غزوة القنيطرة خيوطها حيكت بدقة ..فكيف أسقطها تكامل الصمود السوري؟ / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) الخميس 25/6/2015 م …
الاف المسلحين الراديكاليين مدججين بعشرات الاطنان من الاسلحة الفتاكة كانوا هم النواة الرئيسية المحضرة لـ”غزوة القنيطرة” وما يتبعها ،وبدورها فالأجهزة الأستخباراتية وعلى رأسها الأستخبارات الصهيونية – السعودية –الأمريكية،جهزت الارضية والدعم العسكري لهذه المجاميع الراديكالية لتتحرك بهذا الدعم العسكري والتسليحي واللوجستي بهدف أسقاط محافظة القنيطرة ،أستكمالآ لمخطط أسقاط المنطقة الجنوبية بعد سلسلة الانتكاسات التي تعرض لها الجيش العربي السوري بريف درعا الشمالي والشمالي الشرقي وبمناطق محددة بريف القنيطرة بالفترة الأخيرة ، القيادة العسكرية السورية بدورها أستشعرت خطورة ما هو قادم ويستهدف محافظة القنيطرة كجزء من مشروع أكبر يستهدف المنطقة الجنوبية ككل والتي تعول عليها واشنطن وحلفائها في تل أبيب والرياض كهدف أول يتيح لهم الوصول إلى مسار عسكري يضمن على الأقل تعديل مسار التوازنات العسكرية على الأرض السورية .
وهنا لايمكن انكار حقيقة ان محافظة القنيطرة بموقعها الاستراتيجي بجنوب سورية تشكل اهمية استراتيجية بخريطة العمليات العسكرية السورية وتحتل أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاح لسلسلة مناطق تمتد على طول الجغرافيا السورية فهي نقطة وصل بين مناطق جنوب سورية ووسط سورية،أمتددآ على طول شريط المناطق الحدودية للجولان السوري العربي المحتل وصولآ للمناطق المرتبطة بالجانب الحدودي اللبناني أضافة إلى كونها تشكل نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية المرتبطة بالعاصمة دمشق جنوبآ وغربآ ، وهذا مايعكس حجم ألاهمية ألاستراتيجية الكبرى لمحافظة القنيطرة بخارطة المعارك المقبلة بالجنوب والوسط السوري بشكل عام و بالجولان العربي السوري المحتل بشكل خاص.
القيادة العسكرية السورية وبعد ان أستشعرت خطورة ما يحضر للقنطيرة ،أوعزت للوحدات العسكرية السورية المنتشرة على نقاط الاشتباك بريف القنيطرة بالأستعداد لصد موجات هذه الغزوة ، وهذا ماظهر بشكل واضح بالفترة ألاخيرة والتي سبقت هذه المعركة “المصيرية ” ،المعركة بدورها كانت “مصيرية “بكل معنى الكلمة ،نظرآ للأهداف التي كانت تحملها هذه الغزوة ،فقد حملت هذه الغزوة مجموعة اهداف للقوى المسلحة الراديكالية وداعميها،وكان الهدف الرئيسي لهذه الغزوة التي قادتها القوى الراديكالية المسلحة نيابة عن المحور الصهيوني –السعودي –الأمريكي ،هو وصل المناطق الممتدة مابين سلسلة جبال وتلال الحرمون بسلسلة جبال القلمون ، من خلال أسقاط بلدة حضر الأستراتيجية مايعني تدفق الاف المقاتلين الراديكاليين بأتجاه جبل الشيخ وهذا مايعني حكمآ تأمين أقامة منطقة أمنة وحزام امني سعى لتشكيلها الكيان الصهيوني على طول الحدود الجنوبية السورية ،وما يعني ذلك مستقبلآ من استهداف لمناطق جبل العرب .
على المحور الاخر للمعركة تزامنآ مع معركة حضر كان هناك مخططآ من جهة التلول الحمر من قبل هذه القوى الرديكالية وداعميها يسعى للالتفاف بشكل عكسي على وحدات الجيش العربي السوري المتواجدة بمدينة القنيطرة وخصوصآ مناطق مدينة البعث وخان أرنبة، وهذا ما يعني بحال حدوثه أسقاط مجموعة تلال استراتيجية لها أهميتها العسكرية وتعتبر مفتاح جغرافي رئيسي لسلسلة العمليات العسكرية للجيش العربي السوري بمحافظة القنيطرة وهي تلال الشعار وكروم جبا والبزاق الإستراتيجية،هذه التلال بمواقعها الحاكمة كانت ستشكل بحال سقوطها متغيرآ عسكريآ أستراتيجيآ لصالح القوى الراديكالية المسلحة وداعميها،يتمثل بوصل مثلث ريف القنيطرة الشمالي الشرقي بريف دمشق الغربي وريف درعا الجنوبي الشرقي ،وهذا مايعني تشكيل خاصرة رخوة من جهة الغوطة الغربية ومنها إلى الغوطة الشرقية تستهدف العمق الأستراتيجي للعاصمة دمشق.
