لماذا الصمت الأردني على بقاء اللجوء السوري؟ / فؤاد البطاينة
فؤاد البطاينة ( الأردن ) الأربعاء 7/11/2018 م …
في الوقت الذي كان فيه على الدول العربية التي مولت الحرب على سوريا أن تمول استحقاقات هذه الحرب ومنها اللاجئين السوريين، أو ترسل طائرات وحافلات لنقلهم لأراضيها والتكفل باحتياجاتهم الانسانية والتعليمية والصحية، كان الأردن على موعد مع دفع ضريبة الواجب القومي والأخوي في استقبال ما ينيف عن مليون لا جئ سوري رغم وضعه الاقتصادي والمالي والأمني الصعب وبنيته التحتية التي لا تتحمل . ولو لم يكن هؤلاء اللاجئون عربا أشقاء لما جاز لدولة بوضع الأردن هذا أن تستقبلهم قبل أن يتعهد ويتكفل المجتمع الدولي وبالذات الأمم المتحدة بكافة نفقات وجودهم المرئية وغير المرئية في الأردن .
أما اليوم فالواقع يشير لانتهاء الأسباب القاهره التي أدت للجوء هؤلاء الأشقاء . ومن المفروض والبديهي أن ينتهي لجوءهم في الأردن، وتنتهي معاناتهم أيضا . فالمنطقة من دمشق الى الحدود الأردنية هي اليوم أمنة وتحت سيطرة الحكومة السورية وجيشها . واللاجئون السوريون في الأردن معظمهم إن لم يكن كلهم هم من سكان تلك المنطقه التي أصبحت أمنه وتديرها الدولة السورية، وما عودة تدفق الأردنيين على سوريا عبر الحدود السورية الأردنية في أمن وأمان كالسابق إلا دليل على ذلك .
فلماذا الصمت الرسمي الأردني الأن على بقاء هذا اللجوء وما هي القصة المستجدة لدى الأردن الرسمي بعد قصة دامت سبع سنوات من التذمر والشكوى من الضغوطات التي سببها هذا اللجوء على موازنة الدولة وبنيتها التحتية وأصبحت قضية للأردن في المحافل الدولية والزيارات الرسمية، بل كانت من الأسباب المدعى بها لتوسيع وتعميق الضرائب على الشعب الأردني، وازدياد الضغوطات المعيشية والاجتماعية عليه وتقليص فرص العمل وازدياد المخاوف الأمنية .
. فليس من الطبيعي لدولة بوضع الأردن أن تُبقي على استضافتها لهذا الكم من اللاجئين السوريين بعد أن انتفى سبب لجوئهم . وليس من الطبيعي أن يصرح المسئول الرسمي بعد ذلك أن عودتهم اختيارية أو طوعية ويضع نقطه . فالأمر غير مقنع وتبدو وراءه أسباب غير وطنية
ولا أقصد هنا أن يقوم الأردن بحملة ترحيل لهؤلاء اللاجئين من طرف واحد، بل لا بد وأن نباشر بالتنسيق مع الحكومة السورية بهذا الشأن على سبيل الأولوية . فنحن أمام مستحقات لحاله طالما انتظرناها كدولة وكشعب وطالما انتظرها اللاجئون السوريون، ومن المستهجن أن نتهاون في تنفيذ هذه المستحقات المتمثلة بإعادة هؤلاء اللاجئين لبلدهم . وقد سبق ودخلنا في مفاوضات مباشره وغير مباشره مع الحكومة السورية من أجل فتح المعابر أمام حركة التنقل بين البلدين، بينما لا نبذل الآن جهدا للتفاوض معها على عودة مواطنيها، ولا للتخاطب حتى مع الجهات المعنية بالأمم المتحدة كالمفوضية الساميه للاجئين .
إذاً، ما هي الأسباب التي تمنع الأردن الرسمي من جدية المسارعة في العمل على إعادة اللاجئين السوريين عودة منظمة بالتنسيق مع الحكومة السورية ؟ وفي ذاكرتنا القريبه الموقف الاردني الرسمي الصارم إزاء منع دخول سكان درعا وجوارها الى الاردن أثناء القصف الأعمى في الهجوم الأخير الذي استهدف تحريرها من المسلحين رافقته مشاهد إنسانية هزت مشاعر كل أردني، مما ينفي التذرع بالحفاظ على أمن اللاجئين السوريين في الوقت الذي لا يوجد فيه ما يهددهم .
ففي إطار ما سبق ليس أمامي أكثر من سببين كلاهما أو أحدهما يمنع الأردن الرسمي من المبادرة بإعادة اللاجئين السوريين .
الأول \ أن في بقائهم مكاسب مالية متنوعة لا تدخل في موازنة الدوله كحالة فساد قائمة في الصف الأول .بمعنى أن جهة أو جهات ما تستغل وجود اللاجئين كورقة تَسول تُقبض بموجبها المساعدات الخارجية على حساب الموازنة العامة ومعاناة الدولة، وهذا يتفق مع رغبة جهات أجنبية في تعظيم الصعوبات المالية والاقتصادية على الدولة والمواطنين معا لإبقاء الأردن تحت الابتزاز السياسي .
الثاني \ أن بقاءهم يأتي في سياق سياسي بحت، بتشجيع أو بطلب من أمريكا التي لا تريد للأزمة السورية أن تنتهي ولا لسوريا أن تستقر قبل تحقيق مشروعها الجهنمي في شرقي الفرات . فأمريكا عندما تحافظ على بقاء مخيم الرقبان بمن فيه والذي يضم حوالي ماية ألف لاجئ أو نازح ومجموعات من داعش لتلك الغاية وتحول دون عودة أولئك اللاجئين، فمن الطبيعي أن لا تشجع أو تسمح للأردن بتفريع مخيمات اللاجئين وإعادتهم . وهذا يدعونا للربط بين موقف الحريري الشخصي في التعايش مع بقاء اللاجئين السوريين في لبنان بصفته يتبع سياسه امريكيه – سعوديه، وبين موقف الأردن الحالي من عودة اللاجئين .
الأردن الرسمي مطالب بكل المعايير الوطنية والقومية والإيجابية بالدخول في عملية تنسيق مع الحكومة السورية لاستقبال مواطنيها وإعادة تأهيلهم . فمن شأن عودتهم أن يحقق مصالح سورية أردنية مشتركة وحيوية . فلا يعقل أن يرتبط وجود اللاجئين السوريين في الأردن ببقاء الوجود الأمريكي في سوريا بإطماعه ولا بحسابات ليست في صالح وحدة الأراضي السورية . وإن كنا تائهين في التعرف على مصلحة سوريا ودول الجوار في مسألة اللاجئين، علينا أن نقرأ سياسة لبنان ممثلة برئيس جمهوريتها وبحزب الله كحليف لسوريا في كيفية التعامل مع هذه الأزمة، فمن المفروض أن تحكمنا في هذا مصالحنا الوطنية وأن لا نكون أقل حرصا من غيرنا على مصالح سوريه واستقرارها .
التعليقات مغلقة.