هشاشة ساحات وذكاء متآمر وتوهان ديمغرافيا / المحامي محمد احمد الروسان
المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) السبت 24/11/2018 م …
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …
الأستراتيجيات الأمريكية ثابتة بين الجمهوري والديمقراطي، والأختلاف فقط في التكتيك للوصول الى الأهداف المتفق عليها بين الحزبين.
فكرّ استراتيجيّاً وأعرف ماذا تريد وتصرف وفق دروس التاريخ، فعبر ما يجري في شامنا ويمننا وفي بعض ساحاتنا العربية، وما يحضّر للساكنة منها بما فيها الساحة التركية وشبه الجزيرة العربية والساحة الأردنية واللبنانية والفلسطينية والعراقيه وليبيا … الخ، ملامح التقسيم تعمّقت ارتساماً وترسّماً بشكل جدي في المنطقة، في ظل تيه الأستراتيجيا أو التوهان الاستراتجي، كثير من الدول المهمّة تحولت إلى عبء على كينونتها الوطنية، وهي نتاج متلازمة العولمة الأمريكية التي تقوم على الجماجم واستسقاء الدماء، وكيف صار قصر الإليزيه فرع من فروع شركة توتال الفرنسية النفطية العملاقة متعددة الجنسيات، والتي قد تخسر عقودها النفطية في أكثر من ساحة، وحتّى أنّه في ظل هذا التيه العربي، في ظل هذه التيه الفوق استراتيجي حصحص الحق وظهرت تفاصيل أغبى عملية اغتيال سياسي دموية في التاريخ المعاصر عبر المنشار السعودي الوهابي، كما ظهرت الحقيقة في مسألة أخرى وعبر صحيفة إسرائيلية صهيونية في فك شيفرة فضيحة(بابا بترا)التي أطلقت على عملية تورط الموساد في قتل مهدي بن بركة في باريس، ودفنه في إحدى الغابات بعد رش مواد كيماوية على جثته كي تتآكل بسرعة، وقد نسمع ونقرأ عن كشف حقائق أخرى مضى عليها الزمن، في ظل يوسي كوهين رئيس موساد ثكنة المرتزقة ومهندس عمليات التطبيع مع مملكات القلق العربي على الخليج، كاتم أسرار بنيامين نتنياهو ومستشاره للأمن القومي، وذو العلاقات المتشعبة في بعض الساحات الخليجية ومع بعض الأطراف اللبنانية، مع تفعيلات قادمة لرام بن باراك نائب رئيس الموساد السابق وناقل مرض السعار للكلب أوسكار والمدير العام لوزارة شؤون الأستخبارات الأستراتيجية الحالي. ففي ظل هذه الفوضى الخلاّقة، إخوة يوسف عادوا من جديد، ولكن هذه المرّة لم يرموه بالجب حيّا،ً بل كانوا هم الذئب والدم على قميصه ليس كذباً، كاتب هذه السطور لا يستخدم مصطلحات ولا يستحضرها لتقتل خلايا العقول الضعيفة حال احتكاكها بها، بل ليحفّزها على التفكير والاشتباك، حتّى في زواج الطبيب الإيراني بهروز براين ناهد من فانيسا جون كيري، وفي ظل الفكفة للمنطقة وإعادة التركيب والأمركة نكاية بالبعض العربي الحر ونكايةً بالروسي والصيني والإيراني، لا بدّ هنا من الإشارة إلى الدور الأمريكي العميق. فمن الزاوية الأمريكية الإستراتيجية, ترى واشنطن أنّ التمركز باليمن وجيبوتي, يمكنها من السيطرة على ممر باب المندب, ويمنحها السيطرة على المحيط الهندي, حيث هي مسيطرة أصلاً على جانب المحيط الهندي الشرقي, من خلال تمركزها في المناطق المطلة على مضيق”ملقة “البحري الإستراتيجي, الذي يربط بين بحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي, كما يمنحها(أي أمريكا)فرصة حقيقية لتطبيق خطتها طويلة الأجل, في تقسيم كبرى ساحات الجوار اليمني إلى عدّة دول, متفقة ومتساوقة في هذا الهدف, مع أهداف الحركة الصهيونية العالمية البغيضة. كما تتحدث مجاميع مخابراتية- دولية, عن سيل من المعلومات تتمحور حول استيعاب برنامج الهجرة الأمريكية خلال سنوات سابقة, لعدد كبير من اليمنيين الشباب, حيث يتم دمجهم في أجهزة الدولة الأمريكية, وخاصة في برنامج قوّات المشاة البحرية الأمريكية, وذلك تمهيداً لتنفيذ مخططات إستراتيجية – أمريكية بعيدة المدى، إنّ الولايات المتحدة الأمريكية وعلى مدى وعمق، خطوط علاقاتها العرضية والرأسية، مع حلفائها(المستهدفون لاحقاً من قبلها عبر شطبهم وإعادة تشكيل ورسم الدور الوظيفي الجديد لهم مجتمعين، في صراعها مع الروسي والصيني والإيراني)في المنطقة الشرق الأوسطية الملتهبة والمضطربة بفعل الإرهاب المنتج والمصنّع والمدخل إلى الداخل السوري واللبناني والعراقي واليمني، وملاذاته الآمنة وحواضنه في جلّ دول الجوار السوري وفي شبه الجزيرة العربية والمنطقة ككل، وما يحاك للجغرافيا والديمغرافيا الأردنية، كنسق سياسي من سيناريوهات جديدة تقترب من الواقع، ويعمل الآخر على طمأنتنا وتهدئة روعنا، والمصيبة الكبرى أنّنا