قانون ” النزاهة و مكافحة الفساد ” / النائب الأردني حسن عجاج عبيدات
النائب الأردني حسن عجاج عبيدات ( الأردن ) الإثنين 29/6/2015 م …
يناقش مجلس النواب بدورته الحالية الاستثنائية قانون النزاهة و مكافحة الفساد ابتداءً من تاريخ 28/6 .
يعتبر قانون النزاهة و مكافحة الفساد من أهم القوانين الذي ينبئ بإمكانية التغيير و التطوير . و يُعد تطوراً ايجابياً بهذا المجال . و إن الارهاب المنتشر الأن في دول المنطقة ،يشكل عاملاً سلبياً يرتبط بالفساد بدعم العمليات الارهابية ، مما يتطلب مجابهته فكرياً عبر غرس مفاهيم النزاهة في المجتمع . خاصة وأن هيئة النزاهة و مكافحة الفساد كما جاء في القانون ، تتمتع بمستوى عالٍ من الصلاحيات الرقابية على أجهزة الدولة المختلفة ، وهذا يشكل حدثاً قانونياً و إدارياً على مستوى الأردن ، تعطي دلالات ذات مغزى خاص ، أهمها أن سيادة القانون و الديمقراطية تسير بالاتجاه الصحيح ، ما دامت الهيئات الرقابية تعمل بشكل مستقل ، و بكفاءة مهنية عالية .
وكما جاء في القانون ، تعد هيئة مكافحة الفساد هيئة مستقلة ، لهذا فإن الأرضية الدستورية و القانونية ممهدة لتعزيز قيم النزاهة و الشفافية في المجتمع الأردني ، عبر القنوات الاعلامية و الثقافية و التربوية ، و غرسها في الجيل الجديد ، لكي تكون عملية البناء صحيحة و متكاملة .
ويأتي هذا القانون منسجماً مع التوجه العام الذي يسعى للوقوف في وجه ظاهرة الفساد التي يعاني منها جهاز الدولة بمؤسساته العامة و الخاصة . و الفساد وهو سلوك يقوم به فرد أو جماعة ينتهك القواعد و الضوابط التي يفرضها النظام ، و يسبب تهديداً للمصلحة العامة . ويَشمُل الفساد ظواهر متعددة كالرشوة ، وإساءة استعمال السلطة ، و الاثراء غير المشروع واختلاس المال العام ، و غسل الأموال ، والتزوير. و الفساد ظاهرة مركبة تختلط فيها الأبعاد الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية . و تعود أسباب ظاهرة الفساد إلى عدم تلبية متطلبات الحياة الاجتماعية و إلى ضعف الرقابة و المساءلة . وإلى انتشار الفقر و البطالة ،و الى الجهل ونقص المعرفة ، و إلى عدم الالتزام بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث ، و طغيان السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية الذي يؤدي إلى الإخلال بمبدأ الرقابة المتبادلة .
وتزداد الفرص لممارسة الفساد في المراحل و الفترات التي تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية ، و يساعد على ذلك عدم اكتمال البناء المؤسسي والإطار القانوني لمؤسسات الدولة ، و ضعف الإدارة لدى القيادات السياسية ، وذلك بعدم اتخاذ أية اجراءات وقائية أو عقابية حقيقية بحق عناصر الفساد ، بسبب انغماس بعضها في الفساد .
ومن أشكال الفساد المنتشرة ومن أهم صوره ، استخدام المنصب العام من قبل بعض الاشخاص المتنفذين ، للحصول على امتيازات خاصة ، كالاحتكارات المتعلقة بالخدمات العامة ، ومشاريع البنية التحتية ، والحصول من آخرين على العمولات ، وغياب النزاهة و الشفافية في طرح العطاءات الحكومية ، و المحسوبية و المحاباة و الوساطة في التعيينات الحكومية ، على حساب الكفاءة و المساواة في الفرص . و استغلال المنصب العام لتحقيق مصالح سياسية مثل تزوير الانتخابات أو شراء أصوات الناخبين ، أو التمويل غير المشروع للحملات الانتخابية ، أو شراء ولاءات الافراد و الجماعات .
و يسبب الفساد تراجع الاهتمام بالحق العام ، والشعور بالظلم لدى الغالبية ، مما يؤدي إلى الاحتقان الاجتماعي ، وانتشار الحقد بين شرائح المجتمع ، وزيادة حجم المجموعات المهمشة .
ويسيء الفساد إلى سمعة النظام السياسي ، ويؤدي إلى خلق جو من النفاق السياسي ، و إلى ضعف المؤسسات العامة و مؤسسات المجتمع المدني ، و يعزز دور المؤسسات التقليدية ، وهو ما يحول دون وجود حياة ديمقراطية .
و يمثل تطوير و تشغيل نظام النزاهة الوطني ، إجراءً وقائياً يستهدف تعزيز مناعة المؤسسات العامة ضد الفساد ، وتفعيل آليات المساءلة و الرقابة ، وبناء منظومة شاملة تحكم سلوك العاملين فيها ، إضافة إلى بناء ثقافة مجتمعية ضد جميع أشكال الفساد .
و يعتبر نظام النزاهة تعبيراً واعياً عن رؤية شاملة لمواجهة الفساد من خلال إصلاح الأُطر و الهياكل لمؤسسات الدولة ، من خلال عمل منهج تدريجي ، و مشاركة شعبية تشمل مؤسسات المجتمع المدني و القطاع الخاص . ويقوم نظام النزاهة على برامج إصلاح كلي يشمل الأجهزة و الإرادات الحكومية ، و التشريعات التي تحكم العمل و تحمي المواطن من تعسف السلطة ، وتمنع انتشار الفساد . ويقوم النظام على تحسين نوعية الحياة و سيادة القانون و إحداث تنمية مستدامة للمجتمع .
التعليقات مغلقة.