تونس – إضراب عام

نتيجة بحث الصور عن تونس - إضراب عام
 السبت 24/11/2018 م …



الأردن العربي – الطاهر المُعِز –

تجدر الإشارة إن الفقرة أُعِدّت أساسًا للقراء من غير التونسيين، لذلك لم تتضمّن بعض التفاصيل، واكتفت  بتقديم بيانات عامّة وأهملت عَمْدًا الإشارة إلى مناورات عديدة رافقت مراحل إعلان وتنفيذ الإضراب العام (وهو حق وواجب للدفاع عن مصالح الموظفين والعمال)، كما أهملت الحديث عن مناورات قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل التي تستخدم الشّغالين والطبقة العاملة في معارك أخرى من شأنها توجيه البوصلة إلى غير وجهة مصالح الطبقة العاملة…
*****

دعا “الإتحاد العام التونسي للشغل” (نقابة الأجراء) إلى إضراب عام في قطاع الوظيفة العمومية، هو الأول منذ إضراب سنة 2013، وشارك في الإضراب أكثر من 650 ألف موظف حكومي، أو حوالي 16,65% من إجمالي العاملين في البلاد، يوم الخميس 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، رفض الحكومة زيادة أجور العاملين في القطاع العام، رغم ارتفاع نسبة التضخّم الرسمية منذ بداية سنة 2018 إلى نحو 7,5% على أساس سنوي، وشمل الإضراب كافة القطاعات، لكن الأُجراء حرصوا على تسيير العمل بالحد الأدنى في بعض القطاعات الحيوية (الصحة والكهرباء والنّقل)…
تعهدت الحكومة للدّائنين بنتفيذ مجموعة من “الإصلاحات” اشترطها هؤلاء الدّائنون، وفي مقدّمتهم صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، والإتحاد الأوروبي والمصرف الإفريقي للتنمية، وعدد من الدول الدّائِنَة، وتهدف الحكومة إلى خفض قيمة رواتب القطاع العام من حوالي 14% سنة 2017 إلى 12,5% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2020، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم حسب صندوق النقد، لكن هذه الأرقام والنّسب تضم رواتب كبار الموظفين، وتتجنب وسائل الإعلام (ناهيك عن الحكومة) التّطَرُّق إلى الفجوة العميقة جدّا بين رواتب الوزراء والمديرين وكبار الموظفين الحاليين والمتقاعدين، ورواتب صغار الموظفين الذين يُنفق 75% منهم رواتبهم خلال الأسبوعين الأولين من كل شهر، ويلجأون إلى الديون للإنفاق خلال بقية الشهر، وفق بيانات البنك العالمي، سنة 2010، ويبدو إن الوضع ازداد سوءًا خلال السنوات القليلة الماضية، إذْ وصل حجم الدَّيْن العام إلى 67,256 مليار دينار (22,733 مليار يورو) في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 وهو ما يعادل 69,5% من الموازنة العامة، وترتفع قيمة المبالغ المخصصة لتسديد الديون بنسبة 5% سنويًّا حتى سنة 2016، فيما ارتفعت قيمة الدين العام بنسبة 20% خلال عام واحد، بين سنتي 2016 و 2017 من قرابة 56 مليار دينارًا تونسيا، إلى أكثر من 67 مليار دينارًا، وأصبحت الدولة تقترض من أجل تسديد الديون القديمة وسد العجز في الميزانية، وليس من أجل الإستثمار، وتُخصِّصُ حكومة الإخوان المسلمين والدساترة (التي أغرقت البلاد بالديون) 22% من حجم الإنفاق العام، لسنة 2018، لسداد الدّيون وفوائدها، ووبلغت قيمة خدمة الدّيْن سنة 2017 قرابة ثمانية مليارات دينارا، بحسب بيانات وزارة المالية التونسية، ويماثل هذا الوضع، ما بلغته تونس قبل الإستعمار الفرنسي، لأن الديون تجعل الدولة تابعة ولا تتحكم بقراراتها، بل يفرض الدّائنون قراراتهم، وسبق أن فشلت حكومة الإخوان المسلمين في سداد قرض بقيمة ستة مليارات دينار، حان أجل سدادها سنة 2016، واضطرت للبحث عن قروض جديدة، من بينها 2,8 مليار