نصدّق قوله ورؤيته، وبفعل نفوذ وضغوط جماعات المحافظين الجدد والأيباك، في مفاصل صناعة القرارات السياسية والدبلوماسية العدوانية التدخلية والمخابراتية والعسكرية، داخل مؤسسات الدولة الولاياتية الاتحادية الأمريكية. تسعى من أجل اعتماد مذهبية أجندة سياسية خارجية أمريكية شرق أوسطية، تدخليه عدوانية تصعيديه، لجهة توظيف فرصة الأحداث الإرهابية ومحاربتها، عبر تحالف الخراب الدولي والذي أنتج تحالف عرب الناتو، بجانب الاحتجاجات الأخرى الجارية في معظم ساحات المنطقة، من أجل بناء مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي أفشلته المقاومة الإسلامية في لبنان في حرب تموز 2006 م والمقاومة العراقية، وصمود الدولة الوطنية السورية ونسقها السياسي والجيش العربي السوري، ومجتمع المقاومة في غزّة المحتلة وباقي الوطن الفلسطيني المحتل، شرق أوسط جديد سوف يحقق استقرار وسلام وأمن في المنطقة من زاويتها ووجهة نظرها، لأنّه سوف يترتب على هذا الشرق الأوسطي الجديد، إعادة ترتيب جغرافياته وما عليها من ديموغرافيات سكّانية، وفقاً لمواصفات جيوسياسية تقسيميه مستحدثة جديدة، وإدماج ” إسرائيل” في بيئة المنطقة وضمان أمن المصالح الأمريكية، لأنّ قوى الشر من زاوية محور واشنطن – تل أبيب ومن ارتبط به، والمتمثلة(أي قوى الشر)في سورية، وحزب الله، وحماس، والجهاد الإسلامي، والمقاومات الشعبوية الأخرى، وفي الدولة الإيرانية، وكوريا الشمالية، سوف تذهب وتبقى قوى الخير. المحزن المفجع في جلّ ما يجري في المنطقة، أنّ هناك ديناصورات عربية، تمتد من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين مروراً بالوسط، وبفعل عمليات التآكل العقلي، وعمليات التعرية الفكرية والدماغية، تحوّلت إلى أساطين حشرات طائفية، عرقية اثنيه، تنادي بالوحدة والتحرر والإسلام على مقاسها وما يناسبها، وتروّج لهذه(السلّة)عبر الفضائيات العربية والعبرية والغربية. وفي تقديري، أنّ الدبلوماسية الأمريكية أصبح يتشكل لها ادراكات جديدة عدوانية، تدعي أنّها واقعية إزاء الأحداث في الساحات السياسية في الشرق الأوسط وخاصة المنطقة العربية، وتعمل على تقديم الدعم المعنوي والمادي والعسكري الخارجي، لكل عمليات التعبئة السلبية الفاعلة، والتي تستهدف ساحات خصوم محور واشنطن – تل أبيب، لجهة الساحة السياسية السورية تحديداً، وعبر وسائل الميديا الأممية وذات العلاقات الخفية مع المحافظين الجدد، ونسخهم الجديدة المستحدثة ومع الأيباك داخل مفاعيل ومؤسسات القرارات الأمريكية الشاملة، وعبر غرف عمليات دولية خارجية سوداء من فئة الخمس نجوم، تملك أذرع إعلامية مخابراتية أخرى، تسوّق لإسقاط الدولة السورية الحالية بنظامها ونسقها السياسي البنيوي، ولبعض وسائل الميديا العربية أدوار، بعضها ظاهر والآخر مخفي، حيث جلّها صار يلعب الدور الأكثر خطورة، لجهة إنتاج وإعادة إنتاج مخططات ومصطلحات، حملات بناء الذرائع وتصعيدات لحملات مشبوهة ضد سورية ولبنان واليمن(والأردن لاحقاً)والعراق، ولتصفية القضية الفلسطينية عبر سيناريوهات التمييع السياسي والدبلوماسي، من خلال إطلاق المبادرات والاستثمار في الوقت كإستراتيجية لخلق وقائع على الأرض يصعب التفاوض حولها لاحقاً. المحافظون الجدد في الولايات المتحدة الأميركية على شاكلة: دينس روس، ديفيد ماكوفيسكي، ايليوت أبراهام، دانيلا بليتكيا ومعهم بعض العرب بداعشيتهم الحريريّة وغيرهم، يزعمون بأنّ مشاكل المنطقة العربية ومشكلة السلام والمفاوضات في الشرق الأوسط، على المسار الفلسطيني تحديداً، لن يتم حلّها إلا إذا انهار النظام “الإسلامي” الحالي في إيران، وتقليم أظافر أذرعه في المنطقة، وهم بذلك يتقاطعون بل يتساوقون عبر تماثل كامل مع الموقف الإسرائيلي، حيث ترفض إسرائيل مسألة الفصل بين ملف السلام في الشرق الأوسط وملف البرنامج النووي الإيراني. العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، ترى انّ حماية الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، يبدأ باستهداف دمشق وأضافت له الآن اليمن، حيث استهداف الأخيرة يضعف إيران وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، واستهداف دمشق- الأسد يتيح أمريكياً وإسرائيليا، استعادة تركيا إلى مكنونات خط علاقات واشنطن – تل أبيب، كواليس العلاقات السرية على خطوط طول وعرض شبكات المخابرات الخاصة، بهذا المحور الفيروسي في المنطقة والعالم.
