مجاهدٌ من الأردن … القائد عبد الله التل / المهندس حسين منصور الحياري

المهندس حسين منصور الحياري ( الأردن ) الجمعة 23/11/2018 م …



ولد رحمه الله عام 1918 في مدينة إربد , ووالده هو المرحوم يوسف عبدالله التل أحد رجالات عشيرة التلول المعروفه والمشهوره , وعشيرته هي إحدى عشائر خرزات إربد, وكانت عائلته من العائلات المتعلمة والتى أشغل الكثير من أبنائها المناصب الإدارية والعسكرية في بلاد الشام وخارجها زمن الدولة العثمانية .

نتيجة بحث الصور عن عبد الله التل المرحوم القائد عبد الله التل …
تلقى تعليمه الإبتدائي والإعدادي في إربد ثم انتقل للسلط للدراسة في مدرستها الثانوية الوحيدة بالأردن في ذلك الزمان , أنهى الدراسة الثانوية عام 1937 .
عمل بعد الدراسة بدائرة الجوازات العامة حتى عام 1941, حيث التحق بالجيش برتبة ملازم , تلقى العديد من الأوسمة مما أدى إلى ترفيعه استثنائيا عدة مرات لكفاءته وإبداعه العسكري , و كان رحمه الله عسكري بطبعه , يحب دراسة التاريخ وخاصة التاريخ العربي الإسلامي , ومعجب بالقادة الفاتحيين من أبناء أمته كخالد بن الوليد وأبو عبيدة عامر بن الجراح وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم من أبطال الأمة .
ذهب عام 1946 إلى بريطانيا حيث حضر دورة أركان حرب , وكان يجيد اللغة الإنجليزية بشكل ممتاز , استلم بعد عودته من بريطانيا قيادة الكتيبة السادسة , لكنّ قائد الجيش كلوب باشا الإنجليزي الذي لم يكن له علاقة ود واحترام معه نقله إلى سرايا الحراسات , التي كانت تؤدي واجبها على أرض فلسطين , مما مكنه على التعرف على الكثير من قادة الجهاد الفلسطيني وخاصة القائد الشهيد عبد القادر الحسيني ، وكان رحمه الله يقدم لهم المساعدات العسكرية (التدريبية والمعرفية) .
اضطر في عام 1950 للجوء الى مصر بعد خلاف بينه وبين كلوب باشا الذي نقله ملحق عسكري إلى لندن فرفض النقل , فاتهمه كلوب باشا بأنه يريد التخلص من القيادات الإنجليزية المسيطرة على الجيش والإطاحة بالنظام .
بقي في مصر 15 عاما استغلها بالدراسة والمطالعة وتأليف الكتب , وتعرف في مصر على قادة الحركة الثقافية والأدبية حيث كانت القاهرة قي وقتها عاصمة الثقافة والأدب العربي بلا منازع ، أكمل دراسته الجامعية وحصل على الماجسيتر بالآداب من جامعة الأزهر عام 1965 .
ألّف العديد من الكتب كان أولها ( رحلة الى بريطانيا) و كتاب ( فلسطين وبعث القومية العربية ), و( كارثة فلسطين ), حيث حمّل الجامعة العربية والأنظمة الحاكمة مسؤولية ما جرى بحرب 1948 , وكتاب ( الأفعى اليهودية في معاقل الإسلام ) , نبّه من خلاله على خطورة المخططات اليهودية على الإسلام وأهله , وكتاب (خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية) ، وكتب عن تجربته العسكرية والحربية ( مذكرات عبدالله التل قائد معركة القدس ) .
كان رحمه الله يرى أن فلسطين قضية دينية مقدسة بالمقام الأول , وأن أي معالجة لها لاتتم على أساس ديني جهادي محكوم عليها بالفشل .
عاد إلى الأردن عام 1966 إثر صدور عفو عنه , وأشغل مناصب سفير بالخارجية ومستشار بالأوقاف ومحافظ بالداخلية , ثم عين عضواً في مجلس الأعيان عام 1971 وبقي بالأعيان إلى أن توفي عام1973 ، ودفن رحمه الله بمقابر العائلة باربد.
