التاريخ هو أكبر معلم / محمود فنون
محمود فنون ( الأربعاء ) 1/7/2015 م …
صحيح التاريخ هو أكبر معلم . ولكن لمن ؟
الجواب لمن يريد أن يتعلم من التاريخ . والأهم لمن يمزق الجلاتين عن عقله ويستخدمه وليس لمن يبقيه مغلفا فيه (تقول الرواية أن الخالق بعد أن خلق الناس صفهم في طابور وسلمهم عقولهم ملفوفة في أكياس الجلاتين .بعضهم مزق هذه الأكياس واستخدم عقله قليلا أو كثيرا ، وبعضهم حافظ عليه جديدا كما استلمه وكأنه عهدة للتسليم ).
مثلا : كانت تجربة أمريكا في كوسوفو دفاعا عن الإسلام والمسلمين ، وتطبيقا لهذا الدفاع أبادت الناس والعمران والمؤسسات والإقتصاد !
وتجربة أمريكا في أفغانستان عام 2001 م والتي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا!
وتجربة أمريكا في العراق وهي تجربة حديثة ومعاصرة وقد أتمت امريكا احتلال العراق عام 2003 م وكان الهدف دفاعا عن شعب العراق ضد “الطاغية ” صدام كما قالوا ومن أجل الديموقراطية والحرية والأمن للناس . وكما ترون تدمير هائل على كل الصعد وقتل بلغ ما يقارب مليونين وتفسيخ المجتمع وإثارة الإحتراب الداخلي المتواصل بين الطوائف المتعددة والقوميات المتعددة وتحضير العراق إلى تقسيمات طائفية وجهوية وقومية .
البعض يقول المهم أنهم حرروا العراق من صدام . من يقول مثل هذا إما أن عقله لا زال مغلفا بالجلاتين أو أنه من أعوان أمريكا ومؤمن بأهدافها سيان .
ما يجري في سوريا هو لاحقا لذات تجارب التدمير الجارية في العراق ومع ذلك لا زال البعض يقول هذا بسبب الأسد وكانوا يقولون منذ البداية عن طغيان الأسد ثم تقولوا عن نشر الإسلام وتجاهلوا كل الصورة القائمة في العراق بالرغم من وضوح التجربة ووضوح تصريحات رجالات الغرب الإستعماري , كذلك بالرغم من معادلة من هم الأعداء ومن هم الأصدقاء .بل إن البعض عاد ليرى أمريكا صديقة وتساعد الشعب السوري ( كما ساعدت الشعب العراقي ) وانها تدعم نشر الإسلام بالقنابل والتفجيرات والقتل والدمار . وهذا إما غباء وجهلا وإما استسلاما وهزيمة وإما تأييدا لمشروع تدمير الوطن العربي وتفتيته إلى آخر جزيئة تحت عناوين مضللة وكاذبة مثل الحرية والديموقراطية . يرون بأعينهم إثارة النعرات الطائفية واستثارة العداء بين مكونات المجتمع ويتجاهلون التجربة التاريخية بل ويتجاهلون ما يروا بأعينهم .
إن منظمي الفتن الداخلية من الأوروبيين والصهاينة يصرحون بما فعلوا ويكتبون تجربتهم وينشرون الكتب بمذكراتهم وبالمخططات الإستعمارية ولكن الجلاتين لا زال قويا عند البعض والبعض يستحسن الضلال والبعض عبد ذليل للعدو وفي خدمته .
ماذا حصل في ليبيا وماذا يحصل الآن ؟مات القذافي ولم تنتصر ليبيا. لقد هدموا ليبيا وشتتوها وقتلوا القذافي ومعه قتلوا الدولة كما قتلوا الدولة في العراق ويقتلون الدولة في سوريا وعلى الطريق يعملون لقتل الدولة في مصر تحت عنوان معاداة السيسي ( لست مع السيسي).
التجربة في ليبيا ماثلة للعيان ولكن فقط لمن له عيون ولمن مزق الجلاتين ومعادي للغرب الإستعماري .
إن الغرب الإستعماري ليس حليفا لثورات تقدمية ولا مع تغيير يؤدي إلى تطور المجتمعات ووحدة الأمة بل هو مع تمزيق الأمة تمزيقا على تمزيق وهذا ما يجري الآن .
لقد استولى الغرب على الثورات بواسطة الثورات المضادة ودفن المسارات الثورية و الحراكات الشعبية الغاضبة وأحل محلها الثورة المضادة بواسطة قوى محلية تحت مسميات مختلفة بحيث تكون النتيجة ليس نشر الديموقراطية والإستقرار والتقدم وتوفير معيشة كريمة للناس كما أرادت الجماهير و كما ادعى المزيفون، بل من أجل هذا الذي يحصل فعلا . من أجل الثورة المضادة وتدمير المجتمعات بصورة ممنهجة ومن خلال صراعات لا نهاية لها .
لا زال البعض يؤيد الحرب على سوريا تحت عنوان معاداة الأسد وإيران وحزب الله ودون أن يرى من هو بالطرف الآخر لأن هذا البعض يفتح عينيه في التعتمة ولأن هذا البعض يضع قلبه في حضن العدو او بسبب السذاجة نتاج التربية الدينية التي تقول بأن هذه الحرب تستهدف نشر الإسلام .
إنهم لا يرون أن فكرة نشر الإسلام هي غطاء لتدمير الأمة ومكوناتها وكل مقدراتها والإستيلاء على خيراتها بثمن بخس .