وترى واشنطن وتل أبيب، أنّ ما جرى ويجري في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية، هو مقدمات يجب استنساخها في الجزائر وباقي دول المغرب العربي وفي الجزيرة العربية لاحقاً ولبنان، وآخر شيء الأردن في مرحلة متأخرة لارتباطه بالموضوع الفلسطيني، وإيران وتركيا لأعادتها إلى رشدها الأمريكي الإسرائيلي، والصين وكوريا الشمالية وروسيّا، وسيصار إلى تطبيقها قريباً في جلّ الساحات العربية الضعيفة والقويّة. وكل ذلك يتم من خلال الأدوات والعمليات المخابراتية القذرة، والتي تشمل الأدوات الاقتصادية، عبر تقديم الدعم المالي لأعداء محور الممانعة والمقاومة، وعبر الأدوات العسكرية تلويحاً وتهديداً مستمراً، بتفعيل الوسائط العسكرية مع استخدامات الأدوات الإعلامية، ذات حملات بروباغندا اتصالية ذات مهنية عالية الدقة، كي يؤدي كل ذلك إلى خلق رأي عام عربي وإقليمي ودولي، معادي ومناهض لوجود الممانعة والمقاومة، ولكي تتماهى سورية مع رؤى وسياسات محور الخراب. المذهبية الدبلوماسية العدوانية الأمنية السوداء الجديدة لواشنطن، ذات الأدوات الأنف ذكرها، ستوظف لخدمة الوسائل السياسية الشاملة، لوضع خارطة طريق متعرجة لعمليات الاستقطاب، وإعادة الاصطفاف السياسي والعسكري في سوريا وفي المنطقة عامةً، كي يتم إعادة إنتاج مجتمع تحالفات سياسية واسعة النطاق، لجهة المنطقة والداخل السوري ومحيطه ضد المقاومات والممانعات، وضد كل من سورية وإيران وحتّى ضد تركيا بنسختها الجديدة لاحقاً. انّ إسرائيل نجحت حتّى الآن لجهة توظيف وتسخير، كل قدرات الدبلوماسية الأميركية والبريطانية والفرنسية وبعض العربية المعروفة لاستهداف سوريا والان اليمن بحجة الحوثي وقريقه، مع دفع واشنطن للمشاركة الفعلية في, الترتيبات العسكرية الأميركية الجارية في منطقة الخليج وشواطئ إيران الجنوبية. كما تم الاتفاق والتفاهم وضمن محور واشنطن – تل أبيب ومن تحالف معه من دول المنطقة، على ربط الرادارات الأميركية الجديدة والقديمة المنصوبة في مناطق الخليج، بالرادارات العبرية رغم بعض التمنّع الخليجي، الاّ أنّ واشنطن ضغطت باتجاه، ما تم التوافق عليه ضمن دوائر مؤسسات محور واشنطن –تل أبيب، كما تم البدء على نشر غوّاصات نووية اسرائلية، ضمن مسار الأساطيل البحرية العسكرية الأميركية، الفاعلة والناشطة قبالة شواطئ جنوب لبنان وشواطئ إيران الجنوبية، بأنّ العدو الصهيوني يسعى إلى إنشاء منطقة بحرية عازلة على الشواطئ اللبنانية. انّ دبلوماسية الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، لجهة الشرق الأوسط خاصةً، في ظاهرها ناعمة خلاّقة تعاونية، وفي باطنها تخفي السمّ الزعاف في حية رقطاء، وما يمكن ملاحظته إزاء دبلوماسية واشنطن التالي:- أنّها في ساحات خصومها تصعّد، وساحات حلفائها، تدفع باتجاه التهدئة والاحتواء، إلى حين نضوج ظروف مصالحها لتصعّد فتنجز، كما أنّ الهدف الأمريكي في جانب منه، يهدف إلى إشاعة النموذج الديمقراطي الأمريكي، وذلك عبر تنوير الشعوب العربية في ساحات الخصوم وغيرها، ودفع المواطنين العرب، إلى جعل معظمهم موال لسياسات العاصمة الأمريكية دي سي الخارجية، ومن أجل ذلك عملت أمريكا على وضع أكثر من ثلاثمائة برنامج للتثقيف، وتحت شعار دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتنمية المجتمعات، وتعمل على تنفيذها في الساحات العربية، في مجالات التربية والتعليم والثقافة والأعلام، ورصدت الأموال اللازمة لتنفيذ ذلك، كما سعت وتسعى واشنطن إلى إنشاء أحزاب سياسية معارضة، تمهد لصناعة وإنتاج سياسيين جدد على شاكلة الريبورتات، وتشكيل منظمات غير حكومية شبابية ديمقراطية موالية لواشنطن. وتتحدث معلومات دبلوماسية خارجية أنّ واشنطن تسعى، إلى تشكيل لوبيات عربية خاصة قويّة، ضاغطة على الحكومات ومؤسسات القرار، داخل الدول العربية، من رجال أعمال عرب يؤمنون أنّ إدارة الدولة مثل إدارة الشركات، ورجال قانون وسياسة من الذين تخرجوا من الجامعات والمدارس والمعاهد الغربية، ودفعهم إلى تغيير القوانيين والتشريعات العربية، على أن تكون على طريقة العم سام الأمريكي – الطريقة الأمريكية المثلى، وإصلاح التعليم والتربية عن طريق البرامج الأمريكية، وفقاً للرؤية الأمريكية – المتطرفة بسمّ زعافها، مع توزيع ونشر الكتب الأمريكية وفتح المدارس الأمريكية الخاصة، في مرحلتي التأسيسي، الابتدائي والإعدادي ثم الثانوي وهذا ما نلاحظه في الأردن مثلاً( فهل نرى مدارس روسيّة مماثلة قريباً في الأردن على ضوء استدارة الأخير الأستراتيجية نحو موسكو)، مع دخولات منظمة وكبيرة للفتيات العربيات كطلاب، ومدرسين في هذه المدارس, والهدف من كل ذلك، إنشاء جيل بفكر أمريكي صرف موال لواشنطن، وعبر الصداقات الخاصة والعلاقات المخفية عن العامة مع الأنظمة الحاكمة العربية، وعلى وجه التحديد في دول الخليج حيث تسعى أمريكا إلى