ترك رحمه الله خمسة من الأبناء وبنت واحدة ( إيناس ) , أما الأبناء فهم: المرحوم منتصر وبه كان يكنى , وصلاح الدين , وأسامة , وخالد , وحمزة , رحم الله المتوفين منهم ووفق الأحياء إلى ما يحبه ويرضاه .
جهاده ؛ دخل رحمه الله مع كتيبته السادسة إلى القدس وعيّن قائداً عسكرياً لجبهة القدس بكاملها وخطب في ضبّاط وضبّاط صف وجنود الكتيبة السادسة عندما دخلت معركة إنقاذ القدس ومنع سقوطها بيد قوات العصابات الصهيونية قائلا ( إن مصير العالم العربي يتوقف على ثباتكم وشجاعتكم وصبركم , وأنكم ستحافظون على سمعة الجندي العربي الذي إذا هاجم لا يهاب الموت , وإذا دافع لا يتراجع حتى النهاية , هيا لتبيض أعراض العرب بالدماء , والله ينصركم ).
خاضت القوات التي تحت إمرته معارك عديدة مع قوات العدو الصهيوني في عدة مواقع بالقدس في باب الواد والقطمون والنوتردام وحي المصراره , واستطاعت السيطرة على حي اليهود داخل البلدة القديمة حيث أسرت المئات من مقاتلي منظمة الهاجاناه ومنهم قائدهم , وكذلك تم أسر مختار حي اليهود وأجبر الصهاينه على توقيع وثيقة استسلامهم للجيش الأردني , فوقّع رحمه الله عن الجانب الأردني ووقّعها موشية رزنك قائد الهاجاناه عن الصهاينة , و تم إخلاء الأسرى إلى عمان ثم سجنوا في أم النعاج بالمفرق .
أمر رحمه الله بمعاملة الأسرى من النساء والأطفال والشيوخ معاملة حسنة حيث تم تقديم الطعام والشراب لهم , وتم إسعاف الجرحى ومعالجتهم , وأخلوا الى مواقع آمنة ، وتدل هذه المعاملة على أخلاقه العربية الإسلامية الرائعة .
ورقّي رحمه الله إلى رتبة لواء بعد أن استطاعت قواته المحافظة على القدس العربية ومنعت الصهاينه من احتلالها , وعين حاكم عسكري عام على القدس ،عام 1948- 1949.
ولقد شهد له الأعداء قبل الأصدقاء بعسكريته وأخلاقه الممتازة فقال البرفيسورالإسرائيلي ( رونين يتسحق ) المختص بقضايا الشرق الأوسط والأكاديمي بجامعة تل ابيب في كتابه عبد الله التل ضابط الجيش العربي,( قليلون هم الضباط العرب الذين نالوا إعجاب اليهود وربما كان الجنرال عبد الله التل الوحيد ).
وقال البرفيسور الإسرائيلي بجامعة تل ابيب ( يائيل زايزر) في تقديمه للكتاب (أن قصة وحياة عبد الله التل جميلة وطاهرة تصلح أن تكون واحدة من الروايات العالمية المثيرة أو فلما ملحميا طويلا ) .
لقّب رحمه الله ببطل معركة القدس وحق له أن يلقّب بذلك , فبإيمانه وصدقه وإخلاصه وبحكمته وخبرته العسكرية الرائعة , استطاع أن يقود معركة القدس باحتراف وكفاءة عسكرية عالية , فمنع سقوطها بأيدي القوات الصهيونية , ورغم أنه كان في الثلاثين من عمره إلا أنه كانت له هيبة ووقار الشيوخ , وفرضت شخصيته احترامها على الأعداء قبل الأصدقاء.
كان يعامل جنوده كأبناء له يقاتل معهم بالخطوط الأمامية للقتال , ويدير العمليات الحربية من مركز القيادة بعقلية عسكرية متطوره , كل ذلك مكّنه من الانتصار على العدو الصهيوني وأهّله لنيل لقب بطل معركة القدس بكل بجدارة.
رحم الله بطل معركة القدس القائد المجاهد عبد الله التل ( أبا المنتصر) , وجزاه خيراً عمّا قدم لدينه وأمته ووطنه , وجعله القدوة والأسوة الحسنة لأبناءه وذريته , وللأجيال الشابة من أبناء أمته ووطنه ، وحقه علينا أن لا ننسى جهاده وتضحياته .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.