في الطرف الآخر أمريكا وإسرائيل وتركيا والرجعيات العربية ويحركون أدوات قذرة تحت مسميات شتى مثل داعش والنصرة والجيش الحر وكتائب فلان وعلان وذلك لقتل سوريا والدولة السورية ولا زال الجيش السوري البطل والدولة السورية تقاوم الغزو الأجنبي التدميري ودفاعا عن الوطن .
انظروا الإحتراب في اليمن قتلا ونسفا وتدميرا وتفتيتا ..هي حرب مستمرة تستهدف تدمير كل شيء في اليمن والبعض يراها حربا مشروعة لمقاتلة الحوثيين ” الكفرة”, من يكون معجبا بالعدو ومن يكون العدو مثله الأعلى يسهل خداعه وتمرير المواقف عليه.
هذا على المستوى العربي العام . على مستوى صراع الأمة المقسمة مع أعدائها مباشرة ومن خلال الثورات المضادة المكونة من أعوان أعداء الأمة .
لننظر قليلا في التجربة الفلسطينية :
الكثيرون لا تهمهم التجربة التاريخية المعاشة . الإحتلال الصهيوني لفلسطين يسعى لا للتصالح مع المناضلين والفدائيين بل لقلبهم عن النضال وإهلاكهم . يسعى من خلال القمع والسجون والإغتيالات أب ما يسمى بالعصا التي يمارسها فعلا والتلويح بمكاسب إذ أصبح الفدائيون عقلاء أي اعترفوا بإسرائيل وحقها في الوجود على أرض فلسطين أي إذا خانوا أمتهم التلويح بالجزرة وبالخير العميم . وكلما تنازلوا درجة زاد ضغوطاته عليهم واستعمل العصا أكثر فأكثر كي يتنازلوا خطوة أخرى .
إن مسار التنازل واضح جدا من خلال ما حصل مع حركة فتح وما حصل للمنظمة بقيادتها ومشاركة الجبهة الديموقراطية والحزب الشيوعي الفلسطيني الذي أصبح باسم حزب الشعب .
اليوم تسعى حماس للسير على ذات النهج وتسير ،ومن جانبها إسرائيل تخرج ما في جرابها الذي سبق واستخدمته مع فتح والمنظمة .
المريدون لا يتقبل عقلهم ووعيهم بأن حماس تسير على ذات النهج تحت ادعاءات دفاعية وحمائية شتى وكلها لا أهمية لها لأن حماس تسير فعلا وقطعت شوطا . ولأن الوساطات تشتغل على الهدنة طويلة الأجل .
وسبق وأن قلت في مقالات سابقة أن الهدنة المطلوبة هي من جانب حماس فقط وهي لا تلزم إسرائيل بوقف عملياتها التي تنفذها بذريعة الأمن وفقا لسياستها الأمنية كما تراها . هذا حصل في الهدن السابقة خلال السنوات القليلة الماضية وفي ذاكرة القراء الحاليين .
الهدنة هي وقف النضال الفلسطيني وبدون شروط مهما كانت الإدعاءات التي سوف يطرحها الإعلام . قد يتم افراج عن معتقلي وهذا كان يحصل منذ سنوات السبعينات ومثل بعض التسهيلات . ولكن دون ان يؤثر هذا على وجود الإحتلال وبقائه على الأرض الفلسطينية وبرامجه في التوسع الإستيطاني ومجمل سلوكه الأمني .هي فترة هدوء يحصل عليها الإحتلال ويستمر في تعزيز وجوده على الأرض الفلسطينية .( إذا اصبحتم غير قادرين على النضال فلا توقعوا أية عهود للعدو ).
أما القول بصلح الحديبية وصلح بريست لوتوفسك وهدنة صلاح الدين فهي كلها تشبيهات في غير محلها ولا تصلح مع الحال وقد سبق واستعملتها فتح . وهي غطاء على الهبوط والهوان وعلى تحول الأطراف الفلسطينية إلى حراس علىى الإحتلال الصهيوني لفلسطين لا غير لا غير وفي محاولة لحماية فروة رأس عدد من المسؤولين الذين يجري الضغط عليهم وتهديدهم من قبل العدو وفي محاولة لاستجلاب بعض المال من الدول الرجعية المعادية أصلا للنضال الفلسطيني .
قال مريدوا فتح عام 90 وعام 91 من القرن الماضي : أبو عمار تحت الضغط والتهديد وتونس هددت بطرده من تونس ولا يوجد مكان ليذهب إليه وكل الدول العربية ترفض استقباله ولم يبق امامه سوى الإنخراط في المشرع !!. إنه مجبر على ذلك!!! .لا حول ولا قوة إلا بالله!!
طيب هل كنا نستطيع البقاء من غير أبو عمار ؟
البعض لا يتخيل الحياة ممكنة بدونه وبالتالي وحرصا عليه لا بأس من الموافقة على نهج أوسلو وهو ذاته نهج السادات الذي وافق على بقاء سيطرة الإحتلال على سيناء وغنى المغنون انها تحررت. هل سيغني المغنون ان غزة تحررت وما علاقة هذا بتشكيل الحكومة الجديدة وتمطيط تشكيلها انتظارا للمفاوضات بين حماس واسرائيل ؟
الأفراد ام الوطن ؟ البعض يختار ولي النعمة .
التعليقات مغلقة.