تمهيد الطريق إلى نشوء أحزاب معارضة أو بديلة ومنظمات غير حكومية، ومزيد من نقابات مختلفة تدور على مشارف الرؤية الأمريكية إن لم يكن في صلبها. هذا وتشجع واشنطن الشباب العربي للدخول في مثل هكذا أحزاب ومنظمات، مع وجود خطر كبير لدخول أعضاء إرهابيون وأصوليون ومتطرفون إلى هذه الأحزاب والمنظمات غير الحكومية. من ناحية ثانية، أنّ الكثير من المعارضين العرب تم تدريبهم ورعايتهم وتأهيلهم وتوجيههم في الولايات المتحدة الأمريكية، من بينهم صحفيين، رجال قانون، مراقبين للانتخابات المحلية في بلدانهم، كل ذلك مع سعي حثيث لواشنطن، للتعاون مع النقابات المهنية والحركات العمّالية في البلدان العربية. وهناك برامج أمريكية تنفذ عبر الخارجية الأمريكية، لتغيير النمط الشرقي التقليدي العربي واستخدام النساء للضغط، على أبائهن وأزواجهن وأقربائهن، من أجل الدخول في اللعبة السياسية المحلية، وجعلها بنمط ليبرالي على الطريقة الأمريكية، في ساحات نشوئهن وعيشهن، وهناك اهتمام كبير في تأهيل الفتيات العربيات، من مستويات عائلية حاكمة في المجتمع، ومن النخب المثقفة عالية التعليم والانفتاح على الآخر، وعلى وجه التحديد أيضاً في الخليج، حيث هناك الكثير من النساء تم انتخابهن – تعينهن، في البرلمانات المحلية والهيئات الأخرى، في كل من تركيا، والأردن، ومصر، وسلطنة عمان، والبحرين، والكويت، وقطر، والأمارات العربية المتحدة، وحتّى في اليمن. جلّ المنطقة العربية صارت ساحة، مرهونة لمفاعيل وتفاعلات غير مسؤولة للسياسة الأمريكية الخارجية في الشرق الأوسط، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انفجارات اجتماعية وسياسية واقتصادية ثم أمنيّة، تتطور تلقائياً إلى صراعات دموية وحروب أهلية كما نلحظ الآن، ولا يمكن احتواء تداعيات ونتائج كارثية للدبلوماسية الأمريكية العدوانية في المنطقة. انّ المساعي الأمريكية لنشر الديمقراطية، وفقاً للنموذج السائد لديها، يؤدي إلى تدهور الأوضاع، ويؤدي حتماً إلى اصطدامات طائفية اثنيه عرقية دينية، وتصعيدات في النزعات الانفصالية القومية والفرعية في القومية الواحدة في المجتمعات العربية، كما يؤدي إلى تنشيط العمليات الإرهابية على المستوى الأممي وكما نلحظه الآن. على الأنظمة الحاكمة المتبقية في البلدان العربية، وعلى القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الليبرالية الموالية لواشنطن وسياساتها، يجب أن تفكر بتداعيات تعاملاتها مع أمريكا على شعوبها الحيّة وعلى المنطقة، وخطر الشراكات السياسية والأمنية السريّة والعلنية مع الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً. وعلى القوى الشعبوية السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية والإعلامية العربية والإسلامية في المنطقة، أن تسعى إلى تشكيل سلّة أدوات فاعلة من شأنها أن تقود وتؤدي، إلى مقاومات وتصديات حادة للأدوات الأمريكية في المجتمعات العربية الإسلامية، والسؤال هنا: هل يبعدنا ذلك عن دائرة الصراع الداخلي – الداخلي؟. انّ البوّابة الدمشقية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، تشكل محور اهتمام العالم ومراكز بحثه وعصفه الذهني وأجهزة أمنه المختلفة والمتعددة، ومنها أجهزة شبكات المخابرات الإسرائيلية المتنوعة، وكذلك شبكات المخابرات الأمريكية في إطار المجمّع الفدرالي الأمني الأمريكي، حيث الأخير ما هو الاّ بمثابة صدى عميق ودائم للمجمّع الصناعي الحربي الأمريكي وحكومته الأثوقراطية الخفية، حيث الأخيرة بمثابة(الفلك أسد)لجنين الحكومة الأممية(ملتقى المتنورين)من إتباع الصهاينة اليهود والصهاينة العرب والصهاينة المسيحيين. أضف إلى ذلك اهتمامات متنوعة لشبكات المخابرات الغربية الأوروبية، كل ذلك بسبب الدور المركزي الهام الذي ظلّت ومازالت تلعبه سوريا بنسقها السياسي وديكتاتورية جغرافيتها، بالرغم من الحرب الكونية العالمية عليها، في ضبط وتشكيل وتشكل التوازنات الجيو – سياسية الشرق الأوسطية والدولية، وكدولة إقليمية ذات أدوار حيوية في مجالاتها الحيوية، وفي توجيه مفاعيل وتفاعلات متغيرات الصراع العربي – الإسرائيلي، بكافة مكوناته وملفات قضاياه الأساسية، حيث اختصره البعض منّا مع كل أسف وحصرة من بعض القادة العرب إلى النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، والفرق في ذلك واضح كالشمس، هو فرق بين الثرى على الأرض والثريا في السماء الدنيا. كذلك أدوار دمشق في توجيه مفاعيل، متغيرات الشعور القومي العربي وبكافة مكوناته، وملفات قضاياه المتعلقة بالعمل العربي المشترك، وبناءات الهوية القومية العربية من جديد وتقاطعاتها، مع بناءات الهوية الأسلامية، كذلك الدور السوري الواضح، في توجيه متغيرات ردع النفوذ الأجنبي على المنطقة، بأشكال استعمارية تستسيغها الأذن العربية، وتحت عناوين الديمقراطيات، وحقوق الإنسان