وحدات الجيش العربي السوري المتواجدة بمحافظة القنيطرة بدورها جهزت تحضيراتها وتجهيزاتها للتصدي لموجات هذه الغزوة ،مدعومة بقوى الدفاع الوطني وأهالي المناطق المستهدفة بهذه الغزوة،ومع أنطلاقة الموجة الأولى لهذه الغزوة وما رافقها من حرب أعلامية كان الجيش العربي السوري وبدوره قد أستوعب وتكيف مرحليآ مع الضربة الأولى لهذه المجاميع الرديكالية والمدعومة من الجانب الصهيوني ،وبدأ فعليآ برسم ملامح جديدة لطبيعة المعركة بعموم مناطق محافظة القنيطرة ،من خلال توزيع مايتوفر لديه من أمكانيات عسكرية على مختلف محاور المعركة ،ومع أستمرار فصول وموجات الزحف المسلح من قبل هذه المجاميع الراديكالية أستطاعت الواحدات العسكرية التكيف مع ظروف هذه المعركة،وقد نفذت هذه الوحدات مسنودة بسلاح الجو السوري عمليات عسكرية تكتيكية نجحت بضرب الخطوط الخلفية لهذه المجاميع الغازية ببلدات بيت جن وجباتا الخشب وغيرها، مما ساهم بوضع عدة مجموعات من هذه المجاميع الغازية بين فكي كماشة وضربها بضربات محكمة .
وهنا لايمكن أنكار حقيقة أن الدعم من قبل قوات الدفاع الوطني وأهالي مناطق خان أرنبة ومدينة البعث وحضر وغيرها من البلدات ،قد ساهمت إلى حد كبير ،بالتصدي لموجات هذه الغزوة ،فقد كان لاهالي هذه المناطق دورآ كبيرآ بالتصدي لهذه المجاميع المسلحة وخصوصآ على المحور الشمالي للتلول الحمر ،الذي شهد بدوره معركة طاحنة بين الجيش العربي السوري مدعومآ بعموم أهالي هذه المناطق من جهة والمجاميع المسلحة الغازية من جهة أخرى ،وقد أثمر هذا الجهد والتعاون بين الجيش والقوى الشعبية بدوره بالتصدي لهذه المجاميع الغازية ،وتحقيق ضربات مباشرة بصفوف المجاميع الغازية ،ما دفع هذه المجاميع الغازية للتراجع بعد تلقيهم ضربات قاسمة على هذا المحور تحديدآ.
ومن هنا نقرأ وبناء على متغيرات الساعات الاخيرة،بمسار هذه الغزوة ،والتطور الملموس والنوعي بعمليات الجيش العربي السوري مدعومآ بقوى المقاومة الشعبية بعموم مناطق محافظة القنيطرة ،ان خطط القادة الميدانيين بالجيش العربي السوري قد اتجهت باتجاه المنحى الايجابي ،فخريطة العمليات العملياتيه والتكتيكية والاستراتيجية وتبادل الادوار والانتقال من خطة إلى اخرى والتكيف مع ظروف المعركة بسلاسة ملحوظة ،هذه المتغيرات التي أدراتها بحرفيه وحنكة ملحوظة القيادة العسكرية الميدانية للجيش السوري بمحافظة القنيطرة بمجموعها قد أثمرت وبعمليات نوعية وخاطفة ،بصد جميع موجات هذه الغزوة ،وتكبيد المجاميع المسلحة الغازية خسائر كبير تمثلت بمئات القتلى والمصابين وتدمير لعدد كبير من الاليات والاسلحة التي استخدمتها هذه المجاميع الراديكالية بغزوة القنيطرة ،والاهم من كل هذا وذاك ،ان الجيش العربي السوري وبالتعاون مع قوى المقاومة الشعبية قد نجح بأسقاط جميع أهداف ومخططات هذه الغزوة مع العلم ان المعركة مازالت مستمرة ،وان كانت بزخم أقل .
ختامآ ،بأت واضحآ اليوم ان منظومة الأهداف التي حملتها غزوة محافظة القنيطرة والتي حيكت بدقة من قبل شركاء الحرب على الدولة السورية ،أنها ستبدأ بالتهاوي، واليوم نرى انها تعيش بفترة ترنح ما قبل السقوط مع أستمرار سلسلة الانهيارات التي تتعرض لها المجاميع الرديكالية الغازية لمحافظة القنيطرة،أستكمالآ لفشل هذه المجاميع بتحقيق أي أنجاز على الارض بالمنطقة الجنوبية عمومآ بعد فشلهم عن تحقيق أي اختراق بريف السويداء الشرقي بعد فشلهم بغزوة مطار الثعلة ، ومن هنا نقرأ ان القيادة العسكرية السورية تتعامل بحرفية مع مجمل معارك وغزوات الجنوب السوري ،والأهم من كل هذا هو أن الجيش العربي السوري بتكاملية عمله مع القوى الوطنية والشعبية نجح بأسقاط منظومة الأهداف الصهيونية الساعية لأقامة حزام أمني بالجنوب السوري، وافشل كل المحاولات الصهيونية الساعية كذلك لاستهداف أهالي جبل العرب بعموم المنطقة الجنوبية ،وهذا مايؤكد ويثبت ان تكاملية الصمود السوري ممثلآ بالشعب والجيش والقيادة السياسية هي القادرة اليوم على التصدي وردع أي مخطط يستهدف سورية الوطن والتاريخ والانسان،وهي بداية الطريق لرسم معالم النصر على كل هذا المحور المعادي الذي يستهدف اليوم سورية الدولة بكل أركانها ……
*كاتب وناشط سياسي –الاردن
التعليقات مغلقة.