كانوا يطعمون كل دول الجوار في عصر الديكتاتورية- كما يسمونها…

تخيلوا هذه الديمقراطية التي يُنظر علينا بها مجموعة من الجواسيس، والعبيد اللبنانيين، والسوريين، وغيرهم ممن يخدمون في البلاط الوهابي مقابل دنانير نفطية تُرمى لهم، ومقالات صحافية لا تساوي قيمة الحبر الذي تُطبع فيه، وقصائد، وبكائيات تنضح بالكذب والنفاق.

تخيلوا هذه الديمقراطية التي يسعى دعاتها، ومدعوها لبنائها من خلال استدعاء الاحتلال لبلادهم، والتعامل مع عدوهم التاريخي، وقطع مياه الشرب عن أبناء بلدهم، وتدمير مصادر رزق الناس، واستهداف المدنيين في كل مكان، وضرب جيش بلادهم، والتآمر على اقتصادها، وتشويه مفاهيم الانتماء الوطني، واللعب على وتر المذاهب، والطوائف، والاثنيات.

تخيلوا هذه الديمقراطية التي تحتاج إلى كل مشايخ الفتنة، والحقد والكراهية، وإلى كل أنواع اللغات (بيضاء وسوداء) لدعمها، وإلى منابر السعودية، وقطر، وتركيا، ولبنان، والبحرين، والكويت والإمارات، وإلى إعادة إنتاج الفتنة الكبرى في العالم الإسلامي من أجلها.

تخيلوا هذه الديمقراطية التي تحتاج إلى مئات الاجتماعات من الأمم المتحدة ومجلس أمنها وإلى مئات الاجتماعات لحلف الناتو، والاتحاد الأوروبي وقمة السبع، وما يسمى جامعة الدول العربية، ومجلس التآمر الخليجي، وبرلمانات العالم، ولجان لتقصي الحقائق، ومحكمة الجنايات الدولية، ومراصد تعمل ليل- نهار من أجل حقوق الإنسان السوري، وموفدون دوليون يستبدلون حسب مرحلة الإنجاز الديمقراطي على الأرض السورية.

تخيلوا هذه الديمقراطية التي تحتاج إلى عشرات آلاف المرتزقة من أكثر من (100 جنسية) على ذمة (بان كي مون)، وإلى أنواع أسلحة لم تحصل عليها جيوش في المنطقة، وإلى قادة شيشان، وأويغور، وأوزبك، وطاجيك، وسعوديين، وأتراك، وغرف عمليات تقام في الأردن، وتركيا، وصور أقمار صناعية وطائرات بلا طيار، وأساطيل بحرية تجوب المتوسط، وقناصات، ودبابات- غيره الكثير…

– تخيلوا هذه الديمقراطية التي يناضل من أجلها الوهابي السعودي المتخلف، والوهابي القطري، والأخونجي السوري، والمصري، والتركي والليكود الصهيوني، والماركسي السوري (من يمينه إلى يساره) والليبرالي، والبعثي الفاسد، والتاجر المنتفع، وسماسرة السياسة في المنطقة…

– تخيلوا هذه الديمقراطية التي جلبت انجيلينا جولي، وكيم كارداشيان، وجمال سليمان، وأصالة نصري، وفناني الخليج، وهوليوود، وقسمت العالم الفني بين من هو مع، ومن هو ضد، وسخرت من أجلها الجزيرة، والعربية، وبي بي سي، وفرانس 24، ومحطات أنظمة الخليج، وقناة أورينت (الشريفة جداً!!!)، وإم تي في، والجديد أحياناً حسب المطلوب، وصحف، ومجلات، ومواقع الكترونية بكل اللغات وعلماء نفسٍ، واستخبارات، واجتماع، وقانون- وغيره الكثير…

– تخيلوا هذه الديمقراطية، والحرية التي يدعوننا إليها، والتي تزيد الكراهية والحقد، والبغض، وتفتت المجتمع، وتُقسم البلد، وتدمر معامله، وتفني آثاره، وهويته، وعروبته، وتعيدنا إلى الوراء مئات السنين…

– أعتقد أن هذا الأمر أصبح واضحاً لدى كثير من السوريين، وازدادت القناعة أكثر به في هذه الأيام، ولكن الأهم أن هذا لم يكن خيالاً وإنما واقع صعب، وحرب عالمية ثالثة شنت علينا، وليست صراعاً بين سلطة- ومعارضة، وإنما بين وطن وشعب وجيش وقائد يدافعون عن وجودهم، وبقائهم، وفي حرب البقاء والوجود لا مجال للخيال، والأوهام…

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.