والحريّة، والحاكميات الرشيدة … الخ، وما زالت تقوم بتوجيه متغيرات ردع هذا النفوذ الأجنبي ومنذ بدء حدثها الأحتجاجي السياسي. انّ شبكات المخابرات المختلفة لمحور واشنطن – تل أبيب ومن ارتبط به من العربان، وباقي الحلفاء الغربيين الأوروبيين، تركز على عامل فهم تأثير العامل السوري، ان لجهة إخراج دمشق من دائرة الصراع العربي – الإسرائيلي عبر الحدث الأحتجاجي السياسي السوري، لإنهاء هذا الصراع والى الأبد، وان لجهة إخراج سوريا من دائرة الشعور القومي العربي، لأنهاء المشروع القومي النهضوي العربي، وهو شرط موضوعي لتفكيك تماسك المنطقة العربية، وتحويلها إلى كيانات مفككة، يمكن إخضاعها بكل سهولة للنفوذ الأسرا- أمريكي بمساعدة الحركات الدينية المتطرفة نتاجات فكر ابن تيمية المتطرف وخاصة الوهابية العفنة، حيث الأخيرة تعد أكثر خطورة من الصهيونية العالمية على سلامة العقيدة الأسلامية وسلامة العلاقة مع الخالق الله تعالى، كل ذلك من أجل ضبط تأثير العامل السوري ليصار إلى إنهائه لاحقاً، أو على الأقل إضعافه ونسقه السياسي، ثم تحييد دوره بشكل مؤقت، ليتاح لاحقاً السيطرة عليه. انّ سياسة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، لجهة المنطقة العربية بساحاتها القطرية المختلفة، تمتاز بفعل مشترك مزدوج، فنجد حكومة الولايات المتحدة الأمريكية قد ركبت على حصان الحراك الشعبي العربي وعملت وتعمل على توظيفه، لصالحها ومصالحها في المنطقة، فهي كما تقول ماكينات إعلامها المختلفة، وبعض من إعلام بعض الساحات السياسية المتحالف معها، أنّ واشنطن تسعى إلى نشر الديمقراطيات المفتوحة، وحقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة، وتؤيد الملكيات الدستورية المقيدة في المنطقة العربية، باعتبار الأخيرة نوع من الديمقراطيات. الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في العالم والمنطقة، يسعون بجد وثبات إلى تغيير وتبديل، أنظمة الحكم التي تشكل( سلّة) من العوائق والمعطيات، والتي من شأنها إعاقة إنفاذ السياسة الأمريكية والأوروبية في المنطقة والعالم، حيث الاستبدال بوجوه جديدة مستحدثة، فيها سمات السياسات الأمريكية والأوروبية الخارجية، ويقود ذلك إلى جعل تلك الأنظمة الجديدة، ذات الوجوه المستحدثة أو المستنسخة، تحت سيطرة وإنفاذ الرؤية الأمريكية والأوروبية. كما أنّها بعمليات الاستبدال هذه، والأحلالات بآخرين موالين لواشنطن والغرب، يتم ضمان السيطرة الأمريكية – الغربية، على النفط والثروات الطبيعية في البلدان العربية، مع التمتع بنفوذ كبير وعميق على المواقع الإستراتيجية وممرات المياه المختلفة، وما شهدته وتشهده الساحات السياسية العربية، ان لجهة الضعيفة منها، وان لجهة القويّة على حد سواء، وما يتم التحظير له في المستقبل لبعض الساحات العربية الأخرى، عبر المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي لجعلها ساحات حلول، لمخرجات حلول متعددة، كل ذلك بمثابة وصفة سياسية اجتماعية أمنية محكمة، لأضعاف تلك الأنظمة الحاكمة هناك، ومن شأن تداعيات الحراكات الشعبوية فيها، أن تؤسس لخارطة طريق أمريكية لأستبدالها، خاصة مع ازدياد عدد القتلى والجرحى، وبشكل دراماتيكي يومي ودائم، وتصعيدات للعمليات الإجرامية المتعددة الأطراف الخارجية، والمتقاطعة مع ما هو في الداخل القطري( بضم حرف القاف وتسكين حرف الطا) لساحات الاحتجاجات السياسية المختلفة. وقطرنا الأردني ونسقه السياسي ومؤسساته المختلفة في عين العاصفة الصامته وفي ذهن BILDERBURG ذراع المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، فماذا بالنسبة للفولذة الداخلية والعناية الفائقة بالطبقة الوسطى من قبل صاحب القرار، حيث ذابت وصارت في خبر كان ومان، ليصار إلى الاستمرار والحياة والحفاظ على المكتسبات لكافة المكونات، حيث الطبقة الوسطى بمثابة عامل التوازن الذي يحافظ على الصراع الطبقي داخل ديمغرافية المجتمع الأردني وأي مجتمع آخر، ان لجهة السكّان وان لجهة الجغرافيا. ولا بدّ من الإشارة إلى نقطة مركزية حيوية، لجهة ما جرى ويجري بصمت من حراك شعبي، وسيجري علناً لاحقاً عندما يراد له خارجيّاً، هو أنّ المعارضات العربية بشكل عام، ليس لديها برامج محددة لإنقاذ الأوضاع الجارية والخروج من الأزمات، بل على العكس تماماً، نجدها تلك المعارضات المزدوجة الأهداف، تسعى إلى استخدامات الأزمات كأسلوب إدارة متقدمة، لأزمة صراعها مع أنظمة الحكم التي تواجهها وتحت عناوين الفساد والإفساد وما إلى ذلك. وهي بذلك قطعاً، من حيث تدري ولا تدري، وكأنّها تتساوق مع رؤية الغرب الأوروبي وواشنطن، حيال حراك الشارع العربي، حيث الغرب وأمريكا، لا يسعون إلى إنفاذ سياسات الاحتواء لما يجري، ومساعدة كلا الطرفين – الأنظمة والشعوب – للوصول إلى تسويات حقيقية مفصلية دائمة تجدد نفسها بنفسها، من أجل الحفاظ على