دولارا من صندوق النقد الدولي (2016)، بشروط مُجْحِفَة، وأعلن وزير المالية يوم الاثنين 17 أيلول/سبتمبر 2018 إن العجز سوف يبلغ 7,5% (من ميزانية 2018) وأن مدفوعات ديون تونس ستزيد من خمسة مليارات دينار سنة 2017 إلى مستوى قياسي يتجاوز التسعة مليارات دينار (3,25 مليار دولار) سنة 2019 من القيمة الإجمالية للميزانية البالغة نحو أربعين مليار دينار (نحو 14 مليار دولار)، وتبحث الحكومة عن قُروض خارجية بقيمة سبعة مليارات دينار لتتمكن من سد عجز ميزانية سنة 2019 (وفق ما أوردته وكالة “رويترز”)، مع التذكير إن قيمة العجز المتوقعة لسنة 2018 تفوق 5% من قيمة الميزانية، وارتفعت نسبة الدّيْن العام من 61,87% من إجمالي الناتج المحلي سنة 2016 إلى 69,49% من إجمالي الناتج المحلي سنة 2017، أو ما يُعادل ديونا بقيمة 2400 دولارا لكل تونسي شيخًا أو رضيعًا، سنة 2016، أو حوالي 61,5% من متوسط الدخل الفردي السنوي للمواطنين…
اتّسم الإضراب بصبغة وطنية وسياسية، إضافة إلى الصبغة المطلبية، حيث رفع المحتجون في معظم مدن البلاد شعارات تطالب بزيادة الأجور (على أنها حق وليس مِنّةً) وبمحاربة الفساد والدفاع عن “القرار السِّيادي الوطني”، لمجابهة شُرُوط صندوق النّقد الدّولي الذي يشترط خفض عدد الموظفين وخفض الرواتب، وخفض الإنفاق الحكومي وبيع المؤسسات العمومية، وشعارات مناهضة للإتجاه الرأسمالي الليبرالي الذي يُشرِفُ عليه الدّائِنُون، مما يجعل الحكومة عاجزة (في حال توفرت لديها الإرادة) عن الاستجابة للتطلعات الاجتماعية للشعب، لأنها لا تملك أي هامش من الإستقلالية، في حين تُشِير البيانات الرسمية إلى ارتفاع نسبة التضخم (مع انخفاض قيمة الدّينار بنسبة فاقت 40% خلال سنتين وبنسبة 60% منذ سنة 2014) إلى حوالي 8% (مما يفرض زيادة في الرواتب بنفس النسبة على أقل تقدير)، وارتفاع نسبة البطالة إلى حوالي 15%، وأقرت الحكومات المتعاقبة زيادات في الضرائب، بالتوازي مع تراجع قيمة العملة وارتفاع التضخم، وارتفاع عجز الميزان التجاري، ويتساءل النقابيون لماذا يجب على الأُجراء وحدهم تحمّل نتائج سياسات أقرها صندوق النقد الدولي مقابل قُروض لم يستفيدوا منها، بل استفاد منها الأثرياء وقيادات الإخوان المسلمين ورجال الأعمال المحلِّيِّين (الذين يشاركون في الحكومة مع الإخوان المسلمين) الأجانب في شكل حوافز وإعفاءات ضريبية، بذريعة تشجيع الاستثمارات، لتوفير فرص عمل للشباب، وهو ادّعاء زائف، لأن هذه السياسة لم تُؤَدِّ في أي بلد، إلى النتائج المُعْلَنة…
نشر مركز دراسات يرأسُه وزير سابق، مقرب من رئيس الدولة (دستوري ووزير داخلية سابق لدى بورقيبة ووزير ورئيس مجلس نواب غير منتخب لدى بن علي) في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 عددًا من البيانات، من بينها ارتفاع نسبة الأُسَر التي تُعاني من ارتفاع الدّيُون إلى نحو 60% من الأُسَر التّونسية، مما يعني افتقار هذه الأُسَر إلى الإدخار، إذا علمنا إن 50% من القُروض موجهة إلى الإستهلاك، مع ارتفاع اقتراض الأُسَر التونسية بنسبة 117% ما بين كانون الأول/ديسمبر 2010 وحزيران/يونيو 2018 او ما قيمته 23,3 مليار دينارا، في بلد يُقدّر عدد فُقرائه بنحو 1,7 مليون شخصا، من إجمالي 11 مليون (يعيش منهم ما لا يقل عن 1,5 مليون خارج البلاد)…
الأرقام والبيانات من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية + وكالة “وات” + “روسيا اليوم” + أ.ف.ب 22 و 23/11/18

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.