هل يذهَب نتنياهو إلى حربٍ «جديدة» .. أم يكتَفي بـِ «حكومَة عَرّجاء»؟ / محمد خروب

محمد خروب ( الأردن ) الأربعاء 21/11/2018 م …



الفاشِيّة,»إثنَيْن»من أبرز مُنافِسيه على قيادة معسكر اليمين الصهيوني في اسرائيل,وهما..أفيغدور ليبرمان الذي ظنّ ان بمقدوره (عبر استقالته من منصب وزير الدفاع), إطاحة نتنياهو وإرساله الى صحراء السياسة والإعتزال, وربما قضاء بضع سنوات خلف القضبان,على خلفية ملفات الفساد»الأربعة»التي يجري التحقيق معه في شأنها,والتي قد تنتهي بتوجيه لوائح اتّهام رسمية له,لكنه (ليبرمان)خرَج خاسِراً من معرَكة لم يُخطِّط لها جيداً,فانتهى الأمر به للعودة إلى مقاعِد المعارضة,وربما تُفضي الى انفراط حزبِه..»اسرائيل بيتنا»وخروجه من الخريطة السياسية والحزبية,في حال جرت انتخابات مبكرة,يَتوقّع كثيرون حدوثها قبل مُنتصف العام الوشيك.
أمّا المهزوم «الآخر» فهو وزير التعليم ورئيس حزب المستوطنين المسمى»البيت اليهودي»نفتالي بينيت,الذي اغتنم استقالة ليبرمان من وزارة الدفاع ليضع شرطا( وقد بات مصير الحكومة الفاشية في يده),إما تسلّم حقيبة الدفاع أوالإنسحاب من الحكومة,ما يعني إطاحتَها وإجبار نتنياهو على الذهاب(مُكرَهاً )لإنتخابات مبكرة.لكن نتنياهو الذي يوشك دخول نادي رؤساء حكومات العدو كـَ»أول»مَن قضى أطول السنوات في رئاسة حكوماتها المتعاقِبة,متجاوزا بن غوريون الذي سجّل رقما قياسياً كسره هذه الأيام نتنياهو,حتى لو واصل ترؤس حكومته»العرجاء «الحالية,التي لا تتمتّع سوى بأغلبية « 61 « صوتا في الكنيست.
يعيش نتنياهو هذه الأيام حالاً غير مسبوقة من الزهو والإنتشاء,بعد أن أحبَط» مؤامرة»,كادت تنجح بإسقاط الإئتلاف الفاشي الحالي والذهاب الى إنتخابات مبكرة,كانت ستُعيد تشكيل الخريطة السياسة والحزبية لصالح أحزاب اليمين,بِشِقّيه الفاشي والصهيوني الديني,وربما قلّصت هيمنة الليكود على الحياة السياسية في دولة العدو,رغم استطلاعات الرأي التي تضعه في المقدمة..حِزباً ورئيسا للحزب,يتخلّف منافسوه عنه بدرجات ونِسب كبيرة،الا ان نتنياهو,الذي يتوفّر الآن على وقتٍ وأوراق مساومَة لا بأس بها،لا يمتلك تَرَف البقاء في دائرة»اللافعل»,إذا ما وعندما تندلِع ضده,حملات مُزايدة وردود أفعال من اليمين,وبخاصة ذلك اليمين السائر على نهج الصهيونية الدينية الإستيطانية،الذي قبِل الضغط على نفتالي بينيت,وأجبره على عدم الإنسحاب والتخلّي عن شرط تسلّم حقيبة الدفاع والبقاء في حكومة نتنياهو,بل هدّده»الحاخامات»الذين لجأ إليهم نتنياهو طالِبا الضغط على بينيت,بتشكيل حزب جديد لـ»لصهيونية الدينية»،ما يعني رفع الغطاء والدعم عن حزبه كَمُمثِّل للمستوطنين.الأمر الذي دفع نفتالي بينيت الى تجرّع السُم والقول:أنه يقبَل أن يخسَر لنتنياهو سياسياً,من أجل أن لا ينتصِر اسماعيل هنِيّة علينا…أَمنِيّاً.