استقرار الساحات، بل على عكس ذلك تماماً، وبالمطلق تتموضع بنوك الأهداف والمعطيات والأعمال والرسوم البيانية، في قياسات نبض التصعيدات، لجهة المزيد من استفحال الثورات العربية، مع توظيفاتها المتعددة كخادم ومزوّد، لتنتج الفوضى الخلاّقة وعدم الاستقرار، لبناء الملفات الإنسانية والأمنية والعسكرية، ولحماية المدنيين، وفرض مناطق حظر الطيران الجوي، وخطوط طول وعرض مصطنعة، ليصار إلى تدخلات أممية عسكرية، وتحت سمع وبصر الأمم المتحدة، والتي صارت هيئة أممية منتهك عرضها وشرفها وأخلاقها، من قبل العم سام وأعوانه الأوروبيين. أدوار جديدة لحلف شمال الأطلسي ومن تحالف معه من العرب، في المسارح الإقليمية والدولية، تمّ في السابق هندسة بعضها ونفّذ، وينفذ المتبقي الآن، ويتم هندسة الآخر منها، هذا الأوان الشرق الأوسطي المتحرك، وبعد حراكات الشارع العربي، بالإضافة إلى أنّه تم وضع، عقيدة أمنية إستراتيجية جديدة للحلف، بعناصر مختلفة متعددة، لإجراءات ترتيب المسرح في المنطقة، حيث هناك تطورات جديدة، في سيناريو أدوار حلف الناتو في الشرق الأوسط، عبر متتاليات هندسية توزيع الأدوار، السياسية والدبلوماسية والمخابراتية والعسكرية. فالاتحاد الأوروبي يركز لجهة القيام بحصر جهوده، في استخدام الوسائل الدبلوماسية: السياسي والاقتصادي والمخابراتي – الدبلوماسي، بينما حلف الناتو يركز لجهة القيام، بحصر جهوده في استخدامات الوسائل العسكرية – المخابراتية، وبالفعل تم إسقاط ذلك هذا الأوان العربي على سورية والآن على اليمن، حيث هناك سعي محموم لفرض، المزيد من العقوبات على دمشق وعلى أطراف يمنية، عبر استهداف بعض من الأطراف السورية واليمنية الاعتبارية، عبر الشخوص الطبيعيين الذين يمثلونها، وهذا من شأنه أن يتيح إلى فرض المزيد من العقوبات خلال المرحلة القادمة، بعد اعادة هيكلة الاندفاعات العسكرية الأمريكية لجهة دمشق، عبر الوكلاء والأدوات من بعض عرب بمستوى دول ومنظمات ارهابية، ومع محاولات حثيثة إلى تطوير العمليات السريّة لأجهزة الاستخبارات المختلفة لجهة الداخل السوري، ولجهة دواخل دول الجوار السوري، ومنها الساحة الأردنية واللبنانية. هذا وتشير المعلومات والمعطيات، إن حلف الناتو سعى ويسعى إلى استغلال وتوظيف موارد، حلفاء الناتو الشرق أوسطيين، بما فيهم بعض العربان، لصالح أهدافه التكتيكية والإستراتيجية، وذلك عبر توظيف واستخدام القدرات الإعلامية لحلفائه، لجهة القيام باستهداف خصومه، لتسخين ساحاتهم سواءً القوية أو الضعيفة، وجعل البعض منها ساحات حلول، لموضوعة مخرجات الصراع العربي – الإسرائيلي، عبر التقارير المفبركة والمنتجة، في استوديوهات غرف البروباغندا السوداء، مع توظيف قدراتهم المالية – أي الحلفاء – في تمويل، العمليات السريّة الأستخباراتية لجهة بعض الساحات السياسية العربية، كبنك أهداف لجنين الحكومة الأممية BEILDERBURG . بعبارة أخرى، إنّ الفهم المشترك هو: أن يسعى هذا الحلف إلى توظيفات واستغلال موارد حلفائه، لجهة القيام باستهداف الخصوم، والقضاء المبكر الأستباقي عليهم، قبل أن تتصاعد قدراتهم المختلفة، بما يجعلهم يشكلون خطراً حقيقياً، على الحلف وتحالفه مع الآخر بعض العرب وبعض الغرب، حيث الآخر من بعض البعضين أدوات للأول. وتقول المعلومات، إنّ شبكات المخابرات البحثية للحلف، بحثت مؤخراً متغير الدور الأمني الخاص بحلف الناتو، في منطقة الشرق الأوسط بعد الثورات الشعبية العربية، وبعد الاستعصاء على التغيير في سورية من زاوية الغرب وحلفه العسكري، بسبب تماسك الدولة الوطنية السورية بنسقها السياسي وشعبها وتماسك الجيش العربي السوري ومؤسساته الأمنية والأستخباراتية وتماسك الموقف الروسي والصيني والإيراني وتماسك جل دول البريكس إزاء الموقف من سورية وحدثها، وعلى أساس عدد من الاعتبارات المتنوعة المذهبيات، والتي تجمع بين مفاهيم المدرسة الإستراتيجية – الاقتصادية، والمدرسة العسكرية – السياسية، والمدرسة المخابراتية – الدبلوماسية، مع ضرورة تقديم المبررات المهمة، لجهة التأكيد لاعتماد حلف الناتو، للقيام بمهام حفظ الأمن والاستقرار، وحماية مصالح الأعضاء الحيوية في المنطقة، ومن تحالف معهم من الدول الأخرى – دول الأدوات.
يحسب البعض من النخب الرسمية والشعبية العربية وغير العربية، أنّ ما جرى ويجري وسيجري في الساحات العربية لاحقاً، هو تحريك أمريكي استخباراتي لبنى المجتمعات ونواتها عبر توظيف الحراكات العفوية والاحتقانات الأفقية والعامودية، لإسقاط أنسقه سياسية انتهى الدور الوظيفي لها، وإصلاح أخرى ما زالت تقدّم أوراق اعتماد دورها الوظيفي المتسق مع أجندة الحكومة الأممية الحاكمة في العالم، وصناعة جديد أنظمة وأنسقه سياسية وهياكل منها “كأعجاز نخل خاوية” ولكن بعناوين الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية عبر ما يسمّى مجازاً بالربيع العربي.
