النقابات والأحزاب / مثقال الزناتي
مثقال الزناتي ( الأردن ) الأربعاء 1/7/2015 م …
من المؤكد أن النقابات شيء والأحزاب السياسية شيء آخر،والاختلاف الرئيسي بينهما، أن النقابة تضم أفراد ومجموعات من مهنة أو مهن متقاربة أو متشابهة، بينما الحزب يضم أفراد ومجموعات من مهن مختلفة، ومن الاختلاف أيضا بين الحزب والنقابة،أن الهدف الأساس للحزب هو التداول السلمي للسلطة، بينما الأهداف الرئيسية للنقابة، الدفاع عن مصالح أعضائها وتحسين ظروف حياتهم وحماية حقوقهم، فالنقابات جميعها لا تسعى ولا تعمل للوصول للسلطة التنفيذية، بل إلى تحسين ظروف حياة العمال وبشكل دائم.
النقابات سواء أكانت عمالية أم مهنية تضم في عضويتها جميع من يرغب من جمهور المهنة الواحدة الانتساب للنقابة، بينما الحزب لا يضم إلا من يقتنع ببرنامجه السياسي ونظامه الداخلي والأحزاب اليسارية الديمقراطية تشترط في أنظمتها الداخلية أن يكون أعضائها منخرطين في إحدى هيئات أو وحدات الحزب، لضمان دوره القيادي في حياة الحزب ومشاركته في إنجاز مهامه وواجباته المقرة من قبل هيئته أو وحدته الحزبية.
النقابات العمالية والمهنية تضم في عضويتها الحزبيين وغير الحزبيين، فعضويتها بالضرورة أوسع وأعرض من عضوية الحزب، حتى أن أحزاب اليسار، تذهب إلى أن، من ليس عضوا في النقابة ليس عضوا في الحزب، ما يعني استقلالية النقابات عن الأحزاب السياسية، رغم وجود الحزبيين في النقابة من مختلف التيارات الحزبية والسياسية، والتجارب تعلمنا أن النقابات القوية والمؤثرة والمشكلة على أسس ديمقراطية وتشاركيه هي ثروة وحماية للوطن من المخاطر والهلاك ومن الاحتراب والتطرف والإرهاب، وما تجربة اتحاد نقابات العمال التونسي للشغل إلا دليلا على صحة ذلك، فإتحاد عمال تونس، منع وأوقف الصدام بين التيارات السياسية عشية الانتخابات الأخيرة، بينما غياب نقابات الشغل والعمال على الأرض في غزة، لم يمنع الاقتتال والانقسام بين الإخوة في فتح وحماس.
النقابات المؤثرة والقوية يجب أن تكون واسعة العضوية وعريضة الصفوف، ويجب أن تكون قيادتها منتخبة من العمال أنفسهم، وأن تمتلك برنامج واقعي له علاقة مباشرة بمصالح وحقوق العمال، وأن يكون لديها لوائح داخلية ديمقراطية، تؤكد وتشدد على القيادة الجماعية، وعلى قدرة العمال على مسائلة ومحاسبة قيادتهم على أدائها وأسلوب عملها، وأن يتميز أسلوب القيادة بالشفافية والالتصاق بالعمال والعودة إليهم بشكل دائم.
التشريعات الأردنية والدولية تشدد على حق العمال في تشكيل النقابات، خاصة الفئات غير المنظمة، كما عمال وعاملات الزراعة، البناء، البلديات، خدم المنازل، ورش عمال القطاع العام، شركات المياه وغيرها، ما يعني عمليا عدم الحاجة المسبقة للترخيص، إذ أن الوجود الفعلي للنقابة على الأرض والاعتراف بها من قبل العمال ووضوح أهدافها ومهامها، كفيل باعتراف الجميع بها في وقت لاحق، فالمهم بالنسبة لنقابة عمال الزراعة هو البدء بخطوات عملية في تشكيل النقابة وبناء اللجان العمالية للنقابة في كل بلدة وقرية وانتخاب ممثلي اللجنة العمالية، ليصار لتشكيل اللجنة التحضيرية لعمال الزراعة من ممثلي اللجان العمالية في كافة المواقع، وقراءة ومناقشة مشروع برنامج النقابة على أوسع نطاق، فالبرنامج هو العنصر الأساس في توحيد العمال، لنصل بالنتيجة لعقد مؤتمر النقابة وإقرار برنامجها ونظامها الداخلي وانتخاب هيئاتها القيادية، لتمثل العمال جميعا وتقوم بالتفاوض نيابة عنهم، وخوض مختلف أشكال النضال السلمية المناسبة لحماية مصالح العمال وتحقيق حقوقهم ومطالبهم العادلة والمشروعة، تشكيل نقابة عمال الزراعة يعني دعم الزراعة،وأخذ مصالح الجميع بعين الاعتبار،فالنقابة تربط الحقوق بالواجبات ولا تفصل بينهما، ودعم الزراعة هو ما يحقق الأمن الغذائي، ذو العلاقة الوثيقة بأمننا الوطني والسير خطوات جادة على طريق الاستقلال الاقتصادي.
التعليقات مغلقة.