والحال فان خيارات نتنياهو,رغم كل ما سجّله من نقاط لصالحه وفي الضِد من خصومه الذين باتوا في حال لا يُحسدون عليها،تبدو محدودة وتنطوي على مغامرات ليست مضمونة النتائج.سواء استمرّ في التلويح بمخاطر أمنِيّة يزعم ان اسرائيل تواجِهها على اكثر من جبهة,وبخاصة في الشمال الفلسطيني المُحتلّ حيث حزب الله في الجنوب اللبناني,كذلك في الجنوب الفلسطيني مع قطاع غزة,وكانت المواجهات الاخيرة سبباً في حدوث أزمة الائتلاف الفاشي التي كادت تُسقِط نتنياهو وتُعرّضه الى مَهانَة شخصية(بصرفِ النَظر عمّا كانت ستنتهي اليه انتخابات مُبكِرة أرادها ليبرمان وربما بينيت),في الوقت ذاته الذي لا يتوقّف نتنياهو عن الإستثمار (وإثارة الضجيج) في الملف النووي الإيراني والتحريض على عقوبات أميركية أقسى على طهران,ودائما في الحديث الصاخِب المحمول على تسريبات بوجود علاقات»رائِعة ومُتنامِية»بين اسرائيل ودول عربية,يُسرِب الإعلام الصهيوني ان نتنياهو»سيزور إحداها» في القريب العاجل.(دون ان ننسى) ما يرشَح عن قُرب طرح»صفقة القرن» والآمال الكبيرة الذي يبني عليها ترمب ونتنياهو..فور اعلانها.
حكومة يتوقّف مصيرها على صوت نائب واحد (61 من اصل 120),لن تعرِف الإستقرار,بل ستكون اسيرة أحزاب الإئتلاف المُشكّلة لها,وبالتالي سيضطر نتنياهو آجلاً أم عاجلاً,لحسم الامور وعدم «الخضوع» لإبتزاز اي منها,بعد ان قدّم الكثير من التنازلات لأحد أبرز «الكاسِبين» من الازمة ,هو موشيه كحلون وزير المالية وزعيم حزب (كولانو),الذي سلّفه مبلغاً مالياً كبيراً على شكل تعويضات وتأمينات اجتماعية لمتقاعدين مدنيين يُشكِّلون قاعدة انتخابية للأخير،ما أسهم في عدم انسحاب كحلون من الائتلاف,والإبقاء على حزبِه في الحكومة المُستنِدة الى صوت واحد.
ولأن نتنياهو وباقي اليمين الفاشي بأجنحته المختلفة في اسرائيل,ما يزالون حتى اللحظة يتذكّرون بمرارة»مناسَبَتين»اختلفت فيه وتصارعت اجنحة اليمين,ما ادى في إحداهما الى صعود اسحق رابين وحزب العمل في العام 1992بعد إسقاط حكومة اسحق شامير,والثانية في وصول إيهود باراك (حزب العمل ايضا)الى الحكم بعد إسقاط حكومة نتنياهو»الاولى»في العام1999،فإنهم(فاشِيّو اليمين الصهيوني والديني)يُبدون حِرصا على عدم المُضي قدما في «مطارَدة» نتنياهو,حتى لا يفقِدون الحُكم مرة اخرى,في ظروف حرِجة ودقيقة,يرون انها تسمَح لاسرائيل باستكمال مشروعها الإحلالي الإستيطاني الكُولونيالي.
لن يرضى نتنياهو– رغم نشوته وزهوه –البقاء في المربّع الحالي الذي يستقر فيه,ولن يُراهن او يستمر في إئتلاف يقوم على صوت نائب واحد،بل سيذهب – رغم محدودية خياراته-الى إخراج احد»الأرانب»من قُبّعتِه,وستكون على شكل»حربٍ» او عملية عسكرية ذات بُعد إعلامي وأثر نفسِيّ كبيرين,حتى يختار الوقت المناسب لحل الإئتلاف الحكومي والذهاب الى انتخابات مبكرة,وِفق حساباتِه ومصالحه الشخصية وأجندته الصهيونية.
فهل ينجح؟أم ستنتهي الحال به الى الإعتزال,كما كانت حال بن غوريون؟
..الايام ستقول.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.