ومع التسليم أنّ حراك الشارع العربي عبر سلسلة من متتاليات لثورات واحتجاجات شعبية, بعضها في ظاهرها مطالب اقتصادية, وفي باطنها التغيير وإسقاط الأنظمة و\ أو تقليص صلاحياتها, وبعضها الآخر العكس تماماً, ولكن بمستويات أقل حدة في سقف المطالب الشعبوية, وكلّها تشي بوضوح على أنّ هناك خارطة عربية جديدة, يتم تشكيلها وعبر الشعوب العربية بحراكاتها وعبر مستويات الضعف أحياناً والقوّة أحياناً أخرى، والتي قد تقود في نهاية المسألة إلى ثورة عنيفة, ذات العناوين المتشابهة إلى درجة التساوق في الظاهر والباطن, وعبر المحفزات العديدة في كل دولة قطرية وحسب ظروف شارعها ومحركاته ودوافعه وأسبابه وتطلعاته. وبعبارة أخرى يتم توظيف واستثمار هذا الحراك للشارع، في إحياء وإخراج وتفعيل الدولة العميقة نواة الأنظمة والأنسقة السياسية المسقطة أو المراد إصلاحها وتحت مسميات جديدة، من خاصرة حراك الشارع نفسه عبر مجتمعات الأجهزة الأمنية المختلفة. كما يشي هذا الحراك إن لجهة العفوي منه وان لجهة غير العفوي كيفما وصفته في بنية المجتمع العربي، بأنّ هناك وعي ديمغرافي سكّاني ناهض ومتفاقم, كسر حاجز الخوف المركّب, قد يقود إلى نهايات الدولة القطرية العربية, بالمعنى الشعبي لا الرسمي, باتجاه تشكيل تكتلات عربية جماهيرية ممتدة, خارج الحدود الاستعمارية لكل قطر عربي, مع توظيفات لوسائل النيو ميديا والشبكة العنكبوتية, كآليات تنسيق تخترق كل الحواجز والحدود الجغرافية الطبيعية والمصطنعة. وقطعاً هذا بخلاف رغبة وما يرجوه الأمريكي والصهيوني من تحريك الشوارع العربية، وينظر إليه على انه أضرار جانبية وكلف سلبية للتحريك من الزاوية الأمريكية والغربية. وحتّى لا يتم وصفنا بأنّنا ثملون بالتفاؤل أو التشاؤل أو التشاؤم، على الأقل الممكن فانّ تأسيس الدولة القطرية العربية, على أساس عقد اجتماعي جديد بين الحاكم والمحكوم, وفقاً للعبة سياسية – ديمقراطية جديدة, الجميع فيها شركاء في صناعة القرار وتنفيذه, تؤسس لاحقاً لحالات جديدة من العلاقات بين العرب, خاصةً أنّ جل أنظمة الحكم العربية, لم تكتفي فقط بوضع عقود حكمها(دساتيرها) مع شعوبها في الثلاّجات, لا بل عبثت بها وعبر عمليات انتقائية, أدّت إلى تشوهات موضوعية في مضامين العقود الاجتماعية, عبر إبقائها لبعض النصوص الدستورية, والتي من شأنها أن أتاحت لها, بأنّ ما تقوم به هو في صميم عملها الدستوري, في حين أنّه بعيد وغريب عن الأصل الدستوري, تماماً كالفروق بين الثرى على وفي الأرض, وبين الثريا في السماء الدنيا. وجل تقديرات وتخمينات الخبراء والمراقبين, وعلى مختلف مستوياتهم ومشاربهم الفكرية, تذهب باتجاه عودة عنيفة وامتداد الاحتجاجات الشعبوية في العالم العربي, لتشمل دول الخليج كلّها وباقي دول المغرب العربي, وساحات سياسية أخرى(ضعيفة وقوية)وقد تصل رياح التغيير الشعبية إلى مناطق خارج العالم العربي, مثل الباكستان وبأشكال أكثر حدة والهند أيضاً. في حين أنّ بعض الساحات السياسية العربية, بنوعيها الضعيف والقوي, تشهد هذا الأوان المشحون, خطوات وقائية استباقية للحفاظ على الاستقرار, عبر تغييرات على قطاعات حكمها, مع التعاطي الشبه مقنع مع حراكات شارعها الأهلي, وقواها السياسية المعارضة والمستقلة. وتقول المعلومات, أنّ هناك طواقم سياسية واستخبارية, أمريكية وبريطانية أعادت تفاعلها وتموضوعاتها وإحياء أدواتها في بعض الدول, والساحات العربية المرشحة للعدوى التونسية والمصرية والليبية، واستنساخ نموذج تثوير الشارع السوري ضد نسقه السياسي، من خلال البروباغندا الإعلامية, تعقد جلسات عصف ذهني, مع القيادات الحاكمة للوصول إلى صيغ جديدة, لأنظمة الحكم التي ما زالت قائمة, وتركز هذه الطواقم السياسية والأستخبارية, على جيوش هذه الدول والتفاهم معها, وذلك حتّى لا تتغير عقيدتها العسكرية, وتبقي على توجهاتها المؤيدة للترتيبات والإستراتيجيات الأمريكية. وتتحدث تقارير أجهزة الاستخبارات, في مختلف دول المعمورة, والمرفوعة للمستويات السياسية القيادية فيها, تشي بوضوح أن تجتاح وتعبر حركة الاحتجاجات والاضطرابات من جديد كل الساحات العربية عاجلاً أم آجلاً, ولن تسلم منها أي ساحة أو دولة, لكن تقارير أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية, تشير إلى أنّ ما يجري في الشارع العربي الممتد من المحيط إلى الخليج, من فوضى خلاّقة بعضها صامت والآخر يتموضع بشكل متفاقم وعلني، ذات مخاضات متعددة, لتولّد معطيات جديدة ومختلفة, تتفق وتتساوق مع الرؤى السياسية الإستراتيجية الأمريكية, والتي تسعى واشنطن إلى عمليات إنفاذها في العالم العربي. لذلك وبكل بساطة مفرطة, أنّ ما تسمّى بعملية السلام في المنطقة الشرق الأوسطية قد انتهت، والسؤال هنا ليس متى سيعلن الأمريكي عن بنودها بل متى سينتهي من تطبيقها(نقل السفارة الى القدس المحتلة، محاصرة الأونوروا واضعافها، قانون القومية اليهودي، تدمير مخيمات اللجوء في سورية واضعاف الأخرى في باقي الساحات ودمجها مع مجتمعات تلك الساحات، والسعي الى تهدئة وهدنة طويلة الأمد بين مجتمعات المقاومة في غزّة المحتلة والكيان الصهيوني، كل هذه النقاط هي بنود نفذت لصفقة القرن مع جريمة العصر مقتل ونشر خاشقجي سعوديّاً). والولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى سيناريوهات السيطرة والأحكام, عبر العسكر العربي من خلال وجوه مدنية, كما تستعد لبيع السلاح من مخازنها, وفتح حوار من جديد مع الحركات الإسلامية, لكي تحافظ على مستويات اللهب والنيران المشتعلة, ولإعطائها الشرعية الأممية, حتّى لا تتدهور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه, من الزاوية الأمريكية. وكان لردود الفعل القوية والمنسجمة مع رؤية الدولة, للشارع الأردني المسيس بأطره الشعبوية والإعلامية والسياسية والحزبية والعشائرية, الرافض لأي تدخلات أميركية في شؤون دولته, أن أربكت أيضاً السياسة الخارجية الأميركية والتي تنظر, إلى الملف الأردني كمخرجات للملف الفلسطيني, والرهان يكون على تماسك الجبهة الداخلية الأردنية, ضد محاولات أميركية تمارس بالخفاء والعلن على الدولة الأردنية, وعلى الملك نفسه, للقبول ببعض مخرجات مفاوضات التقريب(العلنية والسريّة) الحالية. بعبارة أخرى سوف تسعى أمريكا, إلى خلق حالات من التوتر بمستويات عالية الشدّة, بين الدول القطرية العربية, التي ستشكل مراكز قياداتها بشكل آخر, يختلف عن التنميطات السابقة, ثم تعمل على إثارة الخلافات, عبر المكائد والفتن التي تتقنها واشنطن عبر مخابراتها, بين هذه الكيانات العربية, وتذهب بها نحو التصعيدات الأمنية والعسكرية, وعمليات التعبئة السلبية, حيث من شأن ذلك أن يدفعها إلى حشد, القوات العسكرية والقيام بالعمليات المخابراتية السريّة, والعمل على ملىء مخازن هذه الكيانات العربية, من منظومات السلاح الأمريكي, وذلك من أجل تنشيط الاقتصاد الأمريكي المتباطئ في النمو. وتؤكد المعلومات, أن الحكومة الأمريكية الحالية, واللاحقة أياً كانت, تسعى بأن تكون الجيوش العربية, هي عماد الأنظمة الحاكمة الجديدة, ولكن بوجوه مدنية, بحيث تسيطر واشنطن من وراء الحجاب على تلك الأنظمة, ونتيجةً للتوترات الناشئة بفعل أمريكا, فانّ تلك الأنظمة الحاكمة بصيغ جديدة, سوف تسعى إلى استغلال ثروات البلاد والعباد, ومواردها الأساسية وليس إلى تطوير الاقتصاد وتحسين أوضاع الشعوب, بل إلى شراء السلاح من المخازن الأمريكية, حيث فيها السلاح مخزّن, وقد اعتراه الصدأ, وتتم هذه العملية الجهنّمية عبر المستويات العسكرية, والأستخبارية التي تحكم وتسيطر في الخفاء, والمتفاهمة مع الولايات المتحدة بشكل مسبق. الولايات المتحدة الأمريكية, وبالتنسيق مع حلف الناتو وبعض دول الاتحاد الأوروبي, إن لم يكن جلّها, يسعون وبوتيرة مستمرة, لاستخدام الأزمة كأسلوب إدارة متقدمة, للأزمة السياسية الرأسية والعرضية الشعبوية التي تم إخراجها من جحور الكبت والحرمان, لتنتج أزمات أخرى في المنطقة, من شأن ذلك أن يؤدي إلى إسقاط باقي الأنظمة الجمهورية الشمولية العربية, وقد تتطور الرؤية الحالية, نحو إسقاط الأنظمة الملكية في الساحات العربية الأخرى, فما يحكم علاقات واشنطن مع ما يجري في المنطقة, هو المصالح والمصالح فقط, والولايات المتحدة الأمريكية, مثل اشباط(ما عليها أرباط، والمتغطي بها بردان). بمثابة ذر الرماد في العيون, ما قاله أليوت أبرامز بأنّ الملكية الدستورية, نوع من الديمقراطيات, ورسالة للملوك العرب, لإعادة إنتاج أنظمة حكمهم من جديد, وفق صيغ مقبولة وعقود اجتماعية مستحدثة, فإنتاج الأزمات في المنطقة لإسقاط الأنظمة الجمهورية الشمولية حتّى اللحظة(عقد اجتماعي جديد يعني بكل بساطة دستور جديد باستفتاء شعبي ونقطة على السطر ومن يقول غير ذلك فهو يريد التزييف السياسي ويروج لصالح أجندات ظلامية). كل المعطيات والتطورات, الدراماتيكية الجارية, في الشرق الأوسط, ومحركات محفزاتها وميكانيزميات فعلها, تقود إلى بلورة بعد سياسي أمني مزدوج, ينطوي على مرتكزين هامين:
المرتكز الأول :توجد هناك عمليات احتجاجية شعبوية, في العديد من دول الشرق الأوسط. المرتكز الثاني: هناك عمليات سريّة مخابراتية, تقوم بها شبكات المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية, لتوجيه نشاطات وفعاليات هذه الاحتجاجات والثورات الشعبية, بما يبقي على من بقي من حلفاء, واشنطن وشبكات تحالفها في المنطقة, مع إضعاف خصومها. الولايات المتحدة الأمريكية تسعى ومع حلفائها, إلى إنجاح خطّة توظيف السلطات التونسية الجديده بعد التوافقات السياسية الأخيرة, بطاقمها وشكلها الحالي, كونها قادرة على توجيهات السياسة الخارجية التونسية, المرتبطة وظيفياً بباريس وواشنطن, مع ضرورة تقديم المزيد من الدعم والمساعدات, لهذه السلطات الجديدة, لجهة تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الداخلية. كما تسعى واشنطن رغم ترددها لإنفاذ سيناريو دعم السلطات المصرية الحالية, تكون أكثر التزاماً ببنود اتفاقية كامب ديفيد لعام 1979 م, وبالتعاون المصري – الأمريكي – الإسرائيلي, في الشؤون السياسية والدبلوماسية الشرق الأوسطية, وفي ذلك رسالة إلى الفدرالية الروسية. ومن جهة أخرى, تريد أمريكا حماية الأنظمة الخليجية والأخرى, الحليفة لها من الانهيار, والعمل على تطبيق وإنفاذ هدفها, من خلال حث هذه الدول على إجراء الإصلاحات الممكنة, والتي من شأنها إرضاء الجماهير, وتنفيس واحتواء احتقاناتهم, دون أن تقدم هذه الأنظمة, تنازلات حقيقية تضعفها, وفي ذات الوقت عدم الأضرار بالمصالح, والمجالات الحيوية لأمريكا, والمتمثلة في السيطرة على الموارد, وحماية أمن الكيان الصهيوني في المنطقة.
التعليقات مغلقة.